انضم الاقتصاديون في "غولدمان ساكس" إلى نظرائهم في "وول ستريت" بشأن التنبؤ بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة بقوة أكبر مما توقعوه سابقاً. ويقدّر الاقتصاديون بقيادة يان هاتزيوس، كبير الاقتصاديين في بنك "غولدمان ساكس" أن يرفع "الفيدرالي" الأميركي مؤشره بالقرب من الصفر بمقدار 25 نقطة أساس خمس مرات هذا العام بدلاً من أربع، بحسب ما أوردته وكالة "بلومبيرغ". وسيؤدي ذلك إلى رفع المعيار إلى ما بين 1.25 و1.5 في المئة بنهاية العام الحالي.
ويمكن الآن رؤية التحولات من قبل متخصصي "غولدمان ساكس"، التي توقعت رفع الفائدة خمس مرات في مارس (آذار) ومايو (أيار) ويوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول). كما توقعوا أن يعلن المسؤولون بدء تخفيض الموازنة العمومية في يونيو (حزيران) المقبل.
جاء التحول بعد أيام من إعلان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أن "المسؤولين كانوا مستعدين لرفع أسعار الفائدة في مارس، وترك الباب مفتوحاً للتحرك في كل اجتماع إذا لزم الأمر لكبح التضخم الأسرع منذ 40 عاماً". في حين أظهر تقرير حكومي يوم الجمعة أن "مؤشر تكلفة التوظيف ارتفع بنسبة 4 في المئة خلال العام حتى ديسمبر 2021، وهو أكبر ارتفاع في عقدين من الزمن".
ويقول الاقتصاديون في بنك "غولدمان ساكس" في تقرير للعملاء، "الدليل على أن نمو الأجور يتجاوز المستويات المتوافقة مع هدف التضخم لبنك الاحتياطي الفيدرالي قد تعزز، وقمنا بمراجعة مسار التضخم لدينا، إضافة إلى ذلك، تعليقات الرئيس باول في وقت سابق".
ويبدو جليّاً أن قيادة بنك الاحتياطي الفيدرالي باتت منفتحة على وتيرة تشدد نقدي أكثر عدوانية. وقال الاقتصاديون إن "الفيدرالي لا يزال بإمكانه تبديل آلية التحرك إذا تغيرت ظروف السوق أو تباطأ الاقتصاد أسرع بكثير مما كان متوقعاً، أو تشديد السياسة النقدية أكثر من المتوقع إذا ظل التضخم مرتفعاً بدرجة كبيرة".
انقسام البنوك تجاه تشديد "الفيدرالي"
عندما اتفق المتخصصون على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيفعل ذلك في أكثر من رهان سابقاً، انقسمت البنوك هذا الأسبوع حول مدى عدوانية صانعي السياسة. وتوقع "بنك أوف أميركا" الآن سبع زيادات في أسعار الفائدة عام 2022، وذهب بنك "بي إن بي باريبا" إلى ستة ارتفاعات، في حين يرى "جي بي مورغان تشيس أند كو" و"دويتشه بنك" خمسة ارتفاعات. في حين يعتقد بنك "نومورا" أن الفيدرالي الأميركي سيقدم زيادة بمقدار 50 نقطة أساس في مارس، التي ستكون أكبر خطوة منذ عام 2000. في حين تلتزم "بلومبيرغ إيكونوميكس" توقع خمسة ارتفاعات، على الرغم من أن كبيرة الاقتصاديين آنا وونغ قالت هذا الأسبوع إن "هناك خطراً من ست زيادات في أسعار الفائدة الأميركية".
شر لا بد منه
وعلى الرغم من تباين توقعات البنوك الأميركية بعدد المرات التي سيرفع فيها الفيدرالي الأميركي معدل الفائدة، ولكن ما هو أكيد أن رفع الفائدة بات توجهاً لا بد منه لاستمرار معدلات التضخم المرتفعة بشكل غير مريح، حتى أن أكثر محافظي البنوك المركزية الأميركية أصبحوا الآن أكثر تشاؤماً بشأن الحاجة إلى تشديد السياسات النقدية في البلاد هذا العام، والتي أصبحت شراً لا بد منه، فلم يعُد الجدل يدور حول ما إذا كان، ولكن مدى السرعة التي سيتم به هذا التشديد.
وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد، يوم الخميس، بحسب "رويترز" إن "بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يرفع أسعار الفائدة في أقرب وقت خلال مارس، وهو الآن في وضع جيد لاتخاذ خطوات أكثر قوة ضد التضخم، بحسب الحاجة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما كررت ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو في حدث منفصل أنها "تتوقع أيضاً زيادة أسعار الفائدة هذا العام، على الرغم من تحذيرها من أن التشديد المفرط قد يضر بسوق العمل".
وخلال حديثه في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس نيل كاشكاري إنه "يتوقع الآن رفع أسعار الفائدة مرتين هذا العام، وهو انعكاس لوجهة نظره طويلة الأمد القائلة إن بنك الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يوقف رفع أسعار الفائدة حتى عام 2024".
وينقسم صانعو السياسة في الاحتياطي الفيدرالي الآن بشكل فاعل إلى مجموعتين: "أولئك الذين يريدون تشديد السياسة، ومن يريدون تشديد السياسة بشكل أسرع"، كما كتب بيل نيلسون، الاقتصادي السابق في الاحتياطي الفيدرالي الذي يشغل الآن منصب كبير الاقتصاديين في معهد سياسة البنك، أنه "بينما يظل معظم صانعي السياسة في الاحتياطي الفيدرالي في المجموعة الأولى، فإن مثل هذا التوزيع سيؤدي إلى مخاطر صعودية وليس مخاطر سلبية على السياسة (باستثناء المفاجآت الاقتصادية الكبرى بالطبع)".
إنه تحول كبير عما كانت عليه الحال قبل بضعة أشهر فقط، عندما يمكن تقسيم صانعي السياسة الفيدراليين تقريباً إلى أولئك الذين يدعمون تشديداً أسرع، وأولئك الذين تبنّوا نهجاً أبطأ، ووقفوا ضد ارتفاع أسعار الفائدة لمدة عام إن لم يكُن أكثر.
لكن التضخم يصل إلى مستويات تتجاوز بكثير هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المئة وهناك قناعة متضائلة في الاحتياطي الفيدرالي بأن ملايين العمال الذين تم تهميشهم بسبب "كوفيد-19" سيعودون بسرعة إلى القوى العاملة، أو أن قيود سلسلة التوريد التي تدفع الأسعار إلى الأعلى ستعود بسهولة قريباً.
لذا، فإن الرغبة بالصبر أفسحت المجال للحرص على التحرك الذي يتعارض مع مشتريات الاحتياطي الفيدرالي المستمرة، وإن كانت متباطئة لسندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري والتي تهدف إلى تحفيز الاقتصاد.
وفي ديسمبر الماضي، وافق محافظو البنوك المركزية الأميركية على إنهاء مشترياتهم من الأصول في مارس المقبل، ووضعوا الأساس لما يراه معظمهم على أنه ثلاث زيادات على الأقل في أسعار الفائدة هذا العام.