Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العلاقة الجزائرية - الفرنسية تشهد انعطافة قبل ساعات على لقاء مرتقب

ماكرون دعا تبون لحضور القمة الأفريقية- الأوروبية وبحثا آفاق انعقاد اللجنة القطاعية العليا المشتركة بين الحكومتين

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال استقباله وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان (أ ف ب)

لا يزال مسلسل "الذاكرة" بين الجزائر وفرنسا متواصلاً على الرغم من عودة "الدفء" إلى العلاقات الثنائية التي توترت في الأشهر الماضية، بعد أن طالب الرئيس إيمانويل ماكرون، الدولة الجزائرية بالاعتراف بمجزرة ارتكبت في حق فرنسيين في مدينة وهران غرب البلاد عام 1962.

وفي حين ترقب مسؤولو البلدين تقدماً في ملف العلاقات بين الجزائر وفرنسا بعد الإشارات والرسائل المتبادلة بين العاصمتين، التي سمحت بعودة السفير الجزائري إلى ممارسة مهامه في باريس، إلا أن الانتخابات الرئاسية الفرنسية يبدو أنها تفرض منطقها وتحدد التوجهات والخطابات، إذ خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بتصريحات من شأنها التأثير مرة أخرى على خط الجزائر - باريس الذي لا يزال هشاً.

ماكرون يفاجئ

وبعد حديث تسبب في أزمة دبلوماسية، وبينما يرى المتابعون في البلدين أنه حان وقت الاعتذار، أطل ماكرون بتصريحات خلال خطاب ألقاه في قصر الإليزيه أمام جمعيات تمثل فرنسيين ولدوا في الجزائر خلال فترة الاستعمار ثم انتقلوا إلى وطنهم الأم بعد الاستقلال، قائلاً "مجزرة 26 مارس (آذار) 1962 التي استهدفت فرنسيي الجزائر، لا تغتفر بالنسبة إلى الجمهورية، وكل وثائق الأرشيف الفرنسي حول هذه المأساة يمكن الاطلاع عليها ودراستها بكل حرية"، مشدداً على أن "مجزرة 5 يوليو (تموز) 1962 في وهران في الجزائر، التي ارتكبت قبيل ساعات من إعلان استقلال الجزائر رسمياً، والتي راح ضحيتها مئات الأوروبيين، وبالدرجة الأولى فرنسيون، يجب أن يتم الاعتراف بها".

وأشار ماكرون إلى أنه بعد أسبوع على توقيع "اتفاقات إيفيان" ووقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 في الجزائر، تعرض متظاهرون مدنيون مؤيدون للجزائر الفرنسية لنيران رشاشات عند حاجز للجيش الفرنسي في أحد أحياء الجزائر العاصمة، حيث تسبب إطلاق النار بسقوط ما لا يقل عن 50 قتيلاً بين المتظاهرين جميعهم مدنيون، وكان ذلك بمثابة بداية الهجرة الجماعية من الجزائر.

"صمت" رسمي جزائري

وعلى غير العادة، لم تعقب الجزائر على تصريحات ماكرون، ولم تصدر ردوداً أو بيانات، بينما عبرت "جمعية شباب الأقدام السوداء" عن أسفها لما جاء في خطاب ماكرون، لكون هذا الأخير لم يتخذ موقفاً أكثر تطرفاً، وقالت إن الرئيس نطق بكلمات واعتراف بحقائق مثبتة، أنها "تفاهة تاريخية".

كما رفضت جمعية "الدائرة الجزائرية" إحدى أكثر الجهات تطرفاً من فرنسيي الجزائر، الاستجابة لدعوة ماكرون إلى قصر الإليزيه، ما لم يسحب الرئيس الفرنسي وصف الاستعمار بـ "جريمة ضد الإنسانية"، وقالت "أرسلنا له خطاباً مفتوحاً نطلب فيه كشرط مسبق لمشاركتنا سحب هذه الملاحظات"، مضيفة، "نعتبر أنه إذا كانت هناك جريمة ضد الإنسانية، فإن أجدادنا وأنفسنا يعتبرون عملاء للجريمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التشويش على أية تهدئة

وما يطرح استفهامات ويفتح أبواب التأويلات والتشكيك في وجود أطراف تسعى لنسف العلاقات بين البلدين، أو إضعافها أو التشويش على أية تهدئة، هو تزامن التصريحات مع موعد مشاورات مبرمجة بعد غد الاثنين 31 يناير (كانون الثاني)، في الجزائر العاصمة، بين الأمناء العامين لوزارة خارجية الجزائر وفرنسا.

وفي السياق، يرى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، بريك الله حبيب، أن هذا الاعتراف الصريح الممزوج بنوايا دعاية انتخابية مسبقة للرئيس الحالي ماكرون، جاء متأخراً وليرمم ما تبقى من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين التي نسفها الطرف الفرنسي الأشهر الماضية، وقال إن من يسعى وراء نسف العلاقات الثنائية هو من يقف وراء كثير من الأحداث السيئة التي تعرضت لها الجزائر أخيراً، بهدف زعزعة الأمن الاقتصادي والسياسي، وخلق البلبلة وإثارة النعرات والفتن، بمساعدة بعض الأطراف المتطرفة في الجانب الفرنسي.

احتجاج... وماكرون يتواصل مع تبون

إلى ذلك، احتجت الجزائر على تقارير إعلامية عدة تتناول التاريخ الجزائري بكثير من المغالطات، وقالت في خطاب رسمي، إن ما ذكرته تقارير إخبارية حول تصويت مجلس الشيوخ الفرنسي لصالح قانون اعتذار لـ"الحركى"، وهم الجزائريون الذين عملوا إلى جانب الجيش الفرنسي ضد الثورة التحريرية، يتضمن عبارات ومفاهيم تدعم الموقف الفرنسي من حرب التحرير وخصوصاً الفقرة التي تقول، "بعد 60 عاماً من نهاية حرب الجزائر الممتدة بين 1954 إلى 1962، التي أسفرت عن 500 ألف قتيل"، وشددت أنها "لا تمت للحقيقة بصلة لأن الذين سقطوا في ميدان الشرف هم ضحايا ضحوا بحياتهم من أجل الوطن، وعددهم لا يقل عن المليون ونصف المليون شخص".

وفي خضم التراشق الكلامي، تلقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، السبت، مكالمة هاتفية من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، هي الأولى بين الرئيسين بعد الأزمة، تطرق فيها الطرفان إلى العلاقات الثنائية، وقال بيان نشرته الرئاسة الجزائرية: جدد الرئيس الفرنسي الدعوة لتبون لحضور القمة الأفريقية الأوروبية التي تحتضنها العاصمة البلجيكية بروكسل، مضيفاً أن الرئيسين بحثا خلال الاتصال آفاق انعقاد اللجنة القطاعية العليا المشتركة بين الحكومتين.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير