بالتزامن مع احتفال بريتني سبيرز بإنهاء الوصاية التي كانت تتحكم في حياتها لما يقرب من 14 عاماً، يبحث هذا الجزء المقتبس من كتاب "أن تكوني بريتني: حطام أيقونة معاصرة" للكاتبة جنيفر أوتر بيكردايك كيف ساعدت نجمة البوب في تسليط الضوء بقوة على الصراع الذي تخوضه النساء في أميركا عن أجسادهن.
عادت الأجواء المرعبة لرواية "حكاية خادمة" A Handmaid’s Tale الكلاسيكية للكاتبة مارغريت أتوود إلى الأذهان عندما تحدثت بريتني سبيرز في المحكمة في يونيو (حزيران) عام 2021 ضمن إجراءات القضية التي رفعتها ضد قرار الوصاية المفروض عليها. بدت النجمة وكأنها تقرأ نسخة محدثة من الحكاية على شكل سيرة ذاتية من القرن الحادي والعشرين. في حالة سبيرز، كانت قيمتها تكمن في كونها آلة لكسب المال أكثر من كونها آلة لإنجاب الأطفال، بدلاً من أن تكون أداة لإنتاج النسل، كانت بريتني أداة لتوليد النقود، حيث أجبرتها الوصاية على المشاركة في جولات غنائية وعروض وغير ذلك من الصفقات المربحة. ونظراً لعدم قدرتها على اتخاذ أي قرارات بمفردها، من وجهة نظر القانون، جردت بريتني من الحق في التحكم حتى في أكثر أمورها الجسدية حميمية.
عندما قرأت سبيرز بيانها، كان صوتها يرتجف من الغضب. بدت معزولة تماماً عن كيانها الخاص، كما لو أن جسدها، إذا أمكننا القول - كان يعود إلى شخص آخر. قالت بريتني: "جسدي العزيز، الذي عمل لصالح والدي طوال السنوات الثلاث عشرة الماضية اللعينة، محاولاً أن يكون بحالة جيدة جداً وجميلاً... ومثالياً... عندما يجهدني والدي في العمل". منذ بداية الوصاية، زعم أن والدها جيمي سبيرز "فهم دوره كوصي بأن عليه إعطاء الأولوية ليس لصحة ابنته العقلية بقدر ما هو لصورتها التي يعرفها الجمهور بها كدُمية باربي". وكان التحكم بجسد بريتني جزءاً مهماً لتحقيق هذه الغاية".
بعد أيام قليلة من تنفيذ التفويض في عام 2008، قالت صديقة العائلة جاكلين بوتشر إنها كانت شاهدة على حوار صادم بين الأب وابنته، روته في مقابلة مع مجلة نيويوركر: "قال جيمي "حبيبتي..." - ظننت أنه سيقول لها: "نحن نحبك، لكنك بحاجة إلى المساعدة" - لكنه قال: "أنت بدينة. سيجعلك والدك تتبعين حمية غذائية وتتمرنين مع مدرب رياضي وتستعيدين ليقاتك".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزعمت بوتشر أيضاً أن جيمي، كان عندما يوجه له أي شخص سؤالاً عن قرار اتخذ نيابة عن بريتني، يجيب صارخاً: "أنا بريتني سبيرز!"
تابعت بريتني شهادتها متحدثة عن إجبارها على توقيع العقود، وعدم قدرتها على اختيار تصميم الرقصات الخاص بها، وقيام معالج نفسي بوصف دواء الليثيوم [المستخدم عادة في علاج الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والهلوسة] لها بعد أن رفضت تقديم عرض في لاس فيغاس، وشعورها بأن صوتها لم يكن مسموعاً وأن أحداً لم يصدقها - طوال الفترة التي كان والدها خلالها وصياً عليها. صرحت سبيرز وصوتها يرتجف من الغضب: "بلغت سيطرته على شخصية مؤثرة مثلي - إذ كان يحب السيطرة التي تمكنه من إيذاء ابنته - نسبة مئة ألف في المئة".
في حين أن كل ما قالته بريتني كان مروعاً، بدا أحد التصريحات على وجه الخصوص وكأنه مقتبس مباشرة من رواية "حكاية خادمة": "لقد قيل لي إنني بموجب الوصاية، غير قادرة على الزواج أو إنجاب الأطفال، لدي لولب مزروع في جسدي حتى لا أحمل. كنت أرغب في إزالة اللولب حتى أعاود محاولة إنجاب طفل آخر، لكن من يسمون أنفسهم فريق الوصاية لا يسمحون لي بزيارة الطبيب لإزالته لأنهم لا يريدونني أن أنجب أطفالاً ". واختتمت بالقول: "أستحق أن أتمتع بنفس الحقوق التي يمتلكها أي شخص، حق إنجاب طفل، وتكوين عائلة، وأي من هذه الأمور وأكثر من ذلك".
على كل حال، بقدر ما يتم دفع النساء الأميركيات إلى تصديق أنهن يتمتعن بالسيطرة على أجسادهن وحرية الاختيار المتعلق بها، فإنهن من الناحية التشريعية، لا يتمتعن بذلك. في كل عام، يتم تقليص مزيد ومزيد من الحقوق، على غرار ما يجري في "حكاية خادمة"... في عام 2021، حظرت ولاية أركنساس جميع عمليات الإجهاض باستثناء حالات الطوارئ الطبية، بغض النظر عما إذا كان الحمل نتيجة اغتصاب أو سفاح القربى، بينما حظرت تكساس الإجهاض بعد المرحلة التي يمكن فيها سماع نبض قلب الجنين (الذي يحدث عادةً في عندما يكون عمر الجنين نحو ستة أسابيع - أي غالباً قبل أن تدرك المرأة أنها حُبلى). وأخيراً، وقع حاكم ولاية أوكلاهوما الجمهوري كيفين ستيت حظراً يمنع الإجهاض بشكل صريح. مع سيطرة المحافظين على المحكمة العليا بأغلبية بنسبة 6–3 بعد رئاسة دونالد ترمب، تخشى الجماعات المدافعة عن حق الاختيار من إمكانية إلغاء أجزاء من قانون عام 1973، بطريقة تزيد القيود المفروضة على النساء لإنهاء الحمل. أثارت رواية سبيرز عن حرمانها بالقوة من حرية التحكم بجسدها غضب الكثيرين. ومع ذلك، فقد أثارت أيضاً سؤالاً مشروعاً: لماذا يحتاج العالم أن تعيش نجمة موسيقى بوب في ظروف غير مقبولة كي يعبر عن اعتراضه؟
كتاب "أن تكوني بريتني: حطام أيقونة معاصرة" Being Britney: Pieces of a Modern Icon للكاتبة جنيفر أوتر بيكردايك متوفر حالياً في الأسواق، وتباع النسخة الواحدة منه بسعر 20 جنيهاً استرلينياً (عن دار ناين إيت بوكس للنشر).
© The Independent