بالنسبة إلى النائبة نيكيما ويليامز، كان الهجوم على الكابيتول أيضاً هجوماً على العمل الذي كانت قامت به في ولايتها. تتولى السيدة ويليامز رئاسة الحزب الديمقراطي لجورجيا، الذي كان قلب للتو اتجاهات التصويت في الولاية التي جعلها (الرئيس السابق) السيد (دونالد) ترمب محوراً لأكاذيبه الانتخابية.
وقالت: "كان الأمر شخصياً بعمق، لا سيما لشخص من جورجيا، حين كانت ولايتي إحدى الولايات التي ستواجه اعتراضاً ومع استمرار تسليط الرواية الزائفة عن تزوير الانتخابات على النصر الانتخابي وأنا أحد الناخبين في جورجيا، وهكذا كان الأمر شخصياً جداً لي".
لم تكن السيدة ويليامز قد تولت منصبها إلا قبل ثلاثة أيام عندما وقعت أعمال الشغب، بعدما أدت اليمين الدستورية لتحل محل بطل الحقوق المدنية الراحل، النائب جون لويس. لكن بسبب جائحة "كوفيد-19"، كانت هناك فرص قليلة لإقامة علاقات مع الأعضاء الجدد من الحزب الآخر، ما ولّد مزيداً من الشكوك مع زملائها الجمهوريين.
وقالت لـ"اندبندنت": "وأنا أعلم أنني حين أدخل في العديد من المحادثات أبحث عن كيفية تصويت الأشخاص في اليوم السابق لكي أعرف ما أتعامل معه أثناء توجهي إلى الاجتماعات والمحادثات في المرحلة المقبلة".
كان الشغب في 6 يناير (كانون الثاني) بمثابة اعتداء على الديمقراطية، وكان المقصود منه تقويض العملية الديمقراطية. لكن كابيتول هيل تضم أيضاً مكاتب 435 نائباً، إلى جانب خمسة مندوبين لا يصوتون، و100 عضو في مجلس الشيوخ، والآلاف من الموظفين الذين يتراوحون بين المحترفين المخضرمين وخريجي الجامعات الجدد والمتدربين الجديين، والجميع يعملون.
ترسم المقابلات التي أجرتها "اندبندنت" مع العديد من أعضاء مجلس النواب وموظفيه السابقين، صورة لبيئة عمل عدائية في أعقاب أعمال الشغب التي اندلعت في الكابيتول. فبعد مرور سنة، لا زال قلب الديمقراطية الأميركية ممزقاً بانعدام للثقة وانقسام يتجاوز السياسات الحزبية المعتادة.
وقال النائب جيسون كرو من كولورادو، وهو عضو سابق في قوات الصاعقة البرية حاول حماية زملائه أثناء التمرد، إنه أمل بحلول لحظة يستنكر فيها الحزب الجمهوري أكاذيب البيت الأبيض.
وأضاف: "لكن من المؤسف أن هذا لم يحصل، ولا يزال العديد منهم يواصلون تمكين دونالد ترمب ويضاعفون الكذبة الكبرى".
ويعتبر الجمهوريون بوضوح عواقب هذا التمرد غير متناسبة. ومنذ اندلاع أعمال الشغب، وضع مجلس النواب أجهزة للكشف عن المعادن، الأمر الذي أثار حفيظة البعض. وغُرِّم النائبان لوي غومرت من تكساس وأندرو كلايد من جورجيا بسبب انتهاكات لأجهزة الكشف عن المعادن وتقدما بدعوى قضائية ضد استخدامها، لا سيما أن المسؤول عن الانضباط لدى الأغلبية في مجلس النواب جيم كلايبورن تجنب الإجراء وأن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي تجنبت الأجهزة.
وعلى نحو مماثل، ثارت حفيظة الجمهوريين بعدما رفضت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب اختيار زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن ماكارثي النائبين جيم بانكس وجيم جوردان للجنة التحقيق في أحداث 6 يناير، الأمر الذي دفعه إلى سحب أعضائه جميعاً من اللجنة المختارة.
وقال: "يشكل هذا إساءة فظيعة لاستخدام السلطة، وسيلحق الضرر بهذه المؤسسة على نحو غير قابل للإصلاح. لقد أنشأت بيلوسي عملية صورية".
ونتيجة لذلك، فإن الجمهوريين الوحيدين في اللجنة هما النائبان ليز تشيني وآدم كينزينغر، المبعدين عن تجمع الحزب الجمهوري. ومن المرجح أن ترتفع حدة التوترات عندما يعود مجلس النواب إلى الاجتماع لأن اللجنة طلبت وثائق حول أعمال الشغب من النائبين الجمهوريين سكوت بيري والسيد جوردان، وكلاهما حليف متحمس للسيد ترمب.
من ناحية أخرى، لم يتدهور الكونغرس بين عشية وضحاها. لقد بدأت ساعات العمل الطويلة والأجور المنخفضة في إثارة حفيظة حتى أكثر الموظفين تمرساً. وقال أحد كبار الموظفين الديمقراطيين -طلب عدم الكشف عن هويته لكي يتحدث بصراحة وغادر كابيتول هيل أثناء الصيف- إن الأجور كانت راكدة منذ عقد.
وقال لـ"اندبندنت": "لقد ترقيت في عملي، لكن راتبي يماثل راتب الشخص الذي يشغل الوظيفة التي كنت أتولاها قبل ست سنوات، وهي وظيفة على تماس مع المراجعين، وهذه مسألة مستمرة". وفي الوقت نفسه، ينفّر جدول المواعيد غير المنتظم الكثير، شرحوا كيف أن جلسة مستمرة كانت تُعقَد حين يكون مجلس النواب في انعقاد أو لا يكون. لكن في الأسابيع التي سبقت أعمال الشغب، انعقد مجلس النواب يوماً في الأقل كل أسبوع.
وقال أحد هؤلاء "حل 6 يناير في نهاية فترة مجنونة حقاً في المرحلة التي أفضت إلى هذا اليوم، إذ كانت المعارك حول تجنب إغلاق المؤسسات الحكومية تدور بلا انقطاع. كنت أعمل لصالح عضو في مجلس النواب من مقاطعة متأرجحة، لذلك اتضح كل شيء. كانت فترة طويلة أفضت إلى ذلك اليوم".
وقال الموظف إن إشارات دلت على خطأ سيقع، قائلاً إن أسبوع التصويت شهد استدعاء لكبار الموظفين.
وأضاف: "جرى الحديث عن خطر أمني بطريقة لم تشبه بصراحة طريقة حديث شرطة الكابيتول حقاً أو ربما طريقة حديث الحرس الوطني، وذلك استناداً إلى تلك الأخبار كلها التي كانت تتواتر"، وأشار إلى أن كبار الموظفين كانوا "أكثر دراية بأن الوضع سيسوء حقاً، وحاولنا إبقاء الناس بعيدين عن المكتب".
وحتى في ذلك الوقت، شعر بعض الموظفين الديمقراطيين بأن رؤساءهم لم يفهموا تماماً مدى الصدمة التي خلفتها أعمال الشغب. وقال موظف آخر -طلب عدم ذكر اسمه- إن النائب الذي عمل له طلب منه بعد يوم من أعمال الشغب أن ينشر عبر "تويتر" مقالاً عن اتهام السيد ترمب كتبه النائب لأنه كان يخشى أن يسرقه نائب آخر.
وأضاف: "كنت آمل بالحصول على يوم إجازة للتفكير في ما جرى لكن الأمر كان أشبه بالعودة الفورية إلى العمل. وفهمت أن الاتهام كان على قدر كبير من الأهمية. لكن المرحلة بين آنذاك واستقالتي لم تشهد تواصلاً من النائب أو كبير الموظفين للاطمئنان علينا أو تشجيعنا على أخذ إجازة قصيرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الموظف إن النائب وكبير الموظفين قررا مشاركة الموارد الاستشارية التي عرضها مجلس النواب على المكاتب مع الموظفين، ولم يكن ذلك من ضمن عملهم لكن أحداً غيرهم لم يقم بهذا العمل.
وبعد الهجوم، قال كبير الموظفين الذي عمل مع نائب معتدل إن شكوكاً لم تكن موجودة من قبل ظهرت، مشيراً إلى كيف أعاد مجلس النواب خلال أحد الأسابيع الأخيرة للموظف في عمله العمل بإجراءاته الإلزامية في شأن الكمامات وإلى أن مصعداً ضمه مع جمهوريين ساده شعور بعدم الثقة أو أن خلافاً قد يندلع.
وأضاف: "قد يشعر المرء بالتوتر مع أشخاص لا يعرفهم. فقد الناس الشعور بأنهم جميعاً موجودون هناك للسبب نفسه، الشعور الذي كان يوحد الموظفين في الكونغرس، بصرف النظر عن الحزب. وهذا صحيح أيضاً على مستوى النواب"، وأشار إلى أن هذا العداء كان يتراكم بعد الانتخابات الرئاسية. كانت الفترة التي تلت الانتخابات عبارة عن تراكم طويل حقاً أعتقد بأنه جعل الناس يتوقفون عن اعتبار بعضهم بعضاً زملاء على النحو الذي اعتادوا عليه، وربما بدأوا يعتبرون أنفسهم متعارضين".
وعلى نحو مماثل، اضطر بعض العاملين إلى التعامل مع الآثار النفسية الصادمة المترتبة على انتهاك أماكن عملهم. وقال أحد الموظفين السابقين الذي لا يعيش بعيداً كثيراً عن الكابيتول هيل، ولم يكن فيه أثناء أحداث الشغب، ومنذ ذلك الحين استقال من وظيفته إن قطته الأليفة توقظه عندما تراه يبكي أثناء نومه.
وأضاف: "كما تعرفون، كان من اللطيف حقاً لو أنهم أوقفوا عمليات التصويت ربما لأسبوع وقالوا للجميع (خذوا عطلاً لبعض الوقت)، لكن ذلك لم يحصل. وأنا أفهم لماذا لم يحصل ذلك. لكن ذلك جعل الأمور أصعب كثيراً عندما تلقيت مكالمة تهديد في يونيو (حزيران)، فأصبت بانهيار. وكانت تلك المناسبة إحدى المناسبات التي صحت فيها على نفسي لأنني أصبت بانهيار. ثم كان عليَّ أن أذكر نفسي قائلاً: لا، تعرض مكان عملك إلى هجوم. لا بأس".
وعلى نحو مماثل، قال العديد من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين إن الشغب غير كيفية تفاعلهم مع زملائهم الجمهوريين. وقال النائب تيد ليو من كاليفورنيا الذي كان أحد مديري اتهام ترمب العام الماضي، إنه يتفق مع الجمهوريين الذين يوافقون على أن ما حدث في 6 يناير كان هجوماً ولم يكن زيارة سياحية عادية، كما حاول البعض أن يصفه.
وأضاف: "إذا كان أحد أعضاء مجلس النواب الجمهوريين سيطلق على ما جرى اسم زيارة سياحية عادية، لا أستطيع حقاً أن أتقدم إلى الأمام مع شخص يعيش في واقع متوهَّم". وقال إن القيادة الجمهورية فشلت في خفض درجة الحرارة في مجلس النواب.
وأضاف أن "الزعامة الجمهورية قادرة على الحد من خطر العنف السياسي من خلال التصريح ببيان صادق: إن الانتخابات لم تُسرَق. فرفض الإدلاء بهذا التصريح الحقيقي البسيط يزيد من المخاطر التي تواجهنا جميعاً".
وقالت النائبة باربارا لي من كاليفورنيا إن الحدث غير علاقتها ببعض الجمهوريين لكنها والديمقراطيين جميعاً يعملون مع بعض الأعضاء.
وأضافت: "حسناً، أعني أننا جميعاً لدينا جمهوريون أفراد نعمل معهم. يجعلني ما جرى حذرة، يجعلني الأمر متوجسة مِن بعض مَن، كما تعلمون، إذا كذب عما كان الجميع يعرفون أنه حدث ماذا سيفعل غير ذلك".
وبالمناسبة، وعلى الرغم من التنازع بين الحين والآخر في مجلس الشيوخ، فلا تصل الأمور إلى نقطة غليان كما هي الحال في مجلس النواب. افترضت عضو مجلس الشيوخ كيرستن غيليبراند من نيويورك، التي تعمل بانتظام مع الجمهوريين، أن اختلاف قواعد مجلس الشيوخ يجعل الأمور تجري على هذا النحو.
وقالت: "نحن نختلف بشدة حول العديد من المسائل، لكن هناك كثير مما يمكننا أن نجد أرضية مشتركة حوله، ووظيفتي تعتمد على إيجاد أرضية مشتركة".
وقال النائب فيليمون فيلا، الديمقراطي من تكساس الذي يقترب من التقاعد، إن الشغب لم يؤدِّ أي دور في قراره بالرحيل لكنه قال كيف إن الشغب قد يخلف أثراً مقلقاً في الناس الذين يدخلون الكونغرس.
وأضاف: "على الرغم من أن مرشحين مؤهلين تأهيلاً جيداً تقدموا لشغل بعض المقاعد الشاغرة، فهناك العديد من المسؤولين العموميين المنتخبين الحاليين الذين اختاروا عدم الترشح، وأعتقد بأن الخلل الوظيفي هنا ربما كان واحداً من الأسباب الكبرى وراء ذلك".
وقال النائب جيمي غوميز من كاليفورنيا إنه يأمل بأن يتمكن مزيد من الأشخاص من الدخول إلى الخدمة العامة، وألا يقف 6 يناير حجر عثرة أمام الأشخاص من ذوي الفكر المدني.
وأضاف: "إن ما حدث من شأنه أن يثبط همة بعض الناس لكن في النهاية، سيتقدم عبر الطيف السياسي أشخاص يؤمنون بهذا البلد، ويفهمون ما هو على المحك الآن. أعتقد ربما بأن الترشح على الجانب الجمهوري قد يكون أكثر سمية وأكثر صعوبة، لكني آمل بأن يتقدم جمهوريون من ذوي الضمير الطيب".
وعلى نحو مماثل، قال كبير الموظفين الذي غادر عمله منذ ذلك الحين إنه يأمل بأن يكون هناك بعض الأشخاص الذين يريدون العمل في كابيتول هيل.
وأضاف: "أنا مسرور بأني غادرت عندما غادرت. وأظن بأننا نحتاج إلى أشخاص يهتمون، وإذا كان المرء يهتم بالدرجة الكافية وكان هناك للأسباب الصحيحة فيجب عليه في شكل مطلق أن يصل. يتعين على المرء أن يكون حذراً وأن يراقب ما هو الأفضل بالنسبة إليه وأن يدرك عند نقطة ما أن ذلك قد لا يعود الأفضل بالنسبة إليه بعد ذلك".
© The Independent