Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الطائف" والمعادلة المفروضة: لا تطبيق ولا تعديل

التجارب أكدت خطورة هيمنة طائفة واحدة على نظيرتها واستحالة الحفاظ عليها في نظام حر وبلد "عربي الهوية والانتماء"

رئيس الوزراء اللبناني يدعو القادة السياسيين إلى إنهاء الخلافات لمصلحة البلاد  (أ ف ب)

تعددت الدعوات، لا سيما في ظل الانهيار وتعطيل السلطة، إلى تغيير النظام في لبنان، وتكررت الدعوات المعاكسة إلى التمسك باتفاق الطائف الذي صار الدستور وأساس النظام وإكمال تطبيقه، لكن من يحدد اتجاه التغيير أو الحفاظ على النظام هو الطرف القوي.

وبحسب موازين القوى اليوم، فإن التغيير مرشح لأن يكون نحو الأسوأ، والتمسك بالنظام محكوم بأن يبقى على الورق وصرخة في البرية.

المشكلة ليست في النظام بل في الأشخاص الذين يمسكون بالسلطة ويديرون اللعبة، وحولوا اتفاق الطائف إلى مشكلة من حيث هو الحل، وفرضوا معادلة خطرة، اتفاق لا يمكن تطبيقه ولا تعديله، فالتعديل يؤدي في ظل السلاح والاختلال في موازين القوى إلى لبنان آخر لا يشبه ما كان عليه، والتطبيق يضرب مصالح المافيا الحاكمة والمتحكمة، ويحرمها من القدرة على التعطيل والسطو على المال العام والخاص، ويجبرها على التراجع عن العمل للمشاريع الإقليمية وأخطرها المشروع الإمبراطوري الإيراني الذي عنوانه "ولاية الفقيه"، واسمه المستعار "محور الممانعة والمقاومة".

الواقع أن موازين القوى والمصالح المحلية والعربية والدولية قادت إلى اتفاق الطائف بعد 15 عاماً من حرب لبنان، كما أن تبدلاً في موازين القوى أدى إلى "تحوير" للطائف في ما سمي بـ "اتفاق الدوحة" الذي كرس الهيمنة الشيعية بعد تجربة قصيرة من نظيرتها السنيّة وتجربة طويلة من المارونية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن التجارب أكدت خطورة هيمنة طائفة واحدة على بقية الطوائف، واستحالة الحفاظ عليها في نظام حر وبلد "عربي الهوية والانتماء"، وشرق أوسط محكوم برمال متحركة، واليوم يطالب ثلاثة فرقاء بالحفاظ على "اتفاق الطائف" في إطار الشرعيات الثلاث، اللبنانية والعربية والدولية.

ويراهن التيار المدني العابر للطوائف على تجاوز "الطائف" من الباب الذي فتحه الاتفاق: باب تجاوز الطائفية على مراحل، وإلغاء السياسية منها وإقامة دولة مدنية على أساس المواطنة. الخروج على "الطائف" يدعو إليه فريقان كانا ضده أساساً، الأول يريد الخروج من الباب الخلفي إلى دولة دينية مذهبية، وهذا يصطدم ببقية الطوائف والقوى العربية والدولية، والأخير يحلم بالعودة لما كان قبل الاتفاق من صلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية الذي كان رئيس الحكومة سليم الحص يصفه بأنه "ملك على جمهورية"، والفريقان للمفارقة حليفان.

أما البطريك الماروني بشارة الراعي فإنه يطرح مشروع "الحياد" ويدعو إلى مؤتمر دولي لإخراج لبنان من أزماته وضمان حياده، وهذا أمر لا إجماع عليه في الداخل ولا شيء يوحي أن المجتمع الدولي جاهز لدعمه، وأما المعارضون للهيمنة المذهبية وأخذ لبنان إلى "محور الممانعة" واليائسون من إصلاح النظام السياسي المركزي فإنهم يدعون إلى اللامركزية الإدارية التي بقيت اتفاقاً على الورق منذ "الطائف"، وبعضهم صار يدعو إلى الفيدرالية وحتى إلى التقسيم، غير أن الفيدرالية على الطريقة الألمانية والبلجيكية والسويسرية والأميركية مهمة صعبة في لبنان الذي يمارس النوع السيء منها، ممثلة في "فيدرالية الطوائف"، والتقسيم مهمة مستحيلة بالمعنى الجغرافي والطائفي، فوق كونه وصفة لحروب وصراعات ومداخلات إقليمية ودولية، والسؤال قبل ذلك هو كيف يتمكن المسؤولون العاجزون عن بناء الدولة وممارسة السيادة وإجراء الإصلاحات الضرورية، من الاتفاق على أسس نظام سياسي جديد؟ والمسألة فوق ذلك هي على طريقة شكسبير في "هاملت"، أن يكون لبنان أو لا يكون، فالنظام القديم سقط في الحرب قبل "الطائف"، ونظام الطائف أداره الوصي السوري وأمراء الحرب ضد نصه وروحه، والتغيير نحو الأفضل يحتاج إلى رجال دولة وكتلة شعبية تاريخية، والتحدي أن يصمد لبنان إلى ذلك الوقت.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل