Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملكة بريطانيا لم تولد في قصر... فهل ما زال مكان ولادتها قائماً؟

بين شراسة الغارات الجوية أثناء الحرب وجشع المطورين العقاريين، ما الذي حل بالمنزل الذي شهد ولادة إليزابيث الثانية؟

الملكة إليزابيث الثانية عندما كانت طفلة (أ.ب)

لا شك في أن الملكة إليزابيث الثانية تعتبر شخصية فريدة من نوعها، سواء بالنسبة إلى البريطانيين أو سكان بقية المعمورة، فهي أطول ملوك بريطانيا عمراً، وهي أطول ملوك البلاد جلوساً على العرش، ويوماً بعد يوم تثير فضول وتساؤلات كثيرين، ما سر عمرها الطويل؟ ما هي حميتها الغذائية؟ ما هو روتينها اليومي؟ ما هي هواياتها؟ ما هو سر أناقتها الدائمة؟ واليوم يثار سؤال جديد حول الموقع الدقيق للمنزل الذي ولدت فيه الملكة.

معروف أن إليزابيث ولدت في 21 أبريل (نيسان) عام 1926 الساعة الخامسة مساء في شارع بروتون في منطقة مايفير بلندن. لم تولد في قصر أو عقار ضخم أو حتى في المستشفى، بل في منزل عادي في أحد شوارع لندن المزدحمة.

قبل أسابيع قليلة من موعد ولادتها انتقل والداها إلى المنزل الذي كان جداها الاسكتلنديان، إيرل وكونتيسة ستراثمور، يمتلكانه. يعد هذا تذكيراً بأن العائلة المالكة لم تكن تعيش الرخاء نفسه الذي تتمتع به في يومنا هذا، وفقاً للمؤرخ الملكي روبرت لاسي. ولنتذكر أنه لم يكن من المتوقع في تلك المرحلة أن تتولى إليزابيث العرش بصفتها ابنة أصغر أبناء الملك.

هل تعرض المنزل للدمار؟

تقول هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عبر موقعها الإلكتروني، إن أول منزل قطنته الملكة لم يعد قائماً وإن هناك مزاعم مستمرة على الإنترنت بأنه كان ضحية لغارات جوية خلال الحرب العالمية الثانية.

مثلاً تقول موسوعة ويكيبيديا، "تعرض المنزل لأضرار في غارة ثم هُدم لاحقاً".

لكن بضع وثائق محفوظة في المكتبة البريطانية وأرشيفات أخرى تظهر أن المنزل الذي يعود إلى القرن الـ 18 قد اندثر حتى قبل اندلاع الحرب.

لقد كان مطورو العقارات الجشعون، الأكثر قسوة من الغارات الجوية، هم الذين قضوا على منزل الملكة الأول.

في عام 1937 بدأ أحد المطورين بشكل رسمي هدم المنزل الذي يحمل رقم (17) في شارع بروتون، والعديد من المباني المجاورة.

كانت هناك مخططات لبناء فندق للسكك الحديدية الكندية، ولكن خصص الموقع في النهاية لبناء مجمع مكاتب ومحال تجارية.

لم تكن المباني حينها تحمل أي قيمة عاطفية، فمن دون أن يرف لها جفن،  قامت عصابات الهدم بالإطاحة بالعقار الذي وُصف في أحد التقارير في ذلك الوقت بأنه "يحتل المرتبة الـ 20 بين أكثر البيوت التي لها تاريخ في لندن".

وقام الرسام الحربي السير مويرهيد بون بتوثيق قيام العمال بهدم واجهات المباني القديمة الأنيقة في رسم مؤثر.

وإذا كان هناك أي شك في هدم المنزل، فإن ملاحظة من أحد المسوحات تعود لشهر مايو (أيار) عام 1939 محفوظة في أرشيف مدينة لندن، أكدت أن المنزل القديم هدم وأن "موقعه يشكل جزءاً من تلك المساحة التي بني فوقها بيكرلي سكوير هاوس".

هل تحول بيت الملكة إلى مطعم صيني؟

هناك ادعاء آخر يتكرر باستمرار حول مسقط رأس الملكة، وهو أن الموقع أصبح الآن مطعماً صينياً.

لكن هذه المعلومة منقوصة، فصحيح أن مطعماً صينياً يحمل رقم (17) في الشارع، إلا أن مكتباً مغلقاً يقع في المبنى نفسه يحمل العنوان ذاته، إلى جانب مدخل ومنطقة استقبال للشركات.

على ما يبدو فإن هذا المدخل الذي يفضي إلى بعض المكاتب في بيركلي سكوير هاوس هو الأقرب للموقع الأصلي لرقم (17) شارع بروتون.

أم معرض سيارات؟

تظهر بعض الملفات القديمة ورسومات المهندسين المعماريين المحفوظة في أرشيف مدينة لندن المخطط الأصلي للمنزل، وتبين أن المنزل المفقود ربما كان قائماً في منطقة المدخل المذكور، بينما تمتد واجهته إلى ما أصبح الآن صالة عرض تبيع سيارات "بوغاتي" و "بينتلي"، وهذا ما أكده مجلس مدينة ويستمنستر.

توجد لوحتان على الحائط المجاور تحددان مكان الولادة، بما في ذلك واحدة من مجلس مدينة وستمنستر. نقلت اللوحتان عقب تعديل المباني وهما موجودتان في أحد طرفي الموقع الأصلي.

كان هذا هو المنزل الذي زُفت منه والدة الملكة إليزابيث باوز ليون في أبريل (نيسان) عام 1923 إلى خطيبها الخجول دوق يورك آنذاك.

عاد الزوجان إلى هنا من أجل ولادة طفلتهما الأولى بعد ثلاث سنوات تقريباً، لكنها كانت أيضاً فترة تقلب وانقسام سياسي، وتمت الدعوة إلى الإضراب العام بعد أسابيع قليلة من ولادة الملكة، فانتقلت مع والديها في وقت لاحق من ذلك العام إلى منزل أكبر في بيكاديللي.

كانت هناك خطط لاحقة لتحويل المنزل في شارع بروتون إلى مكاتب، حيث توضح رسومات المهندسين المعماريين كيف يمكن تقسيم الغرف، بما في ذلك تلك التي ولدت فيها الملكة، وإعادة تصميمها لتصبح مناسبة للاستخدام المكتبي.

ورد في إحدى الصحف من تلك الفترة أن "الغرفة الواقعة في الطابق الأول وولدت فيها الأميرة الصغيرة، هي واحدة من الغرف الأقل زخرفة من بين جميع الغرف، ولكنها أيضاً من أكثر الغرف إضاءة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا عن القيمة الحالية؟

لا يزال الموقع جزءاً من الأملاك الملكية، لكنه يعود في هذه الأيام إلى أملاك العائلة الحاكمة في أبوظبي، وهو جزء من مجموعة عقارات في هذه المنطقة من لندن يُقال إن قيمتها تبلغ خمسة مليارات جنيه استرليني.

يقول سايمون بورغوين الذي يعمل الآن لدى شركة "نايت فرانك" العقارية التي كانت تدير العقار أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، عن المنطقة التي تحمل اسم مايفير حالياً، إنها كانت منطقة سكنية للعائلات القادرة على شراء منزل في لندن، "لكن بعد الحرب لم يكن بمقدور أحد تحمل كلف الاحتفاظ بهذه المباني الكبيرة والقديمة والمتداعية، لذلك تم تحويل كثير منها إلى مكاتب".

لقد انقلبت الآية الآن، كما يقول بورغوين، حيث يتم تحويل المكاتب إلى عقارات سكنية فاخرة، ولو بقي المنزل قائماً لكانت قيمته تزيد على 25 مليون جنيه استرليني، وربما تصل إلى 100 مليون جنيه استرليني.

قصة حب سرية مرتبطة بالعنوان

هدم المنزل عام 1937، بينما انتقلت إليزابيث الشابة حينها ووالداها إلى قصر باكنغهام.

شهدت أزمة التنازل عن العرش عام 1936 جلوس والدها على العرش باسم جورج السادس بعد زواج شقيقه إدوارد الثامن المخطط له من مطلقة أميركية تدعى واليس سيمبسون.

علمت الاستخبارات البريطانية التي كانت تتعقب السيدة سيمبسون بوجود مزاعم بأنها كانت على علاقة ببائع سيارات يدعى غاي ماركوس تروندل، ووجدت أن تلك "المغامرة العاطفية" وقعت في المكان الذي يحمل الآن رقم (18) في الشارع، وهو جزء من صالة عرض سيارات "بينتلي".

المزيد من تقارير