Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لا يزال طيف "بريكست" ماثلا؟

يكتب فيل ثورنتون قائلاً إن مشاحنة سياسية تهدد بالتحول إلى كارثة اقتصادية مع تزايد التوترات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي

لم تطو بعد صفحة بريكست (غيتي)

لا يزال طيف "بريكست" ماثلاً بقدر ما ترغب الحكومة وغلاة المؤيدين لمغادرة الاتحاد الأوروبي في انقضائه. فمع القفزة في معدل التضخم، واحتمال رفع معدلات الفائدة في وقت مبكر هو الشهر المقبل، وعصف النواقص في الإمداد والعمالة بالبلاد، فإن آخر شيء يحتاجه الاقتصاد هو مزيد من المناوشات [التوتر] مع شريكه التجاري الأكبر أي الاتحاد الأوروبي. لكن الأسابيع القليلة الماضية شهدت ارتفاعاً في التوترات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي حول البروتوكول الخاص بإيرلندا الشمالية، في حين يُقال، إن المناقشات بين (المفاوض التجاري البريطاني السابق) اللورد ديفيد فروست و(نظيره الأوروبي) المفوض ماروس سيفكوفيتش تحقق تقدماً محدوداً.
والبروتوكول الخاص بإيرلندا الشمالية، الموقع من قبل (رئيس الوزراء) بوريس جونسون، مصمم لتجنب قيام حدود "صلبة" [حواجز ومعاملات جمركية] بين إيرلندا الشمالية والجنوبية. لكن بما أن الاتحاد الأوروبي يتطلب فرض ضوابط على البضائع التي تدخل إليه من خارجه، اتُفق على أن الضوابط ستُفرض بدلاً من ذلك على البضائع التي تدخل إلى إيرلندا الشمالية من سائر المملكة المتحدة، ما ينشئ عملياً حدوداً في البحر الإيرلندي.

وهدد فروست بتفعيل فقرة طوارئ في البروتوكول تُعرف باسم المادة 16، هي في الواقع صمام أمان يستطيع أي من الطرفين استخدامه إذا رأى أنه يواجه "صعوبات اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية جدية".

وفي مقدور المملكة المتحدة إزالة الضوابط والتوثيق في شأن البضائع التي تتنقل بين إيرلندا الشمالية والجنوبية، ما يزيد من احتمال فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات.

وكما درج الاقتصاديون على القول منذ خمس سنوات إثر إصرار (رئيسة الوزراء السابقة) تيريزا ماي على مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة في آن، لا مناص من إنشاء حدود في مكان ما.

لكن الآن تهدد مشاحنة سياسية بالتحول إلى كارثة اقتصادية. وبدأت الأسواق المالية في ملاحظة الأمر مع بدء خيارات [مشتقات] الجنيه الإسترليني تتأثر بالخطر السياسي. ويقترح ليو فارادكار، نائب رئيس الوزراء الإيرلندي، أن الاتحاد الأوروبي قد لا يكون أمامه من "خيار" سوى اتخاذ الخطوة الأكثر حدة في إنهاء اتفاقية التجارة والتعاون.

وهذا قد يعيد الخطر المتمثل ببلوغ "بريكست" "من دون اتفاق" عند نهاية المهلة، ما يزيد من الغموض الاقتصادي ويؤثر ربما في قدرة المملكة المتحدة على إبرام اتفاقات تجارية إضافية (من قد يثق في التزامنا بالشروط؟) ويفرمل [يضع حداً] تعافي الاستثمار.

وتجدر الإشارة إلى أن مبيعات المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي تتراجع بالفعل. فقد أعلن مصرف "أتش أس بي سي" أن الصادرات البريطانية تراجعت بنسبة 7.8 في المئة خلال عام 2021– منذ نهاية الفترة الانتقالية الخاصة بـ"بريكست"– ما يعني أنها لا تزال أقل بنسبة 20 في المئة مقارنة بمستوياتها قبل الجائحة.

وهذا يعود إلى ما قبل التطبيق الكامل للضوابط الجمركية والحواجز غير الجمركية. ووفق الخبيرة الاقتصادية التجارية لدى "أتش أس بي سي"، شانيلا راجاناياغام، ستتطلب المملكة المتحدة تصاريح جمركية كاملة في شأن الواردات من الاتحاد الأوروبي يوم 1 يناير (كانون الثاني).

وبدءاً بالأول من يوليو (تموز)، سيشمل ذلك الشهادات الصحية والشهادات النباتية [مطابقة المنتجات الزراعية المعايير الأوروبية]. وبدءاً من يوم رأس السنة عام 2023، ستتطلب بضائع معينة تُبَاع في بريطانيا العظمى ملصق تقييم المطابقة البريطانية، إذ إن علامة المطابقة الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي لن تعود مقبولة.

وقد يلجم الاتحاد الأوروبي أيضاً اتفاقيات لم تُوقع بعد، مثل تلك التي تشمل الخدمات المالية وكفاية البيانات.

وعلى الرغم من مداهنة الحكومة بأنها "أنجزت بريكست"، فإن عالم الأعمال يشكك في ذلك. ويظهر أحدث مقياس تجاري لـ"سانتاندر بنك" أن المخاوف ارتفعت في شكل حاد منذ الربيع.

وتعيد أعداد متزايدة من الشركات النظر في خططها ورؤاها للتجارة مع الاتحاد الأوروبي: يصف 38 في المئة منها الاتفاقية التجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنها "غير كافية" لها لمواصلة البيع في الاتحاد الأوروبي. وحذرت "أيه أس أو أس" لبيع الأزياء عبر الإنترنت من أن مدد تأخر السلع بين المملكة المتحدة إلى أوروبا بسبب "بريكست" زادت من أربعة إلى ثمانية أيام. وفي الوقت نفسه، أظهر أحدث استطلاع أجرته لجنة اتخاذ القرار لدى بنك إنجلترا أن نسبة الشركات التي أدرجت "بريكست" أبرز ثلاثة مصادر لغياب اليقين كانت 41 في المئة في سبتمبر، أي أعلى بخمس نقاط مئوية من الشهر السابق.

بطبيعة الحال، قد يزعزع احتمال نشوب حرب تجارية شاملة استقرار لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا في حين تقرر ما إذا كانت سترفع أسعار الفائدة في مواجهة الركود المحتمل في النشاط. ومع ذلك، لن يؤدي أي انخفاض في الجنيه الإسترليني إلا إلى زيادة الضغط التضخمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن المتوقع أن تستمر المحادثات خلال الأسابيع القليلة المقبلة مع تكهنات بأن فروست قد يفعل المادة 16 قبل عيد الميلاد أو بعده. وربما يكون ذلك قد تسرب إلى الرأي العام.

وانقلب التأييد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من أغلبية معادية إلى أغلبية مؤيدة منذ يونيو (حزيران)، وفق ما ذكرته "كومريس" المتخصصة في الاستطلاعات. فقد ارتفع التأييد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي إلى 53 في المئة من 49 في المئة.

لم "ينته" "بريكست" – هو في الواقع لم يُنجز. وقد يرغب المجتمع السياسي المؤيد لمغادرة الاتحاد الأوروبي في الاعتقاد بأن أمر بريكست سُوِّي لبضعة أجيال، لكن العالمين المالي والتجاري يعرفان أن كارثة المادة 16 من المرجح أن تكون واحدة من العديد من فصول المواجهات. توقعوا عاماً جديداً شائكاً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة