Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واقع مترد ومستقبل مجهول يتربص بأطفال العراق وشبابه

تحولت تلك الفئة الاجتماعية الحية من فرصة ديمغرافية وتنموية إلى عبء ثقيل

يفكر الشباب العراقي بالهجرة بعد اليأس والإحباط من إصلاح الأحوال المعيشية في المستقبل القريب (أ ب)

يفترش كثير من حاملي الشهادات العليا في العراق وخريجي البكالوريوس الأرض أمام الوزارات العراقية والطرق المؤدية إلى المقرات الحكومية، في تظاهرات تطالب بتوفير فرص التعيين، بينما ينتشر كثير من الأطفال على تقاطعات الطرق في شوارع العاصمة بغداد، إما للتسول أو بيع الحلويات والأقمشة وعلب المياه أو تنظيف زجاج السيارات بغية الحصول على مردود مالي يساعدهم في تسيير أمورهم المعيشية. وتبحث هاتان الفئتان الاجتماعيتان عن فرص حياتية أفضل، إلا أن سوء التخطيط من قبل الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 أنتج بطالة مثقفة وطبقة فقيرة تقاوم قساوة الحياة.
وقال عمار علي وهو حاصل على دكتوراه في الاقتصاد منذ عام 2014 ولم ينل فرصة عمل على الرغم من بحثه المستمر، إن "فرص التعيين في العراق أصبحت نادرة ومقتصرة على المعارف والأقارب وليس على الكفاءة والمهنية".

"عبء ثقيل"

ويعاني الاقتصاد العراقي من اختلالات هيكلية شملت كل جوانبه الاقتصادية وأسهمت في زيادة معدلات البطالة والتضخم بشكل كبير وأحدثت تلك المعدلات المرتفعة اختلالات اجتماعية معقدة، وفقاً للباحث الاقتصادي بسام رعد، الذي يضيف أن "فئة الشباب تحولت من فرصة ديمغرافية وتنموية إلى عبء ثقيل. ودفع الاقتصاد والمجتمع ثمن السياسات غير السليمة المتبعة في الماضي. وانتشرت بشكل كبير ظاهرة عمالة الأطفال وحرمانهم من حقهم في التعليم فضلاً عن تعرضهم للمشاكل في البيئات غير السليمة التي تعترض سبيلهم. كما ينذر تفاقم أعداد الخريجين العاطلين عن العمل، بخطر كبير يشبه خطر البركان الخامد".
ورأى رعد أن "البطالة فرضت سلوكيات خطيرة بين الشباب، ولا شك أننا جميعنا نلمس في حياتنا اليومية ومن خلال علاقاتنا ونقاشاتنا معهم مؤشرات تلك المشكلات وندرك آثارها وانعكاساتها على صعيد الواقع. إن ما يطلبه الشباب هو الحصول على فرص التمكين نحو حياة أفضل، وبالتالي فإن الإخفاق في تلبية تلك المطالب يعرّض المجتمع برمته لمخاطر كارثية".

الواقع صعب

في سياق متصل، قال الكاتب العراقي صالح لفته، إن "الاقتصاد المرتبط بالسياسة والمتداخل معها تأثيره ليس على فئة عمرية معينة، بل على جميع الناس، لكن الأكثر تضرراً في العراق هم الأطفال، فالواقع الاقتصادي المتردي دفع الدولة إلى التقشف في كل شيء، وخصوصاً في بناء المدارس الجديدة، ومع الزيادة في عدد السكان وعدم وجود أبنية مدرسية جديدة تستوعب جميع الأطفال دفعت كثيراً منهم إلى ترك المدارس؛ لينتشر الجهل أكثر بينهم وخلقت لهم أسباباً للانخراط في عصابات الجريمة والسرقة والدعارة أو التسول".
ورأى الكاتب العراقي أن "الفئة الثانية الأكثر تضرراً هم الشباب الذين يشكلون الهدف الأكبر للأحزاب والجهات المسلحة أو للاستقطابات السياسية، إذ لجأت أغلب الأحزاب إلى انتهاج طرق لجذبهم وتدعيم صفوفها بجيل شبابي جديد لمساعدتها على تحسين صورتها بعدما شهدت شعبية تلك الأحزاب انخفاضاً ملحوظاً، وذلك بوعود برواتب جيدة والتوظيف الحكومي وسفرات مدفوعة التكاليف داخل البلد وخارجة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد أن "الواقع يفرض على الحكومة المقبلة أن تكون أكثر نجاحاً في المستقبل ومستعدة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية بأسرع ما يمكن لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي لم يشهد أي تحسن بسبب السياسات الاقتصادية الحكومية السابقة، ولم يحصل أغلب الناس على فرص عمل، والشباب يفكر في الهجرة بعد اليأس والإحباط من إصلاح الأحوال المعيشية في المستقبل القريب".

التطرف والعنف

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي دعا في وقت سابق، إلى "تشخيص أسباب تبني بعض الشباب العراقي الأفكار المتطرفة والعنيفة"، مؤكداً ضرورة معالجة هذا الفكر.
وقال الكاظمي في كلمة له خلال مؤتمر "التطرف العنيف وأشكال مواجهته- الحالة العراقية"، "علينا البحث في أسباب تورط بعض شبابنا بالعنف، وعلينا كشف الأسباب ومنها، التخلف، والجهل، وإهمال الصحة والتعليم، وعدم الاهتمام بكرامة الإنسان". وأضاف، "أصبح التطرف والعنف ظاهرة عالمية بسبب انعكاسات التكنولوجيا والتغييرات في العالم. وفي العراق نشهد ظاهرة خاصة، فالعنف في مجتمعنا له أسباب، ومنها تقصير الدولة والحكومات".
وزاد الكاظمي، "لدينا كثير من الجروح والتداعيات في مجتمعنا، وعلينا التعاون جميعاً لمعالجتها. والأهم، هو البحث عن أسباب التطرف الشديد، والبحث في ظروف نشأته في العراق".
وشدد على أنه "يجب أن ننتصر على ثقافة العنف، وأن تنتصر ثقافة الحوار، وأن نتطلع لمستقبل أفضل". كما أشار إلى أن "العراق متميز بتنوعه، وعلينا أن نحول هذا التنوع إلى مصدر للقوة، بدل الضعف. تنفق بعض الدول أموالاً طائلة من أجل خلق التنوع في مجتمعاتها، وعلينا أن نقبل بالتعددية والاختلاف في وجهات النظر".
واستطرد الكاظمي قائلاً "علينا العمل معاً لمواجهة آفة الفساد، وقد بذلت الحكومة جهوداً كبيرة لمواجهته، وما زالت تواجه تحديات كبيرة بسبب إجراءاتها في هذه المواجهة، وما زالت التهديدات مستمرة وعلنية للجنة مكافحة الفساد".

المزيد من العالم العربي