Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف كانت مشاركات المغرب في القمم العربية في العقدين الماضيين؟

منذ عام 2005 لم يحضر الملك محمد السادس أية قمة عربية

صورة للعلم المغربي (رويترز)

وجّه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، الأسبوع الماضي، الدعوة إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجي وقادة الدول العربية لعقد قمتين خليجية وعربية طارئتين في مكة المكرمة يوم الخميس 30 مايو (أيار) 2019.

وفي هذا الإطار تلقّى العاهل المغربي محمد السادس دعوةً رسمية من نظيره السعودي لمناقشة التطورات الخطيرة، إثر الهجوم على سُفنٍ تجارية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات واستهداف محطتي ضخ للنفط في السعودية.

وسبق للعاهل المغربي أن أعرب في برقية بعثها إلى الملك سلمان عن "إدانته الشديدة لهذه الأفعال البئيسة التي تروم المسّ بأمن واستقرار وطمأنينة المملكة السعودية".

مشاركة المغرب

ويعود إلى الأذهان الموقف المغربي من القمم العربية، بعدما اعتاد الملك محمد السادس على عدم حضور هذه القمم منذ عام 2005، حيث غالباً ما يُمثله رئيس الحكومة أو وزير الخارجية، وقد جاء أدنى تمثيلٍ رسمي للمغرب في القمة العربية السابقة في تونس، إذ اقتصر الحضور على وزير العدل محمد أوجار.

وفي مارس (آذار)2005، ألغى العاهل المغربي حضوره قمة الرياض في اللحظات الأخيرة، وأرسل شقيقه الأمير مولاي رشيد رئيساً للوفد الذي مثّل المغرب أيضاً في القمة العربية الـ20 التي عُقدت في دمشق في مارس 2008، ثمّ القمة الـ21 التي عُقدت في الرياض في 2012.

وفي عام 2013 لم يحضر العاهل المغربي القمة العربية للدورة العادية الرابعة والعشرين في العاصمة القطرية الدوحة، ومثَّله وزيرُ الخارجية والتعاون.

وفي القمة العربية المنعقدة بعمان في مارس 2017، اختار العاهل المغربي وزير الخارجية صلاح الدين مزوار لتمثيله، وعدم توجيه أيّ كلمة ملكية في هذا المؤتمر.

رسالة واضحة

وسبق للديوان الملكي أن أصدر بلاغاً عام 2009 بشأن عدم حضور الملك شخصياً في القمة العربية الاستثنائية بالدوحة وفي القمة العربية الاقتصادية بالكويت، ولم يكتف بالتأكيد على عدم الحضور الشخصي في القمتين، بل حمَل رسالةً وقف من خلالها بصراحة على مجموعة من الاختلالات التي تطبع العمل العربي المشترك في إطار الجامعة العربية، والتي تجعل من عقد القمم العربية أمراً غير مُجدٍ، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل وصل الأمر إلى اعتذار المغرب عن تنظيم القمة العربية  السابعة والعشرين التي كان يفترض بحسب الترتيب الأبجدي أن ينظمها المغرب لتؤول إلى موريتانيا.

وقد برّر المغرب اتخاذ هذا القرار في بلاغٍ لوزارة الخارجية والتعاون، الذي أشار إلى أن القرار المغربي اتخذ "بعد مشاورات أُجريت مع عدد من الدول العربية الشقيقة"، من دون أن يذكرها بالتحديد، مكتفياً بالقول إن "القمة العربية لن تُعرض فيها أيّة مبادرات مهمة وتُتخذ فيها قرارات مهمة يمكن عرضها على القمة، بالتالي سيكون الاجتماع "مجرد مناسبة للمصادقة على توصيات عادية، وإلقاء الخطب التي تعطي الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن بين دول العالم العربي". وعليه، فإن المغرب "يتطلع إلى عقد قمة للصحوة العربية، ولتجديد العمل العربي المشترك والتضامني، باعتباره السبيل الوحيد لإعادة الأمل للشعوب العربية".

أسباب الغياب المتكرر للملك

يُفسّر محللون غيابَ ملك المغرب عن القمم العربية  باستمرار الخلافات والتباين في وجهات النظر بين دول المنطقة، وغياب التعاون العربي في كثير من القضايا الإقليمية، وهو ما أشار إليه الملك محمد السادس في كلمته المُوجّهة إلى القمة العربية الأوروبية قبل أشهر في شرم الشيخ (تلاها رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني)، حيث تحدّث عن تهديد دول عربية لجيرانها، وتدخلها في شؤونهم، كما سبق للمغرب أن اعتذر في 2016 عن عدم استضافة القمة العربية، نظراً إلى تردي الوضع العربي، واكتفاء القمم بالبلاغات الإنشائية المفتقدة للواقعية، والنجاعة.

وعن عدم مشاركة الملك شخصياً يقول المحلل السياسي محمد بودن "السبب اقتناع المغرب بأن القمم العربية يجب أن تكون قمم فِعل، ويجب أن تقدم أجوبة عن الإشكالات التي يتخبط فيها العالم العربي، وأيضاً أن تقدم إضافة نوعية للعالم العربي المشترك الذي يتأثر بالأزمات والتجاذبات، وكذلك الصراعات الثنائية أو المتعددة الطرف".

ويضيف بودن "أن المملكة المغربية لديها طموح لتطوير العمل العربي وكذلك إسهام كل الدول العربية في تجاوز الصورة النمطية التي طبعت المرحلة وطبعت القمم العربية"، مؤكداً "الأهمية الكبيرة للمواضيع التي يمكن أن تحظى بالمعالجة على طاولة القمم العربية والإسلامية، كموضوع الأمن والسِّلم الإقليميين والدّوليين، إضافة إلى سُبل تجاوز الخلافات العربية- العربية وتطويرُ عمل جامعة الدول العربية، وتنسيق المواقف والتشاور بشأنها وكذلك تطوير العلاقات البينية".

تعاون خليجي مغربي

ويضيف المحلل السياسي بودن أنه من المؤكد أن "القمة الحالية في مكة هي قٍمّةٌ ذات طابع استعجالي، وأهميتها تكمن في الملفات المعروضة عليها، ومن بينها الملف المتعلق بالتأثيرات الإيرانية في المنطقة، وأيضاً الاعتداءات التي وقعت على سفن تجارية في الخليج العربي والدور التخريبي للحوثيين وهجومها على المحطتين النفطيتين بالمملكة العربية السعودية". ويقول بودن "إن هذه الملفات تَهمُّ المغرب، واستحضر في هذا الإطار خطابَ العاهل المغربي في قمة المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي في 2016، الذي جاء فيه أن المغرب يتقاسم مع دول مجلس التعاون الخليجي الرغبة ذاتها في مواجهة التحديات المحيطة بالمنطقة"، وختم بودن "من دون شك سيكون حضور المغرب فيها (قمم مكة) بتمثيلٍ عالي المستوى".

قمة مكة الطارئة

من جانبه، يقول حفيظ الزهري، باحث في الدراسات السياسية والدولية، أن هذه القمة "تعقد في ظِلّ أحداثٍ متطورة ومتسارعة تحكمها صراعات متضاربة المصالح ومتعددة الأبعاد، منها ما هو عربي- عربي، ومنها ما هو عربي - إسرائيلي وآخر تطورات "صفقة القرن"، ومنها الصراع الخليجي- الإيراني والذي عرف تصعيداً غير متوقع مؤخراً". وشكك الزهري "بالخروج بموقفٍ عربي موحّد ضد إيران، فالوضع الإقليمي والوضع العربي بصفةٍ عامة لا يبشر بذلك، نظراً إلى ارتفاع منسوب حدة الخلافات بين أعضاء الجامعة العربية".

وبخصوص المشاركة المغربية في هذه القمة والتي تفيد مصادر إعلامية بأن تُمَثل بوفدٍ كبير المستوى عكس القمم الأخيرة يقول الزهري، "إن ذلك يعكس إشارة الانخراط الفعلي والعملي للمملكة المغربية لإنجاح هذه القمة"،  مشيراً إلى "الموقع الذي  يتميز به المغرب في العلاقات الدولية بشكل عام، وعلى الخريطة الإقليمية على المستوى العربي، وعلاقاته المتميزة مع غالبية الأطراف المتصارعة إقليمياً، مما يسهم في تليين المواقف وتقريب التوافقات والمواقف، وترجيح صوت الحكمة من أجل الخروج بموقف مُوحّد يُراعي الظروف الصعبة التي تَمُر بها المنطقة العربية".

المزيد من العالم العربي