Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يشهد العام 2022 موجة إفلاسات؟

الدين العالمي نحو مستويات خطيرة ومخاوف من ارتفاع تكلفة الإقراض واتساع فجوة التمويل

مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن (أ ف ب)

في عام 2020، واجه الاقتصاد العالمي أكبر زيادة في الديون لمدة عام واحد منذ الحرب العالمية الثانية، إذ ارتفع الدين العالمي إلى 226 تريليون دولار بعد أن تعرض العالم لأزمة صحية عالمية وركود عميق. وكشف تقرير حديث لصندوق النقد الدولي، عن أن الدين العالمي كان مرتفعاً بالفعل في خضم الأزمة، ولكن في الوقت الحالي، يجب على الحكومات أن تبحر في عالم من مستويات الديون العامة والخاصة ذات المستويات القياسية المرتفعة، والطفرات الفيروسية الجديدة، والتضخم المتزايد.

وارتفع الدين العالمي بنسبة 28 نقطة مئوية إلى 256 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وفقاً لآخر تحديث لقاعدة بيانات الديون العالمية التابعة لصندوق النقد الدولي. وشكل الاقتراض من قبل الحكومات أكثر بقليل من نصف الزيادة، إذ قفزت نسبة الدين العام العالمي إلى مستوى قياسي بلغ 99 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما وصل الدين الخاص من الشركات غير المالية والأسر إلى مستويات عالية جديدة.

وتعتبر زيادات الديون مذهلة بشكل خاص في الاقتصادات المتقدمة، حيث ارتفع الدين العام من نحو 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007، إلى 124 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020. ومن ناحية أخرى، ارتفع الدين الخاص بوتيرة أكثر اعتدالاً من 164 إلى 178 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها.

وفي الوقت الحالي، يمثل الدين العام ما يقرب من 40 في المئة من إجمالي الدين العالمي، وهي أعلى نسبة منذ منتصف ستينيات القرن الماضي. ويعزى تراكم الدين العام منذ عام 2007 إلى حد كبير، إلى الأزمتين الاقتصاديتين الرئيستين اللتين واجهتهما الحكومات، الأولى هي الأزمة المالية العالمية، ثم جائحة كورونا التي يواجهها العالم راهناً.

فجوة تمويلية ضخمة

ومع ذلك، تختلف ديناميكيات الديون بشكل ملحوظ عبر البلدان. فقد شكلت الاقتصادات المتقدمة والصين أكثر من 90 في المئة من زيادة الديون البالغة 28 تريليون دولار في عام 2020. وتمكنت هذه البلدان من توسيع نطاق الدين العام والخاص أثناء الوباء، وذلك بفضل أسعار الفائدة المنخفضة، وإجراءات البنوك المركزية (بما في ذلك عمليات الشراء الكبيرة التي قامت بها الحكومات للديون)، والأسواق المالية المتطورة، لكن معظم الاقتصادات النامية تقف على الجانب الآخر من فجوة التمويل، حيث تواجه محدودية الوصول إلى التمويل وغالباً ما تواجه معدلات اقتراض أعلى.

وبالنظر إلى الاتجاهات العامة، نرى تطورين متميزين، ففي الاقتصادات المتقدمة، ارتفع العجز المالي، إذ شهدت البلدان انهيار الإيرادات بسبب الركود ووضع تدابير مالية شاملة مع انتشار جائحة كورونا. وارتفع الدين العام بنسبة 19 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وهي زيادة مماثلة لتلك التي شهدتها الأزمة المالية العالمية، على مدى عامي 2008 و2009.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك، فقد قفز الدين الخاص بنسبة 14 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، أي ما يقرب من ضعف ما حدث خلال الأزمة المالية العالمية، ما يعكس الطبيعة المختلفة للأزمتين. وخلال الوباء، دعمت الحكومات والبنوك المركزية المزيد من الاقتراض من قبل القطاع الخاص للمساعدة في حماية الأرواح وسبل العيش، بينما كان التحدي خلال الأزمة المالية العالمية هو احتواء الضرر الناجم عن القطاع الخاص المفرط الاستدانة.

في المقابل، واجهت الأسواق الناشئة والبلدان النامية منخفضة الدخل قيود تمويل أكثر صرامة، ولكن مع وجود فوارق كبيرة بين البلدان. فقد شكلت الصين وحدها نحو 26 في المئة من زيادة الديون العالمية، بينما شكلت الأسواق الناشئة (باستثناء الصين)، والبلدان منخفضة الدخل، حصصاً صغيرة من ارتفاع الدين العالمي، بنحو 1 إلى 1.2 تريليون دولار لكل منهما، ويرجع ذلك أساساً إلى ارتفاع الدين العام.

وفي الوقت نفسه، تواجه الأسواق الناشئة والبلدان منخفضة الدخل أيضاً معدلات ديون مرتفعة مدفوعة بالانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في عام 2020. فقد وصل الدين العام في الأسواق الناشئة إلى مستويات قياسية، بينما ارتفع في البلدان منخفضة الدخل إلى مستويات لم نشهدها منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما كان الكثيرون يستفيدون من مبادرات تخفيف عبء الديون.

موازنة صعبة وموجة إفلاس

وكشف صندوق النقد الدولي عن أن الزيادة الكبيرة في الديون تم تبريرها بالحاجة إلى حماية أرواح الناس والحفاظ على الوظائف وتجنب موجة الإفلاس، ولو لم تتخذ الحكومات إجراءات عاجلة وسريعة، لكانت العواقب الاجتماعية والاقتصادية مدمرة.

لكن تصاعد الديون يضاعف من نقاط الضعف، لا سيما مع تشديد شروط التمويل، في وقت تقيد مستويات الديون المرتفعة، في معظم الحالات، قدرة الحكومات على دعم الانتعاش وقدرة القطاع الخاص على الاستثمار في المدى المتوسط.

ويتمثل أحد التحديات الحاسمة في التوصل إلى المزيج الصحيح من السياسات المالية والنقدية في بيئة تتسم بارتفاع الديون وارتفاع معدلات التضخم، ولحسن الحظ، تكاملت السياسات المالية والنقدية خلال أسوأ فترات الوباء، وأدت إجراءات البنوك المركزية، خصوصاً في الاقتصادات المتقدمة، إلى خفض أسعار الفائدة إلى أقصى حدودها وجعل من السهل على الحكومات الاقتراض.

وتعمل السياسة النقدية الآن بشكل مناسب على تحويل التركيز إلى ارتفاع التضخم والتوقعات المتعلقة به، فبينما تساعد الزيادة في التضخم والناتج المحلي الإجمالي الاسمي على خفض نسب الديون في بعض الحالات، فمن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في الديون.

ومع قيام البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لمنع استمرار ارتفاع التضخم، ترتفع تكاليف الاقتراض، وفي عديد من الأسواق الناشئة، ارتفعت أسعار الفائدة بالفعل ويتوقع حدوث ارتفاعات أخرى، وتخطط البنوك المركزية أيضاً لتقليل مشترياتها الكبيرة من الديون الحكومية والأصول الأخرى في الاقتصادات المتقدمة، ولكن كيفية تنفيذ هذا التخفيض سيكون لها آثار على الانتعاش الاقتصادي والسياسة المالية.

مطالب بتعديل السياسات المالية

ومع ارتفاع أسعار الفائدة، سيتعين تعديل السياسات المالية، لا سيما في البلدان التي تعاني زيادة مخاطر الديون، كما يظهر التاريخ، سيصبح الدعم المالي أقل فاعلية عندما تستجيب أسعار الفائدة، أي إن زيادة الإنفاق (أو خفض الضرائب) سيكون لها تأثير أقل على النشاط الاقتصادي والتوظيف، ويمكن أن تغذي ضغوط التضخم، ومن المرجح أن تتفاقم المخاوف المتعلقة باستدامة الديون.

ومن المتوقع أن تتضخم المخاطر إذا ارتفعت أسعار الفائدة العالمية بشكل أسرع، ما يقود في النهاية إلى تعثر معدلات النمو، وذكر صندوق النقد أن تشديد الظروف المالية بشكل كبير من شأنه أن يزيد الضغط على الحكومات والأسر والشركات الأكثر مديونية، وإذا اضطر القطاعان العام والخاص إلى التخلص من الديون في وقت واحد، فستتأثر آفاق النمو.

وأوضح الصندوق أن النظرة المستقبلية غير المؤكدة ونقاط الضعف المتزايدة تجعل من الضروري تحقيق التوازن الصحيح بين مرونة السياسة، والتكيف الذكي مع الظروف المتغيرة، والالتزام بخطط مالية متوسطة الأجل موثوقة ومستدامة، ومثل هذه الاستراتيجية من شأنها أن تقلل من قابلية تأثر الديون وتسهل عمل البنوك المركزية لاحتواء التضخم.

وسيلعب الدعم المالي الموجه دوراً حاسماً في حماية الدول الفقيرة وأصحاب الدخول المنخفضة، وربما تحتاج بعض البلدان، خصوصاً تلك التي لديها احتياجات تمويلية إجمالية عالية (مخاطر التجديد) أو معرضة لتقلبات أسعار الصرف، إلى التكيف بشكل أسرع للحفاظ على ثقة السوق ومنع المزيد من الضائقة المالية المضطربة. وتتطلب الجائحة وفجوة التمويل العالمية تعاوناً دولياً قوياً وفعالاً ودعماً للبلدان النامية.