Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحقيق بريطاني يكشف إمبراطورية بوتين العقارية في قلب لندن

مطالبات بالاستيلاء على الأصول الروسية وبيعها لدعم المجهود الحربي في أوكرانيا

منذ الحرب في أوكرانيا فشلت بريطانيا مراراً في تجميد الأموال والأصول المرتبطة بالكرملين (غيتي)

ملخص

كشف الاتحاد الدولي للصحافيين عن عقارات في بريطانيا مخبأة تحت طبقات سرية من الشركات وكبار رجال الأعمال الدوليين

كشف تحقيق أجرته صحيفة "تلغراف" أن نظام فلاديمير بوتين يمتلك عقارات فاخرة في جميع أنحاء لندن تبلغ قيمتها مجتمعة عشرات الملايين من الجنيهات الاسترلينية، إذ يمكن العثور على مجموعة المنازل والشقق المملوكة للاتحاد الروسي في بعض الرموز البريدية الأكثر رقياً في العاصمة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، ألغت الحكومة الوضع الدبلوماسي لـ"عديد من الممتلكات الروسية" المشتبه في استخدامها كقواعد تجسس، لكنها رفضت الكشف عن هويتها.

ومن المعروف أنها تشمل قصر "سيكوكس هيث" الفاخر المكون من 50 غرفة في هوخورست، ساسكس، الذي يستخدمه موظفو السفارة الروسية ملاذاً لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، وقسم التجارة والدفاع بالسفارة في هايجيت، شمال لندن.

ويعني تجريد المباني المملوكة لروسيا من وضعها الدبلوماسي أنها لم تعد تتمتع بالحصانة القانونية من الولاية القضائية البريطانية، بالتالي يمكن لسلطات إنفاذ القانون دخولها.

وحددت الصحيفة، 10 عقارات إضافية في لندن يملكها الاتحاد الروسي، بناء على سجلات السجل العقاري لصاحبة الجلالة.

ويأتي الكشف عن إمبراطورية بوتين العقارية في قلب العاصمة مع تعالي الأصوات المطالبة بالاستيلاء على الأصول الروسية وبيعها لدعم المجهود الحربي في أوكرانيا.

ويبدو أن عديداً من العقارات تتضمن تحذيراً في سندات ملكيتها مما يعني أنه لا يمكن بيعها من دون موافقة أوكرانيا.

"وكر للجواسيس"

وعند زيارة العقارات هذا الأسبوع، بدا كثير منها في حالة متهالكة، على رغم محيطها الراقي، إذ أبلغ الجيران أن عديداً منها ظل شاغراً لسنوات، ويبدو أن تلك التي شغلت كان بها متحدثون باللغة الروسية.

ليس بعيداً من المقبرة التي دفن فيها كارل ماركس وألكسندر ليتفينينكو وبرك السباحة في هامبستيد هيث، يقع هذا العقار المملوك للاتحاد الروسي على تلة في منطقة مورقة شمال لندن.

وفي مكان قريب أيضاً يوجد مكتب الملحق العسكري الروسي، وبجوار منزل الشاعر والكاتب الإنجليزي جون بيتجمان السابق، يوجد الوفد التجاري، الذي سبق أن وصفته السلطات البريطانية بأنه "وكر للجواسيس".

وحينما زارت الصحيفة المنزل المقابل المرتبط بروسيا، بدا في حالة سيئة، إذ أفاد الجيران أنه كان شاغراً "لسنوات"، في حين كان الطريق والممر مليئين بالأعشاب الضارة التي تنبت بين الفجوات في البلاط، وكانت البوابات المعدنية السوداء أمام المنزل مغلقة بالإقفال.

وجرى بيع منزل أصغر حجماً في الموقع المتميز نفسه مقابل 2.4 مليون جنيه استرليني (ثلاثة ملايين دولار) العام الماضي.

وقالت إحدى الجارات التي تعيش في المنطقة منذ فترة طويلة إن العقار لا يزال مملوكاً للاتحاد الروسي، وإنها اضطرت أحياناً إلى الاتصال بالوفد التجاري لتطلب منهم التعامل مع الأشجار المتدلية.

ويقع هذ المنزل قرب الفندق، وهو عقار آخر مرتبط بروسيا يمر بأوقات عصيبة وهو واحد من أربعة عقارات يعتقد أنها مملوكة للاتحاد الروسي، إذ اجتاح العشب الطويل والأزهار البرية الحديقة، وتقشر الطلاء الأبيض القذر عن الجدران الخارجية.

وقال أحد الجيران، إن الوفد التجاري الروسي المجاور يرسل أحياناً شخصاً لقص العشب في الحديقة الأمامية، وأن أجهزة الاستخبارات البريطانية تمتلك المنزل المجاور حتى يتمكنوا من "مراقبة بعضهم بعضاً".

وتبلغ قيمة المنزل نحو 2.3 مليون جنيه استرليني (2.9 مليون دولار)، بناء على كلفة المنزل الذي بيع في نفس الشارع العام الماضي، وقالت إحدى الجارات إنها لم تر أحداً يدخل أو يخرج منذ 35 عاماً.

وقال جار ثالث، "نسمع قصصاً عن أشخاص ينتقلون إلى منازل في المنطقة ويجدون معدات مراقبة في العلية".

"كينزنغتون" بـ 1.9 مليون دولار

وبعيداً من الشارع، توجد ساحة فناء مبنى "كينزنغتون" الذي تأسس من الطوب الأحمر والمصنف من الدرجة الثانية، وهي مليئة بنباتات الأصيص، وتحوي مكاناً لوقوف سيارة "فولكس فاغن" فضية اللون تحمل لوحات دبلوماسية.

ويقع المبنى على طريق بيعت الشقق فيه بمتوسط 1.487 مليون جنيه استرليني (1.88 مليون دولار) خلال العام الماضي.

ويضم المبنى لوحة جدارية شعبية على جدار الرواق المؤدي إلى الباب الأمامي، الذي يحوي كاميرتين CCTV مثبتتين عليه ولوحة ذهبية تؤكد أن المبنى هو "المهمة الدائمة للاتحاد الروسي لدى المنظمة البحرية الدولية".

وجاء رجل في منتصف العمر يتحدث بلكنة روسية إلى الباب مرتدياً سترة بيضاء وأكد أنه يعمل لصالح روسيا في المنظمة البحرية الدولية، وقال أيضاً، إن المبنى لا يزال مملوكاً للاتحاد الروسي، وأن سكانه بالكامل من الروس.

"هولاند بارك" بمليوني دولار

وفي منطقة تضم المغنيين والملحنين إد شيران وإلتون جون من بين سكانها المتميزين، يقع عقار "هولاند بارك" في شارع يبلغ سعر الشقق فيه نحو 1.65 مليون جنيه استرليني (مليوني دولار).

ووجد الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين في تقرير نشر في فبراير (شباط) الماضي، أن عقاراً في لندن تبلغ قيمته ملايين الدولارات مرتبطاً بمسؤول روسي رفيع المستوى لم يجمد بعد أن فرضت عليه بريطانيا عقوبات، في وقت تكافح فيه البلاد من أجل تطبيق العقوبات بشكل غير مكتمل.

ومنذ الحرب في أوكرانيا عام 2022، فشلت بريطانيا مراراً في تجميد الأموال والأصول المرتبطة بالكرملين، بما في ذلك الممتلكات التي اشترتها شركة وهمية خارجية كان يسيطر عليها سابقاً إيجور كوماروف حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتكشف الوثائق المسربة التي حصل عليها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين كجزء من تحقيق "أوراق باندورا" في عام 2021، إضافة إلى وثائق السجل العقاري في بريطانيا، أن الشركة التي يقع مقرها في جزر فيرجن البريطانية، والتي يسيطر عليها الآن صندوق ائتماني، لا تزال تمتلك المنزل المستقل المكون من خمسة طوابق والمبني من الطوب الأحمر في هربرت كريسنت، وهو منزل مستقل في موقع متميز في وسط لندن، وجرى شراء المبنى بأكثر من 16.5 مليون دولار في عام 2007.

في ذلك الوقت، لم يكن هناك أي شيء غير قانوني في شأن الصفقة، إذ لم تفرض عقوبات على كوماروف من قبل بريطانيا حتى عام 2022، بينما فرضت عقوبات عليه من قبل الولايات المتحدة وكندا ودول أخرى متحالفة مع أوكرانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكشف الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين سابقاً عن عقارات في بريطانيا مخبأة تحت طبقات سرية من الشركات وكبار رجال الأعمال الدوليين المثيرين للجدل، مثل أحد كبار رجال الصناعة الأوكرانيين ووزير المالية الماليزي السابق، الذي يخضع حالياً لتحقيق رفيع المستوى لمكافحة الفساد.

وعادة، توضح وزارة الخزانة البريطانية السند العام، المعروف باسم الملكية، لكل عقار يجري تجميده بسبب العقوبات من أجل منع بيعه.

وبعد فرض بريطانيا والاتحاد الأوروبي عقوبات على الملياردير الروسي والمالك السابق لنادي تشيلسي لكرة القدم رومان أبراموفيتش، لاحظت وزارة الخزانة العقوبات المفروضة على سجل الملكية العام لأحد ممتلكات القلة، محذرة من أنه لا يجوز بيعها. وجاء في الوثيقة، "أدخل هذا القيد وفقاً لتعيين رومان أبراموفيتش كهدف لتجميد الأصول المدرجة في القائمة الموحدة لأهداف العقوبات المالية في بريطانيا التي تحتفظ بها وزارة الخزانة"، ولكن لم تضف مثل هذه الإضافة إلى سند ملكية العقار الواقع في هربرت كريسنت.

وحذرت منظمة الشفافية الدولية في بريطانيا، وهي مجموعة مناصرة لمكافحة الفساد، في أواخر عام 2023 من أن الحكومة فشلت في تتبع أصول المملكة المتحدة للأشخاص والشركات الخاضعة للعقوبات، وحددت 33 عقاراً كان ينبغي تجميدها لكنها ظلت خالية من القيود. وأرجعت المجموعة المناصرة ضعف تطبيق السلطات للجرائم المالية، بما في ذلك التهرب من العقوبات، إلى نقص الموظفين ونقص الموارد والثغرات في القانون.

كوماروف، الذي لم يرد على طلبات التعليق، هو المدير السابق لشركة "روسكوزموس"، مؤسسة الفضاء الوطنية الروسية، التي ساعدت وزارة الدفاع الروسية في إطلاق الأقمار الاصطناعية العسكرية منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وعملت أيضاً مع الجيش الروسي لتجنيد وتمويل وتجهيز ميليشيات لمحاربة القوات الأوكرانية، وفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز".

وفي الوقت نفسه، تمتلك ابنة كوماروف، ماريا كوماروفا، شقة في منطقة بلغرافيا القريبة في لندن تقدر قيمتها بأكثر من ستة ملايين دولار في عام 2013، وفقاً لموقع الصحافة الاستقصائية الروسي "آي ستوريز"، الذي ربط كوماروف سابقاً بملكية "هربرت كريسنت". وكوماروفا مصممة أزياء مقيمة في لندن ولا تخضع للعقوبات، وفقاً لصحيفة "التايمز" التي سلطت الضوء على المحافظ العقارية في بريطانيا التي تقدر بملايين الدولارات لأبناء بعض أقوى المسؤولين في روسيا.

ثلثا العقارات مملوكة لشركات وهمية

وقالت النائبة عن حزب العمال والناشطة البارزة في مكافحة الفساد، مارغريت هودج، للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، "من المثير للصدمة أن المقربين من الكرملين ما زالوا قادرين على التهرب من العقوبات من خلال الاختباء وراء الصناديق والشركات الوهمية". وأضافت "يجب على الحكومة إغلاق هذه الثغرة إلى الأبد حتى نتمكن من متابعة الأموال ومعرفة من يملك العقارات هنا في بريطانيا".

وفي بحث نشر في سبتمبر (أيلول) 2023، قدر الباحثون أن أكثر من ثلثي العقارات البريطانية البالغ عددها 152 ألفاً تمتلكها شركات وهمية في الخارج ولم تكشف علناً عن مالكيها الحقيقيين، على رغم عائد حقوق الملكية. ووجد الباحثون أن 87 في المئة من الحالات التي كانت فيها معلومات الملكية المفيدة مفقودة أو محجوبة تقع ضمن حدود القانون.

اقرأ المزيد