Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر... قايد صالح يستعيد خطاب التخويف من "العشرية السوداء" للضغط على الحراك

شدد على ضرورة تنظيم الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ولوّح باحتمال فرض حلول من قبل الجيش في حال استمر الانسداد

عاد رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، إلى الظهور مجدداً والسيطرة على المشهد العام في البلاد، في أول خطاب له بعد انتهاء المهلة المحددة لتقديم ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية، إذ وجّه رسائل ودعوات وتحذيرات، إلا أن اللافت كان تشديده على التذكير بمأساة التسعينيات بشكل يوحي أن الوضع ليس على ما يرام.
 

"العشرية السوداء"

استبق رئيس الأركان المجلس الدستوري، الذي يُنتظر أن يعلن قراره بشأن الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 4 يوليو (تموز) المقبل، ووجّه خطاباً كشف عن خطورة الأوضاع التي يبدو أنها "تتجاوزه"، مذكراً بمأساة "العشرية السوداء". وقال إن الشعب "الذي يرفض تكرار تجارب مريرة سابقة، يدرك أهمية الإسراع في إيجاد الحلول للخروج من الأزمة، وهو ما زال يذكر الفترة الصعبة التي مر بها في التسعينيات بسبب غياب العقل، وكان الخاسر الوحيد فيها هو الوطن". وتابع أن الجيش سيحافظ على الأمن مهما كانت الظروف، الأمر الذي فسره متابعون بأن الأوضاع ليست على ما يرام، وقد تنزلق الأمور في أي لحظة نحو الفوضى، غير أن لا أحد يعرف مصدر الخطر الذي يهدد البلاد.
 

"الوضع صعب وخطير"

عاد قايد صالح وكرّر أن "الجيش سيظل دوماً وفياً لتعهداته في مرافقة الشعب ومؤسسات الدولة وجهاز العدالة"، مؤكداً أن ليس للجيش "أي طموحات سياسية، بل إن مبلغ طموحنا هو خدمة بلدنا وجيشنا، طبقاً لمهماتنا الدستورية، وهو موقف لن نحيد عنه أبداً".
 الناشط السياسي عدة فلاحي علّق على تصريحات قائد صالح بالقول إن الأخير "يريد أن يؤكد مرةً أخرى  أن رسالته هي إخراج الجزائر من الأزمة من دون طموح سياسي، كي يطمئن الجميع لاقتراحاته ومبادراته، مع تأكيده على أن الحوار هو السبيل الوحيد للحل، وأن الوضع صعب وخطير وتترتب عليه تداعيات أمنية واقتصادية، ما يستدعي إجراء انتخابات رئاسية في أقرب المهل من دون المرور بفترة انتقالية". وتابع فلاحي أن "المعضلة تكمن في كيفية الوصل لتحقيق هذا المسار، بخاصة في ظل عدم تمكن الحراك من إخراج ممثليه والمبالغة في مطالبه ورفضه الذهاب إلى حل وسط، بمعنى التنازل عن بعض المطالب التي لا تؤثر كثيراً في مساره". وخلص إلى أن "الحل الواقي بدأ يقترب لأن الجميع بات يدرك أنه لو طال الوضع أكثر، فإن السفينة ستغرق".

اتهامات بتضييع الوقت

وبحسب قائد الأركان الذي شدد على ضرورة تنظيم الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، فإنه من الممكن فرض حلول من قبل المؤسسة العسكرية في حال استمرار الانسداد، وذلك من خلال تنظيم انتخابات رئاسية تحت أي ظرف ومهما كانت المعطيات، بعدما شدد لهجته في الخطاب الذي ألقاه الثلثاء، وتحديداً حين قال إن "الجزائر لا يمكنها أن تتحمل مزيداً من التأخير والتسويف، فالحل بين أيدي الجزائريين الأوفياء لوطنهم، وهم سيجدون هذا الحل من خلال الحوار الذي يؤدي إلى الوفاق وإلى الاتفاق على حتمية الإجراء الضروري واللازم للانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، فلا مبرر إطلاقاً في الاستمرار في تبديد الوقت وضياعه، فالوقت من ذهب ولا مجال لاستنزافه في نقاشات عقيمة بعيدة عن الحوار الحقيقي الصادق والبنّاء، فلا شيء مستحيل والجزائر في انتظار المخرج القانوني والدستوري الذي يقيها الوقوع في أي شكل من أشكال التأزيم". وأضاف أن "سيادة الحوار يعني استعداد الجميع للاستماع والإصغاء بكل روية وهدوء والتزام، ونتطلع للحلول المناسِبة من دون تأخير".


"مساومة مبطنة"


رأت جهات متابِعة أن قايد صالح وجّه رسالة مشفرة إلى الطبقة السياسية في شكل "مساومة"، تقضي بقبول الحوار مع الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس الحكومة نور الدين بدوي لتحديد مخرجات الأزمة وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية أو اللجوء إلى موعد 4 يوليو وفق ما ينص عليه الدستور، إذ إن إشارة المجلس الدستوري إلى تسلمه ملفي ترشح للرئاسة بعدما ذكر عدم استلامه أي ملف، تندرج في هذا الإطار، فيُعتمد على الواقع بإعلان قبول ملفين يتم من خلالهما الدخول في أجواء الانتخابات.
 

قايد صالح يضغط... والطلاب في الشارع
 

الإعلامي الجزائري حكيم مسعودي أوضح من جانبه أن "خطاب قايد صالح يأتي في سياق ديناميكية الحراك التي تجاوزت طرح المؤسسة العسكرية إلى الطرح السياسي- الشعبي الذي يفرض تغييراً جذرياً للنظام بشكل يحيل المؤسسة العسكرية نهائياً إلى مهماتها الدستورية، بعيداً عن التدخل في المشروع السياسي للبلاد"، مضيفاً أن "التحذير من العودة إلى سنوات العشرية السوداء، هي شماعة لطالما استخدمتها السلطة ضد كل طرح معارض، لا سيما في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وآخرها كان التحذير الصادر عن رئيس الحكومة المقال أحمد أويحيى، مع بداية الحراك، حينما أشار إلى أن الجزائر ستشهد النموذج السوري". وأبرز مسعودي أنه "من الواضح أن القيادة العسكرية متوجسة من تمسك الحراك بمطالبه وعدم تبنيه طرح قايد صالح، الأمر الذي جعله يلجأ إلى التخويف"، مشدداً على أن الخطاب يدخل في سياق "الضغط السياسي والنفسي" بغية قبول خارطة الطريق المطروحة.
في المقابل، خرج طلاب الجامعات الجزائرية ككل ثلثاء، للتأكيد على مساندتهم الحراك الشعبي المطالب بالتغییر ورحیل رموز النظام السابق، إذ جددوا رفضهم لإجراء الانتخابات الرئاسیة في 4 يوليو تحت إشراف رئیس الحكومة نور الدين بدوي ورئیس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي