Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تانيا قسيس: أصبح الفن مشاعا وبلا معايير

صاحبة الصوت الأوبرالي تنتقل إلى الغناء الرومانطيقي بعد نجاح عالمي

المغنية اللبنانية تانيا قسيس (صفحة المغنية على فيسبوك)

انعكست أزمة كورونا، والمشكلات المتلاحقة التي يمر بها لبنان على مغنية السوبرانو، تانيا قسيس، التي قررت الانفتاح على نوع جديد من الموسيقى. هذه السنة كانت مصيرية في حياتها، وشعرت أن كل شيء يمكن أن ينتهي في لحظة، لذلك حسمت أمرها بعدم التأجيل أكثر. تانيا قسيس، التي حصلت على شهرتها من خلال الأعمال الوطنية، تتطلع في الفترة المقبلة إلى تقديم أعمال رومانطيقية.

عمل أوركسترالي

تعيش قسيس مرحلة من الازدهار الفني، فهي كانت قد أصدرت قبل نحو شهر عملاً أوركسترالياً بمناسبة مرور عام على انفجار مرفأ بيروت، بعنوان "mi senti"، وتعني بالإيطالية "هل تسمعني؟"، مستخدمة صوتها كآلة موسيقية. الأغنية تحكي كما تقول: "عن حالة الصراع الداخلي والأحاسيس المتناقضة التي يعيشها الإنسان في الظروف الصعبة والاستثنائية، وهي تبدأ بجُملة (الدائرة ليس لها نهاية، لكن الخروج منها يبدأ بخطوة). الدائرة هي مرحلة من المراحل التي نمر بها في الحياة، فإما أن ندور داخلها بشكل لامتناه، وإما نخطو خارجها في لحظة ما نتيجة قرار مناسب. طوني كرم كان قد وضع كلام الأغنية، لكنني لم أشعر أن الجو مناسب لتقديمها على هذا النحو، مع أن الكلام جميل جداً، وقد أقدمه في عمل آخر. تقديم الأغنية بهذه الطريقة حصل بطريقة عفوية، وبدل الغناء كلاماً خلال التمارين غنّيتها صوتاً، ووجدنا أنها جميلة. هي مستوحاة من الأوبرا، فمثلاً عندما نسمع غناءً بالإيطالية، يحمل إلينا الصوت معاني مختلفة حتى لو لم نكن نفهم الكلام".

أصدرت تانيا بالتعاون مع الدي جي العالمي Nick Ortega أغنية ثانية بطريقة "الريمكس"، بعنوان "نافذة على صباح جديد"، وهي النسخة المجددة من أغنيتها WINDOW ON A NEW MORNING، وتوضح في هذا الإطار بـ"أنه لا شيء يمنع من أن يقدم الفنان أعماله بطريقة جديدة، وربما أكرر هذه التجربة في أعمال أخرى".

وإلى هذين العملين تصدر قسيس قريباً أعمالاً رومانطيقية، من بينها أغنية بعنوان "كم مرة" من كلمات، وألحان وتوزيع مايك ماسي، وأغنية أخرى من كلمات وألحان طوني كرم.

ولا تُخفي استياءها من عدم تقدير الناس للفن الجيد، مع أنها اعتادت على هذا الوضع، كما تقول، ولكنها توضح: "عندما أختار عملاً معيناً أعرف لأي جمهور أتوجه، ولا أفكر فيما يحبه الآخرون. الموسيقى أنواع مختلفة، وأكثر ما يهمني هو أن أكون سعيدة بما أقدمه".

وتصف قسيس الأغنية التي يحبها الفنان والجمهور بـ"المفتاح" الذي يمكن أن يوصل الفنان إلى كل الناس، وتعتبر أن "كل فنان يهمه أن يصل إلى كل الناس، ويُوجد لديّ مخطط لتحقيق هذه الغاية. وهناك أغنية قد تعني لي الكثير، ولكنها لا تعني لكل الناس، وتوجد صعوبة كبيرة في تقديم أغنية ترضي الطرفين. أسلوبي خاص جداً، ولا يحبه كل الناس، ربما لأنني تعلقت بنوع موسيقي متخصص، لا يتعاطفون معه جمعياً، ولكن ذوقي تغير مع الوقت، ومع التقدم في السن، وبدأت أتجه نحو خيارات جديدة لم تكن تعنيني سابقاً. في الماضي كنت أركز كثيراً على الأعمال الوطنية، وهي كانت تعني لي الكثير، أما اليوم فأرغب بتقديم نوع آخر من الأعمال لأنني بحاجة لأن أشعر بالإيجابية في نوع مختلف منها".

سنة التغيير

وتؤكد قسيس أن هذه السنة هي سنة التغيير في حياتها على جميع المستويات، وتقول: "الغناء للوطن متعب جداً لأنه يحملني مسؤولية كبيرة من خلال تبني رسالة معينة أعرف ماذا أريد أن أقول عبرها. وهذا الأمر يُلزمني نوعاً معيناً من الرصانة، لكنني وصلت إلى مرحلة من العمر أشعر معها بأنني بحاجة إلى التجديد. ولأنني أبحث عن التجديد في حياتي، فلا بد من أن تتجدد الموسيقى معه. لقد وصلت إلى قناعة بأن الإنسان يجب أن يستفيد من كل دقيقة في حياته، وألا يؤجل شيئاً إلى الغد، وأنا أؤجل كثيراً، ليس لأنني بليدة، بل لأنني حريصة ودقيقة جداً في عملي، وأحب أن ينفذ بشكل مثالي، فيتطلب مني وقتاً أكبر. وهذا الأمر لا ينطبق على الفن فقط، بل في كل مناحي الحياة. لقد تعلمت أن الإنسان عندما يكون صعباً جداً حتى في علاقته مع نفسه، فإن الوقت يمر، في حين أن بعض الأمور لا تحتمل التأجيل. كما تعلمت أنه يجب أن أكون دقيقة في بعض الأمور، وأن أغضّ الطرف عن أمور أخرى لا تستحق التعب والجهد، بل يجب التساهل معها. حتى بعض الأشخاص يجب ألا نعطيهم الكثير من وقتنا لأنهم يتعبوننا أكثر مما يفيدوننا".

وتتابع قسيس: "الدنيا تتغير، والناس يتغيرون، وكذلك عاداتنا، ووجهة نظرنا، ونحن دخلنا دوامة "هل تسمعني". الناس جلسوا مع أنفسهم، وفكروا ما الذي يريدونه من هذه الحياة. وكلنا شعرنا أننا يمكن أن نخسر كل شيء في لحظة واحدة، وعندما نصل إلى هذا الشعور، تتغير نظرتنا إلى الحياة، وتصبح مختلفة". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، لا تُبدي قسيس استغراباً تجاه ظاهرة انتشار أعمال لفنانين غير معروفين على حساب أعمال النجوم، إذ تقول: "هذا أمر طبيعي، ويحدث في العالم كله. الأغنية الإيقاعية تجذب الناس إليها دائماً، حتى لو كان كلامها سطحياً، ولا معنى له، لكن هل هذا هو الفن! هو نوع من الفن، أو بالأصح نوع من الموسيقى. والموسيقى ككل شيء في الحياة، ترتبط بالذوق وبالأمكنة، وكل أغنية لها وقتها ومكانها. وكما أن هناك أغاني راقصة، فهناك أيضاً أغانٍ غير راقصة. عالم الموسيقى يرتبط بالتسويق والتجارة، وفي الماضي كانت تسجل الأغنية في الاستديو، ثم يسمعها الناس عبر الإذاعات، أما اليوم، فتنتشر الأغاني من خلال نشرها ودعمها عبر السوشيال ميديا، وهذا يعني أن الأغنية أصبحت تصل إلى الناس بطريقة مختلفة. كما أن التنفيذ الموسيقي اختلف هو أيضاً، فهو كان يعتمد على الأوكسترا والعزف الحي للآلات الموسيقي، لكنه تحول اليوم إلى إلكتروني، ما أتاح الفرصة أمام أي شخص لأن يؤلف الموسيقى وهو في بيته".

إيقاع متواصل

ترى قسيس أن الجمهور يمكنه أن يتقبل كل شيء، ولكن لا يمكن تصنيف كل ما يقدم ضمن فئة واحدة، وتوضح: "كل منا له ذوقه الخاص، والأشخاص المغمورون يحصلون على الشهرة بعد انتشار أعمالهم، وهذا الوضع عالمي، ولا ينطبق على العالم العربي وحده. حتى الموسيقى نفسها تغيرت، ولكنني شخصياً مرتبطة بنوع معين من الفن الذي أنتمي إليه، وأؤمن به، وأقدمه للناس، إلا أنه لا يمنعني من سماع أعمال لغيري وأن كنت أرفض غناءها شخصياً مع أنني أفرح بها و"أرندحها" في البيت، لكن من بين كل ما يقدم، هناك أعمال لا تستحق أن تسلط الأضواء عليها كما يحدث اليوم، لكونها لا تملك مقومات الأغنية، بل هي مجرد إيقاع متواصل يبعد الناس عن الموسيقى الراقية. لا يمكن تناول هذا الموضوع بشكل عام، بل يجب تناوله بالعمق، انطلاقاً من نوع الموسيقى في كل أغنية ومستوى كلامها، والأداء، لأن الأداء نفسه هو مشكلة أيضاً، بسبب وجود أشخاص لا يحق لهم أن يغنوا، لكنهم يمتهنون الغناء، والناس يفرحون بهم، ويعتادون على أصواتهم. وهناك أغانٍ خفيفة، لكنها مشغولة بطريقة صحيحة، وتقدم بطريقة معينة، وبأداء جيد، وإلى جانبها هناك أغانٍ دون المستوى".

ولا تخفي قسيس خوفها من الاتجاه الذي تسير نحوه الموسيقى، وتقول: "بسبب (كوفيد)، وما بعده، لا أعرف ما إذا كان ستظل هناك موسيقى حية. كل شيء توقف، وصار مصوراً ومسجلاً، ولم يعد هناك ميزانيات تسمح بإقامة الحفلات الكبيرة في كل العالم بسبب تردي الوضع الاقتصادي، وتقلص القدرة على الإنفاق على الموسيقى. وعلى الرغم من كل شيء فالموسيقى هي الشيء الوحيد الذي يرتبط بالإبداع، والإنسان أساسي فيها، ولا يمكن استبداله بأي شيء آخر". 

المزيد من ثقافة