Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمات العالمية الناتجة عن كورونا ترافق عام 2022

احتمال "ضغط عالٍ أو شديد للغاية" على وحدات العناية المركزة في 49 دولة بحلول مارس المقبل

ما زال العالم منذ خروج فيروس كورونا أو "كوفيد-19" إلى الضوء، يتلمّس طريقه للتعامل مع آثاره، في أشد أزمة واجهته خلال العقد الأخير. واستطاع الوباء أن يقلب مقاييس، ويعطل عجلة الحياة، بسبب التهديدات الصحية، ومن ثم الاقتصادية، التي فرضها على الحكومات، فلم يفرق هذا الفيروس بين دول متقدمة ونامية وبين فقير وغني، لكنه استهدف العالم أجمع، ما فاقم المشاكل الاجتماعية، وازداد معدل الفقر بشكل غير مسبوق منذ عقود، ما استدعى تضافر الجهود الدولية والمنظمات الإنسانية لمحاولة توحيد برامجها، في مواجهة هذا الفيروس الذي فتك بكثير من المشاهير والسياسيين والناس العاديين حول العالم.

استمرار أزمة كورونا

ومع ظهور المتحورة الجديدة "أوميكرون" في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دخل العالم في الموجة الخامسة من تطور الفيروس، وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن أوروبا عادت مرة أخرى لتصبح بؤرة لتفشي الوباء، مع ارتفاع عدد الإصابات في القارة. وقال المدير الإقليمي للمنظمة هانز كلوغه إن القارة قد تشهد نصف مليون حالة وفاة بحلول فبراير (شباط) المقبل، مشيراً إلى أن السبب هو عدم ارتفاع عدد حالات التطعيم بالشكل الكافي، وفي وقت ينتشر الفيروس في معظم دول الاتحاد الأوروبي بشكل مقلق للغاية، بحسب المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض، ومع ظهور المتحورة الجديدة، اضطر عديد من الدول لفرض إلزامية اللقاح على الرغم من اعتراض فئة كبيرة من الأشخاص على تلقي أي جرعة منه، وبينما حصل نحو 80 في المئة في إسبانيا على جرعتين من اللقاح، ما زال معدل التطعيم في فرنسا أقل، مسجلاً 68 في المئة، مع تسجيل 20294 إصابة جديدة في نوفمبر الماضي، ليرتفع العدد الإجمالي للحالات إلى 7.33 مليون، وكذلك في ألمانيا التي سجلت 66 في المئة فقط من معدل التطعيم، و52826 إصابة بالفترة نفسها، لتبلغ الإصابات اليومية رقماً قياسياً آخر، وتوفي 294 شخصاً، ليرتفع الإجمالي إلى 98274، وعلى الرغم من أن الأرقام المسجلة في ألمانيا، أقل من معدل الإصابات المسجل في بريطانيا مثلاً، يبدي المسؤولون في الصحة العامة قلقهم من موجة رابعة قد تؤدي إلى عدد كبير من الوفيات، وإلى ضغوط على النظام الصحي الألماني. ويأتي هذا في الوقت الذي سجلت فيه ألمانيا نحو 34 ألف إصابة خلال 24 ساعة (الخامس من نوفمبر)، وهو رقم قياسي في ارتفاع عدد الحالات، مع ارتفاع يومي في عدد حالات الوفيات، ونبه خبراء الصحة في المملكة المتحدة إلى أن حالات الإصابة قد تصل إلى نحو 90 ألفاً في اليوم، بحلول عيد الميلاد، بعد أن بدأت ترتفع حالات الدخول إلى المستشفيات، حتى قبل أن يتفشى متحورة "أوميكرون".

وفي محاولة لمواجهة الموجة الخامسة من "كوفيد-19"، فإن فرضية إلزامية التطعيم تأخذ حيزاً للتنفيذ في أوروبا، بعد إعلان بعض الدول عن هذا الإجراء، كما هي الحال في النمسا التي أعلنت أن التطعيم سيصبح إلزامياً للجميع اعتباراً من الأول من فبراير 2022، بالإضافة إلى العودة إلى فرض تدابير الإغلاق، في وقت جعلت اليونان التطعيم إجبارياً بالنسبة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً. وقد تتخذ قريباً دول، من بينها فرنسا وألمانيا واليونان، قراراً يقضي بحصول مواطنيها على جرعات معززة من اللقاح كشرط لاعتبار المواطن حصل على التطعيم بالكامل، لكن دولاً عديدة شهدت احتجاجات عنيفة وأعمال شغب على الإجراءات الجديدة، كهولندا، بسبب فرض الإغلاق الجزئي، أما بلجيكا فقد اتخذت سلطاتها تدابير وقيود إلزامية، كاستخدام للكمامات في الأماكن المزدحمة، ويشمل القرار من يبلغون 10 أعوام، كما أن العمل عن بعد سيكون إلزامياً لمدة أربعة أيام من أسبوع عمل من خمسة أيام حتى 12 ديسمبر (كانون الأول).

كورونا فيروس موسمي في "الفترة الشتوية"

بحسب مديرة معهد علم الفيروسات في مستشفيات جامعة "ستراسبورغ"، سميرة فافي كريمر، في حديث إعلامي في الثالث من ديسمبر، أن الموجة الخامسة من وباء كورونا قد بدأت فعلياً في أوروبا، وتوضح أنه "في فرنسا مثلاً، تم تسجيل 300 إصابة في المتوسط لكل 100.000 نسمة، في وقت لم تكن تتعدى فيه قبل الموجة 50 حالة لكل 100.000 نسمة"، وعن أسباب هذا التطور السريع في الإصابات، تقول إنه "في الفترة الشتوية، يميل الناس إلى البقاء في البيت أكثر، ما يعني تهوية أقل. كما أن بعض الخطوات الاحترازية يتم تجاوزها، كوضع الكمامة أو غسل اليدين بشكل دوري. هذا بالإضافة إلى أنه بدأ يتضح أكثر أن فيروس كورونا هو فيروس موسمي كباقي الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي في فصل الشتاء"، وستجل ذروة الموجة في بداية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

ازدياد لحالات الوفيات

وحذرت منظمة الصحة العالمية من احتمال وفاة 700 ألف شخص بسبب الإصابة بوباء كورنا في أوروبا ومناطق في آسيا بحلول شهر مارس (أذار) 2022، وتجاوزت الوفيات بالفعل 1.5 مليون حالة وفاة في 53 دولة في ما تسميه منظمة الصحة العالمية منطقة أوروبا، وأشارت المنظمة في بيانها إلى احتمال "ضغط عالٍ أو شديد للغاية" على وحدات العناية المركزة في 49 دولة بحلول مارس المقبل، وحذرت المنظمة في تقييمها من أن الوباء كان السبب الأول وراء تسجيل حالات وفاة في منطقة أوروبا، وقالت في بيانها أواخر نوفمبر الماضي، "من المتوقع أن تصل الوفيات الإجمالية المبلغ عنها إلى ما يزيد على 2.2 مليون حالة بحلول ربيع العام المقبل 2022، بناءً على الاتجاهات الحالية". أضافت أن الوفيات المؤكدة المرتبطة بـ"كوفيد-19" تضاعفت أخيراً مسجلة نحو 4200 حالة يومياً، وفي روسيا وحدها تجاوز عدد الوفيات اليومي 1200 وفاة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضافت أن وجود عدد كبير من الأشخاص غير المحصنين باللقاح، فضلاً عن انتشار متحورة "دلتا" في بعض الدول، كانا من العوامل الرئيسة وراء ارتفاع نسب الإصابة في منطقة أوروبا، وطالب كلوغه، المدير الإقليمي للمنظمة، أولئك الأشخاص الذين لم يحصلوا على اللقاح حتى الآن بالحصول عليه، مشدداً على أن "لدينا جميعاً فرصة ومسؤولية للمساعدة في تجنب مأساة غير ضرورية وخسائر في الأرواح، والحد من اضطرابات أخرى في المجتمع والشركات خلال فصل الشتاء هذا".

وبحسب المنظمة، فإن دول أوروبا فضلاً عن إسرائيل ودول الاتحاد السوفياتي السابق، مثل طاجكستان وأوزبكستان، مجموع الدول التي تشكل "منطقة أوروبا".

200 مليون عاطل عن العمل 2022

كشفت جائحة "كوفيد-19" عن هشاشة اقتصادات العالم وعدم توقعها لمثل هذه الضربة، حتى الدول الأكثر تقدماً أو التي تتمتع بـ"متانة اقتصادية"، تلقت اقتصاداتها ضربات موجعة وعمت أسواقها بطالة جماعية، لم تستطع الخروج منها حتى الآن، بعد موجة الإغلاقات الإلزامية واسعة النطاق، كما حصل في بريطانيا والولايات المتحدة، وأوروبا عموماً، وتوقع خبراء في منظمة العمل الدولية، أن تسهم الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الجائحة في بطالة عالمية لأكثر من 200 مليون شخص العام المقبل أي 2022، مع تضرر النساء والشباب العاملين بشكل أكبر، وفي تقرير للمنظمة صدر في يونيو (حزيران) الماضي، بعنوان "الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم: اتجاهات 2021"، أكدت فيه أنه على الرغم من أن دول العالم "ستخرج" من الأزمة الصحية المستمرة، فإن "خمس سنوات من التقدم المحرز نحو القضاء على فقر العمال قد تلاشت وكأنها لم تكن".

وقسمت المنظمة تقديراتها على نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بين سيناريو "متفائل" وآخر "متشائم". وأشارت إلى أن ارتفاع البطالة العالمية بنسب تتراوح بين 5.3 مليون (السيناريو "المتفائل") و24.7 مليون (السيناريو "المتشائم")، وذلك زيادة على عدد العاطلين عن العمل في عام 2019 وعددهم 188 مليوناً. وكانت المنظمة قد أعلنت نهاية عام 2020 أن ملياري شخص، ممن يعملون في القطاع غير الرسمي، معرضون للخطر بشكل خاص، وللمقارنة، أدت الأزمة المالية العالمية (2008-2009) إلى زيادة البطالة في العالم بمقدار 22 مليون شخص، كما يتوقع أن تشهد العمالة الناقصة (البطالة المقنعة) زيادة كبيرة، وتترجم العواقب الاقتصادية لتفشي الفيروس إلى تخفيضات في ساعات العمل وفي الأجور، كما أن تراجع التوظيف يعني أيضاً خسائر كبيرة في دخل العاملين، وتقدر الدراسة هذه الخسائر بين 860 مليار دولار أميركي و3.4 تريليون دولار مع نهاية عام 2020.

الفقراء سيزدادون فقراً

تلك النسب كانت قبل ظهور "أوميكرون"، إذ من المتوقع أن يزداد عدد العاملين الفقراء بشكل كبير، بخاصة الفئة التي كانت تعيش على خط الفقر أو تحته، وكانت منظمة العمل قد قدرت في تقرير لها في مارس الماضي، أن ما بين 8.8 مليون و35 مليون شخص إضافي من العاملين في العالم سيعيشون في فقر، مقارنة بالتقدير الأصلي لعام 2020 (وهو 14 مليوناً في مختلف أنحاء العالم)، كما أدت الاضطرابات المرتبطة بالجائحة إلى "عواقب وخيمة" على ملياري عامل في القطاع غير الرسمي في العالم، ومقارنة بعام 2019، تم تصنيف 108 ملايين عامل إضافي في مختلف أنحاء العالم الآن على أنهم "فقراء" أو "فقراء للغاية"، ما يعني أنهم وعائلاتهم يعيشون على ما يعادل أقل من 3.20 دولار للفرد في اليوم.

لكن من يتحمل العبء الأكبر من هذه النسب هم النساء والأطفال، وهذا ما سيخلف وراءه 47 مليون امرأة يعشن في فقر مدقع. وأشار التقرير، الذي أعدته هيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى زيادة معدل الفقر بين النساء بنسبة 9.1 في المائة، ما سينعكس سلباً على الجهود الدولية في القضاء على الفقر.

وأفاد تقرير صادر عن منظمة الـ"يونيسف"، والبنك الدولي في أكتوبر الماضي، بأن نحو 365 مليون طفل كانوا يعيشون في فقر حتى قبل انتشار الجائحة، وتوقعت الهيئتان أن ترتفع هذه الأرقام بشكل كبير نتيجة للأزمة. وبحسب تقرير المنظمة، تضررت النساء "بشكل غير متناسب" من الأزمة، وشهدن انخفاضاً بنسبة خمسة في المئة في فرص التوظيف في عام 2020 مقارنة بـ3.9 في المئة بين صفوف الرجال. وقالت، "خرجت نسبة أكبر من النساء من سوق العمل، وأصبحن غير نشيطات"، مشيرة إلى أن "المسؤوليات المنزلية الإضافية" الناتجة عن الإغلاق قد تؤدي إلى خطر "إعادة إضفاء التقليدي" على أدوار الجنسين.

المزيد من تقارير