Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إعلان الرئيس التونسي أن دستور 2014 غير صالح يثير ردودا متفاوتة

تواجه البلاد صعوبات اقتصادية ومالية كبيرة بسبب الغموض الذي يسود السلطة السياسية العليا

رئيس الجمهورية يلتقي عدداً من أساتذة القانون الدستوري (موقع رئاسة الجمهورية التونسية)

بعد مرور أربعة أشهر ونصف الشهر على الإعلان عن التدابير الاستثنائية في تونس، أكد رئيس الجمهورية، قيس سعيد، خلال لقائه أساتذة القانون الدستوري، الصادق بلعيد، ومحمد الصالح بن عيسى، وأمين محفوظ، أن المشكلة السياسية في تونس ناتجة عن دستور 2014، الذي قال إنه "لم يعد صالحاً، ولا يمكن أن يتواصل العمل به، لأنه لا مشروعية له... ولا بد من حل قانوني يستند إلى إرادة الشعب وسيادته".

فما الذي يقصده رئيس الجمهورية؟ وهل سيتم تعليق العمل بدستور 2014؟ وهل ينوي قيس سعيد عرض الدستور الجديد على الاستفتاء؟

وبحسب متابعين، فقد حافظ سعيد على الطابع "الدستوري" للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في الـ25 من يوليو (تموز) 2021، ولم يعلق العمل بدستور 2014، على الرغم من أنه يعتبره سبب الأزمة السياسية في البلاد.

تعليق جزء من الدستور غير مقبول

ويؤكد مدير قسم القانون العام بكلية الحقوق بتونس، الصغير الزكراوي، أن "الإجراءات الاستثنائية تخول رئيس الجمهورية تعليق دستور 2014، والقطع مع المنظومة الدستورية السابقة، إلا أنه فضل تعليق جزء فقط من الدستور المتعلق بباب السلطة التشريعية".

ووصف الزكراوي تلك الخطوة بـ"غير المستساغة قانونياً"، قائلاً: "من غير المقبول أن يتم العمل بنصف دستور"، مضيفاً "كان من المستحسن أن يتم تعليق الدستور منذ الـ25 من يوليو، ربحاً للوقت".

وانتقد الزكراوي "البطء في اتخاذ القرارات" من جهة رئيس الجمهورية، معتبراً أن دستور 2014 انتهى لأنه "دستور مفخخ"، مرجحاً أن يتم "عرض مشروع الدستور الجديد على الاستفتاء".

وأشار أستاذ القانون إلى التكلفة السياسية والمالية الكبيرة لدستور 2014، إلا "أنه لم يعمر طويلاً بسبب المزايدات السياسية".

وخلص أستاذ القانون العام إلى أن تونس تواجه صعوبات اقتصادية ومالية كبيرة بسبب التردد والغموض الذي يسود السلطة السياسية العليا، داعياً إلى تسقيف زمني والحوار للخروج من الأزمة الراهنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لجنة خبراء ودستور جديد

وكان أستاذ القانون الدستوري، أمين محفوظ، قد أكد أنه تم الاتفاق خلال اللقاء الأخير برئيس الجمهورية، على تكوين لجنة خبراء دستوريين تعمل على صياغة دستور جديد بدلاً من دستور 2014.

وأوضح أنه أمام استفحال الأزمة الدستورية، فإن "رئيس الجمهورية توجه إلى الخيار الديمقراطي، وهو العودة إلى الشعب"، مضيفاً أن قيس سعيد اختار تكوين لجنة خبراء موسعة، ستضم حتى منتقدي مسار 25 يوليو 2021، وهي التي ستقوم بصياغة دستور جديد بعد نقاش علني، والشعب سيقرر، عبر استفتاء على هذا الدستور الجديد".

وأشار إلى أن سعيد يرى أنه "إلى جانب هذه اللجنة، سيتم استقبال المقترحات عبر المنصة الإلكترونية التي يجري تحضيرها".

"تعليق الدستور عبث قانوني"

في المقابل، اعتبر أستاذ القانون الدستوري، جوهر بن مبارك، في تصريحات صحافية، أن إعلان الرئيس عدم مشروعية دستور 2014 "استهداف للدستور والعقد الاجتماعي في تونس"، متهماً إياه بالسعي إلى "تكديس السلطات والصلاحيات بين يديه".

ووصف مبارك الإجراءات التي اتخذها سعيد بأنها "عبث قانوني وخلط في المفاهيم، أعادت تونس عقوداً للوراء"، مؤكداً أن الرئيس "لا يملك الحق في المساس بالنصوص الدستورية أو تعديلها"، داعياً إلى تنظيم انتخابات مبكرة لحسم الصراع، وعلى ضوء نتائج الانتخابات يتم الحديث عن إمكانية تعديل دستور 2014".

"انزلاق خطير"

من جهة أخرى، أثار تصريح رئيس الجمهورية، حول عدم صلاحية دستور 2014، ردود فعل سياسية متباينة، إذ وصف الأمين العام لـ"حزب التيار الديمقراطي"، غازي الشواشي، تصريح سعيد، بـ"الانزلاق الخطير نحو الانحراف بالسلطة تكريساً للحكم الفردي"، داعياً إلى "العودة فوراً إلى المسار الدستوري".

وبين الشواشي أن تعديل الدستور في حال اقتضته الضرورة، يجب أن يكون ضمن الآليات الدستورية، مضيفاً أن تنسيقية القوى الديمقراطية التي تضم كلاً من أحزاب التيار والجمهوري والتكتل، بصدد قيادة مشاورات مع عدد من المنظمات وجمعيات المجتمع المدني، وحركات شبابية وشخصيات وطنية مستقلة، بهدف وضع برنامج لتحركات احتجاجية ومسيرات سلمية وندوات، انطلاقاً من 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للتصدي "لخروج رئيس الجمهورية عن الشرعية والانحراف بالسلطة".

كما رفض بيان صادر عن المكتب التنفيذي لـ"حركة النهضة"، "محاولات إلغاء دستور 2014، والاتجاه إلى هندسة أحادية للنظام السياسي والقانوني لتونس".

وحذر البيان من "مغبة المساس بالبناء الدستوري للسلطة بواسطة المراسيم وإدخال الحكم في أزمة شرعية مفتوحة بالغة العواقب على الاستقرار السياسي ومستقبل البلاد".

كما رفض المجلس الأعلى للقضاء في بيان وهو هيئة دستورية مستقلة، المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية.

وأعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل رفض المنظمة النقابية حل المجلس الأعلى للقضاء.

ردود مرحبة

من جهته، جدّد الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي دعمه لإجراءات الـ25 من يوليو 2021، داعياً رئيس الجمهورية إلى إعلان اللجنة القانونية المكلفة بالإصلاح السياسي التي أعلن عنها في المرسوم 117، مشيراً إلى ضرورة إجراء حوار أفقي مع الشعب، مضيفاً أن التيار الشعبي مع النظام الرئاسي على أن تكون الكلمة الفصل للشعب في الاستفتاء.

وكانت حركة الشعب قد دعت في وقت سابق إلى تعليق العمل بدستور 2014، وقال النائب عن الحركة هيكل المكي "إن حركة الشعب تعتبر أنه يجب تغيير دستور 2014، وإنه لا استقرار سياسي في تونس في ظل النظام السياسي الذي جاء به دستور 2014". 

وتتجه الأنظار في تونس إلى تاريخ الـ17 من ديسمبر الحالي، الذي أصبح عيد الانتفاضة الرسمي، إذ ينتظر أن يعلن قيس سعيد عن حزمة من الإجراءات السياسية التي قد تشكل منعرجاً في مسار ما بعد 25 يوليو 2021، وبينها تعليق العمل بدستور 2014، إضافة إلى إجراءات أخرى قد تفضي مباشرة إلى حل البرلمان المعلقة أشغاله.

المزيد من تقارير