Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أميركا وبريطانيا وأستراليا من "أفضل" الأماكن لغسل الأموال

تشديد القيود والإجراءات لم يمنع الاحتيال والتهرب في الدول الكبرى

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (أ.ب)

في كلمتها بمناسبة قمة الديمقراطية، التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، عبرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين عن أسفها لأن "مبالغ ضخمة من الأموال غير المشروعة" تصب في نهاية المطاف في النظام المالي الأميركي. وأضافت أن "هناك أسباباً للاعتقاد أن أفضل مكان في الوقت الحالي لإخفاء وغسل أموال مكتسبة بالاحتيال هو في الواقع الولايات المتحدة".

وزيرة أميركية تعترف

واعترضت الوزيرة الأميركية على فكرة أن الأموال المتأتية من الفساد أو من نشاط غير قانوني يتم إرسالها فقط إلى "البلدان التي تتبنى قوانين مالية مرنة وسرية"، مؤكدة أنها يمكن أن "ينتهي بها المطاف في أسواقنا". وتلك إشارة إلى أن دولاً مثل سويسرا وجزر كايمان المستهدفة من سلطات الضرائب في جميع أنحاء العالم هي فقط مراكز غسل الأموال والتهرب الضريبي.

وأشارت إلى استراتيجية مكافحة الفساد التي بدأتها إدارة الرئيس جو بايدن هذا الأسبوع. ودعت يلين إلى ضرورة "تسليط الأضواء" على "المناطق الرمادية" في الولايات المتحدة، مشيرة إلى ولايات أميركية تسمح بإنشاء شركات وهمية من دون معرفة مالكيها الحقيقيين.
وأقر الكونغرس في يناير (كانون الثاني) الماضي قانوناً يفرض على الشركات الأميركية كشف المستفيدين الفعليين منها للحكومة الفيدرالية، ما يمثل تحولاً كبيراً في الولايات المتحدة، حيث يمكن أن تكون التشريعات في هذا المجال مرنة جداً في ولايات مثل ديلاوير، معقل الرئيس جو بايدن. وينص الاقتراح على إنشاء قاعدة بيانات لتسجيل "المالكين الفعليين" لجميع الشركات والكثير من الصناديق الائتمانية.
وقالت يلين، إن قواعد مماثلة ستطبق على الصفقات العقارية "لأن الكثير من الفاسدين يمكنهم إخفاء أموالهم في ناطحات سحاب في ميامي أو سنترال بارك". ودانت الوزيرة "النظام الضريبي الذي تشوبه ثغرات في الولايات المتحدة الذي يسمح للأشخاص الأعلى أجراً وأكبر الشركات بالإفلات من العقاب في حال الاحتيال".

غسل على نطاق واسع

تزامنت تصريحات يلين مع الإعلان في أستراليا هذا الأسبوع عن شبكة غسل أموال تمكنت من غسل 2.6 مليون دولار من خلال النظام المصرفي الأسترالي. وألقي القبض على 27 شخصاً، دِينَ منهم 18، ووجهت تحذيرات من الشرطة للتسعة الباقين، بحسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وليست تلك العملية الأولى التي يكشف عنها في أستراليا، وغالباً ما تأخذ الشرطة وقتاً طويلاً في المتابعة لأن تلك الشبكات يمتد نشاطها عبر عدة دول.

ونقلت الوكالة عن سلطات إنفاذ القانون في الاتحاد الأوروبي أن العملية التي كشف عنها في أستراليا تضمنت نحو 7 آلاف معاملة مالية غير شرعية. وتلك العملية السابعة في عام 2021 التي تعاون فيها الاتحاد الأوروبي مع السلطات الأسترالية للكشف عن شبكات تهريب الأموال. وحالت تلك العملية الأخيرة دون خسارة أكثر من 75 مليون دولار.

أما في بريطانيا، فقد أشارت دراسة من مركز الأبحاث الشهير "تشاتام هاوس" نشرت صحيفة "الغارديان" ملخصها يوم الأربعاء، إلى أن قوانين مكافحة الفساد المالي والتهرب الضريبي وغسل الأمول في بريطانيا تحتاج إلى إعادة نظر. وطالبت الدراسة بفرض إجراءات جديدة تحد من نشاط من يسهلون تلك العمليات في بريطانيا، والتي تضر بالاقتصاد البريطاني بشدة في النهاية.

وكشفت الدراسة عن "فشل وكالة الجريمة الوطنية وغيرها من الجهات الحكومية نتيجة مهارة المحامين (الذين يوكلهم منتهكو النظام المالي ومستشاروهم) في التغلب على التشريعات والقواعد ومنع السلطات من إدانة هؤلاء".

وكتب النائب البرلماني عن ساتون كولدفيلد، ووزير التنمية السابق في الحكومة البريطانية، أندرو ميتشل، مقالاً في "فاينانشيال تايمز" يوم الثلاثاء بعنوان "الأموال القذرة في بريطانيا تضر بما هو أكثر من سمعتنا". وأشار إلى أن القطاع العقاري البريطاني يغري من يرغبون في غسل أموالهم من الخارج، وبخاصة من الأثرياء الروس، باستغلاله لهذا الغرض. وكانت "أوراق بندورا" التي كشف عنها من قبل أظهرت أن هؤلاء يملكون عقارات في بريطانيا بأكثر من 5 مليارات دولار (4 مليارات جنيه استرليني).

ولا يقتصر غسل الأموال، وبخاصة في بريطانيا وأوروبا والولايات المتحدة وأستراليا على أموال الجريمة والسرقة والاحتيال، وإنما أيضاً أموال الفساد. وبحسب "فاينانشيال تايمز" نقلاً عن حملة "ون" لمكافحة غسل الأموال فإن الدول النامية تخسر نحو تريليون دولار سنوياً نتيجة الفساد يتم غسلها في النظام المالي لاقتصادات الدول الغربية الكبرى.

وربما هدفت الإدارة الأميركية في بداية التشريعات الجديدة لمكافحة غسل الأموال والتهرب الضريبي أن تحذو الدول الغربية الأخرى حذوها في تشديد القوانين والتشريعات. فمن الواضح حتى الآن، كما أشارت وزيرة الخزانة الأميركية، إلى أن التشريعات وقواعد التنظيم الحالية للقطاع المالي لا تحد من تلك النشاطات غير الشرعية، وفي مقدمتها غسل الأموال.

اقرأ المزيد