Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قلق أميركي متصاعد من نمو التنين الصيني "عسكريا"

تقرير استخباراتي يحذر من مساعي بكين لبناء قاعدة في غينيا الاستوائية وأوستن يتعهد المواجهة "بثقة وتصميم"

لقاء عبر تقنية الفيديو جمع بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ نوفمبر الماضي (أ ف ب)

يوماً بعد يوم، تشتعل المنافسة بين بكين وواشنطن على الساحة العالمية على نحو مطرد، لتزداد معها احتمالات الصدام العسكري، إذ تنتهج الصين جهوداً حثيثة لإثبات نفسها كقطب عالمي، في وقت ترى فيه الولايات المتحدة أن "تنيناً صينياً أكثر قوة يمثل تحدياً للغرب وجميع الديمقراطيات حول العالم".

ومن بين مجالات المنافسة المحتدمة بين البلدين، تأتي القوة العسكرية، المتنامية للصين، والتي رأى فيها وزير الدفاع الأميركي، في كلمته أمام منتدى ريغان للدفاع الوطني السنوي بولاية كاليفورنيا، السبت الماضي، أن الجيش الصيني ينافس الجيش الأميركي، وهو في طريقه لأن يصبح "قوة كبرى في آسيا، وفي نهاية المطاف حول العالم"، معلناً جهوزية بلاده لمواجهة هذه "المنافسة الشديدة"، مؤكداً أن أميركا وحلفاءها "سترتقي إلى مستوى التحدي (الصيني)"، وأن واشنطن ستواجه هذا التقدم الصيني السريع "بثقة وتصميم، وليس بالذعر والتشاؤم".

وبحسب تقارير إعلامية أميركية، تزداد المخاوف الأميركية من اتساع النفوذ العسكري الصيني، إذ حذر تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، من نوايا صينية لبناء قاعدة عسكرية هي الأولى في الجهة الأفريقية من مياه الأطلسي، وذلك بعد أشهر من إعلان أدميرال فيليب ديفيدسون، قائد القوات الأميركية في المحيطين الهندي والهادي، في مارس (آذار) الماضي، أن جيش الصين "سيتفوق" على جيش الولايات المتحدة في غضون الأعوام الستة المقبلة، "ما سيغير الوضع الراهن بالقوة" في شرق آسيا.

قاعدة عسكرية صينية جديدة

وبحسب ما نشرته "وول ستريت جورنال"، فإن تقارير استخباراتية أميركية ذكرت أخيراً أن الصين تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية في غينيا الاستوائية (شرق أفريقيا)، لتكون الأولى لها في هذه المنطقة، والثانية لها في القارة الأفريقية، بعد أن أقامت بكين أول قاعدة عسكرية خارجية لها في عام 2017 في جيبوتي، على الجانب الآخر من القارة السمراء.

وفيما يعكس المنافسة المحتدمة وصراع النفوذ بين البلدين، نقلت الصحيفة ذاتها، عن مسؤولين أميركيين، أن هذه الخطوة ستمنح بكين أول وجود بحري دائم لها في المحيط الأطلسي، مشيرة إلى أن المعلومات الاستخباراتية الأميركية، ترجح احتمال امتلاك تلك القاعدة سفناً حربية صينية قادرة إعادة التسليح وإجراء أعمال الصيانة، مقابل الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ما يشكل تهديداً يثير مخاوف البيت الأبيض والبنتاغون.

وذكر المسؤولون الأميركيون كذلك أن بكين تستهدف في غينيا الاستوائية، عاصمتها الاقتصادية "باتا"، التي تضم ميناءً تجارياً صينياً في مياه خليج غينيا، بالإضافة إلى طرق سريعة تربط المدينة بدولة الغابون المحاذية، وأفريقيا الوسطى.

في المقابل، ووفق ما أوضحته "وول ستريت جورنال"، فإن واشنطن تحركت في الأشهر الأخيرة لإقناع الدولة الأفريقية برفض المطالب الصينية، وهو ما تم خلال زيارة نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، جون فاينر، لغينيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مضيفة، نقلاً عن مسؤول أميركي بارز، قوله، إنه "في إطار جهودنا الدبلوماسية لمعالجة قضايا الأمن البحري، أوضحنا لغينيا أن بعض الخطوات المحتملة التي تتعلق بنشاط صيني هناك تثير مخاوف تتعلق بالأمن القومي".

والسبت الماضي، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، أمام منتدى ريغان للدفاع الوطني السنوي بولاية كاليفورنيا، إن العالم شهد عقدين من "التحديث السريع" للجيش الصيني، وإنه في طريقه لأن يصبح منافساً نظيراً للولايات المتحدة في آسيا، وفي نهاية المطاف في جميع أنحاء العالم، موضحاً أن "قادة الصين يحرصون على توسيع قدرتهم وإبراز القوة وإنشاء شبكة عالمية من القواعد العسكرية"، مضيفاً: "وفي الوقت نفسه، يقوم الجيش الشعبي الصيني بتحسين كثير من قدراته بسرعة، بما في ذلك الإجراءات الهجومية والجوية، والدفاع الصاروخي، والمضادة للغواصات، بشأن تكامل معلوماتها وعملياتها الإلكترونية والفضائية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر أوستن، في حديثه، أن بكين تتقدم كذلك في المجال النووي، مرجحاً امتلاكها بحلول 2030 "ما لا يقل عن ألف رأس نووي، وأنهم يقومون ببناء ثالوث نووي لإطلاقه"، موضحاً: "نقيم دائماً ليس فقط القدرات، ولكن أيضاً النيات والأفعال، فقد كان قادة الحزب الشيوعي الصيني يتحدثون بشكل متزايد عن عدم رضاهم عن النظام السائد، وعن هدفهم المتمثل في إزاحة أميركا من دورها القيادي العالمي. وفي مرات كثيرة، يتحدث الرئيس الصيني شي جينبينغ بانتظام عن (التغييرات العظيمة) غير المرئية في العالم".

وأكد أوستن على أن بلاده "مصممة على ردع العدوان، ومنع الصراع، وإرساء حواجز حماية منطقية"، معتبراً في الوقت ذاته أن التركيز الأميركي على التهديدات الصينية لا يعني أن الولايات المتحدة ستبني "حلف شمال الأطلسي الآسيوي"، أو تحالفاً مناهضاً للصين مثل التحالف الذي هزم "داعش"، وأن واشنطن "لا تطلب من الدول أن تختار بين الولايات المتحدة والصين، بل نعمل على تطوير نظام دولي يتسم بالحرية والاستقرار والانفتاح".

مخاوف متصاعدة

وعلى وقع المنافسة المحتدمة بين بكين وواشنطن، تزداد مخاوف المراقبين من احتمالات خروجها عن السيطرة، متسائلين عن الخيارات المتاحة أمام كل طرف لتقليل خطر الصدام.

وفي تقرير حديث نشره معهد لوي الأسترالي للأبحاث، فإنه على الرغم مما فرضته جائحة كورونا من تحديات أمام صعود النفوذ الصيني في المحيطين الهندي والهادي، فإن عدم التيقن الأمني المتصاعد في المنطقة يزيد بدرجة كبيرة من خطر نشوب حرب، موضحاً أن "الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة في المنطقة وقوى التوازن كالهند لم تتحول بعد لثقل عسكري واستراتيجي موازن لتنامي النفوذ الصيني". وذلك في وقت تتحرك فيه الصين باتجاه إثناء دول جنوب شرقي آسيا عن الانضمام للتحالف الأميركي، وتقوم بتحديث تبادلاتها العسكرية مع روسيا وباكستان بالإضافة إلى كوريا الشمالية، مكونة في ذلك "ثالوثاً" هائلاً من القوى المسلحة نووياً المتحالفة مع الصين في المنطقة.

وذكرت دراسة المعهد الذي يتخذ من سيدني مقراً له، "تشي التطورات المتلاحقة بأن عمق العداء واتساع المنافسة الأميركية الصينية ووجود عديد من بؤر الصراع المحتمل بأن مخاطر الحرب كبيرة".

من جانبه، ووفق ما كتبه، بول هير، الزميل غير المقيم في مجلس شيكاغو للشؤون العالمية في تقرير نشرته مجلة "ناشيونال إنتريست" الأميركية، أنه "من الواضح أن حرباً باردة بين الولايات المتحدة والصين ليست مرغوبة، كما أنها ليست حتمية بالضرورة، ولكن من الصعب جداً أن نرى كيف ستتخذ بكين وواشنطن، سواء بشكل فردي أو مشترك، الخطوات اللازمة لتجنب ذلك"، مشيراً إلى أن كلا الطرفين، وعلى الرغم من التطورات المتلاحقة، "لا يسعيان إلى المواجهة العسكرية المباشرة، أو الغزو".

وبحسب هير، فإن الولايات المتحدة والصين "غير قادرتين على ما يبدو على فهم وجهة نظر كل منهما الأخرى، أو الاعتراف بالعنصر التفاعلي لسلوك كل منهما بشكل كامل، أو غير مستعدتين لتقدير وجهة نظر كل منهما"، معتبراً أن "هذا الافتقار إلى الفهم المتبادل والثقة يغذيان المعضلة الأمنية الكامنة وسوء توزيع الطرفين للدوافع والنوايا الاستراتيجية للطرف الآخر".

ودائماً ما يكرر المسؤولون الصينيون، أن بلادهم لا تسعى إلى الهيمنة العالمية، أو القضاء على الديمقراطية الغربية، أو تدمير الرأسمالية، إلا أن البعض يرجع سلوكها وتوسع نفوذها، إلى محاولة منها لاكتساب شرعية عالمية لنموذجها الحاكم المتمثل في "الاشتراكية ذات الخصائص الصينية". ومع اعتبار الولايات المتحدة أن الصين تشكل "تهديداً خطيراً لها"، يعتبر الصينيون كذلك، أن واشنطن تشكل تهديداً وجودياً لبلدهم.

المزيد من تقارير