Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا الذي أشار إلى عرى الملك

كشفت الجائحة أن اللاعقلانية هي التي تدير الحياة البشرية

فضحت الجائحة البشر بخاصة في البلدان المتقدمة الثرية والمهيمنة على الكرة الأرضية (أ ف ب)

كثيرون يعرفون حكاية الملك، من خرج على شعبه عارياً باعتبار أنه يلبس ثوباً سحرياً، وأن الشعب كما رجال السلطة جميعاً هللوا للملك ولثوبه السحري، باستثناء طفل صرخ: الملك عار.

لكن قلة تعرف أن هذا الملك العاري هو البشرية جمعاء، وأن كورونا بمثابة الطفل، من لم يصرخ، لكن جعل البشرية عارية، فإنهم جميعاً، دون الثوب السحري، ما يفاخرون به بقية الكائنات، ويحكمونهم به، كما يعبثون بالطبيعة، بما ينتجه.

كورونا، من أول ما هلّ هلاله، وحتى عودته الميمونة، هذه الأيام: في ثوبه الجديد، "أوميكرون" المميز، دلّ على الاعتباطية، ما تدير به الدول شؤونها، والارتباك ما تعايشه المنظمات الدولية، بخاصة منظمة الصحة، ما كشفت أن البشرية، تمارس الحياة بطريقة اعتباطية، وقد ظهرت في أهم ما يخص البشرية: الصحة، في حال من التضارب والتناقض، واللاعقلانية، وبان وكأنما العلماء في مجال الطب والصحة مصابون بجنون البقر، فتصريحاتهم عشوائية، وتصوراتهم وطرقهم مرتبكة، مما أسهم في إرباك بقية البشر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أهم ما أشار إليه فيروس كورونا أن مشترك البشرية اللاعقلانية، وأن ما يدعى بنظرية المؤامرة هو طريقة بشرية اعتيادية، فالتظاهر ضد ما يجب اتخاذه من إجراءات طبية احترازية ومن لزوم ما يلزم، من جرعات اللقاح، هذا التظاهر جرى في الدول الأعلى إصابات بالفيروس، والأعلى في أعداد المتوفين، وهذه الدول المتقدمة اقتصادياً، ما يتوافر لها الإمكانات الصحية الضرورية. ولقد شاهدنا العجب في دول الغرب وأميركا في مستوى القيادة السياسية وغيرها، وفي الشارع ما خرج فيه عدد كبير متظاهراً، ففي هولندا مثلاً جرى إحراق السيارات والمحال لأجل رفض تناول اللقاح، واعتبر فرض تناوله عدواناً على الحريات، أما أن تنقل الفيروس إلى الآخرين فهذا ليس عدواناً.

المتحول "أوميكرون" انتشر في أفريقيا حيث أغلب السكان لم يتمكّنوا من الحصول على أي لقاح. وكان ما انتشر في الدول القادرة على صنع اللقاح واحتكاره، أن بالإمكان صد كورونا، ما أشار منذ البدء، أن ليس ثمة جبل يؤوي ابن نوح من الفيضان. لقد ظهرت الحقيقة أن اللاعقلانية هي ما تدير الحياة البشرية: من العدوان المستمر على الطبيعة إلى الكيفية التي جرى بها التعامل مع الوباء الخطر، ما لم يعرف له مثيلاً قبل.

لقد قامت الجائحة بفضح البشر، بخاصة في البلدان المتقدمة الثرية، والمهيمنة على الكرة الأرضية، فالقوم في هذه البلدان مسلوبو العقل والعقلانية، وتأخذهم روح هدر لكل مقومات الحياة، ولم يتعظوا من حروبهم الكبرى والدمار ما لحق الأرض، من سلوكياتهم المترفة، وعدوانهم كما في ناغازاكي وهيروشيما.

وهكذا، كما يبدو أن العقلانية، ما ادعي، أنها مميزة حضارة الغرب، مجرد ورق سولفان، فالملك عار في الحقيقة من العقل. وذلك على الرغم من أن فيروس كورونا يضرب أطنابه في بلدان هذه الحضارة القائدة إلى التهلكة، على مستوى الكوكب الأزرق، المصاب بثقب في القلب، وحرارته تزداد، والمهدد بحروب سيبرانية فضائية، إضافة إلى النووية الأرضية، وكأنما الجائحة زادت من غيه بدل أن توقظه.

"أوميكرون" فضيحة، إضافة إلى أنه متحول لفيروس كورونا، فلقد زادت حدة التصريحات المتضاربة، من الدولة العظمى إلى الصغرى، أما منظمة الصحة فمصابة بحمى أن تصدر البيانات المتضاربة، مما جعل محطات التلفزيون كما مسرح يعرض مسرحية كوميديا سوداء، تكون معها مسرحية "في انتظار غودوا" العبثية، التي محتوها "لا شيء يحدث، لا أحد يجيء"، مسرحية عقلانية، وكل من يتابع هذا الحدث الجلل يزداد غرقاً في اللاعقلانية والجهالة، ويدخل في دوامة كآبة لا يخلصه منها حتى مسرح اللامعقول، ما انتشر عقب الحرب الأوروبية الكبرى الثانية.

كورونا تزداد متحوراته والعالم يزداد في غيه.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء