Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبعوثو الأمم المتحدة في اليمن وليبيا وسوريا... مهمات صعبة واتهامات بالانحياز

تعجز المنظمة الدولية حتى اليوم عن لعب دور فاعل في حلّ أزمات هذه البلدان وكأنها تحولت مؤسسة شكلية لا حولَ لها ولا قوّة

 لم تنجح الأمم المتحدة حتى اليوم في حلّ أزمات اليمن وليبيا وسوريا (موقع الأمم المتحدة)

في ظلّ الأوضاع الصعبة والمتأزمة التي تشهدها اليمن وليبيا وسوريا، يبدو دور مبعوثي الأمم المتحدة الخاصين إلى هذه البلدان محدوداً، ومحصوراً بإطلاق النداءات والتنديد، وتنظيم اللقاءات التي إن نتجت منها بعض المقرّرات، يبقى تنفيذها على أرض الواقع هشاً أو حتى غير قائم.

ومع مرور الأيام، ينزلق بعض المبعوثين في صراعات الدول التي يشرفون على أزماتها، وغالباً ما يواجهون اتهامات بالانحياز، تنتهي بهم بالاستقالة، ليتسلّم جدد مهامهم الشاقّة، وليست الدول الثلاث المذكورة سوى أمثلة عن هذه الحالات.

"تجاوزات" غريفث

في اليمن، شكّلت الإحاطة التي قدّمها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، مارتن غريفث، إلى مجلس الأمن، في 15 مايو (أيار) الماضي، نقطة الماء التي أفاضت كوب الحكومة اليمنية والرئيس عبدربه منصور هادي غضباً عليه، بعد مرور حوالى سنة وثلاثة أشهر على تسلّمه منصبه.

فبعد حوالى أسبوعين على هذه الإحاطة، أرسل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وصف فيها إحاطة غريفث بأنها "نموذج للخرق الفاضح للتفويض الممنوح إليه". واحتجّ هادي فيها على "تصرفات واستفزازات وتجاوزات" المبعوث الأممي.

وفي رسالته، اتّهم هادي غريفث بالعمل على "توفير الضمانات للميليشيات الحوثية للبقاء في الحديدة وموانئها تحت مظلة الأمم المتحدة"، معدّداً "أبرز تجاوزات" المبعوث الأممي إلى اليمن، التي شملت "تعامله مع الانقلابيين كحكومة أمر واقع" و"إطالة أمد الصراع في الحديدة عبر تجزئة اتفاق ستوكهولم" وإيقاف العمل على أمرين أساسيين في الاتفاق، المتعلقين بالأسرى والمخفيين قسراً وبرفع الحصار عن مدينة تعز.

كما اتهم هادي المبعوث بمحاولة التوافق مع الحوثيين على "تعزيز شكل من أشكال الإدارة الدولية في الحديدة، في تجاوز صارخ للسيادة اليمنية"، ومخالفته بكل ذلك القرارين الدوليين 2216 و2451 ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني واتفاق ستوكهولم.

 

فرصة أخيرة مقابل ثقة أكيدة

وعلى الرغم من ذلك، قال هادي إن بلاده ستعطي "فرصة أخيرة ونهائية للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مارتن غريفث". وختم الرئيس اليمني رسالته مؤكّداً عدم قبوله باستمرار التجاوزات التي يقدم عليها المبعوث الخاص إلى اليمن، التي "تهدّد بانهيار فرص الحل الذي يتطلع إليه أبناء الشعب اليمني"، ومشترطاً أيضاً توفّر "الضمانات الكافية" من قبل غوتيريش شخصياً "بما يضمن مراجعة التجاوزات وتجنب تكرارها".

وكانت الأمم المتحدة أعلنت في 14 مايو، انسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، تنفيذاً للخطوة الأولى من اتفاق ستوكهولم، غير أنّ الحكومة اليمنية ترى ما جرى "خدعة"، وأنّ الحوثيين لا يزالون يسيطرون على الموانئ، التي سلّموها إلى خفر السواحل الموالي لهم.

وفي مقابل رسالة الرئيس اليمني وما ترافق معها من حملة تتّهم غريفث بالانحياز، أكّد الأمين العام للأمم المتحدة ثقته بمبعوثه الخاص وبتصرّف منظمته "كوسيط محايد" في اليمن. وقال في رسالة إلى هادي، الأحد 26 مايو، إنه وغريفث يأخذان "المخاوف المشروعة" التي أبدتها الحكومة اليمنية "على محمل الجد"، مؤكّداً التزام منظمته بأن تكون "وسيطاً محايداً وموثوقاً فيه في عمليات السلام".

ومنذ تأسيسه عام 2012، لم يستطع مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن من وضع حدّ للأزمة اليمنية، وذلك على الرغم من توالي ثلاثة أشخاص على رئاسته، وهم بالتوالي جمال بن عمر (2012-2015) وإسماعيل ولد الشيخ أحمد (2015-2018) ومارتن غريفث، المبعوث الحالي.

 

سلامة في مواجهة حفتر

أمّا ليبيا المنقسمة إلى حكومتين، واحدة شرق البلاد تدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وأخرى في العاصمة برئاسة فايز السراج، فلم تستطع منذ سقوط معمّر القذافي، في أكتوبر (تشرين الأول) 2011، من بناء ركائز الدولة.

ومع إطلاق حفتر حملة "لتحرير طرابلس من الإرهابيين"، في بداية أبريل (نيسان)، والانقسام الدولي حول ليبيا، وقع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، غسان سلامة، في دائرة الاتهام بالانحياز.

فقد اتهم حفتر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالتحوّل إلى "وسيط منحاز" في النزاع الليبي. وذلك بعدما حذّر سلامة، في إحاطة لمجلس الأمن في 21 مايو، من تحوّل معركة الوصول إلى طرابلس إلى بداية "حرب طويلة ودامية"، داعياً إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف تدفق الأسلحة الذي يؤجج القتال في البلاد.

ورأى حينها سلامة أنّ "الهجوم على طرابلس قوّض أي فرص لنجاح المحادثات التي عقدت في 27 فبراير (شباط) في أبو ظبي". وأضاف أن هذه المحادثات كانت "فرصة حقيقية لاستبدال حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وحل الحكومة الموازية في البيضاء وإنشاء حكومة وطنية موحّدة وشاملة للجميع، كان من شأنها أن تقود البلاد إلى إنهاء الفترة الانتقالية من خلال العملية الانتخابية".

"تصريحات غير مسؤولة"

أمّا حفتر فرأى، في مقابلة مع صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية في 26 مايو، أن سلامة يستمر بالإدلاء بـ "تصريحات غير مسؤولة" وأنه "لم يكن هكذا من قبل، لقد تغير"، مضيفاً أن سلامة تحوّل "من وسيط نزيه وغير متحيز" إلى "وسيط منحاز".

وقال قائد الجيش الوطني الليبي إنّ "تقسيم ليبيا هو ربّما ما يريده خصومنا. ربما هذا ما يبتغيه غسان سلامة أيضاً"، متابعاً "لكن طالما أنا على قيد الحياة، فلن يحدث هذا أبداً".

ومع احتدام الأزمة الليبية، لم ينجح مجلس الأمن الشهر الماضي في تمرير قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في ليبيا والعودة إلى المحادثات السياسية لإنهاء النزاع.

وبهذا، تكون بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد فشلت، منذ إنشائها عام 2011، في إنهاء الصراع الليبي، مع تعاقب أربعة أشخاص على رئاستها، هم بالتوالي طارق متري (2011-2014) وبرناردينو ليو (2014-2015) ومارتن كوبلر (2015-2017) وغسان سلامة المبعوث الحالي.

 

سوريا... الفشل الذريع

كذلك الأمر في سوريا، التي تشهد حرباً وانقسامات منذ عام 2011. إذ يبدو دور مبعوث الأمم المتحدة الخاص إليها هامشياً، نظراً إلى تعدّد اللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين في هذه الأزمة.

فالمبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، قال بنفسه خلال مداخلته الأولى أمام مجلس الأمن، إن "النزاع أبعد من أن ينتهي" في هذا البلد. ودعا بيدرسن، الذي تسلّم مهامه في يناير (كانون الثاني)، إلى إنشاء منتدى دولي مشترك، "تعمل من خلاله الدول الرئيسية على حلّ مسائل عالقة، وعلى السير بعملية سياسية يقودها سوريون".

وبيدرسن هو مبعوث الأمم المتحدة الرابع إلى سوريا منذ عام 2011، بعد الجزائري الأخضر الإبراهيمي (2011-2012) والأمين العام السابق للأمم المتحدة الراحل كوفي أنان (2012) وستافان دي ميستورا (2014-2019).

وأمام المساعي الفاشلة المتتالية لمبعوثي الأمم المتحدة، يُسلّط الضوء على مدى قدرة الأمم المتحدة على لعب دورها في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وعمّا إذا كانت قد تحوّلت إلى مجرّد مؤسّسة شكلية، لا حول لها ولا قوّة.

المزيد من العالم العربي