Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قضية الصحراء الغربية... دعوات إلى السلم في ظل التصعيد

يرى مراقبون أن "كوابح دولية" تمنع انزلاق المواجهة بين المغرب والجزائر إلى الحرب

صحراويات تشاركن في عرض عسكري بمناسبة الذكرى الـ45 لإعلان "الجمهورية الصحراوية" بمنطقة تندوف، في 27 فبراير الماضي (أ ف ب)

سُجل أخيراً احتدام الصراع بشأن قضية الصحراء الغربية واتجاه أطراف في النزاع نحو التصعيد، إذ يعتبر المغرب المنطقة جزءاً من أراضيه ويشترط مناقشة الملف في إطار مبدأ الحكم الذاتي الذي اقترحه قبل أعوام، لكن جبهة "بوليساريو" التي تعتبر الإقليم أرضاً لـ"الجمهورية الصحراوية"، تهدد الرباط بشن الحرب، فيما تنفي الجزائر أن تكون طرفاً في القضية على الرغم من احتضانها "الجبهة" على أراضيها ودعمها لها تمويلاً وتسليحاً. وعلى الرغم من استمرار ذلك الوضع المتأزم، تتوالى المبادرات والدعوات إلى إنهاء النزاع بطرق سلمية.

تصعيد متجدد

تتوالى الصدامات والمناوشات بين المغرب من جهة، والجزائر و"بوليساريو" من جهة أخرى، وذلك منذ اندلاع النزاع إثر تنظيم المغرب عام 1975 "المسيرة الخضراء" لاسترجاع ما يعتبر أنه جزء من أراضيه، وذلك عقب إنهاء إسبانيا احتلالها للإقليم.
وفي آخر تطورات النزاع بين الأطراف، قررت الرئاسة الجزائرية قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في 24 أغسطس (آب) الماضي، على خلفية اتهامها الرباط بالقيام بـ"أعمال عدائية". ومنعت الجزائر على الأثر الطائرات العسكرية والمدنية المغربية من استخدام مجالها الجوي. وكانت السلطات الجزائرية اتهمت المغرب بدعم جماعات تقف وراء حرائق هائلة شهدتها ولايات جزائرية عدة خلال الصيف الماضي، كما قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عدم تجديد عقد استغلال خط الأنابيب الذي يزوّد إسبانيا بالغاز الجزائري مروراً بالأراضي المغربية.
وكان الجيش المغربي استهدف قياديين في جبهة "بوليساريو" بهجمات بطائرات مسيّرة في 15 نوفمبر، بداعي أنهما كانا بصدد تنفيذ هجوم إرهابي قرب الجدار العازل.

عوائق أمام حل النزاع

في المقابل، أشار مراقبون إلى أن حل أزمة الصحراء مرتبط بمدى نية الأطراف لتبنّي الحوار. ورأى الباحث السياسي المغربي هشام معتضد أن "تجاوز التوتر في ملف الصحراء رهن بمدى استعداد المغرب والجزائر للجلوس إلى طاولة المفاوضات من دون شروط مسبقة، وفي احترام تام لسيادة البلدين وبنيتهما الديموغرافية"، معتبراً أن "إجراءات التصعيد الأخيرة من قبل السلطات الجزائرية وتشبّث الرباط بحقها الشرعي في الدفاع عن سيادتها، يشكلان عائقاً كبيراً أمام استئناف المفاوضات أو الجلوس إلى طاولة التدبير السياسي والدبلوماسي لملف الصحراء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد أنه "استراتيجياً وسياسياً، لا يمكن للبلدين أو الشعبين بناء مؤسسات قوية ونسيج اجتماعي قوي من دون تكامل سياسي واقتصادي وتفاهم أمني استراتيجي في المنطقة"، مشيراً إلى أن "تحسن وضع البلدين رهين بنجاح وانفتاح الآخر، بخاصة أنهما ينتميان إلى فضاء مشترك، ويشتركان في مواجهات وتحديات كبيرة لن يتم كسبها إلا من خلال مقاربة تشاركية ومتكاملة بين مؤسسات البلدين والعيش المتكامل للشعبين الشقيقين".

دعوات إلى السلام

وفي ظل احتدام الصراع في قضية الصحراء حالياً، تصدر باستمرار الدعوات لأطراف النزاع المنادية بالسلم ونبذ العنف، مشددة على حق الشعوب في التمتع بالسلام، وذلك في منطقة تضيع كثيراً من فرص التكامل الاقتصادي بسبب الخلاف. ولفت إدريس السدراوي، الرئيس الوطني للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إلى "وجود رغبة لدى الشعبَين المغربي والجزائري بإنهاء التصعيد بينهما، وذلك بهدف تفادي وقوع حرب وما يترتب عليها من دمار وكوارث"، موضحاً أن "إقامة سلم دائم في المنطقة يمثل الشرط الأول لقيام وحدة مغاربية على كل المستويات". كما شدد السدراوي على "الحق المقدس لشعبي البلدين في السلم، إذ إن ضمان حق الشعوب في السلم يتطلب من الدول أن توجه سياساتها نحو القضاء على أخطار الحرب، وفي مقدمتها الكيانات والحركات الانفصالية المهددة للسلم والاستقرار ووحدة البلدان، ونبذ استخدام القوة في العلاقات بين البلدين".
وكانت حركة "صحراويون من أجل السلام" تأسست على يد قوى صحراوية في 22 أبريل (نيسان) 2020 بهدف الاعتراض على توجهات "بوليساريو"، بحيث أشار السكرتير الأول للحركة الحاج أحمد إلى أنه "بعد عملية مطولة من النقاش وإعادة تقييم شامل، قررت الحركة فتح طريق جديد معارض للمسار المسلح ومؤيد لحل وسط"، موضحاً أنه "انطلاقاً من الاقتناع بأن هذا المسار ربما يكون الخيار الوحيد القابل للتطبيق لإخراج شعبنا من النفق الذي حوصر فيه طيلة 50 سنة، إلى جانب الخسائر في الأرواح البشرية وتشتيت العائلات التي سببتها هذه المغامرة حتى الآن. ولا يزال عدد كبير من السكان الصحراويين يعانون المنفى ويعيشون في ظروف سيئة وقاسية في مخيمات اللاجئين في صحراء تندوف النائية".
في سياق متصل، أكد مستشار الرئيس التونسي وليد الحجام أن بلاده تتمسك بعلاقاتها الأخوية والتاريخية المتميزة مع كل الدول المغاربية، وتعتبر الفضاء المغاربي مكسباً مهماً وخياراً استراتيجياً لا غنى عنه، وتحرص على تدعيمه بالتعاون مع كل الأشقاء في المنطقة، وذلك إيماناً منها بوحدة المصير، وبضرورة العمل المشترك لتحقيق تطلّعات الشعوب"، مشدداً على حرص بلاده "على تغليب لغة الحوار للتوصل إلى حل سياسي مقبول لهذا الملف، يُعزّز الاستقرار في المنطقة، ويفتح آفاقاً واعدة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي ويدعم قدرتها على رفع التحديات الأمنية والاقتصادية والتنموية المشتركة".
من جانبه، أكد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن "الجزائر تسعى دوماً بصفتها بلداً جاراً ومراقباً للعملية السياسية إلى أن تكون على الدوام مصدراً للسلم والأمن والاستقرار في جوارها"، لكنه أشار إلى أن بلاده "تجدد التأكيد على موقفها الدائم لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وتدعو الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها القانونية تجاه الشعب الصحراوي وضمان حقوقه غير القابلة للتصرف".

استبعاد المواجهة العسكرية

ويشير مراقبون إلى أن تهديد جبهة "بوليساريو" المتكرر بشن الحرب على المغرب، إضافة إلى احتمال تطوّر الصراع بين المغرب والجزائر إلى مواجهة عسكرية، تبقى مستبعدة في ظل وجود اعتبارات متعددة.
ولفت أستاذ العلاقات الدولية عصام لعروسي إلى "ضعف وضع الجبهة، بخاصة بعد الهزائم المتكررة في الفترة الأخيرة من خلال تراجع الاعترافات، وأيضاً من خلال ما يقع داخل الإقليم الجزائري تندوف، وما يحدث من غليان داخلي"، مشيراً إلى "وجود كوابح على الواجهة الدولية لا تسمح بتطور هذا النزاع عسكرياً على الأقل، ووصوله إلى حد المواجهة المباشرة". وأضاف لعروسي "أعتقد أن التطمينات الأميركية والإسرائيلية، والتوجه الحاصل في الموقف الإسباني الذي يحاول أن يلعب دور الوساطة لحل هذه الأزمة، بخاصة أن مخلفاتها ستكون ثقيلة على كل الجوار عسكرياً واستراتيجياً واقتصادياً". وتابع "المغرب يتمسك بمقترح الحكم الذاتي الذي ما زال غير معتمد من طرف الجزائر وجبهة بوليساريو، أو حتى في قرارات الأمم المتحدة، بخلاف بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة... في حين هناك غموض بشأن هذه المفاهيم، بخاصة الحق في تقرير المصير والسيادة المغربية على الصحراء. إن هذه الأمور يجب أن تتوضح، ويجب وضع أرضية للنقاش وأن تلعب الدبلوماسية غير الرسمية دوراً أساسياً من خلال مجموعات الضغط في العواصم الأوروبية والدولية، كي ينجح من يمارس الدبلوماسية الموازية في طي هذا الملف والوصول إلى حلول وسطى تحاول أن تقرب وجهات النظر بين دول الجوار، في ظل وجود نقاط تلاقٍ عدة بين شعوب المنطقة".

المزيد من متابعات