Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وساطة إسبانية عسيرة لإذابة الجليد بين المغرب والجزائر

ترتبط مدريد بمصالح حيوية مع الجارين "اللدودين" في شمال أفريقيا

الصورة الجماعية للمسؤولين المشاركين في المؤتمر الدولي حول ليبيا في باريس، في 12 نوفمبر الحالي، بحضور وزيري خارجية المغرب والجزائر (أ ف ب)

يبدو أن الأزمة بين المغرب والجزائر باتت تقلق إسبانيا جدياً، بعد أن وضعتها في موقع حرج بين هذين البلدين، حيث لها مصالح حيوية في كل منهما. وعلى الرغم من الجهود العلنية والخفية التي قامت بها مدريد لإصلاح العلاقات بين البلدين المغاربيين، فإنه لم يتحقق أي تقدم، لتلجأ إلى "الاتحاد من أجل المتوسط" كفضاء يمكنه معالجة التوتر.

تمسك مدريد

وبعدما وجدت نفسها أمام وضع حساس، واصلت مدريد العمل على إذابة الجليد بين الجارين "اللدودَين" الجزائر والمغرب، سعياً منها لتخفيف الضغط المتزايد مع استمرار "الضرب تحت الحزام". وتكشف مواقف إسبانيا التي جاءت حذرة مع بداية الأزمة بين الجزائر والرباط، عن حالة "ارتباك"، إذ إن ما يهمها فعلياً هو ضمان التزوّد بالغاز الجزائري، والحفاظ على مصالحها في المغرب، وهو ما تلقت بشأنه ضمانات من مسؤولي البلدين، بعد زيارات متتالية لمسؤولين حكوميين إسبان إلى العاصمتين.
لكن ما يثير التساؤل هو تمسك مدريد بضرورة إنهاء الأزمة بين البلدين أو التخفيف من حدة التوتر بينهما مؤقتاً في الأقل، وفق ما صرح وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في حوار مع جريدة "دياريو دي سيفيا" الإسبانية، حين وصف الأزمة بين الجزائر والمغرب بـ"الشائكة". وقال إن "المغرب والجزائر بلدان شريكان أساسيان لإسبانيا وللاتحاد الأوروبي، ومعهما نبني العلاقة في البحر الأبيض المتوسط"، مضيفاً أنه خلال يومي 28 و29 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ستحتضن مدينة برشلونة الإسبانية اجتماعاً لاتحاد المتوسط، حيث ستُبحث هذه القضايا. وشدد ألباريس "نحن في إسبانيا سنعمل دائماً من أجل الانفراج وحسن الجوار والتعاون في تنمية البحر الأبيض المتوسط. الحوار أساسي في هذا الشأن".
عرض الوساطة الإسبانية أثار مواقف في البلدين حول جدية الخطوة من جهة، وقدرتها على إعادة الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً، أي في شكل "توتر محدود"، من جهة ثانية، بخاصة أنها تأتي على أنقاض وساطات عربية ذات صدقية.

"خصوصية" فائقة

في السياق، رأى الباحث المغربي في الشؤون المغاربية، يحيى بن طاهر، أن "المهمة الإسبانية المرتقبة أو المحتملة، تبدو عسيرة للغاية بدرجة مستحيلة"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "الوساطة الإسبانية في الخلاف الجزائري - المغربي، واردة من عدة نواحٍ، أهمها ارتباط الأطراف الثلاثة بأنبوب الغاز المغاربي الذي يمر عبر المغرب وبادرت الجزائر إلى إغلاقه لأسباب معروفة، ثم لأن إسبانيا تربطها بالمغرب والجزائر علاقات استراتيجية، وعليه ومن هاتين الزاويتين يمكن فهم اعتناء واهتمام الجانب الإسباني بالوساطة لأجل حل الأزمة". وأضاف بن طاهر، أنه "لا يمكن، لحدّ الآن، فهم شكل وكيفية هذه الوساطة التي نقلتها وسائل الإعلام استناداً إلى تصريحات وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس، الذي وصف المغرب والجزائر بالشريكين الاستراتيجيين لبلاده"، موضحاً أن "الكرة لا زالت في الملعب الجزائري وتبدو يتيمة، لا تجد مَن يحركها". وقال الباحث المغربي إن "الجزائر هي التي ترفض أي وساطات على ما يبدو في الظاهر، فخلال كل الأزمات التي تحدث بين الدول، تجد مبادرات وساطة من هنا أو هناك، ما يجعل الأمر يبدو كأنه عناد ضد المصلحة المغاربية والمنطقة المتوسطية في إرساء علاقات مؤسسة على روح التعاون والثقة والمصالح".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبخصوص حظوظ نجاح المهمة الإسبانية، شدد بن طاهر على أنه "لا مستحيل في السياسة والعلاقات الدولية، كل شيء ممكن، خصوصاً في الحالة الجزائرية - المغربية التي يستدعي علاجها خصوصية فائقة، بدءاً بتهذيب الإعلام هنا وهناك، الذي يبدو أنه دخل حرباً في وقت كان عليه أن يؤسس لأسباب السلام ويهيئ الأرضية للسياسيين والدول التي ترغب في التوسط لإيجاد حل".

الأولى من نوعها أوروبياً

وتُعد الوساطة الإسبانية الأولى من نوعها التي تأتي من جانب دولة في الاتحاد الأوروبي، ما أثار الاهتمام مقارنةً بـ"الصمت" المعتمد من فرنسا التي يبدو أنها تفضل التريث في اتخاذ أي خطوة، بدليل أنها لم تبادر إلى لعب أي دور وساطة بين وزير خارجية الجزائر رمطان لعمامرة ونظيره المغربي ناصر بوريطة، خلال حضورهما مؤتمر باريس حول ليبيا في 12 نوفمبر الحالي.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أعلنها صراحة بعد ظهور مساهمات من بعض الأطراف العربية لوضع حد للتوتر، فقال "لن نقبل بأي وساطة، فالجزائر لم تمس بوحدة تراب المملكة التي تجنّت على السلامة الترابية للجزائر".

صعوبة كبيرة

في السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، مومن عوير، أن "الجزائر لن تقبل بأي مبادرة لإعادة العلاقات بينها وبين المغرب، إذ رفضت وساطات أخرى من قبل". وقال إن "هناك صعوبة كبيرة في عودة العلاقات إلى طبيعتها حتى بوجود وساطة إسبانية أو غيرها، وذلك لتعدد أسباب الأزمة".
وأوضح عوير أن "سعي إسبانيا إلى تخفيف التوتر إنما يرجع إلى قربها الجغرافي وعلاقاتها الودية مع الدولتين. كما تشهد مدريد التأثيرات السلبية لتراجع العلاقات الجزائرية - المغربية على مستويات عدة وفي مختلف المجالات". وتابع أنه "ربما تريد إسبانيا استغلال لقاء الاتحاد من أجل المتوسط في برشلونة، لمحاولة تحسين العلاقات الجزائرية - المغربية على الرغم من علمها بصعوبة المهمة"، معتبراً أن "هذا التنظيم المتوسطي ليس مكاناً مناسباً لطرح مثل هذه الوساطات".

المزيد من العالم العربي