Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجاهل إسقاط "قانون المواطنة" يهدد استقرار حكومة بينيت

النيابة العامة ترد الالتماس بالتعامل مع طلبات لم الشمل وكأن القانون بشأنها ما زال ساري المفعول

هوية اسرائيلية زرقاء وأخرى فلسطينية خضراء مع خاتمي زواج (اندبندنت عربية)

داخل أروقة قسم الطوارئ، تتخبط أسمهان الجبالي (40 سنة) من غرفة إلى أخرى ومن طبيب لآخر، علّها تسرع في إنقاذ طفلها الذي تعرّض لحادث خطير في مدينة الناصرة (شمال إسرائيل)، ويحتاج إلى عملية جراحية عاجلة، إلا أن الأطباء هناك وعلى الرغم من موافقتها، رفضوا إجراء العملية، فالجبالي التي تحمل بطاقة هوية خضراء (فلسطينية من الضفة الغربية)، وتعيش في إسرائيل عبر تصريح مؤقت، ليست وصية على أبنائها، بحسب "قانون المواطنة" الذي فشل بداية يوليو (تموز) الماضي في الحصول على الأغلبية المطلوبة لتمديد سريانه خلال التصويت عليه في الكنيست الإسرائيلي، للمرة الأولى منذ اعتماده عام 2003 بعدما كان يتم تجديده سنوياً.

إسقاط القانون لم يغير واقع الحال، فحسب تقارير إسرائيلية، فإن مكاتب وزارة الداخلية الإسرائيلية وتسجيل السكان ترفض استقبال طلبات "لم شمل"، لأن القرار النهائي بموجب القانون يعود إلى وزيرة الداخلية الإسرائيلية إيليت شاكيد التي أعلنت مسبقاً رفضها قبول أي طلب للم الشمل، وقررت تجاهل عدم تمديد بند "لم شمل" العائلات، الذي أحد الزوجين فيه مواطن عربي في إسرائيل والآخر مواطن من الضفة الغربية وقطاع غزة، والتعامل مع "لم الشمل" كأن القانون لم يسقط، بل أوعزت لسلطة السكان والهجرة بمتابعة طلبات الفلسطينيين وفقاً للوضع القانوني الذي كان سائداً عندما كان قانون المواطنة ساري المفعول.

هوية زرقاء

قالت الجبالي، "أربعة أشهر مرت على سقوط قانون المواطنة، الذي حرمنا منذ عقود الإحساس بالاطمئنان والأمان مع أزواجنا وعائلاتنا داخل إسرائيل، هناك آلاف العائلات المشتتة التي تنتظر الموافقة على طلباتها في لمّ الشمل، واستكمال الإجراءات القانونية التي تسمح لنا بعد طول عناء من العيش بحرية، والحصول على الجنسية والهوية الزرقاء (إسرائيلية) التي ستمكننا بطبيعة الحال من التمتع بإقامة قانونية دائمة داخل إسرائيل وأخذ كامل حقوقنا. العائلات المتضررة من منع لم الشمل حتى اليوم، تدفع بشكل شهري نحو 800 شيكل (250 دولاراً)  كاشتراك في صناديق المرضى لتلقي العلاج، على الرغم من عدم حصولهم على الخدمات العلاجية كافة التي تشكلها السلة الطبية الإسرائيلية، كما يُمنعون من قيادة المركبات والعمل بموجب شهاداتهم الأكاديمية التي يمكنهم الحصول عليها من الجامعات الإسرائيلية، إذ إن فرص التوظيف في الدولة شبه مستحيل، بالإضافة إلى عدم تمكنهم من فتح حسابات بنكية، ولا يحصل أبناء هذه العائلات على أية استحقاقات من مؤسسة التأمين الوطني ولا نحظى بفرصة السفر كعائلة متكاملة".

أضافت الجبالي، "نحو 60 في المئة من العائلات المتضررة من سريان قانون منع لم الشمل على الرغم من إسقاطه ترزح تحت خط الفقر، وهذه العائلات بالأصل لا تحظى بفرص عمل متساوية مع المواطنين الحاملين الهوية الزرقاء، ويتم استغلالهم من حيث الأجور الزهيدة بدلاً من دفع الأجور لها بحسب القانون. الحق لا يؤخذ بل ينتزع ولدينا حق إنساني في اختيار شريك الحياة، ونرفض أي قوانين تحرمنا هذا الحق، علينا أن نستمر في معركتنا لانتزاع الحقوق المشروعة".

صلاحيات مفتوحة

على إثر تجاهل شاكيد عدم تمديد بند منع "لم شمل"، واستعدادها لبلورة قانون بديل يؤدي إلى النتيجة ذاتها (الحرمان من لم الشمل). قدمت ثلاث منظمات حقوقية إسرائيلية (جمعية حقوق المواطن، المركز لحماية الفرد، أطباء لحقوق الإنسان) التماساً ضد وزيرة الداخلية إلى المحكمة المركزية في القدس، استناداً إلى انتهاء سريان القانون ومصدر صلاحيته، لمسّه الشديد بالحقوق الدستورية لحياة العائلة والمساواة، إذ قالت المنظمات الحقوقية، "يتعين على وزارة الداخلية العمل فوراً من أجل السماح بتسوية مكانة أفراد عائلة الذين لم يُسمح لهم بذلك بقلب منفتح وبنزاهة من دون تمييز ومن دون إثقال أعباء الإجراءات البيروقراطية عليهم".

النيابة العامة الإسرائيلية ردت على الالتماس في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بأن أيدت قرار وزيرة الداخلية، بالتعامل مع طلبات "لم الشمل"، وكأن القانون بشأنها ما زال ساري المفعول، بقولها، "الاعتبارات الأمنية تلزم بحذر خاص لدى منح مكانة لسكان المنطقة في إسرائيل، وقرارات وزيرة الداخلية وإجراءاتها اتخذت ضمن صلاحياتها، بصورة تتلاءم مع الظروف المعينة الناشئة. التهديد المركزي من هذه المجموعة السكانية (من الضفة الغربية وغزة) ينبع من كونها من منطقة مريحة ومتاحة للتجنيد لمنظمات إرهابية، وكذلك على إثر الاحتمال المرتفع بأن يكونوا منفذي عمليات فردية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المحامي عوديد فيلر، من جمعية "حقوق المواطن" يقول، "موقف وزيرة الداخلية بدعم من المستشار القضائي للحكومة يهوّر القانون الدستوري الإسرائيلي عقوداً إلى الوراء. وبموجب هذا الموقف، لم تكن هناك حاجة أبداً إلى سن قانون خاص. هذا مفهوم خطير يستخف بالكنيست، ويسمح للحكومة بالمس بشكل خطير بحقوق الإنسان، من دون منح صلاحية لتنفيذ ذلك في القانون. ونأمل بأن توضح المحكمة هذا الأمر للحكومة".

خطر متزايد

بحسب النيابة العامة الإسرائيلية، فإن سلطة السكان والهجرة امتنعت عن النظر في طلبات "لم الشمل" على الرغم من انتهاء صلاحية القانون، بعد أن تلقت شاكيد موقف "الشاباك" (جهاز الأمن العام الإسرائيلي) في أبريل (نيسان) الماضي، الذي أشار إلى أن دخول سكان الضفة الغربية وقطاع غزة ودول معادية أخرى مثل لبنان وسوريا والعراق وإيران إلى إسرائيل بعد تقديم طلبات "لم شمل" "تنطوي على احتمال خطر متزايد ومثبت، مقارنة بطالبي لم شمل من أماكن أخرى". وبحسب "الشاباك"، فإن 78 فلسطينياً من أصل 165 ممن حصلوا على مكانة رسمية بموجب قانون "لم الشمل"، أدانتهم المحكمة الإسرائيلية بجرائم تتعلق بالإرهاب، في وقت أكدت الحكومة الإسرائيلية عام 2003 أن "45 إسرائيلياً قتلوا وأصيب 124 آخرون في هجماتٍ شارك فيها هؤلاء الفلسطينيون".

وأكد مدير سلطة السكان والهجرة، تومير موسكوفيتس، أن شاكيد أوعزت بفحص تبعات انتهاء صلاحية القانون، الذي يمنع منح مكانة في إسرائيل لفلسطينيين متزوجين من مواطنين في إسرائيل، وذلك "من أجل بلورة سياسة واضحة، ولأن الأمر قد يستغرق وقتاً بسبب تعقيدات الموضوع".

نضال شعبي

بحسب مركز "مدار" للدراسات الإسرائيلية، فإن قانون المواطنة من الناحية القانونية لم يعد قائماً، بمعنى أن الحكومة لا تستطيع طرح طلب تمديد سريانه، بل عليها أن تطرح مشروع قانون بديل، وهذا ما تعمل عليه وزيرة الداخلية إيليت شاكيد مع طاقم خبراء.

سهاد بشارة المحامية في المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل "عدالة" قالت إن "قرار شاكيد بالتعامل مع طلبات لم الشمل وكأن القانون بشأنها ما زال ساري المفعول لا يوجد له أي رصيد قانوني، وهي تعمل على سنّ قانون جديد يشابه إلى حدّ بعيد قانون منع لم الشمل السابق ويطابقه في جميع بنوده، ومن المتوقع أن يتم تمريره في الكنيست (البرلمان) خلال الأسابيع المقبلة، وعلى إثر ذلك، قمنا بإرسال رسالة للمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، لطعن دستورية اقتراح القانون الجديد، وفي حال التصويت عليه بثلاث قراءات بشكل نهائي، سنتوجه إلى المحكمة للطعن فيه وإلغائه".

من جانبه، أكد جعفر فرح مدير عام مركز "مساواة" الحقوقي وجود نحو 40 إلى 50 ألف طلب لفلسطينيين من داخل إسرائيل، ومن 20 إلى 30 ألف طلب لمقدسيين من القدس يحتاجون لـ "لم الشمل"، وأنه بموجب إسقاط "قانون المواطنة"، فإن المحاكم تستطيع اتخاذ قرار فوراً بـ "لم الشمل" بلا صلاحية لوزيرة الداخلية، مرجحاً عودة النضال الشعبي والاحتجاجات والمعارك القانونية، حال موافقة الكنيست على قانون شاكيد الجديد، أو تجاهلها إسقاط القانون.

حق أساسي

سُن قانون المواطنة المؤقت للمرة الأولى عام 2003 خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية من غالبية أعضاء الكنيست، الذين دعموه كإجراء أمني أساسي مهم "لمنع الإرهاب الفلسطيني"، لكن معارضيه ينتقدونه باعتباره إجراء تمييزياً يستهدف الأقلية العربية في إسرائيل التي تشكل 20 في المئة من عدد السكان، ولكن ظل يُمدد بشكل دوري كل عام منذ ذلك الحين، وتوسع عام 2007 ليشمل مواطني إيران والعراق وسوريا ولبنان. وكانت وزارة الداخلية ترفض طلبات "لم الشمل" بصورة أوتوماتيكية، إلّا في حال اتخذ وزير الداخلية قراراً آخر، وبعد انتهاء صلاحية القانون بداية يوليو (تموز)، ينبغي الموافقة على أي طلب لم شمل مستوفي الشروط، إلّا في حال اعترض "الشاباك" على ذلك، وأشار إلى مانع أمني عيني، وفي حال عدم تدخل وزير الداخلية.

وبحسب المحللة القانونية في موقع "واينت" الإسرائيلي، طوفا تسيموكي، إلى أنه بغياب القانون، ستضطر شاكيد إلى النظر في كل طلب على حدة، ودراسة ما إذا كان يستوفي الحالات الاستثنائية بـ "لم شمل" العائلات، وأضافت، "من أجل رفض طلب لم شمل عائلة معينة، ستضطر وزيرة الداخلية إلى الاستعانة بالشاباك لإثبات أن مقدم الطلب يشكل خطراً أمنياً. وليس بإمكان الشاباك أن يوصي برفض الطلب بشكل تعسفي، من دون أدلة جنائية أو إجرائية، وإذا كان الرد على الطلب سلبياً، بإمكان مقدمه الالتماس إلى المحكمة العليا، وستضطر شاكيد حينها أن تفسر للمحكمة أسباب رفض الطلب ومنع الزوجين من حياة عائلية عادية".

وتابعت تسيموكي، "هذا القانون يعتبر إشكالياً بسبب مسّه بحقوق المتزوجين بحياة عائلية، مثلما ينص عليه قانون الأساس: كرامة الإنسان وحريته، والذي يعترف بحق أي "إسرائيلي" بإقامة عائلة كحق أساسي".

أمنية قومية

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، اتهم معارضيه بتوجيه "ضربة مباشرة" لأمن الدولة العبرية بعد رفض الكنيست الإسرائيلي تجديد قانون المواطنة في يوليو الماضي، وبأنهم اختاروا "اللعب بالسياسة على حساب مصلحة مواطني إسرائيل"، إلّا أن وزير الخارجية يائير لبيد كشف عن الدوافع الأساسية لاستمرار منع "لم الشمل"، والمتمثلة في ضمان الأغلبية اليهودية لسكان إسرائيل، وغرّد على حسابه عبر "تويتر" في وقت سابق، "إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وهدفنا أن تكون لدينا أغلبية يهودية. بالإضافة إلى ذلك، للقانون أهمية أمنية". وأوضح أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي قدّم معطيات تفيد بأن إسقاط القانون، "سيؤدي لضرر مادي على أمن إسرائيل".

يذكر أنه يمكن لغير اليهود الذين يتزوجون من يهود إسرائيليين التقدم بطلب للحصول على الجنسية، من خلال عملية مدتها خمس سنوات، تخضع لفحوصاتٍ أمنية فردية، كما أنه، ومنذ تأسيس دولة إسرائيل، يمكن لأي يهودي الانتقال إلى إسرائيل والمطالبة بالجنسية.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط