Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل هذه بداية النهاية لبوريس جونسون؟

مع احتلال حزب العمال الصدارة في استطلاعات الرأي ألحق الخلاف حول الوظائف الثانية للنواب بعض الضرر برئيس الوزراء

إضافة إلى مشاكل عدة زار بوريس جونسون مستشفى من دون أن يرتدي كمامة (أ ف ب)

غادر دومينيك كامينغز (المستشار السابق لبوريس جونسون) مقر رئاسة الوزراء قبل سنة مع إطلاق رئيس الوزراء حملة التلقيح ضد فيروس كورونا. وقدم ذلك فرصة لبوريس جونسون لإعادة تعريف نفسه، فاستغلها ببعض النجاح. ومع ابتعاد كامينغز، تمكن رئيس الوزراء من استعادة العلاقات مع الصحافيين والوزراء والنواب المحافظين والخدمة المدنية.

وخلال معظم السنة الماضية، عاش جونسون أفضل مراحل حياته، تدعمه نشوة إزاء اللقاحات في استطلاعات الرأي ويصخب حول "تحقيق المساواة". ومن ناحية أخرى، لم تصبه بأي ضرر محاولات مستشاره الأول السابق تدميره، بروايات متنوعة حول الفوضى التي شابت تعامله مع المرحلتين المبكرة والمتوسطة من الجائحة.

لكن، كأنما رئيس الوزراء قد قال "إذا قيض لأحد أن يدمرني، فسأفعل ذلك بنفسي". وهكذا، طلب من النواب المحافظين أن يصوتوا ضد معاقبة (النائب المحافظ المستقيل) أوين باترسون بسبب ممارسته الضغط في مقابل المال. ومع انهيار الغالبية البرلمانية لحكومته من 80 إلى 18، تنبه جونسون إلى أنه ارتكب خطأ، فأمر بالتراجع وطالب بمعرفة الأحمق الذي نصحه بأن ذلك الطلب شكل خطوة ذكية.

لكن، في غياب مستشار قوي تماماً يتحمل اللوم على غرار كامينغز، تحمل جونسون المسؤولية. وقد انفجرت في وجهه كما يجب، تاركة رئيس الوزراء يرمش بعد أن غطاه سخام الانفجار، كأنه أحد شخصيات الرسوم المتحركة.

لقد وصلنا الآن إلى مرحلة مهمة في تطور الرأي العام تعرف باسم "تقاطع الطرق"، إذ تتبدل متوسطات الاستطلاعات من تقدم بسيط للمحافظين إلى تقدم بسيط للعمال. لكن، يجب ألا نبالغ في تقييم الأثر الذي ولده أسبوعان من العناوين الإخبارية المتعلقة بالمصالح الخارجية للنواب المحافظين. إذ إن كثيراً من الناخبين غير مهتمين إلى هذه الدرجة، وبالنسبة إلى كثيرين، لا يثبت الأمر سوى أن "جميع السياسيين متساوون". وقد تكون مسائل أخرى مهمة أيضاً على غرار حالة هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، وإمكانية رفع الضرائب، والمشاهد العيانية عن وصول أشخاص في قوارب صغيرة عبر القناة الإنجليزية.

وبالتالي، ليس التساوي بين المحافظين والعمال في استطلاعات الرأي قبل سنتين ونصف السنة من الانتخابات المرجحة في مايو (أيار) 2024، أمراً يستحق قلقاً غير مبرر من قبل حزب حاكم. لكن القلق آت. ثمة مجموعتان من الناس عرضة إلى المبالغة في الرد على "تقاطع الطرق"، هما النواب المحافظون والنواب العماليون. ومن المرجح أن يشعر النواب المحافظون بالذعر، ومن المتوقع أن يسمح بعض النواب العماليين، في الأقل، لمشاعر الازدراء حيال جونسون بالتشويش على حكمهم.

تميل المجموعتان إلى تبني نظرية "الانهيار المفاجئ" للقاعدة الانتخابية الخاصة برئيس الوزراء. إذ تعتقد كلتا الفئتين أن جونسون غير منظم وغير كفوء إلى درجة أنه، ما إن تبدأ الأشياء بالتحول ضده، سيرتكب مزيداً من الأخطاء وسينفر مزيداً من الناس، إلى أن تبدأ الجدران في التساقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا تفسير حاول جاهداً الترويج له كامينغز الذي احتفل بذكرى استقالته عبر منشور في مدونته يشرح مجدداً لا جدوى "العربة"، وهو الوصف الذي يطلقه على رئيس الوزراء. وعلى غرار ما تكونه الحال دائماً مع كامينغز، يشكل المنشور مجموعة ذكية من المعطى والفكرة المتفائلة. إذ يشير إلى أن تهديد جونسون في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بتعليق العمل بالبروتوكول الخاص بإيرلندا الشمالية، من المستبعد أن ينجح. وكذلك يقلل في شكل مبرر من أهمية الفكرة القائلة، إن ما يفعله جونسون يشكل خطة بارعة تستهدف "مواصلة إحياء بريكست بغرض الإخلال بتوازن حزب العمال". ومن المستطاع التعبير عن ذلك بـ"لقد قلنا إننا سننجز بريكست، أما الفكرة القائلة بأن المجادلة في شأن إيرلندا تشكل ما يريد أن يراه الناخبون الرئيسون، فتلك فكرة غبية جداً". ويثير ذلك الأمر الاهتمام، لأنه يبدو شبيهاً بالتكتيك العدواني المعطل الذي ربما ناصره كامينغز لأنه يعرف جيداً ديفيد فروست، المفاوض (البريطاني) على "بريكست".

ويشير كامينغز أيضاً إلى الرياء المحيط بتراجع جونسون في شأن المصالح الخارجية للنواب. إذ بات رئيس الوزراء يقول الآن، إنه "من المهم" أن يتبع النواب القواعد، ويطالبهم بـ"إعطاء الأولوية لعملكم كنواب وتكريس أنفسكم في شكل رئيس لناخبيكم". وكذلك يرى كامينغز، إن جونسون، بعد فوزه بالانتخابات قبل أن يضرب فيروس كورونا البلاد، ذكر أنه وجد وظيفة رئيس الوزراء "شبيهة بالنهوض كل صباح للهبوط بطائرة ’بوينغ 747’ على المدرج"، ولديه رغبة في "تمضية كثير من الوقت في تأليف كتابي عن شكسبير".

بعيداً عن الإشارة إلى أصول القصص آنذاك حول رغبة جونسون في مواصلة عمله ككاتب الذي يدر عليه أتعاباً جيدة، أعتقد أن كلام كامينغز يسيء قراءة قدرة رئيس الوزراء على التبديل بين الأمزجة، بل بين شخصيات كاملة، في الواقع. وبحسب كامينغز، حين يكون جونسون في وضع "الوعي الذاتي" حينما يقاتل من أجل البقاء، يكون سياسياً مختلفاً وأكثر إذهالاً.

في المقابل، هذا ليس السبب الوحيد للاعتقاد بأن نظرية "الانهيار المفاجئ" خطأ. أعتقد أن التحالف الانتخابي لجونسون آمن لأنه مبني على أساس التواؤم الجديد بشأن "بريكست". وكامينغز على حق في القول، إن الناخبين لا يريدون أن يروا "بريكست" نزاعاً دائماً، لكن "بريكست" يشكل السبب الذي جعل كثراً من المؤيدين الجدد للمحافظين يصوتون لمصلحة جونسون في 2019، ولا يستطيع حزب العمال فعل كثير للتخلص من هذه الهوية السياسية الجديدة.

من المؤكد أن ذلك ليس شيئاً يمكن للتجييش في شأن الوظائف الثانية للنواب أن يحققه. وعلى الرغم من المقارنات الساخنة بإفراط في فضيحة النفقات التي حدثت في 2009، لا أعتقد أن سبعة نواب سيذهبون إلى السجن هذه المرة.

بالنتيجة، لقد اتخذ جونسون قراراً سيئاً، حفزته ربما رغبة في إضعاف المفوض الخاص بالمعايير الذي قد يطلب منه الالتزام بالقواعد المصممة للحفاظ على نزاهة الحياة العامة. وأطلق قراره عاصفة من القصص التي تسببت ببعض الضرر، حتى لو لم يكن ذلك الضرر قريباً من المقدار الذي يستحقه. وأعتقد أن دومينيك كامينغز، و(وزير المالية) ريشي سوناك، و(زعيم حزب العمال) كير ستارمر، عليهم أن ينتظروا فترة أطول.

 

© The Independent

المزيد من آراء