Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا يخسر ثقة الناخبين بسبب الفساد

المعارضة تتقدم في 4 استطلاعات رأي متتالية بعد توالي الفضائح التي تطال النواب والمسؤولين

حكومة جونسون تفقد ثقة البريطانيين بشأن مكافحة الفساد  (أ ف ب)

تتوالى التعليقات وافتتاحيات الصحف ومداخلات المحللين في وسائل الإعلام البريطانية المختلفة عن مدى تأثير فضائح فساد نواب حزب المحافظين الحاكم في ثقة الناخبين بالحزب. وعلى الرغم من تحسن وضع حزب العمال المعارض قليلاً في استطلاعات الرأي منذ تولي السير كير ستارمر رئاسة الحزب خلفاً لجيريمي كوربن، فإن الأول حافظ دوماً على فارق واضح في الاستطلاعات متقدماً على المعارضة.

إلا أن ذلك الفارق لم يتقلص فحسب، بل تقدم حزب العمال على نظيره الحاكم في أربعة استطلاعات متتالية خلال الأيام الماضية. واعتبر أغلب المعلقين والمحللين أن ذلك يعكس فقدان المواطنين البريطانيين الثقة في حكومة بوريس جونسون بقدر معقول، بخاصة قدرتها على مكافحة الفساد بين نواب حزبها ومسؤوليه.

جاء أول استطلاع بعد فضائح الفساد في حزب المحافظين وأجرته شركة "إيبسوس مور" في 8 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأظهر تراجع تأييد الناخبين الحزب الحاكم من 39 إلى 35 في المئة، بينما حافظ حزب العمال المعارض على نسبة تأييد عند 36 في المئة من الناخبين المستطلعة آراؤهم.

بعده يومين، في يوم 10 من الشهر الحالي، أظهر استطلاع رأي أجرته "ريدفيلد أند ويلتون" تقدم حزب العمال بنقطتين عن حزب المحافظين، 38 في المئة للعمال و36 في المئة للمحافظين.

في الاستطلاع السابق الذي أجرته "سافانتا كوم ريس" يوم 12 نوفمبر جاء حزب العمال متقدماً على حزب المحافظين بفارق ست نقاط، إذ حصل على تأييد 40 في المئة من الناخبين المستطلعة آراؤهم مقابل نسبة 34 في المئة للمحافظين. وكان آخر استطلاع أجرته وضع الحزبين بالتساوي عند نسبة 34 في المئة من تأييد الناخبين.

وخلال أحدث استطلاع أجري في عطلة نهاية الأسبوع تقلص الفارق بين الحزبين، ليتقدم حزب العمال المعارض بنقطة واحدة على نظيره الحاكم (37 مقابل 36). أما استطلاع "يوغف" فوضع الحزبين في مكانة متساوية لدى الناخبين بنسبة تأييد 35 في المئة لكل منهما.

فساد النواب

وبدأت سلسلة الفضائح بالتفجر في وجه حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون وحزبه مطلع الشهر الحالي، حين حاول حزب المحافظين عرقلة معاقبة النائب السابق أوين باترسون، فقد قررت لجنة المعايير البرلمانية تعليق عضويته شهراً، بعدما انتهى تحقيقه إلى ممارسات فاسدة للنائب السابق الذي تقاضى أموالاً من شركة راندوكس للاختبارات الصحية، ليضغط على وزراء الحكومة لمنحها عقوداً بما يقارب نصف مليار جنيه استرليني (ثلاثة أرباع مليار دولار) خلال وباء كورونا. وعلى الرغم من أن باترسون استقال من البرلمان، وتراجعت الحكومة عن محاولتها "إلغاء" اللجنة التي حققت في فساده وقررت معاقبته، فإن الضرر الذي حدث نال من ثقة المواطنين في الحزب والحكومة.

وتوالت فضائح الفساد، مع التقدم ببلاغ للشرطة من نائب في الحزب القومي الاسكتلندي للتحقيق في فضيحة الفساد التي فجرتها صحيفة "الصنداي تايمز" الأسبوع الماضي حول "خدمات مقابل مدفوعات".

وكشف تقرير الصحيفة عن "أن الفساد متفشٍّ في أروقة الحزب الحاكم والحكومة، إذ يتم منح لقب (لورد) لمن يدفع للحزب الحاكم أكثر من ثلاثة ملايين جنيه استرليني (أربعة ملايين دولار). وعينت حكومة المحافظين 22 لورداً في العقد الأخير بينما رفضت لجنة التعيين في المجلس ترشيحات ستة آخرين. ودفع هؤلاء للحزب أكثر من 54 مليون جنيه استرليني (70 مليون دولار) في شكل تبرعات.

ثم كشفت الصحافة البريطانية عن استغلال النائب سير جيفري كوكس، الوزير السابق في حكومة المحافظين، وضعه البرلماني للتربح من استشارة قانونية لحكومة أجنبية في قضية فساد مالي رفعتها عليها حكومة بريطانيا. بل واستغلال مكاتب مجلس العموم في القيام بهذا النشاط متجاهلاً مهامه البرلمانية. وحصل من تلك الحكومة الأجنبية على أتعاب تزيد على 800 ألف جنيه استرليني (مليون دولار).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتظل هناك قضايا تمس رئيس الوزراء بوريس جونسون نفسه. منها قضية تجديد شقته الحكومية بأموال رجل أعمال من الممولين لحزب المحافظين. وما زالت لجنة الانتخابات تحقق في تلك المسألة، وألمحت لجنة المعايير البرلمانية (التي حاولت الحكومة إلغاءها) إلى أنها قد تبدأ تحقيقها الخاص في الموضوع ما إن تنتهي لجنة الانتخابات من تحقيقها.

أما أحدث ما يتعلق بجونسون، فهو ما كشف عنه بشأن عطلته العائلية الأخيرة الشهر الماضي في ماربيا بجنوب إسبانيا، على حساب اللورد غولدسميث. والأخير وزير سابق في حكومة المحافظين مثل جيفري كوكس خسر الانتخابات البرلمانية الأخيرة فعينته حكومة جونسون في مجلس اللوردات. وزاد ذلك من شبهات "الدفع مقابل الخدمات" التي تحيط بحزب المحافظين وحكومته.

حتى إن مذيع "بي بي سي" الشهير السابق جيريمي باكسمان كتب مقالاً في نهاية الأسبوع يطالب فيه بإلغاء مجلس اللوردات إن كان لبريطانيا أن تكون بلداً ديمقراطياً بحق. وعلى مدى الأيام الماضية، تتابعت تعليقات المواطنين العاديين وحتى من مؤيدي حزب المحافظين في وسائل الإعلام المختلفة، وهي تنتقد الحكومة وتعرب عن غضبها من حجم الفساد في الحزب الحاكم.

ليس الفساد وحده

ولا يقتصر الأمر على وسائل الإعلام اليسارية أو الليبرالية التي قد يكون لها موقف من حزب المحافظين، بخاصة من مجموعة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) فيه. بل إن وسائل الإعلام اليمينية والمحافظة مثل "الإيكونوميست" تتحدث بشكل مباشر وقوي عن أن الفساد وتجاهل بوريس جونسون وحكومته وحزبه القواعد والقوانين ينالان من الحظوظ الانتخابية للمحافظين.

حتى إن صحيفة "الديلي تلغراف" المحافظة، والأكثر قرباً بين وسائل الإعلام الرئيسة من الحزب الحاكم، خصصت افتتاحيتها يوم الاثنين لانتقاد الحكومة. وكتب عدد من كتاب الرأي فيها عن فقدان حزب المحافظين تقدمه في استطلاعات الرأي لصالح نظيره المعارض وكيف أن ذلك ناتج عن ممارسات الحزب وحكومته.

تقول "الديلي تلغراف" في افتتاحيتها، "إن غضب الناخبين البريطانيين من حزب المحافظين وحكومة بوريس جونسون لا يرجع فقط لفساد النواب وإنما لسياسات الحكومة. فقد توقع البريطانيون أن يكون بريكست بداية لانطلاقة جديدة لبريطانيا يتحسن فيها الوضع المعيشي لمواطنيها. ويسترجع البريطانيون الآن وعود مجموعة البريكست في حزب المحافظين يقودهم بوريس جونسون بأن الخروج من أوروبا وامتلاك لندن إرادتها الكاملة سينعكس إيجاباً على حياتهم. لكن ما حدث يكاد يكون عكس ما سمعه البريطانيون من وعود".

كما أن البريطانيين، على حد قول افتتاحية "الديلي تلغراف"، بدأوا يستفيقون على الكلفة الباهظة لأزمة وباء كورونا، وكيف أن الحكومة تحملهم إياها عبر زيادة الضرائب. كما أن الحكومة في محاولتها لتحقيق أهداف مكافحة المناخ تدفع الناس إلى استخدام مصادر طاقة مكلفة بشكل فادح، لأن التكنولوجيا التي تجعلها محتملة لم تتوفر بعد.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات