Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حركات سلام السودان بين التزامات الاتفاق وشروط التحول الديمقراطي

الطاهر أبو بكر حجر: الشعب اختار المدنية وما زالت هناك فرصة ألا تنزلق البلاد إلى هاوية الحرب الأهلية

الطاهر أبو بكر حجر يشدد على ضرورة  الحوار الشامل بين القوى السياسية يفضي إلى توافق حول القضايا الكبرى (اندبندنت عربية - حسن حامد)

أثار عدم أداء 3 من أعضاء مجلس السيادة الجديد المنتمين إلى حركات "الكفاح المسلح" هم الهادي إدريس، ومالك عقار والطاهر أبو بكر حجر، لمراسم القسم لغطاً وجدلاً وتساؤلات عدة حول ما إذا كان يشكل موقفاً مقاطعاً للمجلس وطريقة التعيين، وذهب الناس إلى تأويلات عدة بشأن أسباب تغيبهم كأطراف العملية السلمية عن مراسم أداء القسم لأعضاء مجلس السيادة الجديد. "اندبندنت عربية" التقت عضو مجلس السيادة الطاهر أبو بكر حجر (رئيس تجمع قوى تحرير السودان)، الذي أوضح أنهم أصلاً غير معنيين بأداء القسم، نتيجة استثنائهم من هذا الإجراء بحكم التزامات اتفاق سلام جوبا، كما شمل الحوار الأول بعد التشكيل الثاني لمجلس السيادة، عدة قضايا مرتبطة بما يدور في الساحة السياسية، في ظل الاحتقان الشعبي والتظاهرات التي تطالب بعودة الحكم المدني الديمقراطي.

استثناء الحركات

بشأن الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان بإعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء، وما إذا كانت تعني إعادة تعيينهم من جديد، في ظل بعض التأويلات حول تغيبهم عن هذه المناسبة؟ يجيب حجر "لقد تم إبلاغنا أن هناك إجراءات جديدة بشأن أداء القسم لكننا مستثنون منها لأنه لم يشملنا الحل أصلاً حتى نؤدي القسم مجدداً".

عليه، يواصل حجر "ليس هناك أي معنى آخر، فقط لأن الوضع لم يكن يتطلب ذلك، أما الذين أدوا القسم فلأنهم قد تم إعفاؤهم وإعادة تعيينهم لذلك، لأن أطراف عملية السلام لم يشملهم قرار الحل في الأساس كما أسلفت، ونحن ملتزمون باتفاق جوبا للسلام مع حكومة السودان أياً كانت تلك الحكومة، وبغض النظر عن المواقف من هنا أو هناك".

وعند سؤاله إن كانوا سيباشرون مهامهم في المجلس، قال "نعم ولكن مع التزامنا بالاتفاق لدينا عدة مطالب تعتبر هامة جداً بالنسبة لنا، تتلخص في ضرورة استكمال مسيرة التحول الديمقراطي المدني الكامل سواء كان ما حدث انقلاباً أو تصحيحاً، هذا هو المطلب الأول والأساس، وأي وضع لا يقود إلى ذلك لن نكون معه (كأطراف سلام) هذا شرط أساسي، ونحن ملتزمون بالحكم المدني في مواعيده ولن نجامل في ذلك".

كيفية الاختيار

وحول الكيفية التي تم بها اختيار أعضاء المجلس؟ يوضح حجر "لقد كان ذلك ضمن الأسئلة الأساسية التي وجهناها للفريق البرهان، عندما ذكر لنا أن البلاد تعاني من فراغ دستوري يستدعي تكوين مجلس السيادة، وأعتقد أن اختيار الأعضاء المدنيين بالمجلس قد تم بواسطة أهل الشأن أنفسهم، من خلال التشاور مع الكيانات ومكونات كل إقليم من الأقاليم الستة بمعادلة تضمن مشاركة كل تلك المكونات بعدالة في كل أجهزة ما تبقى من الفترة الانتقالية، كذلك أوضحنا له أننا ضد مشاركة أي من عناصر المؤتمر الوطني المنحل، أو من الذين شاركوا في نظام البشير حتى لحظة سقوطه". 

ولدى سؤاله، كنتم جزءاً من جهود الوساطات التي أجريت في الفترة السابقة هل ستستمر تلك الجهود، بعد عودتكم لمجلس السيادة، خصوصاً أن الأنظار تتجه الآن صوب مجلس الوزراء وما إذا كان سيتم على نفس طريقة مجلس السيادة التي وصفت بأنها إجراء أحادي؟ يرد عضو مجلس السيادة الجديد "نعم، لن تتوقف جهودنا لحل ولملمة أطراف الأزمة، وقد كان كلامنا واضحاً في خصوص رئيس مجلس الوزراء، بضرورة ألا يكون حزبياً أو حتى له ميول حزبية صارخة وعلى هذا الأساس نبدل قصارى جهدنا حتى يتم تكوين مجلس الوزراء عبر الحوار، لأن الحوار بالنسبة لنا ما زال مستمراً، ويعزز ذلك التزام الفريق أول البرهان أنه متى توافقت القوى السياسية بعد رفع تجميد عدد من مواد الوثيقة الدستورية التي كانت معلقة، سيتم التوافق على رئيس الوزراء الذي سيختار طاقمه من التكنوقراط، بعيداً من القوى السياسية، وننتظر الوفاء بذلك الوعد".

الحوار الشامل

يشدد عضو مجلس السيادة على ضرورة أن يكون هناك حوار شامل مفتوح بين القوى السياسية يفضي إلى توافق حول القضايا الكبرى مثل الدستور ومفوضية الانتخابات والوثيقة التي ستحكم ما تبقى من الفترة الانتقالية، وقد لمسنا حسن نوايا من المكون العسكري في اتجاه تصحيح الأوضاع، لكن ذلك ينبغي أن يتم أيضاً عبر التوافق السياسي الكامل بين كافة القوى السياسية حتى لو لم تكن مشاركة في مؤسسات الفترة الانتقالية، لكن يجب إشراكهم في الوثيقة التي ستحكم المتبقي من الفترة الانتقالية ويكونون جزءاً أساسياً من آليات صناعة الدستور ومفوضية الانتخابات التي لا يمكن أن تتم إلا عبر التوافق".

ويواصل، "أقول بوضوح أي وضع بخلاف أن نكون موجودين كأطراف سلام معناه الرجوع إلى مربع الحرب، لأن الحركات المسلحة تختلف عن الأحزاب، فهي تمتلك السلاح والمقاتلين كقوة عسكرية بينما يلزمها اتفاق السلام بوقف إطلاق النار الشامل، ومن دون الاتفاق فإن البديل هو العودة إلى القتال، فلا خيارات وسط لديها، إما أن نكون موجودين بموجب الاتفاق أو نعود لميادين المعارك". 

لذلك يرى عضو مجلس السيادة، أن الناس اذا أرادوا التصحيح الحقيقي، فإن كل احتمالات التوافق السياسي واردة وهو أمر مهم جداً، بخاصة أن البلاد في حاجة إلى مثل تلك الأدوار، لذلك فإن البلد محتاجة أن يكون لنا دور في تحقيق التوافق المطلوب، إضافة إلى وضعنا ضمن الالتزامات الواضحة لاتفاقية سلام جوبا، لذلك يصبح دورنا مهماً جداً، لنكون ضمن بوابات الدفاع عن التحول الديمقراطي والحكم المدني الكامل، ولا نقبل بخلاف ذلك، ولن نكون جزءاً في أي ترتيبات بالنسبة للفترة الانتقالية بخلاف ذلك سواء من الشق المدني أو العسكري أو حتى أطراف السلام.

أهمية حمدوك

ويستطرد حجر، "نحن في حواراتنا مع المكون العسكري ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك وجدنا مرونة حيث أن الإجراءات لو كانت انقلاباً لكان المكون العسكري استمر وحده، لكن خلال الأسبوعين الماضيين أظهرت الحوارات حسن نية تجاه التحول الديمقراطي، ولا ننكر في الوقت نفسه أنه كانت هناك أخطاء كبيرة من هنا وهناك أدت إلى انسداد الأفق السياسي، لكن حاجة البلاد إلى الاستقرار والتوافق السياسي هو الأهم بالنسبة لنا بل في غاية الأهمية، لأن الأحزاب السياسية هي المعنية بالتنافس الانتخابي بعد الفترة الانتقالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبشأن كيف يرى احتمال تشكيل مجلس الوزراء من دون عودة حمدوك وفي ظل إقصاء الحرية والتغيير؟ يجيب "أنا لا أحبذ التحدث عن الأشخاص، بقدر ما نتحدث عن الحكومة المدنية والتحول الديمقراطي وهو أمر يختلف تقديره من شخص إلى آخر، لكن بالنسبة إلى حمدوك فلا يختلف اثنان على أهميته في المشهد السياسي، وهو شخصية محورية فيه، وفي تقديري أن وجوده مهم لاستكمال ما بدأه، سواء كان في مجلس السيادة أو الوزراء ويخدم مصلحة السودان، لذلك أرى أن الحوار مهم ويحقق الغايات الوطنية".

ويضيف، وعلى الرغم من أن الاختلافات في الأمور السياسية أمر وارد، لكنه لا يمنع وجوده واستمراره، ولا أرى سبباً في عدم تواصل النقاش حول كل القضايا، ويمكننا أن نستكمل أدوارنا السابقة في الحوار وتقريب وجهات النظر، بل نرى إضافة آخرين إلى الحوار الدائر.

وعند سؤاله إن كان يقصد بالآخرين قوى إعلان الحرية والتغيير، رد حجر، "أنا لا أتحدث عن الحرية والتغيير على وجه التحديد، بل كل القوى السياسية سواء من هذا الطرف أو ذاك، لأنه لا بد من التوافق على الحد الأدنى، بمن فيهم الذين لم يشاركوا في مؤسسات الفترة الانتقالية، أن يشاركوا في الحوار حول قضايا الانتقال الرئيسة الوطنية الكبرى كالترتيبات للانتخابات والدستور وكل الأجهزة التي يصنع ويدار من خلالها التحول الديمقراطي، بما يضمن الوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة".

حزمة المبادرات

وعن مصير الجهود السابقة التي كنتم جزءاً منها وهل تعتبر أنها فشلت؟ يؤكد حجر "تلك الجهود ستستمر في كل الاتجاهات، وقد جلسنا من قبل مع الأطراف الدولية والداخلية"، ويرى أن كافة المبادرات التي طرحت تم دمجها في قالب واحد، مشيراً "لا نستطيع القول بأنها فشلت، لكن قطعاً قد كانت كلها مفيدة وشكلت ظاهرة صحية بغض النظر عن الجهات التي تقدمت بها أو التي صدرت عنها، وهو جهد كبير ومقدر وإسهام وطني واضح ومهم". 

يتابع، "تقديراً للوضع الذي تمر به البلاد، تم جمع كل المبادرات تحت مظلة لجنة وطنية واحدة من الشخصيات الوطنية القومية، كذلك لا نستطيع أن نجرد الجيش من وطنيته فهو أيضاً له دوره كما للقوى السياسية دورها، ما يتطلب حواراً شفافاً وإدارة الأزمة بشكل سليم من دون إقصاء لأي طرف، وقد أبدى الإخوة في الجيش مرونة واضحة في أنه متى ما توافقت القوى السياسية على الحد الأدنى هم على استعداد للتعاون والتجاوب في شأن تشكيل مجلس الوزراء أو أي من آليات ومؤسسات الفترة الانتقالية".

أشرت إلى انسداد وحلول مرتقبة تنتظر التوافق السياسي، لكن هناك أزمة تتعقد وتتعمق وشارعاً محتقناً متعطشاً إلى المدنية... فكيف المواءمة؟ يرد، عضو مجلس السيادة "أعتقد أنه ما زالت هناك فرصة ألا تنزلق البلاد إلى هاوية التشظي والانفلات وربما الحرب الأهلية، لذلك نركز على أهمية المحافظة على البلد أولاً، ثم بعد ذلك ننصرف إلى القضايا الأخرى، من دون إقصاء. وفي هذا، فقد قال الشعب السوداني كلمته حول الحكومات العسكرية، ومطلبه الأساس في الحكم المدني الديمقراطي وهي رسالة لا يستطيع أحد أن يخالفها أو يتجاوزها، لكن لا بد من إبداء حسن النية في الحوار حول تلك القضايا وهو المسألة الأهم في تثبيت وجود الوطن".

وحول كيف يمكن الحديث عن الحكم المدني وهناك معتقلون سياسيون فضلاً عن أن حمدوك نفسه لا يزال في الإقامة الجبرية؟ يؤكد حجر "أن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين يمثل مطلباً أساسياً بالنسبة لهم كأطراف سلام، وموقفهم واضح ضد الاعتقالات السياسية، وكل الإجراءات التعسفية وقمع الحريات بما فيها حرية الرأي، لكننا في الوقت نفسه نرى أن كل الخيارات متاحة ومطروحة للنقاش والمسألة واضحة بالنسبة لنا كما ذكرت لك، الشعب يريد حكماً مدنياً وأعتقد أن الانتخابات هي التي ستكون الفيصل بين الناس".

إذاً ما هو الدور المؤسسي المرتقب للمجلس السيادي الجديد، في ظل هذه الأوضاع وما هي طبيعته؟ يقول حجر، "مجلس السيادة هو المسؤول عن كل البلد، بالتالي يجب أن يكون من أولوياته البحث عن حلول للأزمة الراهنة عبر الحوار باعتباره المخرج الأساس، وإلا فلا معنى لوجوده، أما بالنسبة لي شخصياً وبحكم عضويتي في اللجنة الوطنية المكلفة بالبحث عن الحلول، فلن تتوقف مجهوداتي، وما زلت أرى أن هناك مساحة للحوار وإخضاع كل المسألة للنقاش، وعلينا أن نقر سواء رضينا أم أبينا أن هناك واقعاً جديداً ولا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي كمتفرجين فقط".

عودة الفلول 

وحول ما يثار عن عودة الفلول من منسوبي النظام السابق في كل مستويات الحكم، وتعزز مخاوف جدية بشأن ذلك، خصوصاً في هذه المرحلة وفي ظل التعيينات التي تمت بعد 25 أكتوبر (تشرين الأول) وكيف سيلعب المجلس دوراً في ذلك؟، يؤكد حجر "الرفض التام لعودة منسوبي النظام البائد بأي حال، ولن يكون مقبولاً لنا ترشيح أو تعيين أي شخص له علاقة بالمؤتمر الوطني المنحل، كما هو منصوص في الوثيقة الدستورية"، مشيراً إلى واقعة إعادة القبض على الذين تم الإفراج عنهم من عناصر وقيادات المؤتمر الوطني في الآونة الأخيرة، وإعادتهم إلى السجون مرة أخرى.

ويرى حجر ضرورة أن يضع مجلس السيادة الجديد ضمن أجندته الأساسية إجراء مراجعات شاملة لكافة التعيينات التي تمت منذ بداية الفترة الانتقالية، لإزالة أي تمكين قديماً كان أو جديداً بالخدمة المدنية، إذ لا ينبغي أن تتم فيها أي تعيينات سياسية وفق نصوص اتفاق السلام جوبا، كما لا بد أن يتم التوافق السياسي على عدم إبعاد أي شخص على أساس سياسي أو جهوي، ويجب الالتزام التام بضوابط وقوانين الخدمة المدنية بوصفها هي الحاكمة وهو الوضع الطبيعي الذي يجب أن تسير عليه الأمور. 

وأدى الأسبوع الماضي، أعضاء مجلس السيادة الانتقالي الجديد القسم أمام رئيس المجلس البرهان، ورئيس القضاء عبد العزيز فتح الرحمن عابدين، ويضم المجلس الجديد 13 عضواً، منهم 9 كانوا أعضاء في المجلس السابق، بينهم 5 من كبار قادة الجيش، و4 أعضاء جدد بدلاً عن أعضاء قوى الحرية والتغيير.
وبقي في عضوية المجلس ثلاثة من قيادات الجبهة الثورية، الموقعين على اتفاق سلام جوبا، هم مالك عقار، والطاهر أبو بكر حجر، والهادي إدريس يحيى، ونالت المرأة مقعدين من المقاعد المدنية في المجلس الجديد، وتم تأجيل تسمية ممثل شرق السودان في المجلس الجديد إلى حين إجراء المزيد من المشاورات.

من جهته، اعتبر عضو مجلس السيادة الفريق الركن ياسر العطا في منشور على "تويتر" عقب مراسم أداء القسم، أن "تشكيل المجلس الجديد يأتي في إطار تصحيح مسار ثورة ديسمبر المجيدة لتحقيق شعاراتها المتمثلة في الحرية، والسلام والعدالة، وترسيخ دعائم الدولة المدنية وإنجاح مهام وواجبات الفترة الانتقالية".

وكان البرهان قد أصدر مرسوماً دستورياً بتشكيل مجلس سيادة انتقالي جديد، بعدما حل المجلس الأول ضمن جملة قرارات أثارت جدلاً واسعاً وفجرت احتجاجات في السودان، إلا أن البرهان استبعد من مجلس السيادة أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير والتحالف المدني الذي شارك في الاحتجاجات التي أسقطت الرئيس السابق عمر البشير عام 2019.

وأعلنت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والترويكا (الولايات المتحدة والنرويج والمملكة المتحدة) وسويسرا عن قلقها البالغ حيال تشكيل المجلس الجديد، معتبرة أنه عمل أحادي الجانب من قبل الجيش يقوض التزامه بتأييد الإطار الانتقالي المتفق عليه، الذي يتطلب ترشيح مدنيين من قبل قوات الحرية والتغيير كأعضاء بمجلس السيادة.

المزيد من حوارات