Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا بد من دعم الدول الهشة كي تكافح أزمة المناخ

في غامبيا تدفع أزمة المناخ تصاعد الصراع المتعلق بانعدام الأمن الغذائي والنساء يتحملن ذلك العبء

قمم سلسلة جبلية في ماليزيا تتعرض للتصحر بفعل إزالة الغابات (أسوشيتدبرس)

إنني أشاهد حاضراً الآثار المدمرة الناجمة عن أزمة المناخ، فيما هي تتحدث على مدار الساعة. في بلادي، غامبيا الواقعة في غرب إفريقيا، تتخرب محاصيل المزارعين جراء الجفاف. وتبقى المجتمعات في المناطق الساحلية معرضة إلى أبعد الحدود لخطر ارتفاع منسوب مياه البحر. وفيما يجري تدمير سبل العيش، يهجر الناس من منازلهم.

لقد ركزت قمة "كوب 26" على تقليل الانبعاثات، لكن ذلك ليس سوى جزء من المعادلة. يجب دعم الدول الأكثر فقراً التي تسهم بأقل مقدار في الانبعاثات العالمية، حتى تستطيع أن تتكيف مع التداعيات المتنامية لارتفاع درجة حرارة العالم.

في المقابل، يخفق القادة في استيعاب مدى إلحاح أزمة المناخ [التي تتكشف فصولها] أمام أعيننا، ولم يعد ممكناً النظر إليها كتهديد مجرد. إنها تحدث فعلاً الآن. ووفق ما أوضح التقرير الأخير لـ"الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ" بشكل لا لبس فيه، فإن آثار الأزمة ستزداد سوءاً.

وفيما يهدد الاحترار العالمي بالخروج عن السيطرة، وجلب طقس قاس للغاية معه وصدمات مناخية، فإن مستقبل الناس الذين يعيشون في الدول الأشد فقراً قد صار محفوفاً بالمخاطر بشكل متعاظم.

وحاضراً، يوجد وضع في منتهى الظلم، يكون فيه القسط الأكبر من المعاناة من نصيب الناس الذين يعيشون في دول هشة وبلدان يتزايد فقرها. وثمة أدلة على ذلك. وقد وجدت "لجنة الإنقاذ الدولية" أن أزمة المناخ تشكل محركاً رئيساً للمجاعة في أنحاء العالم كافة. وحاضراً، يعاني 34 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي الحاد الذي يصل إلى مستويات كالتي تشهدها حالات الطوارئ. وفي الغالب، سترتفع تلك المستويات.

وفي كل مكان تصبح فيه الموارد نادرة بشكل متزايد، تضحى الصراعات فيه أشد سوءاً. وفعلياً، تواجه 7 من أصل الدول الـ10 الأكثر عرضة لأزمة المناخ، نزاعات تضاف إلى هشاشة تلك الدول أيضاً.

واستطراداً، تتحمل النساء والفتيات ذلك العبء. إذ تستمر على حالها تلك التوقعات الثقافية القائلة بأنه يتوجب على النساء أن ينهضن برعاية عائلاتهن، حتى حينما يجري تدمير أسباب العيش جراء أزمة المناخ. ونحن نعرف فعلاً أن الانكماش الاقتصادي أدى إلى ارتفاع مستويات العنف المستند إلى الجندر [الهوية البيولوجية الجنسية للشخص].

وبالتالي، أصبحت سبل عيش النساء على المحك. وفي غامبيا، تشكل النساء حوالى 70 في المئة من القوة الزراعية العاملة، لكنهن يواجهن صعوبة في الوصول إلى المصادر الطبيعية الأساسية اللازمة للزراعة. ويتوقع أن تتفاقم تلك الصعوبة نتيجة تدهور نوعية الأراضي.

ثمة ظلم كبير في صميم ذلك كله. وفي أحيان كثيرة، تكون هنالك مجموعات غير ممثلة بالقدر الكافي، على غرار الحال مع النساء ممن يعشن في دول هشة. في المقابل، تكون تلك المجموعات أقدر من الغالبية على فهم ما هو على المحك، وبالتالي معرفة الحلول اللازمة في معالجة أزمة المناخ.

ومع ذلك، فقد استبعدت النساء، على وجه الخصوص، بشكل ممنهج من المشاركة في صنع القرار. هكذا، حظيت الإناث بتمثيل لم يزد على 38 في المئة في ثلث الهيئات التفاوضية في قمة المناخ السابقة "كوب 25" التي انعقدت في تشيلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 لقد سنحت الفرصة للمملكة المتحدة بصفتها الدولة المضيفة لمؤتمر "كوب 26" هذه السنة، كي تقود التغيير من خلال دعم مشاركة النساء في المفاوضات على مستوياتها كافة. لكن، المملكة المتحدة لم تبذل جهداً كافياً في صنع تمثيل متكافئ.

في ذلك السياق، يجب أن تكون العدالة المناخية في صميم قيادة المملكة المتحدة في "كوب 26". ويركز نهج العدالة المناخية على الاعتراف بالتأثير غير المتكافئ لأزمة المناخ ضمن البلد الواحد، وكذلك بين البلدان بعضها بعضاً، وعلى تمكين الأشخاص الأكثر عرضة للخطر من اتخاذ إجراءات فعلية، وأيضاً ضمان تمثيل الفئات المهمشة.

وبوصفي على رأس منظمة غير حكومية تقاد من قبل الشباب في غامبيا وتعمل في مجال الجندر وتغير المناخ، وحماية الموارد الطبيعية، ومن أجل تمكين مناخي، فقد رأيت بنفسي عن كثب كيف يستمر التأثير غير المتناسب لأزمة المناخ في المجتمعات الضعيفة. ونظراً لذلك كله، [ينبغي أن تأخذ[ المملكة المتحدة بالأولويات الثلاث التالية كي تضع العدالة المناخية في صميم "كوب 26".

أولاً، يجب على المملكة المتحدة أن تضغط من أجل تمثيل متساو للمرأة، إضافة إلى الشباب والمجموعات الأخرى المهمشة. ومن الضروري أن تكون تلك المجموعات الممثلة تمثيلاً غير كاف، حاضرة على كل الأصعدة، بداية من أعلى دوائر صنع القرار العالمي في "كوب 26"، ووصولاً إلى مستويات التصميم، والتنفيذ لخطط العمل الوطنية. إذ تتمثل العدالة في أن يكون صوتك مسموعاً، ويجري إدراجك في العملية.

وثانياً، يجب أن تدعم المملكة المتحدة الدول الضعيفة كي تستطيع إنجاز العمل المناخي الوطنية التي وضعتها تلك الدول. ويعني ذلك أن المساعدات البريطانية يمكن أن تدعم برامج المناخ التي تقاد محلياً [في الدول الضعيفة] التي تعمل على تمكين الأشخاص الموجودين في الخطوط الأمامية للمواجهة مع أزمة المناخ. في المقابل، يمكن للمملكة المتحدة استخدام قنواتها الدبلوماسية في تشجيع إشراك مزيد من النساء والمجموعات الأخرى التي لا تتمتع بتمثيل كاف في الخطة.

وأخيراً، لا يتدفق تمويل المناخ إلى البلدان ذات الدخل المنخفض بالمعدل المطلوب. وقد وجدت منظمة "أوكسفام" أن نصيب الدول الأقل نمواً من إجمالي التمويل الثنائي للمناخ، وصل إلى مجرد 20.5 في المئة بين عامي 2017 و2018. علاوة على ذلك، فإن القسط الأكبر من ذلك التمويل جاء على شكل قروض، ما حمل الدول ذات الدخل المنخفض مزيداً من الأعباء. ينبغي أن تضغط المملكة المتحدة على المانحين بهدف زيادة تمويل المناخ للبلدان ذات الدخل المحدود، والتأكد من أن ذلك التمويل يتوفر على شكل منح.

وفي الخطاب الذي ألقاه في الأمم المتحدة الشهر الماضي بنيويورك، أورد بوريس جونسون أن مؤتمر "كوب 26"، سيكون "نقطة تحول للبشرية". ومع ذلك، فطالما بقيت قطاعات كبيرة من الإنسانية من دون تمثيل كاف وبلا دعم، فلن يكون لـ"كوب" سوى القليل من المعنى.

واستطراداً، لا يمكن الفوز في المعركة من خلال عبارات تنم عن نية حسنة، أو برامج عابرة، أو بيانات صحافية سريعة. إذ يتطلب الانتصار نهجاً استراتيجياً ومنهجياً يبني أحلافاً من الراغبين، ويقود التغيير التحفيزي. إن نهج العدالة المناخية هو الأمل الأفضل للعالم.

 

* فاتو جينغ، أسست منظمة "غامبيا الأرض النظيفة" غير الحكومية التي تركز على الجندر، وتغير المناخ، وحماية الموارد الطبيعية والوعي البيئي. وتكتب فاتو مقالة كجزء من سلسلة يجري إعداداه بالتعاون مع "المعهد الملكي للخدمات الموحدة" و"لجنة الإنقاذ الدولية"، وستجد طريقها إلى النشر في وقت لاحق من العام الجاري.

© The Independent

المزيد من آراء