Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحوطات سودانية لموجات "غير مسبوقة" من اللاجئين الإثيوبيين

هذا التدفق قد يتجاوز كل الطاقات والسعات الاستيعابية والاستعدادات القائمة وما سيترتب عليه من تعقيدات أمنية

دعوات للمجتمع الدولي لتوفير الدعم في مواجهة موجة اللجوء التي ستشمل حوالى 100 ألف لاجئ فارين من الحرب (أ ف ب)

مع تصاعد وتيرة المواجهات المسلحة واحتدام القتال بين "أمهرة" و"تيغراي"، تتوقع السلطات السودانية موجات ضخمة غير مسبوقة للاجئين الإثيوبيين ربما تتجاوز أعدادهم أكثر من 100 ألف في أقل تقدير، يتوقع دخولهم إلى الأراضي السودانية في غضون أسابيع قليلة. هذا التدفق قد يتجاوز كل الطاقات والسعات الاستيعابية والاستعدادات القائمة، وما سيترتب عليه من مشكلات وتعقيدات أمنية نتيجة توقع دخول أعداد كبيرة من قومية "الأمهرة" في ظل وجود أربعة معسكرات معظمها من أقليات معادية هي "التيغراي" و"القمز" و"الكومنت".

صيحة مبكرة

ودعا والي القضارف المكلف، محمد عبد الرحمن، المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية المختلفة في "صرخة مبكرة" إلى الاستعداد وتقديم العون والمساعدة العاجلة لحكومة الولاية، من خلال توفير الدعم لمواجهة موجة اللجوء التي ستشمل نحو 100 ألف لاجئ فارين من الحرب في بلادهم.

وبحث اجتماع مشترك بين حكومة ولاية القضارف والجهات المختصة بمعتمدية اللاجئين التابعة لوزارة الداخلية والجيش ورئيس وحدة إسكان اللاجئين ورئيس لجنة الطوارئ الحدودية، تهيئة الأوضاع لمواجهة تداعيات الحرب في إثيوبيا وكيفية التعامل مع تداعياتها وموجات اللجوء المنتظرة.

وأوضح الوالي أن التقارير الأمنية التي تلقاها تشير إلى بدء وصول طلائع تدفقات اللجوء إلى محلة القريشة في أم نوكل والأسرة، مبيناً أن المعسكرات في الولاية تعاني أصلاً نقصاً حاداً في المواد الغذائية ومعدات الإيواء، ما يستدعي تضافر الجهود الدولية والمنظمات المحلية.

موجات ضخمة

في الوقت الذي دعا فيه معتمد اللاجئين، موسى عطرون، إلى ضرورة وضع الخطط اللازمة والمزيد من الورش تمهيداً لاستقبال موجات اللجوء الجديدة المتوقعة، شدد الفاتح المقدم، رئيس لجنة الطوارئ الحدودية، على أهمية الاستعداد الجاد والعاجل من خلال تكوين خلية عمل إلى جانب الخطط والتحوطات الأمنية اللازمة للتعامل مع التدفقات الكبيرة المتوقعة، بحيث تحدد الأدوار والمهام والالتزامات لكل الجهات المختصة المختلفة، سواء على مستوى الحكومة المركزية والولائية، أو المنظمات الطوعية العالمية والوطنية، فضلاً عن استنفار المجتمع الدولي لتسريع الاستجابة ولعب دور أكثر فعالية أمام الواقع الجديد.

وأوضح المقدم أن الولاية استقبلت ولا تزال تستضيف الآلاف من قوميات "التيغراي" و"القمز" و"الكومنت"، منذ بدايات النزاع المسلح في إثيوبيا، ما اضطر السلطات إلى فتح وتخصيص عدد من المعسكرات لكل عرقية في إطار التحوطات الأمنية.

وحذر مسؤول الطوارئ في حديث لـ"اندبندنت عربية" من أن "الأوضاع في شرق السودان مهددة بموجة اجتياح كارثية من اللجوء، في وقت لا تتوفر أراض خالية لإقامة معسكرات جديدة، فضلاً عن اكتظاظ المعسكرات القائمة بما يفوق طاقتها الاستيعابية، بينما لا يزال أكثر من 15 ألف لاجئ في مراكز الاستقبال ولم يتم ترحيلهم إلى معسكرات دائمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مخاوف الصدامات

ورأى المقدم أن الدخول المتوقع لأعداد كبيرة من عرقية "الأمهرة" إلى شرق السودان، لا سيما بعد شروع جبهة "التيغراي" في التوغل إلى داخل أراضي الإقليم، ينذر بمخاوف تجدد الصدامات بينهما، الأمر الذي يتطلب فرزهم في معسكرات أخرى جديدة خاصة بهم، منعاً للاحتكاك أو الصدام بين العرقيات المختلفة.

وشدد مسؤول طوارئ الحدود على ضرورة توفير الإمكانات والوسائل اللازمة، لا سيما أن شح الإمكانات راهناً وعدم توفر كثير من الاحتياجات والمطلوبات، أمور مربكة في ظل موجات اللجوء الكبيرة المتوقعة بأكثر من 100 ألف لاجئ لا يستبعد أن يزيد عددهم الضعف.

وفي السياق، شدد مصدر عسكري رفيع على أهمية التهيئة الاستباقية العاجلة لاستقبال الموجات الجديدة التي ستكون مضاعفة بالنسبة إلى أعداد اللاجئين الإثيوبيين الموجودين أصلاً من عرقي "القمز" و"التيغراي" في المعسكرات الحالية، لكن معظمهم سيكون هذه المرة من عرقية "الأمهرة".

إغلاق الحدود

ورجح المصدر أن تكون تحركات قوات "جبهة التيغراي" قد بدأت بالفعل من منطقة (دبس) بتضييق الخناق على المدن الكبيرة، وفي مقدمتها العاصمة أديس أبابا وبحر دار، مشيراً إلى تحرك أرتال من القوات التي كانت موجودة في مناطق المتمة على الحدود السودانية بمحاذاة منطقة القلابات لحماية منطقتي قُندر وبحر دار، ما تسبب في حركة نزوح داخلي من منطقة شهيدي التي سيمثل سقوطها سقوط حكومة "الأمهرة"، نحو العاصمة أديس أبابا طلباً للأمان.

وكشف المصدر عن أن قوات "جبهة تحرير التيغراي" أغلقت كل المداخل والمدن على حدود إثيوبيا مع كل من دولتي الصومال وجيبوتي، وبالتالي لم يعد هناك خيار أمام الفارين من المعارك إلا العبور إلى الحدود السودانية تحت كل الظروف، متوقعاً أن يبدأ وصول طلائع موجات اللجوء، بحسب المعلومات المتوفرة حول التطورات الميدانية، في غضون أسبوع أو اثنين من الآن.

وأعلن المصدر أن معسكرات اللاجئين الحالية في ولاية القضارف هي التي تتحمل العبء الأكبر من اللاجئين، علماً أنها وصلت إلى طاقتها القصوى، كما أنه لا يمكن استيعاب لاجئين من عرقية "الأمهرة" لأسباب وتحسبات أمنية، ما يعني ضرورة إيجاد معسكرات جديدة خاصة بهم.

المفوضية تلتزم

وعلى خلفية المواجهات التي تشهدها إثيوبيا، بالتزامن مع مرور عام على دخول اللاجئين الإثيوبيين إلى السودان منذ اندلاع حرب التيغراي الأولى، وجهت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المحتدة، في تغريدة على "تويتر" الشكر للمتبرعين والمانحين جميعهم، مؤكدة التزامها وشركائها بتوفير الحماية والمساعدة لكل من يبحث عن الأمان في السودان.

وأشارت المفوضية إلى أنها قامت مع الشركاء في مايو (أيار) الماضي بمراجعة خطة الاستجابة الطارئة المشتركة بين وكالات اللاجئين.

يذكر أنه في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، أطلقت أديس أبابا يد الجيش الفيدرالي الإثيوبي للقضاء على حكم "جبهة تحرير شعب تيغراي" على الإقليم والتخلص من سلطاتها المحلية، ما دفع نحو 70 ألف شخص للجوء إلى السودان. وتزداد الظروف التي يعيشونها تعقيداً وصعوبة، بسبب شح الموارد والإمكانات المحلية، وبطء حركة واستجابة منظمات الغوث الدولية، في حين لا يزال مركز الاستقبال الحدودي يتكدس باللاجئين الذين ينتظرون الترحيل إلى معسكرات إيواء دائمة.

وأعلنت الحكومة الإثيوبية في نهاية الشهر ذاته الانتصار والسيطرة على عاصمة الإقليم "ميكيلي"، لكن المعارك تواصلت وعادت "جبهة تيغراي" نهاية يونيو (حزيران) الماضي، وقالت إنها استعادت عاصمة الإقليم وجزءاً كبيراً من أراضيه.

لاحقاً، اتجهت الأوضاع في إثيوبيا إلى ما يشبه الحرب الشاملة بعد أن تحالفت تسع مجموعات مع "جبهة تحرير التيغراي"، بغرض إسقاط حكومة آبي أحمد، هي (جبهة عفار الثورية، حركة أغاو الديمقراطية، حركة بني شنقول، أقلية الكومنت، جبهة التحرير الوطني (سيداما)، إقليم صوماليا، حركة قامبيلا، حركة تحرير الأورومو)، وتهديدها بالزحف باتجاه العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وإعلان التعبئة العامة من جانب الحكومة، ما أدى إلى تصاعد القتال والمواجهات المسلحة بين الطرفين، خصوصاً على جبهات القتال في مناطق قريبة للحدود السودانية الشرقية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير