Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إثيوبيا تقف على شفير الحرب والوساطات الدولية تتسارع لمنع التدهور

الجيش استدعى قوات الاحتياط وكل مَن يقدر على حمل السلاح

مؤتمر صحافي في واشنطن للإعلان عن اتحاد مجموعات إثيوبية مع جبهة تحرير تيغراي ضد الحكومة الإثيوبية (أ ب)

في وقت تتقلص فيه المسافات نتيجة الزحف السريع لعناصر "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" المتجهة نحو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بدأت الحكومة الإثيوبية أيضاً بسلسلة استعدادات لا تخلو من عزم، مبشرةً مواطنيها بتحقيق نصر عبر القول إن "جرذاً يبتعد عن جحره أصبح أقرب إلى الموت".
في موازاة ذلك، تتسارع خطى المجتمع الدولي بهدف إيجاد مخرج للأزمة الإثيوبية، ووقف تدهور الأحداث نحو الحرب الشاملة، إلا أن مستقبل البلاد لا يزال غامضاً.

تطور جديد

وجددت بريطانيا نداءاتها لوقف الحرب، إلى جانب الأمم المتحدة التي دعت عبر أمينها العام  أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء الماضي، إلى "الوقف الفوري للمعارك، وإقامة حوار وطني يشمل كل الأطراف لحل هذه الأزمة، وإيجاد أسس للسلام والاستقرار في كل أنحاء البلاد، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية الضرورية إلى إنقاذ الأرواح من دون عوائق". وكانت الحكومة الإثيوبية أعلنت حالة الطوارئ في ظل مخاوف تقدّم جبهة تحرير تيغراي نحو العاصمة بعد الانتصارات السريعة التي تحققت في استيلائهم على مدن عدة بمنطقة وللو على الطريق الرئيس لأديس أبابا.
وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس الجمعة 5 نوفمبر (تشرين الثاني) على حسابها في "تويتر"، "إن على طرفَي الصراع في إثيوبيا الاتفاق على وقف إطلاق النار"، مضيفة "لقد أوضحت خلال محادثة هاتفية مع نائب رئيس الوزراء الإثيوبي أنه لا يوجد حل عسكري ولا بد من إجراء مفاوضات لتجنب إراقة الدماء وتحقيق سلام دائم".
وأشارت تروس إلى أنه "من المهم بالنسبة إلى طرفَي الصراع الاتفاق على وقف لإطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الناس الذين يعانون الجوع".

كما وجه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الخميس (4 نوفمبر)، نداءً لوقف إطلاق النار فوراً في إثيوبيا ودعوة كل الأطراف إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات "بعدما تصاعدت وتيرة الحرب". وزخمت الدعوات الأوروبية نظيراتها المتلاحقة من الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والمنظمات الإقليمية ممثلة بالاتحاد الأفريقي، باتجاه تحقيق السلام.
وكان وزير الخارجية الألماني اعتبر أن "خطاب الكراهية ذا الدوافع العرقية هو بمثابة سُم لوحدة إثيوبيا"، ملامساً الواقع الإثيوبي في أهم أبعاده. وأضاف هايكو ماس أن "المعاناة الإنسانية في مناطق تيغراي وأمهرة وعفار بلغت أبعاداً كارثية بسبب حالة الطوارئ الإنسانية المتنامية"، داعياً إلى السماح بوصول عمال الإغاثة دون قيود إلى تلك المناطق.

أميركا في المقدمة

وكانت الولايات المتحدة في مقدمة الدول التي تحث الأطراف الإثيوبية على السلام، بسبب اهتمامها البارز بمنطقة القرن الأفريقي، وما تمثله إثيوبيا من ثقل. وطالبت واشنطن الحكومة الإثيوبية بالعمل على بدء حوار يجمعها بأطراف المعارضة الممثلة بـ"جبهة تحرير تيغراي". وكانت الولايات المتحدة كررت دعواتها للحوار منذ بدء الخلاف بين "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" وحكومة آبي أحمد على خلفيات موعد الانتخابات البرلمانية وحيثياتها، وما أعقبها من تطورات.
ورأى مراقبون أن الولايات المتحدة حرصت منذ وقت مبكر على إيجاد مخرج للأزمة في بدايتها السياسية، وقبل تطورها إلى مربع الحرب، لكنها اصطدمت بتصلّب مواقف الطرفين، إذ تمسكت "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" بشرعية موقفها "المتماشي مع الدستور" بشأن موعد الانتخابات وديمقراطيتها باعتبارها حقاً فيدرالياً للشعب الإثيوبي، في حين تمسك آبي أحمد بتوجهه نحو "تجديد دماء النظام"، وخلق واقع جديد عبر برنامج وفلسفة "حزب الازدهار"، الذي تبنته القيادة الإثيوبية.
وبعد إطلاق رئيس الوزراء الإثيوبي حملته لإنفاذ القانون في نوفمبر 2020، جددت القيادة الأميركية دعوتها إلى بدء حوار ظل يصطدم بتصلب الطرفين.
وكان التحفظ  الأميركي على نتيجة الانتخابات التي أجرتها الحكومة الإثيوبية في يونيو (حزيران) 2021، وفاز فيها حزب آبي أحمد من دون منافسة، بمثابة نقلة نوعية للتعاطف الأميركي إلى جانب جبهة تيغراي. وإزاء ذلك، اتهمت الحكومة الإثيوبية واشنطن بالانحياز إلى التيغراي، بخاصة بعد اطلاعها على حيثيات الاتهامات الأميركية الموجهة ضدها وضد القوات الإريترية بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان، خلال "حرب إنفاذ القانون" وما بعدها.
كما يبدو أن الجولات المتتابعة التي أجراها المبعوث الأميركي الخاص إلى منطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان، في إثيوبيا، باءت بالفشل على الرغم من الخبرة التي يتمتع بها الأخير بعدما شغل مناصب دبلوماسية عليا في أفريقيا والشرق الأوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكرت مصادر متابعة أن فيلتمان الذي وصل إلى إثيوبيا يوم الخميس 4 نوفمبر الحالي، لن يتسنى له الاجتماع برئيس الوزراء آبي أحمد حتى وقت متأخر من برنامج زيارته التي تمتد ليومين، مرجحةً اكتفاءه بمقابلة بعض الوزراء.

تبدّل ميزان الحرب

في المقابل، فإن أجواء الانتصارات التي ترافق جبهة تحرير تيغراي، بعد تبدّل ميزان الحرب  لمصلحتها واقترابها من أديس أبابا، تجعل دعوات السلام الأوروبية تصطدم هذه المرة بواقع جديد، يرافقه تهديد حقيقي بحرب إقليمية، ومعاناة إنسانية مضاعفة في ظل معاناة مناطق إثيوبية عدة من مجاعات وظروف إنسانية مفجعة. إلا أن الواقع السياسي المُرفق بحماس المعارك، يجعل من الدعوات إلى السلام والحوار، سواء صدرت عن الأمم المتحدة أو جهات غربية، مجرد تسجيل حسن نيات من تلك الأطراف في ظل واقع غير مساعد.

إصرار الطرفين

ويجمع الواقع الإثيوبي الحالي بين إصرار الطرفين على كسب حربٍ طرقت الأبواب، وتركت آثاراً يصعب تجاوزها ونسيانها، ففي ظل ما يتردد عن تقدم لجبهة تحرير تيغراي نحو أديس ابابا، وما تطلقه بعض المصادر المتعاطفة معها حول قرب موعد الدخول إلى العاصمة، تقول الحكومة إنها قادرة على صد أي هجمات حسب مصادرها التي تُشير إلى إيقاع الجبهة في "فخ حصار" لا تنجو منه.
وضمن الاستعدادات ذات الدلالة، التي لم توقفها دعوات السلام الدولية، صدر بيان عسكري الجمعة، عن قوات الدفاع الإثيوبية التابعة للحكومة، دعت فيه عناصرها السابقين إلى الالتحاق بالجيش الإثيوبي لمواجهة "العدوان الإرهابي" لـ"جبهة تحرير تيغراي".

وقالت قوات الدفاع الإثيوبية، في بيانها إنها تدعو الأفراد السابقين في قوات الدفاع الذين يتمتعون باللياقة البدنية بما في ذلك الصحة العامة والمعرفة والخبرة للتسجيل والانضمام إلى الجيش في الفترة ما بين الـ10 من نوفمبر إلى 24 منه.
ويعطي هذا البيان في جملته إيحاءات متعددة أهمها "حسابات للحكومة في طول مدة الحرب" التي تعمل على الاستعداد لها، الأمر الذي تتخوف منه القوى الدولية والغربية، ولا سيما تحول الوضع إلى حرب إقليمية ما يدفعها إلى بذل جهودها نحو تحقيق السلام وتبني الحوار بين الأطراف.

المزيد من دوليات