Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل توقف ضريبة الـ"عمالقة" تهرب شركات التعدين في أفريقيا؟

30 في المئة من معادن العالم في دول جنوب الصحراء والعائدات لا توازي 2 في المئة من الناتج المحلي

عناصر تابعة لشركة أمن خاصة تضبط معدّناً غير قانوني في جنوب أفريقيا (أ ف ب)

ستحتاج بلدان أفريقيا جنوب الصحراء إلى تنفيذ إجراءات سياسية هادفة للحد من تهريب الأرباح في قطاع التعدين وتجنب الخسائر في الإيرادات الضريبية. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي، إلى أن أفريقيا جنوب الصحراء تمتلك 30 في المئة من احتياطيات المعادن العالمية، ما يمثل فرصة كبيرة للمنطقة. وعلى الرغم من ارتفاع مستوى الاستثمار الخاص في هذا القطاع الحيوي، أظهر تحليل حديث، أن شركات عدة متعددة الجنسيات تتجنب دفع ضرائبها.
ويمكن أن تساعد إجراءات السياسة المستهدفة للحد من التهرب الضريبي، الحكومات على استرداد بعض هذه الإيرادات الضريبية التي تشتد الحاجة إليها. وللتعرف على حجم الاستثمار الذي تقوم به الشركات في قطاع التعدين في المنطقة، فقد استثمرت شركة واحدة متعددة الجنسيات 5 أضعاف في منجم واحد للبوكسيت (كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي) ما أنفقته حكومة غينيا على إجمالي الاستثمار العام منذ عام 2018.

عائدات ضريبية مفقودة

ويظهر بحث جديد لفريق صندوق النقد الدولي، أن الحكومات في دول أفريقيا جنوب الصحراء- التي تتعرض الآن لضغوط هائلة لزيادة الإنفاق العام في ظل ارتفاع مخصصات مواجهة جائحة كورونا- تخسر ما بين 450 و730 مليون دولار سنوياً من عائدات ضريبة دخل الشركات نتيجة تحويل الأرباح من قبل الشركات متعددة الجنسيات في قطاع التعدين، إلى الخارج. ويمكن أن تساعد إجراءات السياسة المستهدفة للحد من التهرب الضريبي الحكومات على استرداد بعض هذه الإيرادات الضريبية التي تشتد الحاجة إليها للمساعدة في التعافي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويأتي التحليل وسط جهد عالمي لمعالجة المنافسة الضريبية وتحويل الأرباح من قبل الشركات متعددة الجنسيات، الأمر الذي وضع ضغوطاً غير مسبوقة على النظام الضريبي الدولي للشركات. ولمعالجة هذا الأمر، وافقت 136 دولة بما في ذلك 20 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، الشهر الماضي على حد أدنى لمعدل الضريبة الفعال على الشركات بنسبة 15 في المئة اعتباراً من عام 2023.
وتبدو أهمية التعدين لاقتصادات المنطقة واضحة، حيث يسهم هذا القطاع بنحو 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عبر 15 دولة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء ذات الموارد الكثيفة. وفي معظم هذه البلدان، تمثل صادرات التعدين 50 في المئة من إجمالي الصادرات في المتوسط، وهي المصدر الرئيس للاستثمار الأجنبي المباشر.
ومع ذلك، وبالنسبة للاقتصادات الـ15 كثيفة الاستخدام للموارد في المنطقة، فإن عائدات التعدين لا تمثل سوى 2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط. وهناك مخاوف من أن هذا المستوى من الإيرادات لا يمثل تقاسماً "عادلاً" للمنافع.
وكشفت دراسة صندوق النقد الدولي أن الإيرادات يتم تخفيضها بطريقتين، أولاً، تحاول البلدان جذب الاستثمار الداخلي من خلال خفض الضرائب، الأمر الذي أدى إلى إذكاء المنافسة الضريبية الإقليمية غير الصحية. وثانياً، أدى تحويل الأرباح الدولية من قبل الشركات متعددة الجنسيات إلى تقليل القاعدة الضريبية في البلدان المنتجة.

خفض معدلات الضرائب على دخل الشركات

في ذات الوقت، تجمع معظم البلدان في أفريقيا إيراداتها من خلال صناعة التعدين عبر مجموعة من الإتاوات وضريبة الدخل على الشركات. وأحياناً تأخذ الدولة حصة ملكية غير مسيطرة في مشاريع التعدين حيث تحصل على نسبة من أرباح الشركات.
ويؤثر هيكل الأنظمة المالية للتعدين في المنطقة مباشرة على نمط الإيرادات من التعدين وحجمها. علاوةً على ذلك، خفضت الحكومات معدلات الضريبة على دخل الشركات في قطاعات عدة، بما فيها التعدين، وسط منافسة لجذب الاستثمار والجهود المبذولة لتعزيز التنمية الاقتصادية.
وكشفت الدراسة أنه من بين 15 اقتصاداً كثيف الاستخدام للموارد في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، كان لدى 3 منها فقط، معدلات منخفضة للضرائب على دخل شركات التعدين في قوانين الضرائب الخاص بها، في حين أن 6 اقتصادات لديها معدلات ضريبية أعلى في هذا القطاع. ومع ذلك، فإن ممارسة التفاوض بشأن خفض معدلات ضريبة الدخل على الشركات في العقود المبرمة مع مشاريع التعدين الفردية منتشرة على نطاق واسع. وقامت 9 بلدان على الأقل بتخفيض معدلات ضريبة الدخل المخصصة للشركات كحافز في عقد مورد واحد على الأقل مع المستثمرين. وأدى ذلك إلى انخفاض معدل الضريبة الفعال على الشركات في قطاع التعدين مقارنة بالمعدلات القانونية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أزمة تحويل الأرباح الدولية للشركات الأم

وأشار صندوق النقد إلى أن "تحويل الأرباح الدولية للشركات الأم له تأثير كبير على الإيرادات المحصلة". وتستخدم الشركات متعددة الجنسيات امتدادها العالمي لتقليل الالتزامات الضريبية في الولايات القضائية ذات الضرائب المرتفعة عن طريق تحويل الأرباح إلى البلدان ذات الضرائب المنخفضة.
أحد الأمثلة على ذلك هو استخدام قرض بفائدة يتم ترتيبه بين الكيانات المختلفة داخل شركة متعددة الجنسيات. وتتم المطالبة بمصروفات الفائدة كخصم في الدولة ذات الضرائب الأعلى أفريقياً بينما يتم تخصيص دخل الفائدة لبلد يفرض ضرائب أقل في الخارج. وتشمل الأمثلة الأخرى خفض أسعار المعادن أو استخدام مقاولين من الباطن لنقل الأرباح إلى الخارج.
وتشير التقديرات إلى أن البلدان الأفريقية تخسر ما بين 450 و730 مليون دولار من عائدات ضريبة دخل الشركات سنوياً في المتوسط بسبب التهرب الضريبي من قبل شركات التعدين متعددة الجنسيات.

تحسين السياسة الضريبية ومعالجة التهرب

ويمكن أن تساعد إجراءات السياسة الهادفة البلدان على تقليل التهرب الضريبي في قطاع التعدين وتعزيز حشد الإيرادات. ويمكن للجهد المتضافر الخاص بإغلاق قنوات تحويل الأرباح الحالية أن يأتي ثماره. وتشمل الإجراءات الموصى بها، تعزيز وتبسيط حماية تسعير التحويل، والحد من خصومات الفائدة، وتحسين ممارسات المعاهدات الضريبية، والحد من الحوافز الضريبية، وتعزيز ممارسات التفاوض على الاستثمار. وأدى فرض قواعد تحديد الفائدة إلى خفض استجابة تخصيص الأرباح من قبل الشركات متعددة الجنسيات إلى النصف كرد فعل على فروق معدلات الضرائب الدولية.
في الوقت ذاته، تحرز بعض البلدان بالفعل تقدماً في معالجة تحويل الأرباح في قطاع التعدين، لكن النظام المالي الجديد في سيراليون أبعد البلاد عن التفاوض بشأن الشروط المالية. وعززت غينيا وليبيريا ومالي حماية تسعير التحويل، بينما وضعت جنوب أفريقيا ونيجيريا قيوداً على اقتطاعات الفائدة.
لكن 9 من بين 15 اقتصاداً كثيف الموارد، لديها حد أدنى بديل للضرائب التي يمكن أن تضمن دفع بعض ضرائب الشركات على الأقل كل عام. وأدخلت كينيا شرط التسوق المناهض للمعاهدة في سياستها الخاصة بالمعاهدة الضريبية.
وتبشر هذه الإجراءات بتعبئة أقوى للإيرادات من التعدين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ومن المرجح أن يخفف الحد الأدنى من الضريبة العالمية من تحويل الأرباح ويقلل من ضغوط المنافسة الضريبية. ويتطلب تحسين السياسة الضريبية ومعالجة التهرب الضريبي إعداداً دقيقاً وقدرات أقوى، الأمر الذي يستغرق وقتاً وموارد والتزاماً سياسياً، لكن التطورات الضريبية الدولية الأخيرة تظهر أن التغيير ممكن.