Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلاف بوريس جونسون وريتشي سوناك حول الإنفاق ليس علامة سيئة بالضرورة

نجاح الخطط المالية رهن بانضباط رئيس الوزراء ومقدار حظ وزير الخزانة

خلاف كامن بين بوريس جونسون ووزير الخزانة البريطاني (أوبن ديموقراسي.نت)

يروج أن بوريس جونسون وريتشي سوناك على خلاف في شأن الإنفاق الضخم الذي تمارسه الحكومة. ولا يشكّل ذلك مفاجأة، أليس كذلك؟ إذ لا يشتهر رئيس الوزراء بانضباطه المالي في تعاملاته الخاصة، فيما حقق وزير المالية ثروته الخاصة من خلال عمله في مجال التمويل.

في المقابل، لا تدور المسألة حول الشخصيات فحسب. إذ تسبب طبيعة هاتين الوظيفتين التوتر أيضاً، بل ينبغي لها أن تفعل ذلك. وكذلك ثمة حاجة إلى شخص يتمتع بحس سياسي حاد في التعامل مع ما تريده الغالبية العظمى من الناخبين. وكذلك تدعو أيضاً إلى وجود شخص يتأكد من أن المبالغ منطقية. بالتالي، توصل تلك الوضعية إلى نشوء توتر.

وقد يكون ذلك التوتر مثمراً، وفق ما جرت عليه الحال في السنوات الأولى من حكم توني بلير [رئيس الوزراء البريطاني السابق] وغوردون براون [وزير الخزانة في عهد مطالع بلير]، أو مدمراً على غرار ما آلتْ إليه تلك الشراكة مع مرور الوقت. وربما لم يحصل قدر كاف من التوتر بين ديفيد كاميرون [رئيس الوزراء البريطاني السابق] وجورج أوزبورن [وزير المالية في عهد كاميرون]، ما جعل من الصعب الحفاظ على الدعم السياسي طوال سنوات التقشف النسبي، بغض النظر عن ضرورة السيطرة على الموارد المالية للبلاد.

والواقع أن ما يحدث الآن سيعتمد على الأرقام وليس على الشخصيات. لقد جاءت الأشهر الـ18 الماضية، من جهة التمويل العام، أقرب إلى تجربة زمن الحرب. إذ تمثّل المطلوب في إنفاق المال حصراً. وتوجب على الحكومة النهوض بكل ما يلزم. ويتجاوز العجز 300 مليار جنيه استرليني (417 مليار دولار). ويقفز الدين الوطني من 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما يقل قليلاً عن 100 في المئة. في المقابل، تشمل تلك الزيادة أمرين. يتلخص الأول في الإنفاق الإضافي وخسارة العوائد بسبب الجائحة. أما الآخر فيتمثل في الأثر الأبعد أجلاً في التمويل العام كنتيجة من قرارات أخرى.

ويحصل الأول مرّة واحدة، فيما سيستمر الثاني. ويتعلق الأول بالماضي، والثاني بالمستقبل. ويدور التوتر الآن بين رئيس الوزراء ووزير المالية حول المستقبل.

وهناك مسألة محددة لا بد من تسويتها في الأشهر القليلة المقبلة، وثمة سلسلة من المسائل الأخرى. وتتجسد المسألة المحددة هنا في ما ينبغي فعله بشأن ما يسمى "ضمانة" معاشات التقاعد الحكومية، بمعنى المفاضلة بين التزام الحكومة بزيادة معاشات التقاعد وفق معدل التضخم، أو متوسط العوائد، أو بنسبة 2.5 في المئة، بهدف معرفة أي تلك الخيارات يكون الأعلى كلفة. ويشكل ذلك سياسة باهظة التكاليف نظراً إلى الارتفاع المتوقع في عدد المتقاعدين. ومن يمكن الدفاع عنها بحجة أن معاشات التقاعد في المملكة المتحدة، على الرغم من أنها قطعت شوطاً عادلاً نحو القضاء على فقر المتقاعدين، إلا أنها لا تزال غير مرتفعة طبقاً للمعايير الأوروبية.

وتتلخص المشكلة هذا العام في حصول تشوّه ما. ففي العام الماضي، انخفض متوسط العوائد بسبب الجائحة، لذا رُفِعت معاشات التقاعد هذا العام بمقدار نسبة مئوية تُحتَسَبْ عبر المقارنة مع عام 2020. وتبلغ الزيادة الأخيرة 5.6 في المئة، ما يضيف أربعة مليارات جنيه أخرى إلى فاتورة التقاعد سنوياً إذا استمر العمل بتلك الزيادة. لكن، إذا احتُسِبت التشوهات تكون الزيادة الأساسية أقرب إلى ثلاثة في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سياق متصل، قد لا يبدو أن مبلغاً إضافياً مقداره أربعة مليارات جنيه كبيراً في الصورة الأوسع للأمور، لكنه سيكون مبلغاً مضافاً إلى قاعدة الحسابات المالية في الأعوام المقبلة. لذلك، بوسع المرء أن يفهم السبب وراء حرص وزارة المالية على إيجاد وسيلة ما تضمن تشذيب الأرقام، ربما من خلال رفع متوسط للأجور بدلاً من الرقم الرئيسي. في المقابل، لا يشكّل ذلك سوى واحدة من سلسلة مسائل مقبلة. إذ تطلب كل وزارة مزيداً من المال. وهناك الخطة التي وضعها السير أندرو ديلنوت بهدف تحديد الحد الأقصى في تكاليف الرعاية المنزلية بما يعادل 50 ألف جنيه للشخص الواحد في 2011، وهو أمر منطقي وجذاب على المستوى السياسي في شكل واضح. فلماذا يتعين على الناس أن يبيعوا مساكنهم كي يغطوا تكاليف الرعاية لمجرد أنهم يعانون من سوء الحظ الشديد بسبب مرضهم البعيد الأجل في شيخوختهم؟ في المقابل، إن تلك الخطة تكلف أموالاً.

ويقع قطاع التعليم بأكمله تحت الضغط. ويشمل ذلك الحاجة إلى مساعدة التلاميذ الذين تأخروا بسبب الجائحة. وثمة مسائل رئيسة تشمل اليخت الملكي الجديد. وستحتاج هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" إلى مزيد من الأموال في وقت تناضل فيه من أجل اللحاق بأعمال متأخرة على صعيد العمليات وغير ذلك من العلاجات.

إذاً، هل نرفع المعدلات الضريبية؟ الواقع أن العوائد الضريبية جاءت قوية للغاية في الأشهر الأخيرة، وتشكّل إشارة إلى أن الاقتصاد يتعافى بسرعة أكبر من توقعات كثر من الأطراف (بما في ذلك "مكتب مسؤولية الموازنة"). ويمثّل ذلك شعاعاً من الضوء. في المقابل، إن تحصيل مزيد من الأموال في مقابل زيادة المعدلات الضريبية الرئيسية، أمر بالغ الصعوبة. إذ يبلغ مجموع العوائد حوالى 36 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وسيرتفع قليلاً مع تعافي الاقتصاد. لكنه قد لا يرتفع كثيراً. وفي الواقع، يجب الرجوع إلى أوائل ثمانينيات القرن العشرين، حينما ازدهرت عوائد النفط في بحر الشمال، فاستطاعت الحكومة أن تحصل على ضرائب وغير ذلك من أشكال الدخل، بما يفوق الـ37 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

واستطراداً، يتعين على الحكومة أن تسأل، "هل الناخبون على استعداد لدفع ضرائب من مداخيلهم، بالمقارنة بما توجّب عليهم دفعه في أي وقت على مدى السنوات الـ40 الماضية؟".

ليس الأمر مؤكداً. وفي اعتقادي أننا قادرون في ظل النمو الطيب وبعض الحظ، على اجتياز هذه المرحلة من دون زيادات كبيرة في الضرائب. وفي ظل إدارة أفضل، يضحي ممكناً احتواء تكاليف الخدمات العامة حتى تتمكن الحكومة من الاستمرار، مع إضافة نقطة مئوية أخرى أو قرابة ذلك، إلى الضرائب.

وكخلاصة، إنّ سوناك بحاجة إلى الحظ وجونسون يحتاج إلى الانضباط. وإن لم يحدث ذلك، فلن تصل هذه القصة إلى نهاية طيبة.

© The Independent

المزيد من آراء