Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تعتمد "الاستيطان العمودي" لزيادة عدد السكان

سيسهم في التغلب على نقص الأراضي وتأمين مزيد من الشقق السكنية

البناء العمودي في مستوطنة بيت إيل القريبة من مدينة رام الله الفلسطينية (اندبندنت عربية)

على مقربة من مدخل مخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين شمال رام الله (وسط الضفة الغربية)، إعلان كبير يضم صوراً لأبنية جميلة بمواصفات بناء ممتازة ومنظر أخاذ. والأهم أنها لا تبعد عن القدس سوى 15 دقيقة، كما تقع بالقرب من مؤسسات تعليمية ممتازة.

نمط جديد

الإعلان الذي يروّج أن "المجتمع في تلك الأبنية الجديدة المرتفعة، سيكون دافئاً ومريحاً" ليس لسكان المخيم الفلسطيني المتراص في 250 ألف متر مربع، والمعروف بزقاقه المعتم وبيئته الفقيرة، بل لجيرانهم اليهود في الجهة المقابلة القريبة. فمجلس مستوطنة بيت إيل التي لا تبعد عن المخيم أكثر من 1500 متر، ويسكنها 5600 مستوطن، شرعت بنشر إعلاناتها للسكن في مشروعها الأول للأبنية العمودية، والمكون من ثماني بنايات تتسع لحوالى 300 شقة سكنية. حتى بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تم بيع 130 شقة من المشروع. وبحسب الشركة القائمة عليه، فإن "المناظر التوراتية، والارتباط الأبدي بالتاريخ اليهودي" ميزة مثلى للسكن في مستوطنة بيت إيل. 

وعن أهمية المشروع، يقول رئيس مجلس المستوطنة شاي ألون إنه "سيسهم في التغلب على نقص الأراضي، وإرساء حقائق على الأرض، فالمستوطنة تعاني منذ أعوام من نقص البناء، مما انعكس في إغلاق عدد من الصفوف الدراسية فيها وارتفاع متوسط الأعمار".

ووفق الصفحة الرسمية لمجلس بيت إيل على "فيسبوك"، فإنه سيحصل قريباً على موازنة إضافية من أجل بناء 350 وحدة استيطانية جديدة بنمط البناء ذاته. 

في السياق نفسه، أعلنت مستوطنة عوفرا، شمال شرقي مدينة رام الله، عن مشروعها النوعي الذي يضم ست بنايات مرتفعة تحتوي على 90 شقة سكنية، تتسع لحوالى 500 مستوطن على الأقل، و90 عائلة جديدة.

ويقوم مشروع عوفرا، بحسب مسوقه زوري أفيور، على "زيادة عدد المستوطنين وانخفاض أسعار الشقق"، مضيفاً أن المستهدف من المشروع هو العائلات المنتمية إلى التيار القومي الديني، التي "سئمت من الاغتراب في المدن الكبيرة".

مليون مستوطن

الخبير في شؤون الاستيطان جمال جمعة يقول لـ"اندبندنت عربية" إن "البناء العمودي الجديد والمتسارع في المستوطنات بدأ يأخذ منحنيات خطيرة، بحيث تخلى المستوطنون عن رفاهية المنزل المستقل ذي الحديقة الخضراء الفسيحة، الذي يتربع في غالبية الأحيان أعلى التلال والقمم والجبال في مدن الضفة الغربية لصالح الزيادة السكانية. فالمساحة الأفقية المخصصة لثلاث وحدات سكنية استيطانية على سبيل المثال، أصبحت تتسع عمودياً لبنايتين شاهقتين لا يقل ارتفاع الواحدة منهما عن 20 طابقاً، وكل طابق سيتسع لشقتين أو ثلاث، ما يعني زيادة سكانية كبيرة ستطرأ على أعداد المستوطنين، بخاصة الجدد منهم، الذين يفضلون السكن في مستوطنات الضفة الغربية. كما أن البناء العمودي يوحي بالقوة، ويدعم نفسية المستوطنين وكأنهم يعيشون في أبنية دائمة وضخمة غير قابلة للتفكيك، كما في تل أبيب ويافا وحيفا".

ويضيف "نمط البناء الجديد في مستوطنات عوفرا وبيت إيل وموديعين عيليت وأرئيل ومعاليه أدوميم وغيرها، سيغرق الضفة الغربية بالمستوطنين، الذين يعملون على قدم وساق لزيادة عددهم إلى نحو مليون مستوطن"، مشيراً إلى أن "أسعار الشقق أرخص بكثير من المنزل المستقل. ومع وجود التسهيلات المادية، تصبح فكرة السكن في الشقق العمودية مغرية للغاية، بخاصة أن الحكومة الإسرائيلية غالباً ما تتكبد عناء وتكاليف البناء، فيما يتكامل مع كل هذه التطورات تقطيع أراضي الفلسطينيين، ومحاولة نشر البؤر الاستيطانية الرعوية هنا وهناك، لتتحوّل مع وجود دعم سياسي إلى مستوطنة كبيرة فيها جامعات ومدارس وكنس، وهو ما يخلق بطبيعة الحال، معازل فلسطينية محاطة بالاستيطان الزاحف من الجهات كافة".

بيانات حديثة صدرت عن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، كشفت أن ثلث الأميركيين الذين هاجروا إلى إسرائيل في العام الماضي، كانوا أكثر ميلاً للانتقال إلى مستوطنات الضفة الغربية، مقارنة بالمهاجرين من دول أخرى.

رئيس مجلس يهودا والسامرة الإقليمي يوسي دغان أشاد بدوره بالنمو الاستيطاني الأخير، "لا يمكننا القول إن تجميد بناء المستوطنات الذي دام قرابة العام قد انتهى. الهدف مليون يهودي في السامرة، وهذا ما سنصل إليه مع أي حكومة. هذا هو الأمر الأساسي في حقوق الإنسان، أي القدرة على النمو والتطور".

في المقابل، يقول وليد عساف، وزير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إن "الحكومة الإسرائيلية تعي تماماً بل وتؤمن بأهمية الاستيطان في الضفة الغربية، فهي تشرف على التوسع وتدعمه وتموله، وتعطي المستوطنين امتيازات كثيرة، حتى إنها تشجعهم على الانتقال إلى السكن في المستوطنات وتقسيمها إلى كانتونات (تقسيم إداري صغير) معزولة عن بعضها البعض لخنق حياة الفلسطينيين ومنعهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي".

بعرض الحائط

بعد يوم واحد فقط من انتقاد الولايات المتحدة و12 دولة أوروبية بناء تل أبيب 3000 وحدة سكنية للمستوطنين في الضفة الغربية، أعطت لجنة التخطيط العليا في الإدارة المدنية الإسرائيلية الموافقة النهائية على 1800 منزل، والمصادقة المبدئية على 1344 منزلاً آخر.

وزارة الخارجية الفلسطينية التي نددت بالقرار، قالت في بيان إن "طرح هذه المناقصات هو صفعة إسرائيلية جديدة للإدارة الأميركية وسياستها الشرق أوسطية، واستهتار صارخ بالمناشدات والمطالبات الأميركية لدولة الاحتلال بوقف الإجراءات أحادية الجانب، بما فيها العمليات الاستيطانية، فالإدارة الأميركية تعتمد صيغاً سياسية شكلية ليس لها أي أثر أو وزن من شأنه إجبار تل أبيب على وقف عمليات تعميق وتوسيع الاستيطان، بالتالي فإن موقف واشنطن المعلن بشأن حل الدولتين يفقد مصداقيته ويتآكل بالتدريج".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بيد أن الضغوط الأميركية تصاعدت نهاية أكتوبر، عندما أجرى وزير الخارجية أنتوني بلينكن اتصالاً هاتفياً بوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، وأخبره أن عدد الوحدات الاستيطانية ومواقعها المقررة في عمق الضفة الغربية "غير مقبول" أميركياً، بحسب مسؤولين إسرائيليين.

وطلب بلينكن من غانتس أن يُحسب لموقف الولايات المتحدة بشأن الاستيطان الإسرائيلي اعتبار أكبر في المستقبل.

وتعقيباً على التطورات الأخيرة، يقول الباحث والمحلل في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد إن "حكومة الاحتلال لا تلقي بالاً للدعوات الدولية بما فيها الأميركية والأوروبية لوقف الاستيطان، لذلك فإن المصادقة على مزيد من الوحدات الاستيطانية مستمر".

في القمامة

وبينما تحاول واشنطن رأب الصدع المتزايد في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، أقدم مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان، في 29 أكتوبر، على تمزيق التقرير الذي أصدره مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لهجومه الشديد على إسرائيل وانتقاده السياسات التي تنتهجها في فلسطين بما فيها بناء المستوطنات.

وقال "مجلس حقوق الإنسان منذ إنشائه قبل 15 عاماً، هاجم ودان تل أبيب عبر 95 قراراً، مقارنة بـ142 قراراً ضد بقية دول العالم مجتمعة"، مضيفاً أن "مكان هذا التقرير المشوه والأحادي الجانب هو سلة مهملات معاداة السامية". 

وأشار أردان إلى أن التقرير "تجاهل تماماً حركة حماس... وإطلاق الصواريخ على إسرائيل".

من جهته، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، عبر مقابلة مع صحيفة "تايمز" البريطانية، رفضه إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ما أثار موجة انتقادات فلسطينية واسعة اعتبرت أن هذه التصريحات "إمعان في الاستعمار ومعاداة للسلام".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير