Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ستسهم تطورات الأحداث الأخيرة في حل أزمة شرق السودان؟

توجد اتجاهات حكومية لإنهاء المشكلة وفتح الموانئ بالتفاوض مع مبادرة لتخصيص مؤتمر يضع بنداً اقتصادياً للمنطقة

شركات عالمية عدة توقفت عن الشحن إلى ميناء بورتسودان خوفاً من تكدس البضائع (اندبندنت عربية - حسن حامد)

وسط أنباء عن قرب إنهاء "المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة" إغلاق الموانئ والمناطق المقفلة في شرق السودان، بعد تطورات الأحداث الأخيرة في البلاد وحل الحكومة، تطرأ تساؤلات حول حجم الخسائر التي أحدثت تأثيراً مضاعفاً في الاقتصاد الوطني، ومصير مطالب المجلس الأعلى لنظارات البجا بزعامة محمد الأمين ترك، في ظل هذه التطورات وهي التي تمخض عنها مؤتمر سنكات في سبتمبر (أيلول) 2020، وأهمها "تفويض المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة للتعبير عن قضايا الإقليم، في كل المحافل، ورفض مسار الشرق بمنبر جوبا، واعتماد تحالفات كيانات (كسلا والقضارف والبحر الأحمر) وتكوين هيئة تنسيقية عليا بين كل المكونات، والتمسك بحق أبناء الإقليم في حكم إقليمهم والمشاركة في حكم الدولة على كل مستويات الحكم، وإقرار الإقليم الواحد بحدوده التاريخية المعروفة".

في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، أعلنت وزارة النقل والبنى التحتية عن "استعدادات مكثفة تجريها الوزارة لاستكمال جاهزية بنية النقل البحري والجوي والبري والنهري للتوسعات الاقتصادية والتجارية في إطار خطة حكومية تتماشى مع المرحلة الجديدة في السودان، التي يتوقع لها أن تشهد مزيداً من الانفتاح التجاري والاستثماري بعد رفع العقوبات التي استمرت 27 عاماً بسبب وضع البلاد في قائمة الدول الراعية للإرهاب"، لكن بعد إغلاق المجلس الأعلى لنظارات البجا لإقليم الشرق وتقييد حركة الموانئ، مطالباً بإلغاء مسار الشرق في اتفاقية جوبا للسلام وحل الحكومة المدنية وتسليم الحكم إلى العسكريين، أحدث ذلك أثراً سلبياً مضاعفاً في الاقتصاد السوداني، وحدّ من خطة الحكومة.

يُذكر أن البحر الأحمر يشتمل على أربعة موانئ رئيسة، هي ميناء بورتسودان وهو الميناء القومي السيادي للبلاد، وميناء سواكن الاستثماري، ويختص بالمهمات المتعلقة بالتشغيل والمناولة. وهناك ميناء حيدوب المخصص لتصدير الثروة الحيوانية، وميناء الخير (بشائر) المخصص لنقل المواد البترولية.

خسائر النقل البحري

قال هاني محمد، مدير الإعلام في مكتب وزير النقل، "وضعت وزارة النقل خطتها الاستراتيجية للمضي قدماً بكل قطاعاتها المتمثلة في النقل البحري والنهري والجوي والبري، وترهن تطورها بزيادة حجم الانفتاح على العالم الخارجي. وعلى الرغم من إحراز الوزارة تقدماً ملحوظاً في ما يتعلق بقطاعها البحري، متمثلاً في شركة الخطوط البحرية بمباشرتها العمل لرفع كفاءة الحاويات، إلا أن الإغلاق الذي طرأ على الميناء لأكثر من شهر أحدث خسائر يومية تُقدّر بمليون يورو، وهذا ثابت الدخل اليومي للميناء، إضافة إلى الخسائر التي شملت الشركات الموردة والمصدرة والشركات الملاحية الخاصة التي تقدّر بالحجم ذاته".

وأوضح أن "الإغلاق بمختلف مستوياته نتج منه أثر فادح، فغير الخسائر المالية التي طرأت على الميناء، هناك تأثر الاقتصاد السوداني بشكل أكبر، إذ تقل المعاملات الاقتصادية مع العالم، إضافة إلى فقدان الميناء سمعته العالمية نسبة إلى ترهل وتكدس البضائع، كما يمكن أن يهدد ذلك بتوقف الشركات الملاحية الخاصة المرهونة استمراريتها باستمرارية الميناء في العمل".

وأضاف أنه "في لقاء الوفد الحكومي بقيادة الفريق شمس الدين كباشي مع المجلس الأعلى لنظارات البجا في 26 سبتمبر الماضي، جرى الاتفاق على السماح بمرور صادر بترول دولة جنوب السودان عبر ميناء بشائر وتم التزام ذلك. كما اقترح الوفد الحكومي لحل مشكلة شرق السودان، قيام مؤتمر جامع لكل أهل شرق السودان، حيث تكون مخرجاته ملزمة للحكومة وأهل الشرق".

وتابع، "هناك اتجاهات تتخذها الحكومة لإنهاء أزمة الشرق وفتح الموانئ بالتفاوض ووضع خطوط عريضة، وأيضاً ستكون هناك مبادرة لتخصيص مؤتمر يضع بنداً اقتصادياً لشرق السودان. ومنذ جلوس الوفد الحكومي مع المجلس الأعلى لنظارات البجا واتفاقهم على تمرير بترول دولة جنوب السودان، أُغلق التفاوض وقد كان مقرراً مواصلته بعد أسبوع منذ ذلك الوقت".

"ونتيجة لإغلاق الميناء لأكثر من شهر، تحوّلت جهات عدة إلى الاستعانة بالموانئ المصرية وموانئ أخرى للتصدير والاستيراد عبرها، وكثيراً من الشركات العالمية توقفت عن الشحن للميناء تخوفاً من تكدس البضائع".

تعقيد المشهد

أوضح الباحث الاقتصادي محمد الناير أن "أهمية تأثير إغلاق شرق السودان في الاقتصاد السوداني، خصوصاً مع استمراره أكثر من شهر، تأتي من أن حجم الصادرات والواردات يتراوح ما بين 11 و12 مليار دولار سنوياً، منها 4 مليارات دولار صادرات و8 مليارات دولار واردات. وحينما يُغلق الشرق تتعطّل هذه المصالح مع المجتمع الدولي وتتأثر الصادرات بشكل خاص، باعتبار أن الأسواق العالمية إذا لم يمدّها السودان بحاجاتها تبحث عن أسواق بديلة. ومع عدم انسياب الواردات، يؤدي ذلك إلى فجوة في السلع الاستراتيجية والضرورية ما يمكن أن يعقّد المشهد الاقتصادي أكثر من ذلك. فالبلاد تعتمد على 80 في المئة من الاستيراد من الخارج في توفير السلع ومعظم حاجاتها  من المواد الأساسية من الأغذية والإسبيرات ومدخلات الإنتاج. كما أن أهمية الموانئ وإيراداتها تشكّل نسبة مقدرة في الموازنة العامة للدولة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "يغري طول ساحل البحر الأحمر نحو 780 كلم، ظهور أطماع إقليمية ودولية، إذ إن الممر الملاحي للبحر الأحمر يشكّل نسبة كبيرة من حجم التجارة الدولية، فضلاً عن أن الموانئ السودانية ليست للسودان فقط، بل لدول الجوار المحيطة التي ليست لديها منافذ بحرية مثل إثيوبيا وتشاد، وهناك خطة لتنفيذ مشروع ربط عبر السكك الحديدية، أحدها يربط البحر الأحمر بإثيوبيا والآخر يربطه بتشاد، ما سيفتح أسواق شرق أفريقيا وغربها أمام المنتجات والصادرات السودانية بميزات تفضيلية، ويحدّ من التهريب الذي نشط مستفيداً من دعم السلع داخل البلاد، وتسبب بخسائر كبيرة للاقتصاد السوداني".

موانئ بديلة

نُقل عن وزير التجارة والتموين علي جدو أنه صرّح بعدم السماح للمصدرين الذين طلبوا من الوزارة أن تأذن لهم بتصدير الموارد السودانية عبر موانئ الدول الأخرى، طالباً منهم الانتظار حتى يُفتح ميناء بورتسودان. وقال "لن نسمح بالتصدير عبر موانئ الدول الأخرى، إلا إذا اقتنعنا تماماً أن المسألة لن تُحل". ومن جانبه، علّق محمد الناير على أن الحديث عن موانئ بديلة ينمّ عن "عدم وطنية"، وهو "إجراء غير مسؤول"، واتُخذ كوسيلة للابتزاز وإضعاف قضية الشرق، ومع أنه نُفّذ جزئياً إلا أنني لا أتوقع له الاستمرار".

واعتبر الناير أن "جزءاً من مطالب أهل الشرق للوفد الحكومي، الذي زار الإقليم في وقت سابق، ومنها حل الحكومة قد تحقق، لأن أداءها كان ضعيفاً، أما مسار الشرق فيمكن تجميده إلى حين حل المشكلة". وتوقع أن يجري "تعيين حاكم عام لإقليم الشرق ومنطقة النيل الأزرق وجبال النوبة أسوة بإقليم دارفور، لتقليل حجم الاحتقان السياسي وتوازن الحكم في الأقاليم المختلفة".

وتابع، "السماح بمرور النفط إلى جنوب السودان، يؤذن بأن يتم فتح الشرق بالكامل، على أن تتم مناقشته والاتفاق عليه في أسرع وقت لأن التباطؤ هو ما عقّد قضية الشرق من قبل".

مسار جديد

من جانبه، أوضح رئيس مجلس شورى الهدندوة في ولاية البحر الأحمر العمدة أحمد هبناي أن "الفتح الجزئي للموانئ والطرق جاء لأسباب إنسانية بغرض السماح بسريان حركة المواد التموينية والسلع الأساسية ونسبة إلى تحقق المطلب الأول، وهو حل الحكومة، لأنها تحوّلت إلى أداة لتأليب أهل الشرق ضد بعضهم واستهداف البجا في المؤسسات العدلية والمدنية، وبسبب التعبير عن آرائهم والمطالبة بحل قضاياهم".

وأضاف أن "مجلس نظارات البجا بقراره ذلك، لم يكُن ضد الشعب السوداني، إنما لديه مطالب وقضايا، والفريق البرهان عندما ذكر في مؤتمره الصحافي معاناة الشرق من مظالم تاريخية ووعد بحلها، كان ذلك مطمئناً لأهل الشرق، إضافة إلى وعده بإرسال وفد من الحكومة يُتوقع وصوله إلى الإقليم عاجلاً لمناقشة بقية المطالب".

وقال هبناي، "ليست هناك فرصة لتجميد مسار الشرق، إنما يطالب مجلس نظارات البجا بإلغائه تماماً، لأن ممثليه لم يكونوا منتمين للإقليم، وتشكيل مسار جديد بدلاً عنه يمثّله أبناء الشرق، لأن المجلس يرفض تدخل الجبهة الثورية في قضايا شرق السودان".

أما المطلب الآخر، فهو "عقد مجلس تشاوري بين الحكومة وأبناء الإقليم ليختاروا من يمثلهم، من جميع المكونات القبلية وليس البجا وحدهم، إضافة إلى المكونات المجتمعية، ليقرروا من يمثلهم في الحكومة".

وفيما ذكر عضو سكرتارية تجمع موظفي وعمال الموانئ صديق سمرة للصحف السودانية أن "هناك نحو 14 ألف عامل في الميناء، تضرروا باعتبار أن قضاياهم لا تنفصل عن الراهن الاقتصادي الموجود وارتفاع تكاليف المعيشة، وأن الإغلاق جاء في وقت بدأ الإنتاج يرتفع عن السابق عقب إصلاح بعض الأعطال"، علّق رئيس شورى الهدندوة "كان لهذا الإغلاق بزيادة المعاناة المعيشية لعمال اليومية في الموانئ تأثير كبير، لكن لأن لهم قضية فلا بد من التضحيات. وفي هذا الاعتصام، وصل إلى عمالة الميناء دعم تسييري وغذائي من ولايات السودان الشمالية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير