Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 أعمال نجيب محفوظ الكاملة مجانا على موقع هنداوي

المشروع لقي ترحيباً كبيراً في الإعلام ووسائل التواصل وأثار حفيظة الناشرين الورقيين

نجيب محفوظ يقرأ الصحف (متحف نجيب محفوظ)

في بيان مقتضب، أعلنت "مؤسسة هنداوي" تعاقدها مع أسرة نجيب محفوظ لنشر أعماله مجاناً، ما أثار ضجة واسعة في الأوساط الثقافية في مصر والعالم العربي، تجلت في تعبير كثيرين عبر "السوشيال ميديا" ومختلف وسائل الإعلام عن الترحيب بتلك الخطوة، التي جاءت عشية انتهاء مدة العقد الخاص بامتلاك دار "الشروق" القاهرية الحق الحصري في نشر تلك الأعمال، وما صاحبه من "سلبيات" عدة، منها عدم توفير كل كتب صاحب "أولاد حارتنا" والاكتفاء بطباعة بعضها فقط، بالإضافة إلى ارتفاع أسعارها. مسؤولو دار "الشروق" بادروا بتأكيد أنهم لم يحجبوا أياً من أعمال نجيب محفوظ، وأن أسعارها في المتناول.

واعتبر البعض أن السر وراء احتفاء القراء والباحثين بتلك الخطوة يكمن في أنها ستتيح كتب محفوظ بالمجان، ومن ثم لن تكون هناك حاجة إلى قرصنتها، فضلاً عن أنها ستكون بجودة فنية عالية، بالنظر إلى ما تطرحه "مؤسسة هنداوي"، التي تثير التساؤل حول سر تقديمها آلاف الكتب بالمجان للقراء، وهو أمر غير معتاد في العالم العربي.

من هنا، يأتي هذا الحوار الذي أجرته "اندبندنت عربية" مع أحمد هنداوي، صاحب "مؤسسة هنداوي" ومديرها، للتعرف منه على خلفيات تعاقده مع أسرة نجيب محفوظ، والسر وراء إنشائه هذه المنصة التي تكلفه سنوياً ملايين الجنيهات، وللحديث عن مستقبل النشر الإلكتروني وأهم المشاريع التي تنوي المؤسسة القيام بها.

سيرة ذاتية ومهنية

في البداية، ورداً على سؤال بشأن أسباب ندرة المعلومات المتوافرة عنه، يقول هنداوي "لست شخصية عامة ممن يتوافر عنهم الكثير من المعلومات. أنا ولدت في محافظة المنوفية (شمال مصر) عام 1966، ونشأت بالقاهرة. التحقت بكلية العلوم بجامعة عين شمس، وتخرجت في قسم الفيزياء. حصلت على ماجستير في الفيزياء من الجامعة نفسها، ثم دكتوراه في المجال نفسه من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية".

ويشير هنداوي إلى أن ليس لديه أي شركات أو نشاط غير إدارة "شركة نجوى للتعليم الرقمي"، وعمله وعضويته في مجلس أمناء "مؤسسة هنداوي"، فهو أقام معظم سنوات عمره في مصر، باستثناء الفترة من 1992 إلى 1997 للدراسة في أميركا، والسنوات الخمس الأخيرة منذ عام 2016؛ حين انتقل مع أسرته للإقامة في المملكة المتحدة.

وبسؤاله حول الضجة التي أحدثها حصول المؤسسة على حقوق طباعة أعمال نجيب محفوظ وهذا الصدى بخاصة أنهم يعملون في سوق النشر منذ 2008، وأتاحوا أعمالاً لكبار الكتاب في مصر والعالم العربي، مثل أعمال عميد الأدب العربي طه حسين من قبل ويوسف إدريس وعباس محمود العقاد وغيرهم ولم يحدثوا مثل هذا الصدى الكبير؟ أجاب "توقعنا بالطبع أن إتاحة أعمال نجيب محفوظ على منصات «هنداوي» سوف تقابل بالترحيب من جمهور المهتمين بالشأن الثقافي العام. ولكن لم نتوقع أن يدور جدل حول هذا الأمر، وأن يشمل هذا الجدل عدداً من الناشرين الآخرين مثل «دار الشروق» التي أكن لها شخصياً كل تقدير للدور المهم الذي تقوم به في صناعة النشر في العالم العربي. نحن بحاجة إلى جهد مبذول من القطاع الخاص ممثلاً في شركات النشر مثل «دار الشروق»، وجهد من المنظمات الحكومية مثل «المركز القومي للترجمة»، وجهد من المؤسسات غير الربحية مثل «مؤسسة هنداوي». ولا يصح أن يتصور البعض أن ما يقوم به قطاع من هذه القطاعات ينتقص بأي شكل من الأشكال من دور القطاعات الأخرى وأهميتها".

وفي كل الأحوال، يؤكد هنداوي "المهم ليس الصدى الذي يحدث في وسائل الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي؛ المهم هو أن تصل أعمال نجيب محفوظ إلى من يريد أن يقرأها، وأن تساعد في نشر حب القراءة بين المتحدثين باللغة العربية في جميع أنحاء العالم؛ وهو الهدف الأساسي الذي تسعى إليه «مؤسسة هنداوي» أصلا".

طه حسين وآخرون

وعن الكواليس المتعلقة بالاتفاق مع أسرة محفوظ، وكيف أتت الفكرة، يقول هنداوي "لم يكن هناك الكثير من الدراما كما يتصور البعض. لقد اتصلنا بالسيدة أم كلثوم ابنة نجيب محفوظ منذ سنتين أو يزيد للسؤال عن إمكانية نشر أعمال الأديب الكبير على منصاتنا، وهو شيء منطقي لكون محفوظ أشهر الأدباء العرب ونحن نرغب في تدعيم مكتبتنا بأعمال كبار أدباء اللغة العربية. أخبرتنا السيدة أم كلثوم بوجود تعاقد مع «دار الشروق» حتى بدايات عام 2022، وأبدت استعدادها لمناقشة الأمر عندما يقترب العقد الحالي من الانتهاء. عاودنا الاتصال أخيراً، وعلمنا أنها تفاضل بين مجموعة من العروض من دور نشر مختلفة ونحن سعداء لقرارها التعاقد معنا، الذي يعطيها الحق في التعاقد مع أي جهات أخرى. وخطوات التفاوض والاتفاق وبنود العقد لا تختلف كثيراً عن أي تعاقدات أخرى قامت بها المؤسسة مع أدباء ومفكرين آخرين أو مع أسرهم".

وفي هذا الإطار يفصح هنداوي عن سعي مؤسسته لنشر أعمال توفيق الحكيم؛ "إن أتيحت لنا الفرصة". وأضاف "هدفنا هو توفير مكتبة ثرية ومجانية للتشجيع على القراءة ونشر التعليم والثقافة، ونعمل دائماً على إضافة ما يمكن إضافته إلى هذه المكتبة. تضم المكتبة حالياً ما يزيد على ألفي كتاب، ونحن نعتبر هذا الرقم متواضعاً جداً مقارنة بالاحتياجات الثقافية المتعددة للقارئ العربي، من حيث تعدد الاهتمامات واختلاف المراحل العمرية". ويوضح أنه إلى جانب الكتب التي توفرها المؤسسة مجاناً بصيغ مختلفة للقراءة الرقمية، "بدأنا منذ أشهر قليلة نشر قصائد من الشعر العربي بشكل نصي وصوتي، لمن يريد أن يقرأ الشعر العربي أو يستمع إليه. ونحن حالياً ندرس إمكانية نشر قصص مصورة لصغار السن، وإمكانية ترجمة فيديوهات ثقافية وعلمية، وإن كنا لم نتخذ قراراً نهائياً بخصوص هذا الشأن بعد".

مصادر التمويل

ولكن ما الدافع إلى إنشاء مؤسستكم وما مصادر تمويلها؟ يقول هنداوي "الدافع هو محاولة إضاءة شمعة وسط الظلام الدامس الذي نعيشه، وأن نوفر الكتب المجانية لمن يريد أن يقرأ، رداً للجميل الذي أشعر به، وتشعر به زوجتي الدكتورة نجوى عبد المطلب، تجاه المجتمع الذي نشأنا فيه. لم نتلق أي دعم أو تبرع من أي أفراد أو مؤسسات، باستثناء تبرع بخمسين يورو من قارئ كريم! ونحن كمؤسسة خيرية نرحب بأي دعم بشرط الشفافية، وعدم مخالفة أهدافنا". وذكر هنداوي أنه وزوجته ينفقان نحو نصف مليون دولار سنوياً على المؤسسة. وبسؤاله عن المكاسب التي يجنيها، يقول "مكسبنا يكمن في غرس حب القراءة بين المتحدثين باللغة العربية".

محاصصة نشرية

هل هناك نوع من المحاصصة أو "الكوتة"؛ إن جاز التعبير حول ما ينشر لديكم لفئات معينة مثل الشباب أو السيدات أو الترجمات؟ يقول هنداوي "ليس لدينا حالياً نظام للمحاصصة لفئات من الكتاب، ولكن لدينا نظام للمحاصصة لموضوعات الكتب، بخاصة المترجمة. نحاول مثلاً أن نخصص نسبة معينة من أعمالنا المترجمة لكتب الأطفال، ونسبة معينة لكتب العلوم المختلفة. بالنسبة إلى شباب المؤلفين، فإننا مع الأسف لا ننشر حالياً كتباً عربية لم يسبق نشرها؛ أي إننا نركز على الكتب المعروفة والكلاسيكيات. وبالنسبة إلى الترجمة، نحن لدينا فريق من المترجمين، ونقوم حالياً بتوسيعه حتى نستطيع ترجمة ما نخطط له".

وعن رأيه في مستقبل النشر الإلكتروني، يقول هنداوي "النشر الإلكتروني هو مستقبل النشر بكل أنواعه في جميع أنحاء العالم. ونحن لا نحاول السيطرة على هذه السوق، ولكن نسعى فقط لاستخدام الوسائل الرقمية للوصول إلى القارئ العربي، ونتمنى أن تشاركنا في ذلك دور النشر الأخرى في العالم العربي".

وأوضح رداً على سؤال عن عدد الكتب المترجمة وغير المترجمة التي تنشرها مؤسسته سنوياً "ليس لدينا عدد معين نستهدفه للترجمة كل عام، وإن كان لدينا هدف يتمثل في ترجمة ثلاثة ملايين ونصف المليون كلمة إلى اللغة العربية هذا العام؛ وهو ما يساوي 50 كتاباً أو ما يقارب ذلك بحسب حجم الكتاب. ونرغب في رفع هذا الرقم العام المقبل إلى خمسة ملايين كلمة مترجمة؛ وهو ما يساوي نحو 70 كتاباً أو ما يقارب ذلك". وأضاف أنه بالنسبة إلى الكتب غير المترجمة، "نستهدف بضع مئات من الكتب العام المقبل، ونأمل أن يصل عددها بنهايته إلى ثلاثة آلاف كتاب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطرد موضحاً أن ما يواجهونه من التحديات والصعوبات هو أمر طبيعي مثل: تكوين فريق عمل ممتاز والمحافظة عليه، الاستمرار في تطوير البنية التكنولوجية للمؤسسة. ولكن أحد التحديات الخاصة التي تواجهنا -يضيف هنداوي- هو إقناع الناشرين الدوليين بأن يسمحوا لنا بأن نترجم وننشر كتبهم مجاناً مقابل رسوم مناسبة.

مليون كتاب

وعن أكثر الأرقام التي لفتت انتباهه أثناء اطلاعه على الإحصاءات الخاصة بالنشر على موقع مؤسسته، يقول هنداوي "تعمل المؤسسة منذ عام 2008، ويتم شهرياً تحميل بين نصف مليون ومليون كتاب من موقع المؤسسة، وتتوافر كتبنا في العديد من الأماكن الأخرى، إما بشكل قانوني وإما غير قانوني، لا يسمح لنا بمعرفة الرقم الكلي للتحميلات".

وعن آليات النشر لديهم وهل هناك تجارب مشابهة في بريطانيا غير ربحية؟ يذكر هنداوي أن لدى مؤسسته فريقاً لاختيار الكتب التي تنضم إلى برنامج الترجمة، وفريقاً آخر لاختيار الكتب العربية التي يعاد نشرها. وتعرض الكتب على مجلس أمناء المؤسسة للموافقة عليها. ويوجد عدد من المؤسسات التي تعمل على نشر الثقافة والتعليم بطرق مختلفة في العالم كله؛ منها مثلاً مشروع "غوتنبرغ" في الولايات المتحدة، ويحتوي على أكثر من 60 ألفاً من الكتب التي انتهت فترة حمايتها القانونية.

ويختتم هنداوي بالقول "من الخطأ القول إن العرب لا يقرأون، ولكننا بالتأكيد لا نقرأ بالمعدل نفسه الذي تقرأ به الأمم التي نصبو إلى اللحاق بها. وقد يكون جزء من السبب عدم وجود رغبة كافية في القراءة؛ أي من ناحية الطلب، نتيجة ضعف مستوى التعليم أو تدهور القراءة بوصفها قيمة مجتمعية. ولكن قد يكون جزء من السبب أيضاً عدم توافر مواد القراءة في متناول يد من يريد القراءة؛ أي من ناحية العرض، وهو الجزء الذي نحاول توفيره".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة