Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يكون مرتزقة "فاغنر" يد روسيا التي تزاحم فرنسا في الساحل؟

باريس تدخل في صراع مع موسكو وباماكو والجزائر تراقب عن قرب

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مالي (رويترز)

باتت دولة مالي محل اهتمام المجموعة الدولية بعد أن دخلت كلمة "فاغنر" قاموس بلدان منطقة الساحل، وهي التي كانت إلى وقت قريب تعاني التهميش رغم المعاناة من الإرهاب وغياب التنمية والفقر والنزاعات، ما يطرح التساؤل حول هذا التغير في التوجهات الدولية؟

كلمة حركت المنطقة!

وتحولت منطقة الساحل وبخاصة دولة مالي، إلى وجهة لزيارات عديد المسؤولين الغربيين ومن دول الجوار، منهم من يعرض خدماتهم الصناعية والتجارية والاستثمارية والتعليمية، وبعضهم يتوعد بوقف معوناتهم المالية وسحب قواتهم العسكرية، لتبقى الجزائر تواصل دعم العملية السياسية والحلول السلمية التنموية، لا لشيء سوى أن السلطة الجديدة في باماكو أعلنت عزمها التعاقد مع قوات "فاغنر" الروسية بالتوازي مع قرار فرنسا تخفيض عدد قواتها العسكرية.

لقد حرك تداول كلمة "فاغنر" في المنطقة، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الأمر الذي من شأنه إحداث تغيير كثير من المعطيات على أرض تعتبر تحت سيطرة النفوذ الفرنسي، على اعتبار أن هذا الحضور الروسي غير المباشر الذي تحول إلى مباشر وعلني إثر تسليم موسكو السلطات في باماكو، 4 مروحيات هجومية ومعدات عسكرية، لم يغضب فرنسا فقط وإنما استنفر أوروبا وأميركا وحتى بعض دول الجوار، بوضع قدميه في إحدى أكثر المناطق الغنية بمختلف الموارد الطبيعية، وكذلك موقعها الجغرافي الاستراتيجي، في حين تراقب الجزائر التطورات عن قرب بتحركات وزير خارجيتها رمطان لعمامرة، وتنقلات مسؤولين ماليين إلى الجزائر.

وفي تقرير نشرته لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة قبل أشهر، يؤكد الباحث سيث جونز، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن اللجنة أحصت 26 دولة، معظمها في أفريقيا، يعمل فيها مرتزقة "فاغنر".

الحوار مع "الإرهابيين"

وفي السياق، يرى أستاذ العلاقات الدولية، عبد الوهاب حفيان، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن كل المؤشرات في مالي توحي بأن العلاقة بين المجلس العسكري وفرنسا متوترة، وكل ذلك يصب في صالح روسيا ممثلة في مرتزقة "فاغنر"، وقال إن هناك تقارير استخباراتية تشير إلى أن تدخل "فاغنر" يصب في اتجاه الموقف الجزائري، بل تذهب إلى أن الجزائر يمكن أن تكون متورطة في دفع الأموال تحت الطاولة أو حتى تقديم مساعدات لوجيستية خفية لصالح "فاغنر"، مضيفاً أن ما زاد الطين بلة هو تصريح وزير الشؤون الدينية في مالي، بأن الحكومة المركزية مستعدة تمام الاستعداد لفتح حوار مباشر من دون أي وساطة مع الإرهابيين ممثلين في "القاعدة"، لغرض توحيد الصفوف ونبذ العنف وإذابة مشروع التقسيم، وتوقع أن تخوض "القاعدة" حرباً بالوكالة عن مالي، ضد "الدواعش" الذين يتزايد نفوذهم، لإبعادهم عن المنطقة، بخاصة مع الاستقطابات المهمة للفكر الداعشي لدى قبائل "الفلان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتابع حفيان، أن سياقات التفاوض مع الإرهابيين في مالي يعتبر طياً لصفحة الجرائم الممنهجة بعيداً عن التجاذبات على الأرض، ومدخلاً للانتخابات التشريعية والرئاسية في البلاد، وهو ما يتوافق مع الأطروحات الجزائرية لتصور مستقبل المنطقة، مشدداً أن الجزائر تبقى داعماً لحوار مالي - مالي بعيداً عن أي وساطات، وهي تركز على موضوع وقف العمليات العسكرية في الساحل، وعلى التزام الأطراف بموضوع الحلول السلمية في إطار "مالي الموحد".

إنهاء "الرباط"

ويبدو أن الأحداث تتسارع لإنهاء "الرباط" بين باماكو وباريس، ففي آخر تصعيد بين الطرفين، اتهم رئيس الحكومة المالية شوغل كوكالا مايغا، فرنسا بإنشاء جيش في مدينة كيدال بشمال مالي، وسلمته إلى حركة تشكلت من جماعة "أنصار الدين" المتحالفة مع تنظيم "القاعدة"، وهو ما يفتح باب نفق لا أحد يدري متى الخروج منه في ظل وجود عناصر "فاغنر".

واتهم وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، في برنامج على شبكة "فرانس 5"، مرتزقة "فاغنر" الروسية الخاصة بأنهم "عندما يدخلون دولة ما يضاعفون الانتهاكات والابتزازات والانقضاض أحياناً من أجل الحلول مكان سلطة البلد"، وأوضح أن "المثال الصارخ هو جمهورية أفريقيا الوسطى حيث تصادر المجموعة القدرة المالية للدولة لكي تحصل على أجورها"، معتبراً أن " فاغنر هي في المقام الأول مجموعة من المرتزقة الروس الذين يشنون الحرب بالوكالة نيابة عن روسيا حتى لو أنكرت روسيا ذلك"، وحذر من أي انخراط لمقاتلي "فاغنر" في النزاع الذي تشهده مالي.

فرنسا تخسر نقطة 

في الشأن نفسه، يعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية المهتم بالشأن الأفريقي، مبروك كاهي أن "فاغنر" مؤسسة أمنية خاصة هدفها الربح بالدرجة الأولى، أي تقديم خدمات أمنية مقابل أرباح وعائدات مالية في الأساس ولا تملك أي دور أيديولوجي، لكن روسيا تستخدمها بطريقة غير مباشرة لتحقيق أهدافها واستراتيجيتها في المنطقة لعدة أسباب لعل أبرزها التنصل من أي مسؤولية دولية للوجود الروسي المباشر، وأبرز أن وجود "فاغنر" في مالي يزعج القوات الفرنسية بالتأكيد ويجعلها مجبرة على قبول الأمر الواقع.

ويواصل كاهي، أن "فاغنر" مهمتها الأولى حماية السلطة الحاكمة في باماكو، وهنا تسقط ورقة الإطاحة بها، وهي نقطة مهمة تخسرها فرنسا وتجعل حكام باماكو أكثر جدية تجاهها، وهو ما يلاحظ من خلال تصريح الوزير الأول المالي بدعم فرنسا لجماعات إرهابية وتدريبها، في إشارة صريحة إلى ضرورة مغادرة القوات الفرنسية للمنطقة، مضيفاً أن وجود "فاغنر" يتيح للجيش المالي التفرغ لمحاربة الجماعات الإرهابية، كما يمكن لعناصرها المارقة في العملية، وقال إن الإشكال الأكبر الذي تخشاه فرنسا هو أن يقع احتكاك بين قواتها العسكرية وعناصر "فاغنر" والتبعات القانونية والأخلاقية المترتبة على ذلك، مشيراً بخصوص وضع الجزائر، إلى أنها دولة ذات سيادة، ولا تتعامل أو تدعم مجموعة مرتزقة أو شركة أمنية خاصة، وإنما تدعم الجهود التي من شأنها إخراج مالي من الأزمة والعودة للانتظام الدستوري.

الجزائر تنفي

ونفت الجزائر، في وقت سابق، ما وصفتها بادعاءات حول "تمويل مزعوم من قبل الجزائر لميليشيات في مالي"، تداولتها وسيلة إعلام أجنبية، وقال متحدث باسم وزارتها للخارجية، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، إن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، وهي التي "صدرت عن وسيلة إعلامية معروفة بولائها لمصالح المديرية العامة للأمن الخارجي التابعة للاستخبارات الفرنسية التي يقودها السفير السابق لدى الجزائر، برنار إيمي"، واعتبر أن "الأمر يتعلق بتلاعب فاضح ومشين من طرف عربي بلد جار، وهم الذين يتحكمون في دمية بائسة تنشر في أعمدة مدونة خاصة بالمرتزقة".

المزيد من تقارير