Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف قاومت شعب البحر الأحمر "تقلب المناخ"؟

باحثون في علوم البيئة يبحثون عن تهجين السلالة الثمينة بعد اكتشافها في السعودية

ارتفاع درجة حرارة المحيطات والبحار يمكن أن تقضي على ما يصل إلى 90 في المئة من الشعاب المرجانية في العالم (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية)

عالمنا يزداد دفئاً ومحيطاتنا تزداد حمضية مع استمرار البشر في ضخ الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، هذا على الرغم من أن المحيطات تساعد في الحد من تغير المناخ بامتصاصها الحرارة المتراكمة.

وبحسب التقديرات فإن كل يوم تمتص مياه البحار حوالى 22 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في اليوم، ما خلف كارثة على الكائنات في أعماقها، وعلى النظام البيئي بخاصة إذا بقيت الانبعاثات دون رادع.

وتشير الأبحاث إلى أن ارتفاع درجة حرارة المحيطات والبحار يمكن أن تقضي على ما يصل إلى 90 في المئة من الشعاب المرجانية في العالم بحلول عام 2050 إذا لم يُفعل أي شيء لإنقاذها، فكلما اشتدت حدة الحموضة انخفضت قدرة المحيطات على معالجة ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الجو، ما يقلل في الوقت نفسه من دور التخفيف الذي تقوم به المحيطات في تغير المناخ.

تتلاشى الشعاب المرجانية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، إذ تقوم بطرد الطحالب التي تعيش داخل أنسجتها عندما ترتفع درجة حرارة المياه بمقدار 1-2 درجة مئوية (2-4 درجة فهرنهايت) فوق درجات الحرارة العادية في الصيف، ولأن تلك الطحالب تزود المرجان بمعظم طعامه فإن "تبييض المرجان" المطول وما يرتبط به من أمراض غالباً ما يقتل الشعاب، التي تواجه خطر الانقراض بسبب تغير المناخ على الصعيد العالمي،  فبعد موجة الحر التي حدثت 2016 فقد الحاجز المرجاني ثلث مساحته من أصل 3683 التي تشكل شبكته.

حدث تبيض جماعي لاحق في عام 2017، ما أدى إلى زيادة وفيات الشعاب المرجانية إلى حوالى 1800 حالة وفاة.

ويمكن لأي غواص أن يخبرك أن الشعاب المرجانية جميلة، وأنها مدن ساحرة بجمالها وألوانها تحت البحر، مليئة بالأسماك الملونة والتكوينات المعقدة، إلا أنها تمتد إلى ما هو أبعد من المتعة التي تجلبها لأولئك الذين يكتشفونها، إذ تلعب دوراً مهماً في تهيئة الظروف التي تسمح لمحيطاتنا بإنتاج الأكسجين  فهي لا تمنح الحياة فقط للكائنات البحرية تحت الماء، ولكن أيضاً لجميع الكائنات على الأرض بما في ذلك البشر.

 و يأتي ما يصل إلى 85 في المئة من الهواء الذي نتنفسه من النباتات، وتعد الشعاب المرجانية مصدراً غنياً في مكونات عديد من الأدوية.

اكتشاف علمي جديد

نوع من الشعاب المرجانية قاوم تبييض المرجان على الرغم من وجوده في مناطق حارة، ففي 2020 اكتشف الباحثون أن بعض الشعاب المرجانية في خليج العقبة في مصرو فلسلطين والأردن والسعودية يمكنه أن يتحمل درجات الحرارة القصوى، وتكون درجة واحدة أعلى من الحد الأقصى الشهري لدرجات حرارة سطح البحر في المنطقة الصيفية لمدة أسبوع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد علماء في جامعة الملك عبدالله  للعلوم والتقنية "كاوست"، أن أحد الأسباب التي تجعل هذه الشعاب المرجانية مرنة للغاية، هو أن الشعاب تطورت في منطقة أكثر دفئاً من المحيط، ثم هاجرت إلى هذا الجزء من البحر الأحمر، حيث لا تزال درجات حرارة المحيط أقل من درجة الحرارة القصوى للشعاب المرجانية.

ويلاحظ البروفيسور مانويل أراند، أستاذ مشارك في علوم البحار وعضو مركز أبحاث البحر الأحمر أن "التبييض المرجاني يحدث عادة في كل منطقة ترتفع الحرارة فيها ما بين +1 إلى +2 درجة مئوية فقط فوق متوسط درجة حرارة الصيف القصوى. وفي شمال البحر الأحمر، تزداد درجة الحرارة بمقدار يفوق +5 درجات مئوية فوق متوسط درجة الحرارة في فصل الصيف".

  ويحاول فريق من علماء الجامعة الكشف عن السر خلف تكيف الشعاب المرجانية في البحر الأحمر مع درجات حرارة البحر المرتفعة التي من شأنها أن تكون قاتلة لمعظم الشعاب المرجانية في أماكن أخرى.

 ويمكن القول إن الشعاب في البحر الأحمر قد تخفي السر في كيفية  تحملها، إذ قال البروفيسور مانويل "نحن في الواقع لا نعلم السبب الأكيد، فثمّة نظريات عديدة لم تثبت صحتها بعد بشكل قاطع، ونحاول معرفة الأسباب لمساعدة الشعاب المرجانية في أماكن أخرى من العالم"، مشيراً إلى أن هذا لا يعني أن الشعاب المرجانية في البحر الأحمر ليست مهددة  بالانقراض بسبب تغير المناخ، لأن درجات الحرارة في البحر الأحمر آخذة في الارتفاع أيضاً.

التهجين المرجاني

وشرع العلماء في البحث عن طرق ممكنة للمساعدة في المحافظة على الشعاب المرجانية ووظيفتها البيئية من تأثير أنشطة الإنسان على الكوكب فتم التوصل إلى بعض النظريات. ويذكر أن إحدى الطرق لتعزيز الحماية، هي من خلال التهجين المرجاني لأنواع مختلفة من الشعاب داخل الجنس نفسه لإنتاج ذرية هجينة.

وشرح الأكاديمي في الجامعة السعودية كيف يتم تهجين الشعاب المرجانية، وذلك من خلال زراعتها في المشاتل على غرار زراعة النباتات، وإخراجها لاستعادة الشعاب المتدهورة، وذكر أنها تعتمد على التجزئة الدقيقة التي تُقسم إلى أجزاء أصغر تنمو بشكل أسرع، وكل قطعة أصغر في النهاية تصبح مرجانية كاملة الحجم. ويتطلب عملاً كثيفاً لأن معظم العمل يجب أن يتم تحت الماء.

 ويحاول الباحثون تهجين الشعاب المرجانية من الأنواع المختلفة لزيادة مقاومة درجات الحرارة، لكن هذه الدراسات لا تزال في مهدها، حسب الباحثين.

 وعن أثر تغيير المناخ على الشعب المهجنة، ذكر الباحث أن التغير يحدث بسرعة كبيرة بحيث لا يكون لهذه الأنواع المهجنة التكيف عبر الأجيال، بخاصة مع سرعة تغير درجات الحرارة المرتفعة، "لهذا نحاول تقليد العملية الطبيعية وتسريعها من خلال اختيار مستعمرات أكثر تكيفاً، ومن ثم إعادة التجربة مع عديد من المستعمرات الأخرى، وهكذا فإننا نقوم بتسريع الوقت الذي تستغرقه هذه الشعاب المرجانية المرنة لزيادة أعدادها وتغيير الهياكل السكانية للأنواع المرجانية، بحيث يتم تكوين مجموعات جديدة أكثر مرونة بشكل أسرع".

المزيد من بيئة