Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يخشى الأميركيون من "هواوي"؟

محلل يكشف: أبعاد اقتصادية خلف تخزين المعلومات وتحليلها... والشركة تحصل على دعم حكومي لتنفيذ توسعاتها

فصلٌ جديدٌ من النزاع التجاري الأميركي - الصيني اتخذ، أمس، مساراً مختلفاً مع دخول اللاعبين الأميركيين الكبار في قطاع التكنولوجيا في معركة تكسير عظام مع عملاق التكنولوجيا الصيني "هواوي".

فقد أعلنت، أمس، الشركات الأميركية "غوغل" و"إنتل" و"كوالكوم" و"برودكوم" وقف التعاملات مع "هواوي"، فاتحة جبهة أميركية - صينية جديدة بعد أقل من أسبوع على هدوء الحرب التجارية بين الطرفين، التي بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في بداية هذا الشهر.

وجاء هذا الحظر على أثر إدراج وزارة التجارة الأميركية "هواوي" و68 كياناً ضمن قائمة تصدير سوداء يوم الخميس الماضي.

هبوط الأسواق
وهوت الأسواق الأميركية، أمس، على وقع هذه الأخبار السلبية على شركات تكنولوجية عدة مرتبطة بالتصنيع، ولديها أسواق في الصين، وفسَّر المحللون في الأسواق أن "الهبوط القوي ربما دفع الإدارة الأميركية إلى تعليق مؤقت للحظر، الذي فرضته على شركة التكنولوجيا الصينية (هواوي) لثلاثة أشهر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال وزير التجارة الأميركي ويلبر روس فيبيان، إن "الغرض من التفويض الجديد هو توفير خدمات لمشغلي الاتصالات، الذين يعتمدون في الوقت الحالي على معدات (هواوي) حتى يتسنى لهم اتخاذ ترتيبات بديلة".

وهوت الأسهم الأميركية مع بداية التعاملات، أمس، على خلفية هذه الأخبار، إذ ظهر بشكل واضح من تهاوي مؤشر "ناسداك"، الذي يجمع كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية، إذ هبط بنسبة 1.46 بالمئة إلى 7702.38 نقطة.

مشهد يتكرر
وكان مشهد شبيه من هبوط الأسواق حدث في الأسبوعين الماضيين على خلفية النار، التي فتحها ترمب على التجارة بين البلدين بفرض رسوم جمركية على كل البضائع الصينية بنسبة ٢٥٪، والرد الصيني بفرض رسوم جمركية مماثلة على بضائع أميركية بحجم ٦٠ مليار دولار، وكما الحال في مؤشر "ناسداك"، تراجع مؤشر "داو جونز" الصناعي بنسبة 0.33 بالمئة إلى 25679.76 نقطة، بينما هوى مؤشر "ستاندرد آند بورز" 500 بمقدار 19.44 نقطة أو 0.68 بالمئة إلى 2840.09 نقطة.

وعلى غرار ما حصل في التراشق الإعلامي الأميركي - الصيني في الحرب التجارية قبل أسبوعين، جاء الرد سريعاً اليوم من مؤسس هواوي رن جنغفي بأن "الولايات المتحدة تستخف بقوة أكبر شركة للاتصالات في العالم، وتحاول عرقلة طموحاتها العالمية".
 
ثورة الجيل الخامس
وتعتبر "هواوي" اليوم الشركة التي تقود ثورة الجيل الخامس للاتصالات، وستغير شكل الاتصالات والإنترنت في العالم لتصبح أسرع بعشرات الأضعاف ما هي عليه الآن.
وقال جنغفي، "لا ريب في أن شبكات الجيل الخامس الخاصة بهواوي لن تتأثر، وفيما يتعلق بتقنيات 5G، لن يتمكن الآخرون من إدراك شركة هواوي إلا بعد عامين أو ثلاثة".
وتتخوف الولايات المتحدة الأميركية من ارتباطات بين شركة هواوي والحكومة الصينية، ولديها هواجس فيما يتعلق بالأمن وتدفق المعلومات، التي تعتقد الإدارة الأميركية أن "هواوي"، التي تملك شبكات الاتصالات قد تستخدم هذه المعلومات لأغراض عدة، سياسية أو تجارية، وهو الأمر الذي تنفيه "هواوي" دائماً.
 
كيف عملت "هواوي"؟
يقول الرئيس التنفيذي لشركة المستقبل للاتصالات صلاح العوضي، الذي كانت شركته وكيلاً حصرياً في السابق لشركة نوكيا بالكويت، إنه "عاصر (هواوي) منذ بداية دخولها أسواق عدة، وبينها أسواق الخليج في العام 2006".
ويضيف العوضي، أنه "بحكم علاقته مع (نوكيا) وشركات الموبايلات والاتصالات التي كانت مسيطرة في الأسواق في هذه الفترة، مثل (نوكيا) و(سيمنز) و(إريكسون) و(موتوريلا)، لاحظ أن (هواوي) كانت دخيلة على هذه الشركات العملاقة، التي كانت توفر أجهزة الموبايلات، وتبني وتطور البنية التحتية للاتصالات".
ويشرح، كيف اخترقت "هواوي" أسواق المنافسين الكبار، وقتذاك وأزاحتهم من لعبة الاتصالات، إذ "استخدمت استراتيجية لتكسير المنافسين، مثل تخفيض الأسعار، وإعطاء عروض ترويجية مخفضة، وهواتف مجانية، ومارست ما يشبه (المونوبولي) لكسب الأسواق وإخراج المنافسين".
 
تكسير المنافسين
ويرى أن هذه "الاستراتيجية لا تعتمدها عادة الشركات الكبرى، التي تسعى إلى أخذ حصص من السوق، وليس إخراج المنافسين بطريقة غير عادلة من ناحية وضع أسعار خاسرة أو عروض مجانية، لكن الصينيين لديهم استراتيجيات مختلفة، إذ إن طريقتهم في العمل هي السيطرة على الأسواق والبقاء وحيدين من دون منافسين".
ويقول العوضي، "إنه فعلاً تمكنت (هواوي) مع الوقت من إخراج لاعبين كبار لتستحوذ على حصص مسيطرة في سوق الهواتف الذكية وبناء شبكات الاتصالات". وعلى سبيل المثال يذكر العوضي أن "(هواوي) تدير نحو 60% من شبكات الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط".
وحسب بيانات international data corporation فإن "هواوي" تسيطر على 14.6% من سوق الهواتف الذكية في العالم، بينما تسيطر "سامسونغ" على 20.3% من هذه السوق.  
ويشرح العوضي، أن "صناعة الهواتف الذكية لدى (هواوي) جيدة، وتضاهي الأجهزة الأوروبية، لكن طريقتها في العمل من خلال تقديم الإغراءات للشركات وتخفيض الأسعار نجحت في الاستحواذ على الأسواق، إذ هناك مبرر لتعامل الشركات معها، نظراً لوجود جودة جيدة وأسعار منخفضة".

 

إدارة الشبكة... سر المعركة
ويفسّر العوضي أسباب المعركة ضد "هواوي" اليوم في الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من البلدان التي لديها علامات استفهام حول أهداف "هواوي" من السيطرة على الأسواق. ويشرح أن مجموعة "هواوي" تقدم منتجات وخدمات عدة، فإلى جانب صناعتها الهواتف الذكية وبناء شبكات الاتصالات أو البنية التحتية، هناك خدمة مهمة تقدمها لشركات الاتصالات التي تتعامل معها، متعلقة بإدارة شبكات الاتصالات.

وأغلب شركات الاتصالات ترى مصلحة كبيرة في التعامل مع "هواوي"، لأنها تبني شبكة الاتصالات، وتدير الشبكات مع إعطاء أسعار تنافسية تغري الشركات ووزارات الاتصالات للعمل معها، لكن "هواوي" تستخدم عملية الإدارة لمصلحتها بطريقة أو بأخرى.

ويفسّر ذلك بأن "إدارة الشبكات تتم في مراكز داخل الصين، إذ هناك ما يسمىNoc  أو network operations center ، إذ تتجه المعلومات الخارجة مثلاً من بلد معين تدير  (هواوي) شبكة اتصالاته، إلى هذه المراكز الصينية أولاً، قبل أن تأخذ مسارها إلى أي مكان آخر. وهناك عملية تخزين وأرشفة وبروفايل خاص لكل المعلومات والبيانات في هذه المراكز".

لماذا تخزن "هواوي" البيانات؟
ومن هنا يمكن فهم، حسب العوضي، أهمية المعلومات، التي تصل إلى الصين، وتفسر القلق الأميركي من كيفية استخدامها، إذ إنهم لا يعلمون ما الأغراض والأهداف، التي تكمن خلف عملية التخزين واتجاهات تحليلها.

ويعتقد العوضي، أن "هناك أبعاداً اقتصادية بحتة خلف تخزين المعلومات وتحليلها". فعلى سبيل المثال يذكر العوضي أن "المعلومات تكشف للصينيين، ماذا يطلب الناس في منطقة معينة أو بلد معين من بضائع على الإنترنت، وما المأكولات التي يحبونها، وما أكثر مشترياتهم وما السيارات التي يرغبونها... إلخ من معلومات يمكنها من تكوين ملفات اقتصادية للبلدان، التي تتحكم (هواوي) في شبكاتها. وبناءً على هذه المعلومات يمكن للصينيين التخطيط مستقبلاً لاقتصادهم المبني على حاجات الناس التي تم تحليلها من خلال تراكم البيانات على مدار سنوات، وبالتالي تصنيع منتجات وبضائع تجد لها سوقاً وتصريفاً في هذه البلدان والسيطرة عليها اقتصادياً".

ضربة ودرس للصينيين
ويعتقد العوضي، أن "ما حدث بين الأميركيين والصينيين بخصوص ملف (هواوي) كان يفترض أن يحدث منذ زمن بعيد، لأن هناك خطأ في المعادلة، إذ إن (هواوي) تحصل على دعم حكومي لتنفيذ توسعاتها، وهو أمر غير عادل للمنافسين". ويشرح أن "الدعم أعطى الشركة الصينية قوة تنافسية لتقديم أسعار أقل بكثير من التكلفة في منتجات وخدماتها، وبعضها كان مجانياً، وذلك لإخراج المنافسين، ثم البقاء وحيدة في السوق".

ويرى أن "(هواوي) ستعاني كثيراً بعد الضربة الأميركية، لأن كل القطع والشرائح والمعدات التكنولوجية وبراءات الاختراع تأتي من الولايات المتحدة، أي أن التصنيع أميركي لكن عملية التنفيذ تتم في الصين، لذا سيعاني الصينيون كثيراً من خطوة (كوالكوم) و(غوغل) و(إنتل) وغيرها من الشركات التكنولوجية الأميركية، وسيكون هناك أيضاً حظر لبيع منتجات (هواوي) على (أمازون)".

لكن العوضي يرى أن "الصينيين سيبقون أقوياءً في سوقهم، وهم فعلاً طوروا منصات خاصة بهم، لكنهم سيعانون كثيراً خارج الصين".

ويعتقد العوضي أن "الصينيين تلقوا درساً كبيراً الآن، وأنه يفترض أن يكون ذلك نموذجاً لإعادة ترتيب قواعد اللعبة في الأسواق لاحترام المنافسين الدوليين بعضهم بعضا، وأن يكون مبدأ فتح الأسواق والتجارة الحرة مبنياً على شروط لعبة عادلة لكل الأطراف المتنافسة". 

وأزمة للأميركيين أيضاً
لكن يبدو أن أثر هذه الحملة الأميركية ضد "هواوي" سيطال أيضاً الشركات الأميركية، فمن أصل 70 مليار دولار أنفقها عملاق التكنولوجيا الصيني على شراء مكونات الصنع في عام 2018، نحو 11 مليار دولار ذهبت إلى الشركات الأميركية بما في ذلك "كوالكوم" و"إنتل".

وأظهر تقرير أمس الاثنين أن "قيود التصدير ستكبد الشركات الأميركية ما يصل إلى 56.3 مليار دولار، خسائر في المبيعات على مدى خمس سنوات"، حسب ما نقلته "رويترز".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد