Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة مياه تترجم مشكلة المناخ في المجتمعات الشديدة الفقر والضعف

الحصول الجماعي على المياه النظيفة يزيد قدرة الناس على حماية أنفسهم

أطفال يقفون أمام منحوتات جليدية تجسد أشخاصاً يجمعون المياه كانت منظمة "واتر إيد" الخيرية نشرتها لإظهار هشاشة المياه والتهديد الذي يشكله تغير المناخ في لندن (غيتي)

في أنحاء العالم كافة، نرى بشكل متزايد أدلة واضحة على أن مناخنا يتغير بوتيرة تثير القلق. وفي العام الحالي شهدنا الفيضانات التي حصلت في أوروبا والصين، والجفاف في مدغشقر، وحرائق الغابات في الولايات المتحدة وزلزال هاييتي.

لا شك في أننا حاضراً نعيش حالة طوارئ مناخية عالمية. وفي حين أننا جميعاً نواجه العاصفة نفسها، فنحن لسنا معاً في القارب نفسه. ويتحمل الناس في الدول الأفقر العبء الأكبر المتأتي من التغير المناخي، بسبب شح المياه النظيفة وندرة أنظمة الصرف الصحي اللائقة، الأمر الذي يجعل معاناة أولئك الفقراء أسوأ بشكل لا يمكن تصوره.

  إن أزمة المناخ هي أزمة مياه. إذ لا يوجد مصدر مياه نظيفة قريب من بيت واحد من كل عشرة أشخاص، ما يلحق الضرر بصحة سكان المنزل، وتعليمهم، وسبل عيشهم، ويضعهم في مواجهة مستقبل يزداد غموضاً جراء التغير المناخي. وفي كل يوم، يحدق خطر أكبر بإمدادات المياه الهشة، ما ينذر بفقدانها تماماً فيما يؤدي الجفاف إلى نضوب مصادر المياه وتؤدي الفيضانات إلى تلوث تلك المصادر، ما يهدد حياة الناس الفقراء.

لقد انضممت إلى جمعية "ووتر إيد" الخيرية في لندن على ضفاف نهر التايمز، حيث أزاحت تلك المؤسسة الستار عن أربعة تماثيل مذهلة نحتت من الجليد وتمثل أشخاصاً من كل أنحاء العالم يجمعون المياه من مصادر غير مأمونة أو موثوقة. ووجهت تلك المنحوتات الجميلة رسالة جادة مفادها أن مياهنا هشة، وعلينا أن نحميها. وحين بدأ الجليد في الذوبان، سلط الضوء على الحاجة الملحة للتحرك وعلى عواقب الرضا عن الذات عالمياً.

في ذلك الإطار، يندرج فرانسوا، 31 عاماً، من بوركينا فاسو، أحد الأشخاص الذين جسدت قصتهم بشكل ملموس عبر تماثيل الجليد. فقد بدأت الآبار في قريته بالنضوب بسبب ارتفاع درجات الحرارة، فتوجب عليه أن يتحايل كي يتدبر أموره بقدر قليل من المياه أو ببساطة  "أن يتخلى عن حاجات معينة بسبب شح المياه".

في المقابل، اعتادت الهندية سوسميتا، 22 عاماً، أن تجمع  المياه من أنهار مياه عذبة قريبة من بيتها. بيد أن الأنهار آخذة في الجفاف بسبب تغير المناخ، ويتعين عليها الآن أن تسير مسافة طويلة كل يوم كي تجمع بعض المياه المالحة. وذكرت أنها لم تسمع على الإطلاق بالأعاصير من قبل، غير أنها تسمع حالياً أن إعصاراً سيضرب منطقتهم كل عام تقريباً، ما من شأنه أن يزيد صعوبة الحصول على المياه.

واستطراداً، حينما سافرت مع " ووتر إيد" إلى موزامبيق، بلد آخر معرض لتداعيات التغير المناخي، رأيت بنفسي كيف يمكن للمياه النظيفة، وأنظمة الصرف الصحي والنظافة العامة الجيدتين، أن تغير مجتمعات بكاملها. إذ يتمكن الأطفال من الاحتفاظ بصحة جيدة والذهاب إلى المدارس، فيما لا يعود من الضروري بالنسبة إلى النساء أن يغامرن بالتعرض للخطر من أجل جمع المياه من مناطق بعيدة، ويصبح لديهن متسع من الوقت كي يكسبن لقمة العيش. لو استطاع الجميع أن يحصلوا على المياه النظيفة لأضحوا أشد قدرة على حماية أنفسهم من الآثار المدمرة للتغير المناخي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي السياق نفسه، وجد تقرير أصدرته جمعية "ووتر إيد" العام الماضي أن نصف الدول كلها تتلقى أقل من 4 دولارات أميركية للفرد الواحد سنوياً بغية التخفيف من وطأة تغير المناخ والتكيف معه، فيما تحصل بعض الدول الأكثر ضعفاً على مبلغ أقل بكثير من ذلك.

وهذا هو السبب الذي يحملني على ضم صوتي إلى الرسالة المفتوحة التي توجهها جمعية "ووتر إيد"، إضافة إلى نحو 10 آلاف شخص من بينهم عديد من الممثلين، والفنانين، والسياسيين من الأحزاب كلها. وندعو كلنا معاً بوريس جونسون ووزيرة الخارجية ليز تروس إلى استثمار ثلث المبلغ الذي رصدته المملكة المتحدة لتمويل مشاريع التكيف الدولية مع المناخ، في مشاريع تدار محلياً، بهدف مساعدة مجتمعات ضعيفة في الحصول على مصادر موثوقة للمياه.

لقد فشلت الدول الغنية في الوفاء بتعهداتها بشأن الاستثمار في المناخ. وفي المقابل، فيما نستعد لانطلاق مؤتمر "كوب 26"، فإن الفرصة سانحة للمملكة المتحدة كي تعكس المسار وتضمن وجود مزيد من التمويل المخصص لمساعدة المجتمعات الأكثر ضعفاً المعرضة للتداعيات المناخية.

وإذا توفرت إمدادات المياه النظيفة الموثوقة، يمكن للناس أن يتعافوا بسرعة من الكوارث ويبقوا في وضع صحي جيد، فيتقدموا ويزدهروا ، مهما خبأ المستقبل لهم. ويمكنكم أنتم أيضاً أن تضموا صوتكم إلى حملة "معركتنا المناخية" وتساعدوا في إحداث فرق بالنسبة إلى مجتمعات عدة عبر العالم، ولأجيال كثيرة مقبلة.

لمزيد من المعلومات، الرجاء زيارة موقع wateraid.org

© The Independent

المزيد من تحلیل