Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليونان فشلت في مواجهة عاصفة النار والاسباب متنوعة

الأسر المرتبطة بالغابات تعتقد بان تجديد أشجار الصنوبر سيستغرق نصف قرن وستحرم خلاله من مداخيلها

مروحية هليكوبتر لمكافحة الحرائق ترش المياه في محاولة لإطفاء حريق هائل اندلع في قرية فيليا بالقرب من أثينا (رويترز)

"طالما لم تنفقوا المال على معدات مكافحة الحرائق، كان عليكم إرسال شرطة الشغب لإطفاء الحرائق في القرى". كُتبت هذه الرسالة على حائط في قرية على جزيرة إيفيا اليونانية، المنطقة التي اجتاحتها نيران الغابات الشهر الماضي. استعرت مئات النيران الهائلة في منطقة حوض المتوسط، التي شهدت بعض أعلى درجات الحرارة المسجلة في التاريخ.

بعثت الرسالة المكتوبة على الحائط رسالة مناسبة للحكومة اليونانية: يجب تحويل الاستثمار في الخدمات العامة من حفظ الأمن إلى معالجة قضايا أساسية مثل أزمة نيران الغابات. وترددت الرسالة نفسها في القرى المحترقة. لم يُبذل جُهد كافٍ لمنع اندلاع النيران ولا لمنع تقدمها بعد ذلك عندما بدأت بالاشتعال، وهكذا أتيح لها أن تنتشر بحرية وتدمر عشرات آلاف الهكتارات من الغابات وتقضي معها على معيشة جيلين.

قال كثيرون إن الاستثمار في الوقاية من الحرائق وفي قدرات مكافحتها لم يكن كافياً، وهو الرأي الذي جاء كذلك في مقال كتبه منذ فترة قصيرة يانيس فاروفاكيس، وزير المالية اليوناني السابق والشريك المؤسس لــ"دييم 25" (DiEM25)، حركة الديمقراطية في أوروبا.

وكتب، "إن الوضع المناخي الطارئ وإهمال الدولة تسببا بهذه الكارثة"، مضيفاً أن الميزانية الإجمالية لأفواج الإطفاء في اليونان قد تقلصت بنسبة 20 في المئة في عام 2011... "كانت العاصفة النارية هذا الصيف متوقعة تماماً، كما كان عجز دولتنا عن التصدي لها بفاعلية".

وقال المسؤولون اليونانيون إنهم واجهوا وضعاً غير مسبوق، قلة من الناس يمكنها التخطيط لها، لكن الوضع لا ينحصر باليونان وحدها. يجب إعادة التفكير كلياً في المواقف العالمية من مكافحة حرائق الغابات، برأي قسطنطينوس باشيديس، اللواء المتخصص بمكافحة الحرائق الذي يدير عملية التصدي لحرائق الغابات في جزيرة إيفيا. وقد أخبرني أن كل إدارات الإطفاء في أوروبا مثل إدارته لديها حاجة ماسة للمزيد من الموارد والمزيد من المعدات والموظفين، "لأن المستقبل قاتم".

هذا الصيف، كافحت اليونان عشرات الحرائق الهائلة التي اشتعلت في 3 مناطق متفرقة من البلاد في الوقت نفسه، مما يعني أن طواقم الإطفاء التابعة لها كانت مجهدة، وقد وصلت إلى أقصى طاقتها. ومع أن عشرات البلدان المختلفة أرسلت طائرات، ومروحيات، ومركبات ومئات رجال الإطفاء من أجل المساعدة على إخماد الحرائق، قال باشيديس إنه يجب تحسين التعاون الدولي وبذل جهد أكبر من الجلسات التدريبية المشتركة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأخبرني كذلك أنه يجب توسيع رقعة اتفاقات التعاون لتشمل دولاً خارج حدود الاتحاد الأوروبي في حوض المتوسط مثل تونس والجزائر ولبنان، حيث اجتاحت حرائق الغابات الأراضي كذلك خلال الأشهر القليلة الماضية. وقال إنه يجب تطوير وسائل جديدة للوقاية من الحرائق، والقيام بحملات توعية ومبادرات جديدة من أجل مكافحة أزمة المناخ ومنع تكرار الكابوس نفسه.

حتى رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، قال إن غابات الحرائق التي اشتعلت هذا العام تؤكد الحاجة إلى تغيير جذري في السلوك في سبيل مكافحة الاحترار العالمي. وأضاف أن "الاستعداد لم يكن كافياً"، وأن التعامل مع الأزمة "يرغمنا على تغيير كل شيء، من طريقة إنتاجنا الزراعي، إلى طريقة تنقلنا وتوليد الطاقة وبناء منازلنا".

وفيما شكّل عام 2021 عاماً قياسياً بالنسبة لحرائق الغابات، على مستوى الوتيرة والمدة والانتشار العالمي (اشتعلت الحرائق في الوقت نفسه طوال أشهر في روسيا والولايات المتحدة وأوروبا وشمال أفريقيا)، لن يكون استثناءً.

كل خبير تحدثت إليه كرر الكلام نفسه: ستكون السنوات المقبلة أخطر بكثير. وقال ماثيو جونز، الباحث في مركز تيندال لأبحاث تغير المناخ التابع لجامعة إيست أنغليا "قد يكون (الوضع الطبيعي المستقبلي) أسوأ بكثير من الذي شهدناه في السنوات الأخيرة، فمن المتوقع أن تزداد مخاطر الحرائق مع كل درجة حرارة إضافية في مناطق متعددة من العالم، بما فيها المتوسط". وأضاف أن معدل عدد الأيام التي تواجه فيها منطقة المتوسط أحوالاً جوية فيها حرائق شديدة قد تضاعفت منذ ثمانينيات القرن الماضي... "كما هو الحال بالنسبة لعديد من آثار تغير المناخ، كلما خف تحركنا الآن، ازدادت معاناتنا من أجل التعامل مع تبعاته في المستقبل".

الدمار هائل. وبالنسبة للأسر التي تحدثت معها في إيفيا، والتي تعتمد على أشجار الصنوبر كلياً من أجل تأمين مدخولها، ستستغرق إعادة تشجير الغابات 50 عاماً. في الجزائر، قتلت الحرائق 90 شخصاً. بعض المناطق في كاليفورنيا ما زالت مشتعلة، وقد فُقدت أرواح وأرزاق كثيرة.

كما أن الضرر الذي تخلفه الحرائق يتخطى الأثر المادي للنيران بكثير ويعبر الحدود على شكل تلوث جوي. فقد انتقل الضباب الدخاني بالفعل من حرائق اليونان عبر الحدود، وهو يخنق الدول المجاورة التي لم تندلع فيها النيران إلى الآن. وبلغت تقديرات انبعاثات النيران في جمهورية ساخا في روسيا ضعف نسبتها العام الماضي.

إن نيران الغابات هي مشكلة الجميع. وستزداد سوءاً إن لم يتخذ أي إجراء لوقفها.

© The Independent

المزيد من تقارير