Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أصبح السلام بين حكومة الخرطوم وعبد العزيز الحلو صعب المنال؟

استئناف التفاوض بين الخرطوم و"الحركة الشعبية" شائك منذ رفع الجلسات في منبر جوبا التفاوضي في 10 يونيو الماضي

عبد الفتاح البرهان وسلفاكير ميارديت وعبد العزيز الحلو بعد التوقيع على إعلان المبادئ بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال (مجلس السيادة السوداني)

ما زال الطريق لاستئناف جلسات التفاوض بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، التي تقاتل القوات الحكومية منذ عام 2011، شائكاً وملبداً بالغيوم، منذ رفع الجلسات في منبر جوبا التفاوضي في 10 يونيو (حزيران) الماضي، لإتاحة الفرصة للطرفين لإجراء مزيد من المشاورات بهدف إيجاد المعالجات اللازمة للنقاط الخلافية.

وطرح هذا الجمود تساؤلات مهمة من أبرزها، هل بات الوصول إلى اتفاق سلام بين الجانبين صعب المنال، في ظل المعطيات الماثلة؟

إرادة مشتركة

وقال مساعد رئيس حزب الأمة القومي السوداني للشؤون الولائية عبد الجليل الباشا، إنه "من حيث المبدأ، أصبح السلام أولوية للشعب السوداني، وبالتالي، أولوية للحكومة وللحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، لذلك وضع السلام في الوثيقة الدستورية الموقعة بين المكونين العسكري والمدني في 17 أغسطس (آب) 2019، كواحدة من المهمات الأولى لحكومة الفترة الانتقالية في البلاد، وأعتقد أن هناك إرادة قوية متوفرة لدى الطرفين للوصول لاتفاق سلام، صحيح أن الطرح الأول في المفاوضات التي جرت بين الجانبين في منبر جوبا للسلام، والذي ظهر متشدداً، يعبر عن مواقف تفاوضية، لكن في النهاية لا بد من حدوث تنازلات من قبل كلا الطرفين، حتى تكون هناك أرضية مشتركة تقود إلى تفاهمات توصل الجانبين إلى نقطة التقاء".

أضاف الباشا، "فمثلاً في موضوع علاقة الدين بالدولة، والذي كان مقترح الحركة الشعبية الفصل بينهما بحسب إعلان المبادئ الموقع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في مارس (آذار) الماضي في العاصمة جوبا بحضور رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، فبإمكان المفاوضين من جانبي الحكومة والحركة الاتفاق أن تكون المواطنة أساس الحقوق والواجبات، لأن في نظري، قضايا الدين يمكن أن تجعل المواطنة في الدرجة الثانية، وبالتالي لا بد أن يركز الطرفان على المضمون ويبتعدا عن العبارات التي تباعد أكثر من أن تقارب، فالمواطنون في البلد الواحد يجب أن يكونوا متساوين في كل شيء".

الشروط المسبقة

ورأى في الوقت نفسه أن الشروط المسبقة في التفاوض لا يمكن أن توصل إلى نتائج مرضية ومتقدمة، لذلك فإن التحرر من التعصب والتعنت يمكن أن يساعد في إيجاد صيغة ومخرج يقود إلى سلام عادل ونهائي، بخاصة أن مواطني جنوب كردفان، وهي المنطقة التي تعتبر معقل الحركة الشعبية شمال، وتتخذها مقراً لقيادتها العسكرية، تواقون الآن إلى السلام لأنه يجعلهم في مأمن سواء في جانب الأرواح أو الاستقرار الزراعي والرعوي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف مساعد رئيس حزب الأمة القومي للشؤون الولائية، "إذا كانت الحركة الشعبية تعبر عن سكان وشعب جنوب كردفان، فعليها أن تسعى إلى تحقيق السلام وجعله أولوية قصوى، لأنه يمثل المطلب الأساس لأهالي هذه المنطقة، فمن المهم أن يتلمس أي طرف مراعاة مصالح القاعدة الجماعية التي يعبر عنها، فالمواطن غير مشغول بقضايا مثل العلمانية، وفصل الدين عن الدولة، وغيرها، بقدر ما يهمه تحقيق السلام والاستقرار وإشباع حاجاته واحتياجاته الحياتية، وبالتالي، ينبغي على الحركة الشعبية أن يكون لديها هذا الهم لأنها حملت السلاح مقابل تحقيق هموم وقضايا المواطن إلا إذا كانت تعبر عن قضايا أخرى"، وأشار إلى أن فك الجمود بين الطرفين (الحكومة والحركة)، بسبب تمسك كل طرف بموقفه، مسؤولية الوساطة الجنوب سودانية، التي ينبغي عليها أن تلعب دوراً كبيراً في تقريب وجهات النظر لإعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات بروح جديدة تمكنهما من الوصول إلى اتفاق سلام مؤسس ومبني على تفاهم وتقارب في كل القضايا التي تهم الوطن.

طي صفحة الحرب

من جهته، أشار الناطق الرسمي للتحالف السوداني، نائب رئيس جبهة "كفاح" السودانية حذيفة محيي الدين البلول، إلى أنه "في ما يتعلق بمفاوضات جوبا مع الحركة الشعبية شمال، جناح الحلو، لا شك أنه من المهم بمكان لإكمال السلام الشامل في البلاد، التوصل إلى اتفاق سلام عادل ينهي الأزمة بشكل جذري، بخاصة أن القائد عبد العزيز الحلو يسيطر على مناطق واسعة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ومن المؤكد أن هذه المناطق تضررت كثيراً من الحرب، وآن الأوان لوقف نزيف الدم، فمسيرة المفاوضات بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة لم تكن عصية، والمنطلقات لأطراف العملية السلمية واحدة، ويمكن تسميتها حواراً بدلاً عن مفاوضات، لأن جذور الأزمة السودانية لم تناقش طوال 64 سنة منذ استقلال السودان في 1956".

أضاف البلول، "مرت اتفاقية السلام التي وقعت بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات المسلحة في عاصمة جنوب السودان جوبا في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2020، بمراحل تم بموجبها توقيع أطراف العملية السلمية المكونة من الجبهة الثورية بقيادة الهادي إدريس ومجموعة القائد مني أركو مناوي، أما المرحلة الثانية من المفاوضات مع الحلو، فأهميتها في طي صفحة الحرب بشكل كلي وإيقاف صوت الرصاص وفتح الباب أمام السودانيين لبناء الدولة وإصلاح الاقتصاد، إذ إن القضايا التي تناقش في منبر جوبا سبق وتم التوقيع على اتفاق إطاري يناقش بشكل كلي الموضوعات محل التفاوض ووضع خريطة طريق يتم بعدها حسم الملفات بصورة تفصيلية".

عدم الثقة

واعتبر الناطق الرسمي للتحالف السوداني أن الأزمة الحالية في المنبر التفاوضي مع مجموعة الحلو تكمن في عدم الثقة في حكومة الفترة الانتقالية لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وهو العامل الأكبر في التباطؤ الذي يصاحب المنبر وليس الموضوعات، لأن أصعب القضايا التي عطلت المنبر في أوقات سابقة تم تجاوزها بصورة واضحة في إعلان المبادئ، ولن تكون بأي حال حجر عثرة أمام المفاوضات، لكن في رأيي، أن التباطؤ في مفاوضات جوبا مع القائد الحلو يرجع إلى عدم الجدية من قبل حكومة الفترة الانتقالية في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في المرحلة الأولي، بخاصة ملف الترتيبات الأمنية الذي كان من المفترض أن يتم البدء في تنفيذه عقب التوقيع على الاتفاق نفسه، وهو لم يحدث حتى اللحظة.

ورأى البلول أن موضوع فصل الدين عن الدولة الذي طالبت به الحركة الشعبية شمال، تم حسمه تماماً والتوافق عليه بين الحكومة والحركة وفق ما نص عليه مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية الذي انعقد في 1995، لذلك لا يمثل نقطة خلاف الآن بين الجانبين، فضلاً عن كفالة حق المواطنة واحترام المعتقدات والتقاليد وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو الثقافة.

إلقاء القوانين الدينية

في المقابل، حمل القيادي في الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال محمد يوسف المصطفى، الحكومة السودانية مسؤولية تعثر المفاوضات وتباعدها بين الجانبين، وذلك بتراجع موقفها عن عدد من القضايا التي تم التوافق عليها في الاتفاق الإطاري، على الرغم من إشادة وفد الحكومة الانتقالية في المفاوضات بما قدمته الحركة الشعبية من مقترحات، إذ أكد الوفد الحكومي بأنها تصلح لتكون أساساً ممتازاً لاتفاقية السلام.

وعدد المصطفى المطالب التي تقدمت بها الحركة خلال المفاوضات في إلغاء كل القوانين التي يكون الأصل فيها الدين حتى يتمكن المجتمع من ممارسة معتقداته الدينية بحرية، وأن تكون الدولة بعيدة عن مسألة الأديان، كذلك طالبت بإلغاء قانون الزكاة باعتباره يفرض على المواطن من منطلق ديني، وإلغاء قانون المصارف القائم على الأسلمة، فضلاً عن تبني الإرادة الحرة والوحدة الطوعية، وتغيير مناهج التعليم، وأن يكون التعليم والصحة مجانين لكل أبناء الشعب السوداني من دون تمييز، إضافة إلى استرداد المؤسسات الحكومية التي تمت خصخصتها، وتكوين جيش واحد يضم كل قوات الحركات المسلحة، على ألا يسمح لأي ميليشيات أو مجموعة مسلحة أن تكون خارج الجيش، وعلى وجه الخصوص قوات الدعم السريع.

تناقض

ولفت القيادي في الحركة الشعبية، إلى أن طرح الحكومة السودانية لم يكن مقنعاً لكل الجهات، بل فيه كثير من التناقض الواضح، بينما جاء موقف الحركة الشعبية معبراً عن آمال ومواقف العديد من القوى والمنظمات المدنية والروابط المختلفة، لذلك لن تتراجع الحركة عن مطالبها مهما كلف الأمر، لأن أي تراجع سيكون بمثابة خيانة للثورة والمواطن، كما أنه ليس للحركة مصلحة في ذلك، مؤكداً أن الوساطة الجنوب سودانية والمراقبين الدوليين والإقليميين لعبوا دوراً كبيراً، وبذلوا جهداً مقدراً لإيجاد حلول توافقية بشأن الموضوعات محل الخلاف، إذ تم اقتراح تشكيل لجنة ثلاثية من المجتمع الدولي، والحكومة السودانية، والحركة الشعبية للنظر في مسألة القوانين ذات الأصول والقاعدة الدينية، وقد أبدت الحركة موافقتها وشكلت فريقها المختص، لكن للأسف لم يتم شيء في هذا الخصوص، وظل الوضع قائماً على ما هو عليه.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات