Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثائق تكشف ضغوطا أميركية على باكستان للتعاون في مكافحة الإرهاب

لمحت إسلام آباد إلى أنها تستحق المزيد من الاعتراف العلني بدورها في مساعدة الأشخاص الفارين من أفغانستان

 

دورية مسلحة لعناصر من حركة "طالبان" في جبال أفغانستان (رويترز)

كشفت وثائق أميركية مسربة عن ضغوط من الولايات المتحدة على باكستان للتعاون في محاربة الجماعات الإرهابية مثل "داعش- ولاية خراسان" و"القاعدة"، في أعقاب سيطرة حركة "طالبان" على أفغانستان، مما أسفر عن فرار آلاف المواطنين إلى دول غربية ودول الجوار بما في ذلك باكستان. 

ووفقاً لما جاء في رسائل بريد إلكتروني وبرقيات دبلوماسية حساسة، وغيرها من المواد المكتوبة التي حصلت عليها صحيفة "بولتيكو" الأميركية، فإنه رداً على الطلب الأميركي بالتعاون، لمحت إسلام آباد، التي طالما وجهت لها واشنطن اتهامات بمساعدة حركة "طالبان" الأفغانية، أنها تستحق المزيد من الاعتراف العلني بدورها في مساعدة الأشخاص الفارين من أفغانستان، كما قللت من أهمية المخاوف من حكم "طالبان". 

وفي إحدى المناقشات مع مسؤول الخارجية الأميركية، إرفين ماسينجا، بدا أن السفير الباكستاني لدى الولايات المتحدة، أسد مجيد خان، يشكك في التقارير التي تفيد بأن "طالبان" تنفذ هجمات انتقامية في أفغانستان، بما في ذلك الادعاءات بأن الجماعة تقوم بإعدام أعدائها المفترضين في مداهمات على المنازل. 

وبدا خان أحياناً مدافعاً عن "طالبان"، وأخبر المسؤول الأميركي أنه وفقاً للملاحظات الباكستانية على الأرض، فإن حركة "طالبان" "لم تكن تسعى إلى الانتقام، وأنهم كانوا ينتقلون من بيت إلى بيت لطمأنة الأفغان بأنه لن يكون هناك أعمال انتقامية"، وفقاً لأجزاء من مذكرة تم تداولها بين الدبلوماسيين الأميركيين. بينما أشار ماسينجا إلى أنه "اطلع على تقارير تتعارض مع ذلك ويأمل ألا تسعى طالبان للانتقام".

وخلال اللقاء الذي تزامن مع الهجوم الإرهابي الذي استهدف مطار كابول في 26 أغسطس (آب)، وأسفر عن مقتل عشرات المدنيين الأفغان و13 جندياً أميركياً، قدم السفير الباكستاني تعازيه وأشار إلى استخدام منشآت طبية باكستانية في علاج الضحايا، في المقابل عبر مسؤول الخارجية الأميركية عن تقديره لدور باكستان في مساعدة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم على الخروج من أفغانستان. 

وفي مرحلة ما من الحديث، "لمح خان إلى أن الحكومة الباكستانية ستقدر أيضاً الاعتراف العام بمساعدة البلاد على جبهة الإخلاء". لكن الملاحظ أن بيان الامتنان الصادر في 20 أغسطس من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، للعديد من البلدان لمساعدتها في عمليات الإجلاء، لم يذكر باكستان. غير أنه في وقت سابق من هذا الأسبوع، قامت السفارة الأميركية في إسلام آباد بالتغريد للإعراب عن تقديرها لدعم باكستان.

ولم يعلق المسؤولون الباكستانيون في السفارة في واشنطن وخارجها على الفور على هذه القصة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية للصحيفة: "نحن لا نعلق على الوثائق المسربة، ولا نعلق على المحادثات الدبلوماسية الخاصة".

لعبة مزدوجة

تكشف الوثائق عن استمرار التوترات بين واشنطن وإسلام آباد بعد عقدين من الحرب في أفغانستان، كما تسلط الضوء على الخلاف العميق بين البلدين بشأن "طالبان". وفي عام 2018، أعلنت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، وقف مساعدات أمنية مخصصة لباكستان حتى تتخذ إسلام آباد إجراءات ضد حركة "طالبان" وشبكة حقاني باعتبارهم جماعات مزعزعة للاستقرار في المنطقة وتستهدف الأميركيين. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسارع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، منتصف أغسطس الماضي، إلى تأييد استيلاء "طالبان" على السلطة في أفغانستان، مشيداً بالجماعة المسلحة لكسرها "قيود العبودية"، وهي الحركة التي رعتها أجهزة المخابرات الباكستانية منذ نشأتها وفقاً لتقديرات أمنية غربية.

وطالما لمح المسؤولون الغربيون إلى أن المخابرات الباكستانية تلعب لعبة مزدوجة في الحرب على الإرهاب، وهي لعبة أُعلن عنها للعالم عندما اكتشفت الولايات المتحدة أن مؤسس تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن كان مختبئاً في منزل بالقرب من الأكاديمية العسكرية الباكستانية. إذ كشف الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما علناً، بعد تركه منصبه، أنه استبعد مشاركة باكستان أو إبلاغها بالغارة على مخبأ بن لادن لأنه كان هناك "سر مكشوف" بشأن عناصر معينة داخل الجيش الباكستاني، لا سيما أجهزتها الاستخباراتية، حافظت على علاقات مع "الإرهابيين"، الذين يستخدمونهم أحياناً كأصول استراتيجية ضد الهند وإقليمياً.

"طالبان" باكستان

ومع ذلك يقول مراقبون، إن سيطرة "طالبان" على أفغانستان ربما تكون مشكلة لباكستان، إذ أوضح متخصص مكافحة الإرهاب السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بروس ريدل، في مقال بمركز بروكينغز، المتخصص في الأبحاث السياسية والأمنية، أن انتصار "طالبان" ربما يشجع الجماعات الإرهابية المحلية داخل باكستان، بما في ذلك جماعة "تحريك طالبان باكستان"، المعروفة بـ"طالبان باكستان"، وهى جماعة مسؤولة عن قتل آلاف المدنيين الباكستانيين ومهاجمة قوات الأمن في البلاد. 

ويضيف ريدل أنه بينما من العدل أن نفترض أن المخابرات الباكستانية ساعدت "طالبان" في التخطيط لتكتيكاتها العسكرية هذا العام، مثلما دعمت حملتها في كابول عام 1996، لكن يمكن القول، إنه سيكون هناك تحوط من إسلام آباد أيضاً بعد انتصار "طالبان".     

تعاون محتمل

في حين أن تصرفات باكستان غالباً ما تظهر على خلاف مع الولايات المتحدة، فإن علاقتها مع حركة "طالبان" في أفغانستان ربما يجعل تعاونها في مكافحة الإرهاب مفيداً، من وجهة النظر الأميركية. وهي أيضاً دولة مسلحة نووياً يفضل المسؤولون الأميركيون عدم خسارتها بالكامل أمام النفوذ الصيني.

لم يتحدث الرئيس جو بايدن بعد مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان. وقبل حوالى أسبوع، تحدث وزير الدفاع لويد أوستن مع رئيس الجيش الباكستاني قمر جاويد باجوا، كما أجرى وزيرا خارجية البلدين اتصالاً هاتفياً الشهر الماضي. وقال متخصص في شؤون جنوب آسيا السابق لدى وزارة الخارجية الأميركية، دانيال ماركي، لـ"بولتيكو"، "من الواضح أن إدارة بايدن، في مستوياتها العليا، لديها تحفظات عميقة جداً بشأن باكستان، ناتجة عن سنوات من الخبرة، وليست على استعداد لمنح باكستان تصريحاً لأي شيء قد ترغبه". 

ومع ذلك، فإن المساعدة الباكستانية في تعقب واستهداف الأهداف الإرهابية في أفغانستان الآن بعد أن سحبت الولايات المتحدة قواتها ستكون "مفيدة، إذا كان بإمكانك الحصول عليها"، على حد قول دبلوماسي أميركي رفيع سابق تحدث لـ"بولتيكو". وأضاف الدبلوماسي السابق أن إيصال المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان في المستقبل قد يتطلب استخدام خطوط إمداد تمر عبر باكستان.

غير أن المسؤولة الرفيعة السابقة في مجلس الأمن القومي التي كانت معنية بالتعامل مع أفغانستان وباكستان خلال رئاسة دونالد ترمب، ليزا كيرتس، قالت إن إسلام آباد وواشنطن لا تزالان متباعدتين حول كيفية مساعدة باكستان في أفغانستان. وأضافت "إذا كان أي شخص يجادل بأننا بحاجة إلى دعم باكستان لمحاولة اعتدال سلوك طالبان، أعتقد أنه يجب أن يتذكروا أننا لم نحصل على هذا الدعم لمدة 20 عاماً، لذلك من غير المرجح أن نحصل عليه الآن بعد أن أصبحت طالبان في السلطة". 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير