Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأميركيون يترقبون جيران المستقبل وأعين الأفغان على بلاد "العم سام"

التشدد الديني للاجئين القادمين وتداعيات الصحة النفسية والمنافسة على فرص العمل أبرز المخاوف

لاجئون أفغان بعد وصولهم إلى مطار دالاس الدولي في فيرجينيا  (أ ف ب)

أنغيلا، البالغة من العمر (37 سنة) سائقة "ليفت" (تطبيق نقل الأفراد والبضائع والتوصيل) انتقلت مع زوجها قبل ثلاثة أسابيع من مدينة دالاس في ولاية تكساس إلى غاينزفيل في ولاية فلوريدا، بحثاً عن فرصة عمل أفضل ومستوى معيشة أقل تكلفة. وحتى أيام قريبة مضت، لم تكُن أنغيلا تعلم عن أفغانستان سوى أنها إحدى الدول "العربية" النائية في منطقة الشرق الأوسط المليئة بالصراعات التي أدخلت بلادها نفسها فيها لأسباب لا تعلمها.

لكن أفغانستان أبت أن تظل بعيدة من اهتمام أنغيلا أو قائمة أولوياتها وفرضت نفسها فرضاً حين علمت أن مشكلة ما تفجرت في هذه الأفغانستان، وأن القوات الأميركية تعود إلى أميركا مصطحبة معها آلاف الهاربين من شعبها. وعلى الرغم من أنها تتطوع في أوقات فراغها في الكنيسة التي تتبعها لتقديم المساعدة للأقل حظاً، ومنهم عرب ومسلمون قدموا إلى البلاد وما زالت أمورهم المعيشية غير مستقرة، فإنها لا تخفي قلقها من احتمالات تزايد حدة المنافسة على فرص العمل الشحيحة في حال استقبلت أميركا أعداداً كبيرة من الأفغان.

عرب ومسلمون؟

كون الأفغان غير عرب، أو كون المتعاونين مع القوات الأميركية موعودين منذ انتقال هذه الأخيرة إلى بلادهم بـ"الأمان" في حال حدوث أي طارئ أو حدث جلل (وليس هناك ما هو أكثر جللاً من وقوع البلاد في أيادي "طالبان")، أو طبيعة الثقافة أو المشكلة الأفغانية أمور لا تعنيها كثيراً. ما يعنيها هو فرص العمل الشحيحة، وإن كانت تصرّ على تكرار آيات من الإنجيل حول مساعدة الناس لبعضهم البعض، وأن هذا أحد أسباب خلق الناس على الأرض وأن واجب الأقوياء أن يحتملوا أضعف الضعفاء. تضحك وتقول، "نحن أقوياء في نظر البعض، لكننا أضعف الضعفاء بمقاييس الدولارات التي أجنيها من عملي في (ليفت) وعمل زوجي في الإصلاحات المنزلية".

في أوائل يونيو (حزيران) الماضي، تحدثت "طالبان" عن "الأمان" الممنوح للأفغان الذين تعاونوا مع القوات الأجنبية، بمن فيهم نحو 300 مترجم عملوا مع القوات الأميركية، "شرط أن يبدوا الندم على ما اقترفوا من ذنب، ويتوقفوا تماماً عن أي أفعال ترقى إلى مستوى الخيانة للإسلام وللدولة".

وقبل أيام، أعلن المتحدث باسم "طالبان" ذبيح الله مجاهد من كابول بعد سقوطها تطمينات الحركة وتعهداتها باحترام حرية الصحافة والسماح للنساء بمواصلة أعمالهن شرط الحجاب إن لم يرتدين البرقع. بعدها بأيام قليلة، عاد مجاهد ليطلب من النساء العاملات التزام بيوتهن لضمان سلامتهن، إذ إن جنود "طالبان" غير مدربين ويتغيرون باستمرار، وذلك "للتأكد من أن النساء لن يتعرّضن للأذى".

تعاليم إلهية

الله الذي خلق الأفغان وكذلك الأميركيين يجري استدعاء تعاليم كتبه بكثرة هذه الآونة. أنغيلا سائقة "ليفت" المؤمنة بقيم مساعدة الضعفاء والمتخوفة في الوقت ذاته من احتدام المنافسة في سوق العمل مع قدوم المزيد من المهاجرين ليست حالة استثنائية. وعلى سبيل الاستثناء أيضاً، فإن فئات إنجيلية أميركية معروفة بأصوليتها بدأت تجاهر بقلقها جراء "فتح الحدود الأميركية بطريقة غير مدروسة أمام الأخطار الآتية عبر المحيط"، التي لا تتوقف هنا عند حدود المزيد من المنافسة في سوق العمل المحدود، ولكن توسيع قاعدة غير المسيحيين في "أميركا التي ينبغي إعلانها دولة مسيحية".

وبحسب استطلاع رأي عام أجراه العام الماضي "معهد الدين العام البحثي"، فإن النسبة الغالبة من البروتوستانت الإنجيليين من البيض ترى تهديداً للثقافة والقيم الأميركية من قبل المهاجرين الآتين إلى أميركا. ويعتقد 80 في المئة من هؤلاء أنه يجب على أميركا أن تعلن نفسها "دولة مسيحية" مع تقليل أعداد اللاجئين والمهاجرين.

كما بدأت آراء تتناثر في أرجاء منصات التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة المغلقة وشبه المغلقة تحمل رائحة "ذكورية الأمة البيضاء المسيحية القوية"، رافضة لموجات الهجرة واللجوء الوافدة إليها من أمم غير بيضاء غير مسيحية ضعيفة. وسواء ارتبطت هذه الروائح المتناثرة بقاعدة مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترمب الجمهورية التي تميل إلى رفض الهجرة أو تفضيل تقليصها إلى أضيق الحدود أو بنزعة قومية تخشى على اقتصاد البلاد وهويتها الثقافية، تبقى أمراً واقعاً حتى لو لم يكُن الشائع والمجاهَر به في العلن.

مناشدات إنسانية

المجاهَر به في العلن يشير إلى توجهات شعبية ذات قناعات وأيديولوجيات دينية مسيحية أخرى للضغط على الإدارة الأميركية في الاتجاه المعاكس. جهات ومؤسسات مسيحية عدة سارعت إلى مناشدة واشنطن سرعة العمل من أجل إنقاذ الأفغان الذين تعاونوا مع القوات الأميركية، بما في ذلك بعض الكيانات التي لم تعتَد الترحيب باللاجئين مثل الكنيسة المورمونية التي ضمّنت كتيّبها ترحيباً باللاجئين الضعفاء. كما أصدر "مؤتمر الولايات المتحدة للأساقفة الكاثوليك" قبل أيام قليلة بياناً ناشدوا فيه الحكومة الأميركية بسرعة العمل على توطين حاملي تأشيرات الهجرة الخاصة من الأفغان وتقديم جهود الإغاثة بما فيها النقل إلى الولايات المتحدة للأفغان الذين عملوا مع القوات الأميركية سواء مترجمين أو غيره، إضافة إلى النساء والناشطات اللاتي يرجّح تعرضهن للخطر، وغيرهن من الفئات الهشة، التي تتصارع في محاولات مستميتة للوصول إلى مطار كابول الذي بات منطقة خطورة قصوى ما زالت قيد شد وجذب، وكثير من التساؤلات وقليل من الإجابات.

الإجابة عن السؤال الأعم والأشمل حول إذا ما كان الأميركيون يرحبون بموجة هجرة أو لجوء أفغانية في ظل الأزمة الحالية يجيب عنه استطلاع أجرته جامعة سوفولك في بوسطن وأُعلنت نتائجه قبل أيام، إذ أيّد 84 في المئة من الأميركيين المستطلعة آراؤهم قبول المترجمين الأفغان وعائلاتهم المباشرة. وانقسمت النسبة الباقية بين رافضين وغير قادرين على تحديد موقفهم.

تحديد الموقف صعب

بيد أن عدم القدرة على تحديد الموقف، على الرغم من قلة نسبة المنتمين لهذه الفئة، يشير إلى أنه الأقرب إلى الواقع الذي يعكس ضبابية في نوعية الأفغان الوافدين والذين قدِموا بالفعل. وما فعلته المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قبل أيام حين أبدت تحفظاً في الترحيب بلاجئين أفغان عكس ما فعلت وقت موجات اللجوء السوري عام 2015 حتى إنها لُقّبت من قبل سوريين آنذاك بـ"ماما ميركل"، يثير قلق البعض في أميركا.

 ميركل قالت إنه من الأفضل أن تستقبل الدول المجاورة لأفغانستان الهاربين منها، حتى إنها دعت إلى زيادة المساعدات المقدمة إلى هذه الدول لتدعمها في منع أولئك من الفرار إلى دول أوروبا. وعلى الرغم من أن السائد في الإعلام الدولي والأميركي على حد سواء هو نبرات الترحيب أو الدعوة إلى الترحيب بالهاربين الأفغان ممن تعاونوا مع القوات الأميركية، فإن هذا لا يمنع أن الخارجية الأميركية كانت أعلنت معايير محددة لقبول اللاجئين، أبرزها التوجه إلى دولة أخرى قبل التقدم بطلب لجوء إلى الولايات المتحدة. لكن هناك فرقاً بين آلاف وربما ملايين من الأفغان الذين يفكرون أو يحلمون أو يحاولون الحصول على فرصة هروب أو لجوء أو هجرة أو نزوح إلى أميركا وبين مئات أو آلاف يحظون بتصنيف "من ساعدونا أثناء مشاركتنا في أفغانستان".

معضلة في الأعداد

"أثناء مشاركة" أميركا في أفغانستان عمل في صفوفها بين 300 وبضعة آلاف من الأفغان كمترجمين! الأعداد فيها مشكلة ضخمة. فإذا كانت الإدارة الأميركية تردد دوماً ومنذ اندلاع الأزمة أن الولايات المتحدة لا تلزم مواطنيها المسافرين إلى خارج البلاد إعلامها بوجهتهم، وذلك رداً على أحد أكثر الأسئلة ترديداً في المؤتمرات الصحافية وهو: ما عدد الرعايا الأميركيين من غير القوات العسكرية الموجودين في أفغانستان، فما بالك بأعداد المتعاونين الأفغان مع القوات سواء كانوا مترجمين أو غيرهم؟!

السؤال الذي يتردد بين أميركيين، لا سيما أولئك الذين لم يحددوا موقفهم بعد تجاه فكرة فتح أبواب بلادهم أمام موجة هجرة ولجوء أفغانية هو: من هم هؤلاء الوافدون: هل هم أفغان متعلمون ومدربون قادرون على المساهمة في بناء المجتمع الجديد؟ أم هم اللاجئون الذين نراهم في نشرات الأخبار؟!

دوريان غراهام (40 سنة) يعمل في مطعم للأكلات السريعة في أورلاندو بولاية فلوريدا الأميركية يقول إن اللاجئين الذين نراهم في نشرات الأخبار هم أفراد العائلات التي ترتدي فيها السيدات والفتيات غطاء الرأس والملابس الفضفاضة والرجال والشباب ملتحون. يضيف غراهام بسرعة أنه لا يقصد الإساءة لمظهر ديني بعينه، لكن ما يقصده هو انتماء الغالبية منهم إلى الدين الإسلامي وثقافة تختلف تماماً عن نظيرتها الموجودة في أميركا بما في ذلك اللاتينية والأفريقية والهندية وغيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صورة نمطية

إحدى الصور المتداولة هذه الأيام والمصاحبة لمواضيع صحافية عن الأفغان في أميركا هي لمجموعة من الأفغان الذكور يصلّون صلاة الجماعة في متنزه في سكرامانتو بولاية كاليفورنيا، وهي إحدى المناطق التي تتركز فيها نسبة كبيرة من ذوي الأصول الأفغانية في أميركا.

 "الحلفاء الأفغان" المقدرة أعدادهم بين 50 و65 ألفاً بحسب ما قاله الرئيس الأميركي جو بايدن في بدايات الأزمة الحالية غير معروفين بالاسم، لا سيما أن حاملي التأشيرات في بدايات عمليات الإجلاء الذين دأبوا على إحضار أفراد من أسرهم، ربما الممتدة، ليصاحبوهم في رحلة الوصول إلى بر الأمان في بلاد "العم سام". لكن أغلب الظن أن جانباً منهم هم الحاملون أو المتقدمون للحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة المعروفة بـSIV التي تُمنح في الحالات الإنسانية.

"الحالات الإنسانية" الآتية من أفغانستان تهبط في مطار واشنطن دولس الدولي في فيرجينيا، واشنطن. حاملو الإقامات الشرعية يذهبون إلى حال سبيلهم ووجهاتهم المختلفة عقب خضوعهم لاختبار التأكد من عدم حملهم فيروس "كوفيد-19". أما حاملو التأشيرات الخاصة وغيرهم، فيُنقلون إلى قواعد عسكرية في عدد من الولايات القريبة. وهناك يخضعون لكشوف طبية وتبدأ رحلة إدماجهم في المجتمع ومساعدتهم في السكن والأثاث والحصول على عمل، وهي مهمة تستغرق بضعة أسابيع.    

لكن كل ما سبق لا يشير من قريب أو بعيد إلى أحد مخاوف الكثيرين من الأميركيين وهو احتمالات حمل الوافدين الجدد لفيروس الإرهاب. تقول ناديا (38 سنة) وهي أميركية من أصول ألبانية إن أكثر ما تخشاه هو أن يأتي البعض حاملاً بذور التشدد الديني، التي يسهل نثرها وجني ثمارها. وبسبب عامل الوقت الضاغط وملمح العشوائية الواضحة، تقرّرت إحالة أعداد كبيرة من طالبي الحصول على التأشيرات الخاصة إلى دولة ثالثة، وكانت الإدارة الأميركية صرحت قبل فترة بأنه يتم إرسال المتقدمين للحصول على هذه التأشيرات في مراحلها الأولى إلى دول مثل قطر والإمارات وألمانيا والبحرين لإخضاع المتقدمين لإجراءات أمنية مكثفة وشديدة جداً يتشارك في تنفيذها أفراد من الاستخبارات وقوات إنفاذ القانون ومكافحة الإرهاب وغيرهم.

لكن تظل فئة من الأفغان الذين ينجحون في الوصول إلى أميركا قيد الغموض. فهناك آلاف منهم ممن لا يحملون تأشيرات أو تقدموا للحصول على التأشيرات الخاصة، ولكنهم وصلوا أو يأملون الوصول قريباً إلى الولايات المتحدة. هؤلاء يثيرون بعض الخوف لدى فئة من الأميركيين من المطلعين على الأخبار والمهتمين بمعرفة التفاصيل المرتبطة بما يحدث في أفغانستان سواء من باب المعلومات السياسية العامة أو بغرض الإلمام بجيران المستقبل.

جيران المستقبل الآتين من أكثر مناطق العالم التهاباً واحتقاناً وتعرّضاً لموجات إرهاب وتشدد واحتضان لحركات وتنظيمات تتراوح بين "القاعدة" و"داعش" و"طالبان" نفسها وفصائلها المختلفة ناهيك عن الخلافات في ما بينها جميعاً، يكتنفهم وانتماءاتهم وتوجهاتهم ونواياهم الكثير من الغموض.

الاستثمار في "الجندر"

ترجّح زميلة برنامج الديمقراطية والصراع والحكم في مؤسسة كارنيغي في ورقة عنوانها "ما الذي سيحدث للنساء والبنات في أفغانستان؟" تعرّض الإناث لأخطار دامغة وحرمانهن من مكتسبات التعليم والتمكين والتثقيف التي اكستبنها على مدار العقدين الماضيين، مع ضياع 787.4 مليون دولار "استثمرتها" واشنطن على برامج المساواة و"الجندر". ولذلك تطالب بأن تتحمل الحكومة الأميركية وحلفاؤها في "ناتو" مسؤولياتها لاعتبار النشاطات والنشاطين الأفغان والصحافيات والقضاة ضمن الفئات ذات أولوية الإجلاء ومنح تأشيرات الطوارئ وحق اللجوء والهجرة.

من جهة أخرى، أشار استطلاع للرأي بشأن وجهة نظر المسلمين حول العالم في مسألة تطبيق الشريعة أجرته "مؤسسة بيو للأبحاث" الأميركية (2013) أن 73 في المئة من الأفغان يؤمنون أن الشريعة هي كلمة الله التي ينبغي تطبيقها. وقال 63 في المئة أن هناك تفسيراً واحداً فقط لا غير للشريعة، وإنها لا تحتمل تعدد التفسيرات. وقال 99 في المئة من الأفغان المشاركين في الاستطلاع الذي جرى بعد 12 عاماً من انتهاء سيطرة "طالبان" أنهم يودّون تطبيق الشريعة باعتبارها قانون الدولة.

انتظار مشوب بالحذر

الدولة التي يهدف آلاف، وربما ملايين، الأفغان أن تطأها أقدامهم في حالة انتظار مشوب بترقب وحذر وترحاب حيناً وقلق أحياناً. وبينما أعداد ترفض إدارة بايدن أن تعلنها بشكل واضح تصل إلى الأراضي الأميركية في صراع مع الموعد النهائي 31 أغسطس (آب) الحالي، يحذر البعض من أن وصول هذه الآلاف إلى أميركا ليس النهاية بل هو البداية للطرفين. فمن جهة، ما زال الأميركيون يترقبون "نوعية" الوافدين الجدد، هل ينافسونهم في الوظائف المهمة والمهن المعتبرة من طب وهندسة وغيرهما، أو ينافسونهم في وظائف خدمية تعاني هي الأخرى ضغط "كوفيد-19" ومصاعب اقتصادية كبيرة.

ومن جهة أخرى، تعمي الأزمة الطاحنة والخطر الداهم أبصار وبصائر الوافدين عن حقيقة مفادها بأن وصولهم إلى أرض "العم سام" هي بداية لمرحلة صعبة بكل المقاييس. فربما ينجون بحياتهم من أخطار وتهديدات "طالبان". لكن صحتهم النفسية لا تنجو بالضرورة، لا سيما أولئك الذين كانوا يتبوّؤون مناصب لها احترامها في المجتمع الأفغاني ثم يجدون أنفسهم تحت ضغط معاودة تسلّق سلم الترقي المهني والاجتماعي والسكني، وربما لا تتوافر الفرصة لتسلّقه من الأصل.

الموجة الرابعة

أصول الجالية الأفغانية في أميركا مقسمة إلى ثلاث هجرات رئيسة؛ الأولى عقب الغزو السوفياتي عام 1979، والثانية أوائل التسعينيات في ظل هيمنة نظام "طالبان"، والثالثة عقب الغزو الأميركي في 2001. وها هي الرابعة في الطريق عقب أو على وجه الدقة أثناء الانسحاب الأميركي بعد 20 عاماً.

منطقة سكرامانتو في كاليفورنيا هي التجمع الرئيس للأفغان في الولايات المتحدة. تقديرات بحث المجتمع الأميركي لعام 2019 تشير إلى نحو 144 ألف أميركي من أصل أفغاني في البلاد. لكن العدد غالباً أكبر من ذلك بكثير، لا سيما بإضافة غير الحاصلين على الجنسية الأميركية.

نظرة سريعة إلى سكرامانتو تشير إلى تغيرات كثيرة طرأت على التركيبة الديموغرافية، بدءًا بمحال البقالة التي أصبحت بغالبيتها متخصصة في بيع المنتجات الأفغانية مروراً بالملابس والاحتفالات وانتهاء بالتركيبة العرقية في المدارس.

وبين مشاعر ترحيب وإحساس بالمسؤولية، وأخرى توحي بعداء وإحساس بالمنافسة على موارد تبدو محدودة، ينتظر المجتمع الأميركي الأكثر تنوعاً وتعدداً وتراوحاً في أصوله ما ستسفر عنه موجة الهجرة واللجوء والنزوح الأفغانية الحالية. أما السؤال الذي لا يطرحه أحد هو: ما مصير الشعب الأفغاني الباقي في الداخل في حال تم تفريغ المجتمع من كوادره المتعلمة والمثقفة والمهنية التي تضع الغرب صوب عينيها؟!

المزيد من تحقيقات ومطولات