Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشاكل الشحن البحري المتعددة تخنق التجارة العالمية

تعطل الموانئ ونقص إنتاج الحاويات والناقلات رفعا تكلفة النقل ثمانية أضعاف

عبرت الناقلة "إيفر غيفن" قناة السويس للمرة الأولى منذ تعطيلها الملاحة في القناة في مارس الماضي (أ ف ب)

أعلنت هيئة قناة السويس في مصر، السبت 21 أغسطس (آب)، أن الناقلة "إيفر غيفن"، التي عطلت الملاحة في القناة في مارس (آذار) الماضي بعد جنوحها فيها، عبرت قناة السويس من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر ضمن 26 سفينة أخرى، بينما عبرت القناة من الجنوب إلى الشمال 36 سفينة، السبت. وكان تعطل الممر المائي الاستراتيجي لمدة ستة أيام بسبب حادث الناقلة كلف التجارة العالمية خسائر بمليارات الدولارات.

وتلك هي المرة الأولى التي تعبر فيها الناقلة العملاقة قناة السويس بعد الحادث، متجهةً من بريطانيا إلى الصين، بعد أن أفرغت حمولتها السابقة عقب أسابيع من التأخير.

كان حادث السفينة العملاقة، في مارس، لفت انتباه العالم إلى أهمية النقل البحري بالنسبة إلى التجارة العالمية، وبدأ الناس يدركون لماذا ترتفع أسعار المنتجات التي يشترونها مع كل اختناق في الشحن البحري. ومع كل خبر يتعلق بإغلاق ميناء بسبب جائحة كورونا (كوفيد-19) تشهد سلاسل التوريد حول العالم مشكلة جديدة. فقبل أيام، حين أغلقت الصين رصيفاً واحداً في ثالث أكثر موانئ العالم ازدحاماً نتيجة ظهور حالة إصابة بفيروس كورونا، طالع المستهلكون في الغرب كمية هائلة من التحليلات والتوقعات في شأن أسعار السلع والبضائع.

أهمية الشحن البحري

يشكل الشحن البحري وسيلة نقل نحو 90 في المئة من السلع والبضائع عالمياً. وعلى الرغم من أنه كانت هناك اختناقات ومشاكل في النقل البحري العالمي من قبل، فإن عام وباء كورونا والمشاكل التالية أبرز هذا القطاع وأهميته للتجارة العالمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من تلك الملامح، ارتفاع تكلفة الشحن البحري بنسبة 800 في المئة خلال عام واحد. وهو ارتفاع غير مسبوق حتى في الأزمات السابقة. وأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع والبضائع للمستهلكين، إذ يتم تحميل تكلفة النقل على السعر النهائي.

تنقل صحيفة "ديلي تلغراف" عن بول ستوت، أستاذ النقل البحري في جامعة نيوكاسل، قوله "يتعرض النقل البحري لأزمات، لكن هذه الأزمة غير مسبوقة وفي غاية الأهمية". ويرى ستوت أن تلك الأزمة مؤقتة ولن تستمر، لأنها حدثت فجأةً بسبب الوباء. ويذكر بأزمة ارتفاع أسعار الشحن البحري عام 2007، وأزمة تكلفة الشحن على الناقلات في أزمة النفط عام 1973، لكن الأزمات السابقة أخذت وقتاً لتصل إلى حدها الأقصى، وتطلب ارتفاع الأسعار تراكماً تدريجياً، لكن هذه المرة حدث الارتفاع الهائل دفعة واحدة.

ولا يتعلق الأمر بإغلاق أرصفة شحن أو موانئ بسبب وباء كورونا فحسب، بل إن هناك مشكلة نقص في الناقلات والحاويات بسبب تراجع إنتاج تلك الصناعة. فبعد فورة الأسعار في 2007، توقفت بعض ترسانات بناء السفن عن العمل، وكذلك أغلقت بعض مصانع إنتاج حاويات النقل البحري.

وعلى الرغم من أن الطلب على بناء السفن التجارية والناقلات عاد الآن إلى الارتفاع، فإن سعة الترسانات الموجودة من الطاقة الإنتاجية لا تكفي، ما يرفع الأسعار نتيجة زيادة الطلب عن العرض. وبحسب أرقام شركة "فزلس فاليو"، فإن الطلب على السفن الناقلة للحاويات وصل إلى 12 في المئة، بينما تشير أرقام شركة "برايمر" المنافسة إلى أن نسبة الطلب زادت بما بين 8 و9 في المئة. وفي كل الأحوال، تأتي زيادة الطلب بنسبة أعلى من النمو التقليدي في التجارة العالمية، بالتالي في ناقلات الشحن البحري.

ارتفاع الأسعار

لا يقتصر التراجع في سعة الطاقة الإنتاجية على ترسانات بناء السفن، بل هناك مشكلة في إنتاج حاويات البضائع للشحن البحري أيضاً. فخلال عام الوباء، ونتيجة الإغلاق الاقتصادي في معظم الدول، كان لتعطل النقل البحري تأثير سلبي على صناعة الحاويات.

كل تلك الاختناقات تؤدي إلى ارتفاع تكلفة الشحن البحري بنسب غير مسبوقة. وبحسب بيانات من شركة "فريتوس" نشرتها "ديلي تلغراف"، كان الارتفاع الأكبر في أسعار الشحن البحري في التجارة مع آسيا. ووصلت تكلفة شحن حاوية سعة 40 قدماً من أوروبا إلى أميركا إلى 681 دولاراً (ارتفاع بنسبة 60.2 في المئة)، ومن أميركا إلى أوروبا 6014 دولاراً (ارتفاع بنسبة 247.2 في المئة)، بينما وصلت تكلفة شحن الحاوية سعة 40 قدماً من الصين أو شرق آسيا إلى الساحل الغربي لأميركا الشمالية إلى 13666 دولاراً (ارتفاع بنسبة 926.7 في المئة)، أما شحنها من الصين وشرق آسيا إلى الساحل الشرقي لأميركا الشمالية فيتكلف 16008 دولاراً (ارتفاع بنسبة 525.5 في المئة).

ثم إن هناك مشكلة أخرى جديدة تزيد الضغط على قطاع الشحن البحري، بالتالي ارتفاع الأسعار، فمع تشدد الحكومات حول العالم في تحقيق أهداف مكافحة التغير المناخي تعهدت المنظمة العالمية للنقل البحري بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 60 في المئة من مستويات انبعاثه من السفن عام 2008، وذلك بحلول عام 2030. وتشكل الانبعاثات الكربونية من قطاع النقل البحري نسبة 3 في المئة من الانبعاثات العالمية، لكن تكنولوجيا تحول السفن للوقود الأخضر أو صديق البيئة قليل الانبعاثات الكربونية ليست متقدمة كما في قطاعات أخرى. وتقدر تكلفة خفض الانبعاثات الكربونية بقطاع النقل البحري بزيادة بنسبة 20 في المئة عن بقية القطاعات.

ونتيجة التكلفة العالية للتحول في عمل السفن بوقود أقل انبعاثاً للكربون، سيتم تحميل ذلك على تكلفة الشحن وارتفاع أسعار النقل البحري في التجارة العالمية. وفي النهاية، تنساب تلك الزيادت لتصل إلى المستهلك النهائي.