Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"دلتا" تبرز محدودية الاستراتيجية الصينية في مواجهة الوباء

جدد ازدياد حالات وباء كورونا محلياً التساؤل حول إن كانت خطة عمل بكين الجديدة ستكفي للقضاء على أكبر موجة تفش للفيروس في البلاد منذ ووهان

طفل يتفاعل مع مسحة الحنجرة خلال فحص جماعي لـ "كوفيد-19" في ووهان بمقاطعة هوبي وسط الصين (أ ب)

فيما تنتشر متحورة "دلتا" شديدة العدوى حول العالم، تصارع الصين لاحتواء آخر موجة تفش للمتحورة نفسها محلياً. وبلغ عدد حالات "كوفيد-19" أعلى معدلاته منذ سبعة أشهر يوم الثلاثاء الماضي، فيما أفادت المعلومات بوقوع 143 حالة جديدة.

وقد بلغ عدد الحالات الجديدة 143 بعدما كان في حدود 108، بما فيها عشرات الحالات في مدينة يانغجاو بمقاطعة غانغسو الشرقية، التي تعتبر الآن بؤرة تفشي الوباء. ووصفت وسائل الإعلام الصينية موجة تفشي المرض الحالية بأنها الأخطر منذ بداية انتشار الجائحة في ووهان السنة الماضية. 

بدأت موجة تفشي الوباء الجديدة في مطار نانغينغ في غانغسو حيث أصيب عمال نظافة، وسرعان ما انتشرت الإصابات في أكثر من 12 مقاطعة في الصين. وأدى الوباء إلى فقدان العشرات وظائفهم، بينما تعمل وسائل الإعلام الرسمية على تعزيز الثقة في قدرة الحكومة على احتواء الموجة الأخيرة. 

وقال الخبير الصيني في الأمراض المعدية جانغ ونهونغ لوكالة الأنباء الرسمية "تشنخوا"، "نجحنا في احتواء المرض في غوانغزو والوباء في نانغينغ قيد السيطرة".

يعتقد البعض بأن استراتيجية الاحتواء الصينية سمحت للبلاد بمكافحة الجائحة بنجاح، وفيما وصل عدد الحالات اليومية إلى ذروته يوم الثلاثاء، ما زال منخفضاً نسبياً مقارنة ببلدان أخرى أفادت عن وقوع عشرات آلاف الحالات يومياً.  

وقال تشن جينمينغ، خبير الأوبئة في جامعة "أكسفورد"، "أظن أنه نتيجة لذلك من الطبيعي أن تعتمد الصين استراتيجية شبيهة جداً بتلك التي تبنتها سابقاً، والتي كانت فعالة للغاية على امتداد فترة الـ 18 شهراً الماضية".

وأضاف، "خلال العام الماضي برهنت كافة الإجراءات عن فعاليتها على الرغم من أنها عطلت المسار العام. من غير المرجح في حال الصين أن تغير استراتيجيتها في مكافحة الفيروس خلال الستة إلى الـ 12 شهراً المقبلة".

منذ تفشي الوباء في ووهان العام الماضي، اعتمدت الصين مقاربة قاسية لكبح انتشار الفيروس، وقد تضمنت فرض إغلاقات موجهة وكبح السفر وإطلاق عملية فحص واسعة النطاق، لكن بعض الخبراء يقترحون الآن أنه على الصين التخلي عن "استراتيجية القضاء الكلي على حالات كوفيد-19"، وإيجاد طرق للتعايش مع الفيروس. وكان الخبير الصيني جانغ وينهونغ كتب سابقاً في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي "ويبو" المشهور في الصين إلى أنه نظراً لعدم انتهاء الجائحة في أي زمن قريب، يعتقد معظم خبراء الفيروسات أنه على العالم أن يجد طريقة التعايش مع الفيروس.

بعد أيام قليلة، كتب وزير الصحة الصيني السابق غاو كيانغ مقالة رأي في صحيفة "بيبولز دايلي" التي تديرها الدولة يدحض فيه اقتراح جانغ، قائلاً إن الصين بحاجة لإجراءاتٍ صارمة من أجل إبقاء الفيروس خارج البلاد.

كما انتقد غاو بلداناً أخرى لرفعها القيود أبكر مما يجب، وكتب "أدى اعتمادهم على التطعيم والسعي إلى التعايش مع الفيروس فقط إلى إعادة ظهوره".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد بعض الخبراء بأنه سيتعذر الإبقاء على استراتيجية الصين الحالية فيما تصبح متحورة "دلتا" السلالة المهيمنة عالمياً.

وفي هذا الإطار اعتبر أحد كبار الباحثين في مجال الصحة العالمية في المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية، يانجونغ هوانغ أنه "مع وجود متحورة "دلتا" في الصين الآن، أصبح تحقيق هدف استراتيجيتهم بالقضاء على حالات "كوفيد-19" كلياً أمراً أصعب بعشر مرات".

وقال لـ "اندبندنت" بهذا الخصوص، "إن الاستراتيجية الصينية تشهد كلفة اجتماعية واقتصادية متزايدة، إضافة إلى وجود نقص في اليد العاملة وتعطيل لسلسلة الإمداد، كما أصبح السفر خارجاً صعباً بالنسبة إلى الأشخاص، ناهيك عمن يريدون زيارة الصين".

ولفت هوانغ إلى وجود اعتبارات سياسية عدة وراء إصرار بكين البقاء على هذه الاستراتيجية، وأشار إلى أنهم "لو بدأوا بتغيير مقاربتهم فعليهم تقديم تبريرات سياسية لتحولهم نحو استراتيجية كانوا ينتقدونها من قبل كثيراً".

وتابع، "بما أن الشعب الصيني اعتاد الاستراتيجية القاسية فهو يحتاج إلى الوقت ليدرك وجود مقاربة بديلة لمكافحة الجائحة".

وبعيداً من الاعتبارات السياسية، تشكل عدد من المنافسات الرياضية الدولية التي من المُقرر تنظيمها العام المقبل في الصين، عوامل من شأنها إقناع بكين بالالتزام باستراتيجية "صفر حالات كوفيد".

وقال تشين إن "هناك كذلك سلسلة من الأحداث المهمة المقبلة، ومنها دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022 ودورة الألعاب الأسيوية لعام 2022 في مدينة هانغزو الصينية التي ستجلب عشرات آلاف الرياضيين الأجانب إلى الصين. لا أعتقد أن بكين ستخفف من استراتيجيتها قبل هذه الأحداث، بل هناك إشارات إلى أنها قد تفرض قوانين أقسى لمكافحة الجائحة". 

ومن الأمثلة على ذلك قرار فصل عشرات المسؤولين المحليين من مناصبهم بعد انتشار الوباء في مناطقهم. وفي هذا الشأن قال تشين لـ "اندبندنت" إن ذلك يبعث رسالة قوية لباقي البلاد، "لا تساهل أبداً في هذه الاستراتيجية، وإن حصل أي شيء فعلى المسؤولين المحليين تحمل مسؤولياتهم".

كما جددت متحورة "دلتا" الشك في فعالية اللقاحات الصينية، إذ يعتقد بعض الخبراء أن قرار بكين الالتزام باستراتيجية صفر حالات كوفيد يعكس قلة ثقتها بلقاحها.

ويقول يانجونغ هوانغ، "مع متحورة دلتا يصبح من الواضح بأن فعالية اللقاحات الصينية موضع شك".

وأضاف، "تدرك بكين بأن اللقاح الموجود غير كاف لمساعدة الصين في تحقيق مناعة القطيع، ولذلك يحتاجون إلى الاعتماد على مقاربة قائمة على حملة من أعلى الهرم إلى أسفله للحفاظ على مستوى الإصابات الضئيل في الصين".

من جهة أخرى، تلقت صحافية تعمل في جريدة بيبولز دايلي (People’s Daily) توبيخاً من مديريها الأسبوع الماضي بعدما سألت السلطات الصحية في نانغينغ عن عدد الأشخاص الذين تلقوا اللقاح من بين المصابين حديثاً بالوباء. لم يقدم المسؤولون أي تفاصيل في شأن الموضوع، لكن في غضون ساعة من طرحها السؤال تعرضت المراسلة للعقاب على يد مديريها لأنهم اعتبروا السؤال بمثابة تشكيك في لقاحات الصين.

يعتقد بعض الخبراء بأن استراتيجية احتواء الفيروس التي تنتهجها الصين ستظل فعالة في الوقت الحالي، بينما يؤمن آخرون بأنه إن لم تكن الصين مستعدة لإغلاق حدودها إلى الأبد، فستضطر لاتباع الاتجاه العالمي والعثور على طريقة للتعايش مع الفيروس. وقال سيدارت سريدار اختصاصي في علم الفيروسات السريري بجامعة هونغ كونغ إنهم "سيضطرون في آخر المطاف إلى تغيير مقاربتهم".

وأضاف، "أعتقد أنه على الصين مراقبة عمل دول أخرى عن كثب واتخاذ قرار في شأن ما تريد أن تفعله. لو قرر باقي العالم أن يتعايش مع كوفيد-19 فليس حلاً مستداماً في نهاية المطاف أن تظل الحدود الصينية على حالها".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من صحة