Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تنسيق وثيق بين موسكو وبكين بشأن جهود السلام في الشرق الأوسط

يتطلع البلدان إلى دور أكبر في هذا الصراع فهل يكونان بديلين عن واشنطن؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ  (رويترز)

في اتصال هاتفي بين المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الروسية للتسوية في الشرق الأوسط، فلاديمير سافرونكوف، والمبعوث الخاص للحكومة الصينية لشؤون الشرق الأوسط، تشاي جون، أكد الطرفان تقارب وجهات النظر بين موسكو وبكين بشأن التسوية في الشرق الأوسط، ومنع تجدد القتال بين الإسرائيليين والفلسطينيين، واتفقا على "مواصلة التنسيق الوثيق للجهود" في هذا الصدد.

وبحسب البيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية، الثلاثاء، الثاني من أغسطس (آب)، ونقلته وكالة "تاس" الروسية، "اتفق الجانبان على أن لروسيا والصين وجهات نظر متشابهة حول الوضع الراهن في القضية الفلسطينية الإسرائيلية، وجددا أهمية بناء مساعدات دولية من أجل تحسين الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية"، وفي هذا السياق أشارا "إلى ضرورة تهيئة الظروف المواتية لاستئناف عملية التفاوض المباشر بين الطرفين، بما يجعل من الممكن تفادي تكرار المواجهات العسكرية وتحقيق الاستقرار للوضع الإقليمي بشكل عام".

التطلع لدور أكبر

الاتصال الهاتفي بين مبعوثي روسيا والصين للشرق الأوسط، بشأن محادثات السلام، يأتي ضمن عملية تنسيق شاملة بين البلدين بشأن مختلف القضايا، بما في ذلك الوضع المتفاقم في أفغانستان والاتفاق النووي الإيراني والوضع الإنساني في سوريا، وبحسب مراقبين، فكلاهما أصبحا يتطلعان إلى حصة أكبر في الصراع الأطول في الشرق الأوسط، ويبحثان عن حلول جديدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقول مجلة "نيوزويك" الأميركية، إنه على الرغم من الخلاف، خلال معظم فترات الحرب الباردة، تتمتع كل من موسكو وبكين بتاريخ طويل في دعم الحركات الفلسطينية التي تطالب بأراض وقعت تحت سيطرة إسرائيل. واليوم، تتمتع كل من روسيا والصين بعلاقات قوية مع إسرائيل، مع الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية.

تقليدياً، تصدرت الولايات المتحدة مركز الجهود الدولية للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وبينما ترتبط بتحالف قوي وثابت مع تل أبيب، فإن علاقتها بالجانب الفلسطيني تشوبها التوترات، وقد وصلت إلى أسوأ فتراتها خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي أبدت إدارته دعماً لا يتزعزع لإسرائيل، وذهب إلى حد الاعتراف بالقدس عاصمة لها في تحد للإجماع الدولي بشأن المدينة المتنازع عليها.

وعلى الرغم من أن الرئيس الحالي جو بايدن، يسعى لإصلاح تلك العلاقة، كان اندلاع العنف بين إسرائيل وحركة "حماس"، التي تسيطر على قطاع غزة، في مايو (أيار) الماضي، اختباراً حرجاً للإدارة الجديدة التي طالما أكدت حق إسرائيل في الرد والدفاع عن نفسها في مواجهة صواريخ "حماس"، وانتهى الصراع بوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه مصر، بدعم من الولايات المتحدة، لكن الغارات الجوية الإسرائيلية العرضية استمرت في الأسابيع اللاحقة رداً على إطلاق البالونات الحارقة من غزة.

وفي أثناء تبادل الطرفين للهجمات الصاروخية، تطوعت الصين لاستضافة محادثات غير رسمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين في بكين، وفي الخامس من مايو، كرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعم موسكو إجراء محادثات لحل القضايا الرئيسة وتفعيل العملية السياسية بمساعدة الرباعية الدولية التي تضم (روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة).

اقتناص الفرصة

في حين أن معظم المراقبين أجمعوا، في وقت سابق، بحسب "المجلس الأطلنطي"، مركز أبحاث سياسية في واشنطن، على أن التأثير الروسي والصيني على أي عملية سلام جديدة سيكون ضئيلاً، لكن تقول المجلة الأميركية، إن موسكو ربما ترغب في اقتناص الفرصة لممارسة تأثير أكبر على تحقيق تسوية عبر المفاوضات، في الوقت الذي تركز فيه الولايات المتحدة على أجزاء أخرى من العالم (أو محلياً).

ليس ذلك فحسب، فإن موسكو وبكين ربما تريان في الاستياء الفلسطيني من الولايات المتحدة فرصة لتكثيف جهود توحيد الساحة السياسية الفلسطينية المنقسمة بهدف إجراء محادثات مباشرة مع المسؤولين الإسرائيليين. والأسبوع الماضي، ناقش المبعوث الرئاسي الروسي الخاص للشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، دور موسكو عبر الهاتف مع الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي.

ووفق ما جاء في بيان الخارجية الروسية بشأن الاتصال، "ناقش الجانبان الوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية مع التركيز على مهام استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، كشرط رئيس لإقامة عملية تفاوض فلسطينية - إسرائيلية مستدامة على أساس القانون الدولي"، واعترف الطرفان بأهمية اللجنة الرباعية للشرق الأوسط، والحاجة إلى "محادثات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين تهدف إلى تسوية الصراع على أساس حل الدولتين الذي ينص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود 1967 تتعايش مع إسرائيل بسلام وأمان ".

 

قبل ذلك بيومين، ألقى المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة، غنغ شوانغ، بثقله في الصراع خلال مناقشة مفتوحة عُقدت في مجلس الأمن. وقال شوانغ إنه على الرغم من سريان الهدنة الخاصة بوقف إطلاق النار منذ نحو شهرين، فإن "الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا يزال غير مستقر"، معرباً عن قلقه إزاء "الإجراءات الأحادية الجانب التي تقوم بها إسرائيل"، بما في ذلك هدم ومصادرة منازل الفلسطينيين، وقال إن إسرائيل يجب أن تمتثل بجدية لقرارات الأمم المتحدة في هذا الصدد، والحفاظ على الوضع التاريخي الراهن للمواقع المقدسة في القدس.

وأشار المندوب الصيني إلى خطة من ثلاثة أجزاء طرحها وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، في يوليو (تموز) الماضي، خلال ندوة "السلام الفلسطينية الإسرائيلية الرابعة" التي عقدتها الصين افتراضياً، وانطوت الخطة الصينية على مبادرة لدعم الوحدة بين الفصائل الفلسطينية ومنح صلاحيات أكبر للسلطة الفلسطينية، التي تقلصت سلطاتها منذ انقسام عام 2007 بين حركة "فتح" في الضفة الغربية وحركة "حماس" في غزة، ودعت الخطة لتشجيع استئناف المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

تأثير محدود

ومع ذلك، يقول المراقبون، إن تأثير موسكو وبكين سيكون محدوداً للغاية، ويعتقد الزميل الباحث لدى معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل، دانيال راكوف، أن روسيا بينما هي الفاعل الدولي الرئيس الوحيد القادر على التواصل مباشرة مع كل الأطراف والفصائل، إلا أنها تفتقر إلى الأدوات اللازمة للضغط على إسرائيل أو الفلسطينيين لتغيير مواقفهما، لذلك، تهدف دبلوماسيتها الاستباقية متعددة الأطراف إلى أن تثبت للغرب أنها قوة عالمية مسؤولة.

ويضيف راكوف أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني القائم يضاف إلى القائمة المختصرة للقضايا الدولية التي توفر أرضية مشتركة لروسيا والعواصم الغربية، وهو ما تحتاجه الأولى، بينما خلف الكواليس، فإن الروس متشائمون للغاية بشأن إمكانية دفع المصالحة بين الطرفين إلى الأمام.

وفي حين يرى الزميل لدى المجلس الأطلسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة زايد في أبو ظبي، جوناثان فولتون، أن الصين قد تسعى للاستفادة من الإحباط الإقليمي الناجم عن الدعم الأميركي الثابت لإسرائيل، فإنه يقول إن نفوذ بكين في حل الخلافات السياسية لا يزال محدوداً، ويضيف فولتون إنه من الناحية السياسية والأيديولوجية، تميل الصين نحو الفلسطينيين منذ أيام ماو تسي تونغ (مؤسس جمهورية الصين الشعبية)، عندما كان التضامن مع العالم الثالث سمة من سمات سياستها الخارجية، ومع ذلك، من الناحية الاقتصادية، تميل بشدة نحو إسرائيل، وهذا يجعل من الصعب عمل توازن، لذا فإن مشاركتها في هذه القضية لا تزال فاترة، كما أنه عندما يتعلق الأمر بالصراع في الشرق الأوسط، تدعو الصين عادة الجهات الفاعلة الإقليمية إلى حل مشاكلها الخاصة، وتدعو الجهات الفاعلة الخارجية، على سبيل المثال الولايات المتحدة، لعدم التدخل.

وبشكل عام، يشير المراقبون إلى أنه لا الصين ولا روسيا تمتلكان القدرات أو ترى أنه من مصلحتهما المضي قدماً كقوى تدخلية رائدة لمعالجة هذا الصراع الطويل الأمد، فكلاهما يعتمدان بشكل كبير على الدعم الخطابي، غالباً في إطار الأمم المتحدة.

المزيد من تقارير