Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"نورد ستريم 2" يثير الغضب الداخلي والخارجي ضد بايدن

قالت أوكرانيا وبولندا إن المشروع الروسي يهدد أمن أوروبا على المستويات السياسية والعسكرية والطاقة

أثار اتفاق واشنطن وبرلين بشأن خط الغاز الروسي غضباً وانتقادات (أ ف ب)

توصلت واشنطن وبرلين، أخيراً، إلى اتفاق يتعلق بمشروع إنشاء خط أنابيب غاز طبيعي بين روسيا وألمانيا، أثار خلافاً طويلاً في العلاقة بين الحليفين. إذ عقدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن والحكومة الألمانية، الأربعاء، اتفاقاً يسمح باستكمال خط أنابيب غاز "نورد ستريم 2" الذي طالما اعترضت عليه الولايات المتحدة، مقابل استثمار ألمانيا في البنية التحتية للتكنولوجيا الخضراء في أوكرانيا، مع تعاونهما في مبادرات للتخفيف من هيمنة روسيا على الطاقة في أوروبا.

الاتفاق الذي أنهى نزاعاً بين واشنطن وبرلين تداخل مع ثلاث إدارات أميركية متعاقبة، أثار رد فعل غاضباً داخل الولايات المتحدة وخارجها. ففي الداخل، يواجه بايدن انتقادات من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، باعتبار أن الاتفاق يصب في صالح روسيا على حساب أوكرانيا، فضلاً عما يثيره المشروع من مخاوف جيوسياسية وبيئية. وفي الخارج، اعتبرت كييف ووارسو أن المشروع يهدد أوكرانيا وأوروبا الوسطى بأسرها على المستويات السياسية والعسكرية وأمن الطاقة. 

غضب في الكونغرس

لطالما كان بايدن وإدارته على خلاف مع أعضاء الكونغرس بشأن خط الأنابيب. فالعام الماضي، وافق المشرعون الأميركيون بغالبية ساحقة على قائمة عقوبات إلزامية تهدف إلى شل خط "نورد ستريم 2". لكن في وقت سابق من العام الحالي، تنازل الرئيس الأميركي عن العديد من تلك العقوبات كجزء من جهوده لإصلاح التحالفات عبر الأطلسي مع دول مثل ألمانيا، التي كانت تضغط من أجل استكمال المشروع. 

ووفقاً لمجلة "بولتيكو"، الأميركية، قال السناتور الديمقراطي، تيم كين، عضو لجنتي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ: "لست سعيداً بذلك... لست سعيداً بذلك في ما يتعلق بالسياسة الروسية، ولست سعيداً بها من حيث تغير المناخ". وقالت السناتور الديمقراطية جين شاهين، التي شاركت في وضع نظام العقوبات، إنها "متشككة في أن الاتفاقية ستكون كافية عندما يرفض اللاعب الرئيسي على الطاولة (روسيا) اللعب وفقاً للقواعد".

وفي محاولة لصد الانتقادات، تقول المجلة إن مسؤولي الإدارة الأميركية جادلوا بأن إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، وليس فريق بايدن، هي المسؤولة عن استكمال خط الأنابيب. وقال أحدهم: "نحن نبذل قصارى جهدنا من ناحية سيئة... بقيامنا بذلك، نحاول التأكد من أننا نحمي شريكنا، أوكرانيا، وهذه حقاً هي أولويتنا"، مشيراً إلى أن خط الأنابيب كان قد اكتمل بنسبة 90 في المئة عندما تولت إدارة بايدن السلطة. 

ومع ذلك، لم يقلل هذا التبرير من استياء الديمقراطيين والجمهوريين في الكابيتول هيل (مبنى الكونغرس)، الذين أمضوا الأيام القليلة الماضية في التعبير عن غضبهم بسبب تسرب تفاصيل الصفقة الأميركية- الألمانية. وقال السناتور الجمهوري تيد كروز، الذي شارك أيضاً في وضع العقوبات: "هذا خطأ جيوسياسي للأجيال... الديكتاتوريون الروس بعد عقود من الآن سيجنون مليارات الدولارات كل عام من هدية جو بايدن".

ما هو نورد ستريم 2؟

خط أنابيب "نورد ستريم 2" الذي سينقل الغاز من روسيا إلى شمال شرقي بحر البلطيق في ألمانيا، هو مشروع وقعته موسكو وبرلين، وتعمل على تنفيذه شركة مملوكة لشركة "غازبروم" الروسية، سيعمل على مضاعفة كمية الغاز التي يمكن أن ترسلها روسيا مباشرة إلى ألمانيا. وتتلقى ألمانيا بالفعل الغاز الروسي عبر خط أنابيب قائم تمّ الانتهاء منه في عام 2012.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالما عارضت الولايات المتحدة وبعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خط الأنابيب الهائل الذي يسير تحت البحر، باعتباره يمنح موسكو نفوذاً أكبر على أوروبا الغربية. هذه المخاوف ليست جديدة، فطالما كان للغاز الطبيعي القادم من الاتحاد السوفياتي ثم روسيا بعد تفكك الاتحاد، دوراً حاسماً في تشغيل الاقتصاد الأوروبي لعقود، وهو ما يزيد المخاوف الأميركية من توسع النفوذ السياسي للكرملين في أوروبا عبر هذا الشريان المهم، ومن ثم سعت واشنطن لسنوات لعرقلة مشروع "نورد ستريم 2" عبر فرض مزيد من العقوبات على الشركات المشاركة في المشروع، وفي الوقت نفسه تدعم بقوة تطوير غاز شرق المتوسط وتصديره إلى أوروبا ليحلّ بديلاً للروسي.

وخلال إدارة ترمب، كثفت واشنطن حملتها ضد المشروع حيث اتخذت وزارة الخارجية الأميركية إجراءات بفرض عقوبات اقتصادية على المستثمرين والمشاركين الآخرين من رجال الأعمال في المشروع، وتضمن مشروع قانون الإنفاق الدفاعي الشامل للولايات المتحدة لعام 2020، عقوبات جديدة تشمل الشركات التي تدعم أنشطة مدّ الأنابيب في "نورد ستريم 2"، إضافة إلى خدمات التأمين والاكتتاب، وهو ما يتم إقراره لاحقاً. 

كما توترت علاقة واشنطن وبرلين بسبب هذا المشروع خلال الإدارة الأميركية السابقة؛ فخلال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل عام 2017، كادت أن تندلع أزمة دبلوماسية بين البلدين، جراء تعليقات لترمب، اتهم فيها ألمانيا بأنها أسيرة لروسيا عبر صفقات الغاز. وهو ما استدعى رداً من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، قائلة إن بلدها تتخذ قرارتها بنفسها. 

ضمانات وتعويض مالي لأوكرانيا 

وبحسب وسائل إعلام أميركية، خصلت إدارة بايدن إلى أن خط الأنابيب سيكتمل بغض النظر عما إذا كانت الولايات المتحدة تتحرك لإيقافه. ويبدو أن الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة وألمانيا يلقي بالمسؤولية على عاتق ألمانيا لضمان ألا تشعر أوكرانيا بالتخلي عنها بموجب الاتفاقية. 

وقال مسؤولون كبار بالإدارة الأميركية إن برلين ستعين مبعوثاً خاصاً لمساعدة كييف في التفاوض على تمديد اتفاق نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا إلى فترة تصل إلى عشر سنوات قبل انتهائها نهاية عام 2024. وستنشئ ألمانيا أيضاً وتدير صندوقاً أخضر بقيمة مليار دولار لدعم انتقال أوكرانيا إلى ما بعد الوقود الأحفوري وتقليل الاعتماد على روسيا، مع التزام مبدئي لا يقل عن 175 مليون دولار. وستكون كييف بحاجة إلى هذه الأموال لأنها ستخسر المليارات في حال انتهاء عقد النقل مع روسيا.

وسيتم تخصيص حزمة بقيمة 60 مليون يورو، للحماية بشكل فعال من الهجمات الإلكترونية، وستعزز ألمانيا مشاركتها في "مبادرة البحار الثلاثة"، وهي منتدى رئيسي لدول وسط وشرق أوروبا لمناقشة القضايا الإقليمية. وكتبت الحكومتان الأميركية والألمانية في بيان مشترك: "تم تصميم هذا الالتزام لضمان أن روسيا لن تسيء استخدام أي خط أنابيب، بما في ذلك نورد ستريم 2، لتحقيق أهداف سياسية عدوانية باستخدام الطاقة كسلاح".

مشروع سياسي

ومع ذلك، فإن مخاوف أوكرانيا وبولندا لم تهدأ، إذ قال وزيرا خارجية أوكرانيا، دميترو كوليبا، وبولندا، زبيغنيو راو في بيان مشترك إن "مثل هذا القرار يخلق تهديدات جديدة لأوكرانيا وأوروبا الوسطى، على المستويات السياسية والعسكرية والطاقة". وأشارا إلى أن المقترحات الغربية الحالية لا تبدو كافية لتقليل التهديدات المحتملة لخط الأنابيب الروسي.

وقالا إن بلديهما سيعملان مع حلفائهما ضد إطلاق خط الأنابيب إلى أن يتم حل الأزمة الحالية. كما جاء في بيانهما المشترك "ندعو الولايات المتحدة وألمانيا إلى التعامل بطريقة مناسبة مع الأزمة الأمنية في منطقتنا والتي تستفيد منها روسيا". وقالت وزارة الخارجية البولندية عبر تويتر إن نورد ستريم 2 "مشروع سياسي لا يهدد أمن أوكرانيا فحسب بل أمن الاتحاد الأوروبي أيضاً".

وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أكدت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال لقائهما الاثنين الماضي، أن بلادها ستحتفظ بدورها كممر لنقل الغاز إلى أوروبا بعد استكمال المشروع. وأوضحت أمام الصحافيين أنها تدرك أن "المخاوف كبيرة من الجانب الأوكراني"، مضيفة "إننا ننظر إليها بجدية وسنبذل كل ما بوسعنا حتى يتضح أن نورد ستريم 2 لا يحل محل شحنات عبور (الغاز) الموعودة".

اقرأ المزيد