Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مطالبة "النهضة" بتفعيل "صندوق الكرامة" تثير غضب التونسيين

إعطاء الحكومة مهلة تنتهي يوم 25 يوليو لتقديم تعويضات لـ"ضحايا الاستبداد" على الرغم من الظروف الاقتصادية والصحية الصعبة

المطالبة بـ"دفع تعويضات لضحايا الاستبداد" فتحت الباب واسعاً لانتقادات واتهامات سياسية لـ"حركة النهضة" (أ ف ب)

فاجأ عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى "حركة النهضة"، الشارع التونسي، بإعطاء الحكومة مهلة تنتهي يوم 25 يوليو (تموز) الحالي، لإقرار بدء تنفيذ قرار إنشاء "صندوق الكرامة"، المخصص لتقديم تعويضات لـ"ضحايا الاستبداد"، وذلك على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والوضع الصحي الكارثي الذي تعيشه تونس جراء "الانتشار المقلق" لفيروس كورونا وارتفاع عدد الإصابات والوفيات، ووصول عدد كبير من المستشفيات إلى طاقة استيعابها القصوى.

الصندوق اللغز

تأسس الصندوق بقانون رقم 53 عام 2013، زمن حكم "حركة النهضة"، وهو مخصص لصرف تعويضات لضحايا الاستبداد قبل انتفاضة 14 من يناير (كانون الثاني) 2011. ومنذ إقرار القانون شهدت محاولات تطبيقه مماطلات ومماحكات، عطلت الانتقال بالنص إلى مرحلة التنفيذ، جراء اعتبار كثير من الجهات السياسية أن الهدف منه دفع أموال لأطراف كانت تسعى لقلب نظام الحكم بالقوة.

وتتكون مداخيل الصندوق من نسبة من الأموال العائدة لميزانية الدولة، وتم رصد اعتمادات عند تأسيسه في حدود 10 ملايين دينار (أي ما يعادل 3.3 مليون دولار) من ميزانية عام 2019، ويرأسه المحامي عبدالرزاق الكيلاني، رئيس لجنة التصرف في "صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد".

التوقيت السيئ

رئيس مجلس شورى "حركة النهضة"، عبدالكريم الهاروني، دعا رئيس الحكومة، هشام المشيشي، إلى ضرورة تفعيل "صندوق الكرامة لتعويض ضحايا الاستبداد قبل عيد الجمهورية الموافق 25 يوليو"، مشدداً على ضرورة انطلاق عمل الصندوق، مؤكداً أنه لا يوجد أي مبرر لتعطيل العمل به، رافضاً ما اعتبره "تسويفاً في هذا الملف".

وقال الهاروني، إن "ضحايا الاستبداد لن يقبلوا مجدداً بأية عرقلة لصندوق الكرامة"، واصفاً عدم تفعيله بـ"الجريمة"، قائلاً "لن يتم السماح بارتكاب هذه الجريمة".

"نضال مأجور"

المطالبة بـ"دفع تعويضات لضحايا الاستبداد" فتحت الباب واسعاً لانتقادات واتهامات سياسية لـ"حركة النهضة"، بأنها تريد استغلال الأوضاع السياسية للحكومة وضعفها، لفتح الباب أمام دفع تعويضات تقدر بثلاثة مليارات دينار تونسي (أي ما يعادل 1.1 مليار دولار).

عدد من الأحزاب والمنظمات، وحتى شخصيات كانت من ضحايا نظام الاستبداد السابق، رفضت هذه المبادرة، واعتبرتها "دفع ثمن لنضال مأجور من أجل حرية تونس".

الأستاذ الجامعي، رافع الطبيب، أحد ضحايا النظام السابق، قال إن "النظام السابق حطم حياة أجيال من الناس، وسرق سنوات من شبابنا، ووجب على الدولة أن تنظر في كل حالة حتى يندمل الجرح نهائياً... لكن الذي حدث هو توافق الجلاد مع الإخوان، والسطو على ذاكرة النضال الحقيقي ضد الاستبداد، وإجبار الناس على دفع الجزية لمن لا أذكر أنهم دافعوا يوماً عن حرية أو قيمة إنسانية".

وأضاف، "لذا رفضت مثل كثيرين من رفاقي، أن تعوض الدولة المزيفة للوقائع، لنا ما شهدناه من تعديات على أشخاصنا. لن أقبل على نفسي أن يعوض لي من أموال شعبي التي تصرف للصحة والدفاع والتعليم... لكن لن أسقط حقي في معرفة الحقيقة، كل الحقيقة، وعلى رأسها من اغتال الضحايا؟ من أدخل الإرهاب إلى جبالنا؟ من كتب الوشايات بإخوانه ثم فر إلى الخارج؟ من تواطأ مع الغرب لسرقة ثورة شعبنا؟ وخصوصاً من الذي عذب واغتصب واعتدى على الناس ثم تُرك حراً طليقاً بعد أن خدم أسياده الجدد، وما زال يتحدث في السياسة؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

انتقادات حادة

غازي الشواشي، القيادي في "حزب التيار الديمقراطي"، أحد الأحزاب التي قاومت النظام السابق وطالبت بالديمقراطية وسُجن عديد من قيادييه، عبر عن استغرابه من كيفية مطالبة الحكومة بتفعيل "صندوق الكرامة" في هذه المرحلة بالذات، لا سيما أن هذه الحكومة بصدد التسول لجلب اللقاحات لمواطنيها، وهي مهددة بالتوقف عن دفع ديونها ورواتب موظفيها وإعلان إفلاسها، هي حكومة فاشلة وعاجزة وفي أضعف حالاتها. واعتبر أن الدعوة لتفعيل الصندوق "وقاحة وأنانية وابتزاز واستضعاف ومتاجرة بآلام الضحايا".

دعوة للتحرك

منجي الرحوي، عضو مجلس النواب، دعا إلى تحرك شعبي واسع يوم 25 يوليو، ونزول المواطنين إلى الشوارع للتعبير عن رفضهم لما سماها "عملية نهب الشعب والدولة". وقال، "لم يعد أحد يشك بنوايا هذه الطغمة الحاكمة التي تستهدف الشعب في حياته وفي قوته وقوت أبنائه وفي كرامته وسيادته الوطنية التي تستباح يومياً".

ورأى أنه ليس للتونسيات والتونسيين ما يخسرونه اليوم، ودعا "كل أحرار تونس للتوحد في مواجهة هذه السياسات الإجرامية".

دفاع مستميت

من جانبه، نفى عبدالرزاق الكيلاني، رئيس لجنة التصرف في "صندوق الكرامة" ما تناقله عدد من السياسيين والإعلاميين عن تخصيص مبلغ ثلاثة مليارات دينار تونسي (1.1 مليار دولار) لصالح 29 ألفاً و950 شخصاً اعتبرتهم هيئة الحقيقة والكرامة ضحايا للاستبداد. وقال إن هذا المبلغ هو مبلغ التعويضات الكامل، لكن المطلوب اليوم ليس رصد المبلغ، بل إعطاء قرار وصرف مبلغ عشرة ملايين دينار أقرت في ميزانية 2019، ولم تُصرف لكي يبدأ الصندوق عمله، معتبراً أنه من حق الضحايا أخذ تعويضاتهم من الدولة عما لحق بهم من ظلم.

وأضاف الكيلاني، "هناك حملة شيطنة موجهة ضد حركة النهضة وصندوق الكرامة من أطراف سياسية، تريد خلق بلبلة في البلاد وإيصال رسالة للشارع التونسي، مفادها أن هذا المبلغ المخصص للتعويضات سيؤخذ من ميزانية الدولة حالياً".

ورأى أنه من حق الضحايا أخذ تعويضاتهم بالتدريج، وأن هذا الحق لا يمكن إنكاره أو تجاهل مسار العدالة الانتقالية الذي عاشته تونس منذ سقوط النظام السابق، رافضاً في الوقت نفسه الحديث، أو ربط دعوة الحكومة لإصدار اعتماد الصندوق بمنحه الأموال المعتمدة لتعويض الضحايا.

ارتباك قيادات "النهضة"

الهجوم الذي شنّته أطراف سياسية متعددة ومنظمات المجتمع المدني بعد كلمة عبدالكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى "حركة النهضة" حول "صندوق الكرامة" والتعويضات في ظل الأوضاع الكارثية التي تعيشها تونس، دفع فتحي العيادي، الناطق الرسمي باسم الحركة، إلى إنكار ذلك، مؤكداً أنها لم تطلب تعويضات، لأنها تدرك جيداً أن الواجب الوطني اليوم محاربة الوباء بكل ما تملك، والوقوف إلى جانب الجيش الأبيض بكل مليم، وبكل جهد، متهماً بعض النخب اليسارية والقومية بنشر الإشاعات، معتبراً أن "إشاعة التعويضات لن تكون الأخيرة".

من نصدق؟

المحلل السياسي، نبيل بلفقيه، قال تعقيباً على تباين المواقف بين قيادات "النهضة"، "من نصدق فيكم؟ من خرج ليهدد الحكومة بأن عدم اعتمادها قرار تمكين الصندوق من العمل لن يمر، أم من ينكر ذلك ويقول إن (النهضة) لم تطلب التعويضات؟ أم نسأل المتصرف في صندوق الكرامة من منكم لا يقول الحقيقة؟".

المزيد من متابعات