Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حقوق عسكريي لبنان... في مهب الموازنة العامة للدولة

متقاعدو الجيش يصعّدون رفضاً للمساس بمكتسباتهم... وتوجه حكومي إلى وقف إمكانية التسريح المبكر أو الاستقالة

يخوض العسكريون المتقاعدون في لبنان معركة الجيش وكل القوى الأمنية... فبينما يمنع القانون اللبناني عناصر الأجهزة العسكرية أثناء فترة الخدمة الفعلية من التظاهر، يتحرك المتقاعدون على وقع محاولة الحكومة المساس برواتبهم ومكتسباتهم من خلال تخفيضات مقترحة في موازنة العام 2019. وبعدما تظاهروا سلماً في السابق، صعّد المتقاعدون تحركهم الجمعة، فأحرقوا الإطارات ورفعوا الصوت وتوعدوا بمزيد من الممانعة، رفضاً لضرب معنويات الجيش وبالتالي إضعافه.

معلومات خاصة: توجه حكومي لوقف التسريح المبكر وحصره بالسن القانونية

أمام البنود المقترحة في الموازنة التي تطال الراوتب والتقديمات والتقاعد، سُجِل طلب كبير من قبل عمداء وضباط للتقاعد المبكر، بلغ في العام 2018 حدود الـ 100 طلب تقاعد، إضافة إلى أكثر من 50 طلب تقاعد مبكر أو استقالات وصولاً إلى شهر مايو (أيار) 2019. وكشف أحد المتقاعدين في معلومات خاصة لـ "اندبندنت عربية" أن رئيس الوزراء سعد الحريري يتحفظ عن توقيع مرسوم التسريح لكل الطلبات بهدف الحد من الأنفاق وتراجع عدد القادة المتمرسين وأصحاب الخبرة.
كما أفاد المصدر ذاته عن توجه في مجلس الوزراء لوقف إمكانية التسريح المبكر أو الاستقالة وحصرها بالسنّ القانونية للتقاعد المحدد بـ 58 سنة للعسكريين.



البنود التي أشعلت الشارع

أما البنود التي أشعلت الشارع، فهي: أولاً، إلغاء "التدبير رقم 3" وهو تدبير يترجم إحدى درجات الاستنفار والجهوزية لوحدات الجيش وفقاً لمستوى المهمّات التي تقوم بها، وهي ترتفع من التدبير الرقم 1 إلى الرقم 3، وفقاً لحجم المهمة ونسبة الخطر اللّذين تقدّرهما القيادة العسكرية. ويتقاضى العسكري بموجب هذا التدبير، تعويض نهاية خدمة بمعدل ثلاث سنوات عن كلّ سنة خدمة. وتمّ اللجوء إلى ذلك التدبير خلال الفترات السابقة لرفعِ تعويضات العسكريين بعدما كان تأمين الزيادات العادية على الرواتب متعذّراً. وكُلّف الجيش بحفظ الأمن والانتشار على كل الأراضي اللبنانية بقرار من مجلس الوزراء منذ العام 1991، وحُددت مهماته بمنع التهريب ومراقبة البحر والبر، إضافة إلى مسؤوليات أخرى يتحملها. ولا يزال الجيش مكلفاً بتلك المهمات، ومن هنا الاعتراض على إلغاء التدبير رقم 3. ويعطى هذا التدبير إلى الجيش في حالتين: حالة الحرب وحالة التكليف بحفظ الأمن داخل البلد.

خفض التجهيزات

كما أثار حفيظة المعترضين، خفض ما يُعرف بالتجهيزات العسكرية للجيش بنسبة قد تتراوح بين 10 و15 في المئة وهي تطال مَن هم في الخدمة الفعلية والمتقاعدين. في هذا المجال، أوضح العميد المتقاعد في الجيش اللبناني جورج نادر أن المؤسسة العسكرية التي تُعتبر قطاعاً عاماً، وبخلاف الإدارات الأخرى، لم تحظى منذ العام 1968 بأي سلسلة للرتب والرواتب، التي استُبدلت بما يُعرف بالمخصصات أو التجهيزات للجيش وبخلاف موظفي القطاع العام عند التقاعد أو في حالة تعويض نهاية الخدمة، ينال العسكري التعويضات على أساس الراتب المنخفض (أول راتب يتقاضاه)، فيما ينال موظف القطاع العام تعويضه على أساس الراتب المرتفع (الراتب الأخير).
من البنود الخلافية المقترحة، خفض 3 في المئة من أساس الراتب التقاعدي لحساب الطبابة. وشرح العميد نادر أن "العسكريين يُحسم من رواتبهم 6 في المئة على أساس أن تُعطى لهم عند التقاعد. ويدفع العسكري نسبة ولو مخفضة مقابل طبابته التي ليست مجانية، ويوازي اقتطاع نسبة 3 في المئة من الراتب، قيمة شراء تأمين صحي من القطاع الخاص. وتخوّف العميد نادر من توجه حكومي لتعديل مشروع النظام التقاعدي، إذ يرى فيه "محاولة واضحة لإضعاف الجيش لغايات غير بريئة... فمن خدم بلده بدمه وبحياته لا يُكافأ بخفض مستوى حياته الكريمة"، مؤكداً أن "المتقاعدين يخوضون معركة مكتسبات كل القوى الأمنية، فلا يمكن فصل مَن هو في الخدمة الفعلية عن المتقاعد، فهم إخوتهم ومصيرهم واحد.

راتب قائد الجيش أقل من راتب مدير عام في وزارة

في سياق متصل، أفاد عميد متقاعد من الجيش اللبناني منذ أسبوعين، رفض الإفصاح عن اسمه، بأن خطوته للتقاعد المبكر تأتي لحماية حقوقه وحقوق أبنائه من الطبقة السياسية الحالية التي تمد يدها إلى جيب من وضع دمه لخدمة الوطن، فيما الفاسدون يسرحون ويمرحون بأموال الشعب المنهوبة. وأوضح العميد المتقاعد أن "موظف القطاع العام يعمل 180 ساعة شهرياً، بينما يخدم العسكريون الوطن 480 ساعة شهرياً وهم يتقاضون رواتب أقل للفئات ذاتها". ويحتم إلغاء "التدبير رقم 3" على الدولة إعادة دراسة هيكلة رواتب العسكريين لتكون بمستوى الوظائف الإدارية في القطاع العام. وقال العميد المتقاعد "المشكلة ليست في رواتبنا بل في منظومة الفساد، إذ لا بُد من إقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة ورفع الحصانة عن الفاسدين ليتمكنوا من مساءلتهم".

وزير الدفاع

في المقابل، صرح وزير الدفاع اللبناني الياس بوصعب أن "التدبير رقم 3 يكلفنا دفع فرق 5.8 مليار ليرة لبنانية (4 مليون دولار أميركي تقريباً) شهرياً أي حوالى 60 مليار ليرة (40 مليون دولار تقريباً) وإذا اعتمدنا على التدبير رقم 1، فإن الكلفة ستتراجع إلى 4.1 مليار"، وهناك توجه إلى تقسيم الجيش 3 فئات، الذين يعملون وفق تدبير رقم 3 وهم المنتشرون على الحدود، والعاملون وفق تدبير رقم 2 الذين يؤدون نصف مهمات، وعناصر تدبير رقم 1 وهم مَن يخدمون ضمن الدوام". وأوضح بوصعب أن "العبء ليس بالرواتب بل بكيفية احتساب المعاش التقاعدي للعسكر في نهاية الخدمة ونحن يجب أن نعالج هذا الموضوع، كما أنه لا يمكن العمل بالقانون بمفعول رجعي".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي