Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضغط حوثي للسيطرة على محافظة مأرب اليمنية

التصعيد يؤكد عدم رغبة الجماعة للاستجابة لمبادرة وقف إطلاق النار 

عقب أسابيع ماراثونية تواصلت خلالها الجهود الدبلوماسية الدولية الساعية لفرض التهدئة في اليمن وإنهاء الحرب، لا تزال جماعة الحوثي تواصل هجومها المكثف على الضواحي الشمالية والشمالية الشرقية، والجنوبية والجنوبية الغربية، لمحافظة مأرب النفطية في محاولة مستميتة للسيطرة على المحافظة الاستراتيجية التي تمثل آخر قلاع الحكومة الشرعية شمالاً.

هذا التصعيد يؤكد عدم رغبة الحوثيين الاستجابة لمبادرة وقف إطلاق النار والضغوطات الدولية المتنامية التي تقودها الولايات المتحدة، إضافة إلى بريطانيا وعدد من دول الإقليم والعالم، الساعي لفرض وقف إطلاق النار تمهيداً للدخول في محادثات سلام تضع حداً للحرب الدائرة منذ 6 سنوات.

وتواصل الميليشيات المدعومة من إيران هجماتها العنيفة نحو المحافظة الغنية بالنفط، وهو أمر إذا ما حدث سيعزز قبضة الجماعة الحوثية في أي مفاوضات سياسية في المستقبل. 

وتصف واشنطن الهجمات المتتالية على مآرب بأنها "الأخطر والتي تهدد الجهود الرامية لإرساء هدنة".

قتلى بالعشرات

في استيضاح لما آلت إلية المعارك حتى اللحظة في مأرب يقول ناصر علي النهاري، ركن التوجيه المعنوي بكتيبة المكاربة، إن الساعات الماضية شهدت معارك هي الأعنف منذ أسابيع عقب شن جماعة الحوثي هجمات مكثفة من الشمال والجنوب والغرب في جبهات المشجح والبلق (جبهات متفرقة لتشتيت تمركز القوات الحكومية)، من دون أن تتمكن من اختراق دفاعات القوات الشرعية.

وذكر النهاري أن المعارك جاءت عقب أيام على قيام الميليشيات بتحشيدات بشرية كبيرة في مديرية بني ضبيان بوادي ذنة (شمال غرب)، وخلال تلك الفترة عملت على شن هجمات متواصلة على جبهة رغوان (شمال شرق) وتحريك قواتها هناك للفت النظر عن تحشيداته في ذنة.

الكلمة للمدفعية

وأضاف أنه جرى التعامل مع الخطة الحوثية بقصف مدفعي مركز وغارات جوية مكثفة لطيران التحالف، ما أسفر عن سقوط أكثر من 82 قتيلاً من الحوثيين وأجبرتهم على الهزيمة، فيما ذكرت قناة "المسيرة" الناطقة باسم الميليشيات عن شن التحالف 13 ضربة جوية مساء السبت وسقوط عشرات القتلى من قوات الجيش ممن تصفهم بـ "المرتزقة والدواعش".

"المشجح" خيار الحوثي الأنسب

منذ بدء هجماتها على مأرب، تواصل جماعة الحوثي شن عملياتها من خلال سلك طرق وعرة في منطقة المشجح (منطقة جبلية وعرة في غرب مأرب)، وفي تفسيره لذلك يؤكد النهاري في توضيح سابق أن الميليشيات "وجدت في الأشهر الأخيرة أن هذه المنطقة هي الخيار الأسلم لاستخدامها في الهجوم على مناطق مأرب، كونها منطقة جبلية وتعتبر أحد أهم عناصر قوتها الميدانية التي تشهد الآن أعنف المعارك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت النهاري إلى أن الميليشيات لجأت إلى منطقة المشجح بعد أن نجحت قوات "الجيش الوطني" و"المقاومة الشعبية" من قتل عناصرها في جبهتي العلم ورغوان (مناطق صحراوية منبسطة)، مما أجبرها على تشتيت قوتها واللجوء إلى الهجوم مجدداً من خط مواجهات يمتدّ من العلم إلى المشجح في جبهة واحدة على امتداد أكثر من 40 كلم".

رفض دولي

وكثف الحوثيون منذ فبراير (شباط) الماضي، حملتهم العسكرية الرامية إلى إحكام سيطرتهم على مأرب الغنية بالغاز في ظل إدانات دولية متنامية كونها تعمل على تعقيد الجهود للوصول إلى وقف إطلاق نار شامل يؤدي لإنهاء الحرب.

ولهذا اعتبر مجلس الأمن الدولي، أن معركة مأرب "تعرض مليون نازح داخلياً لخطر كبير وتهدد جهود التوصل إلى حل سياسي، في وقت يتحد المجتمع الدولي بشكل متزايد لإنهاء النزاع".

كما تولي الدبلوماسية الأميركية التي تركز على إنهاء الحرب، مبادرة الرياض التي أعلنتها في 22 مارس (آذار) الماضي اهتماماً خاصاً يمكن أن يمثل أرضية مناسبة للبناء على خطوات السلام اليمني المنشود.

وتضمنت المبادرة التي أعلن عنها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وقفاً شاملاً لإطلاق النار تحت رقابة أممية للوصول إلى اتفاق سياسي، إضافة إلى فتح مطار صنعاء لعدد من الرحلات الإقليمية والدولية، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك في البنك المركزي اليمني بالحديدة، وفق "اتفاق ستوكهولم".

وقالت الخارجية الأميركية إن "الموقف الدولي واضح ومتوافق، وعلى الحوثيين وقف هجماتهم على مأرب التي لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي تهدد الشعب اليمني".

وكان المبعوث الأميركي لليمن تيم ليندركينغ وصف قبل أيام معركة مأرب، بأنها أكبر تهديد منفرد لجهود السلام، مضيفاً أن دعم إيران لحركة الحوثي "كبير جداً وفتاك"، على الرغم من نفي إيران هذا الدعم.

الحوثيون يدافعون عن معركتهم

وفيما يرفع العالم صوته للضغط نحو إسكات آلة الحرب في مأرب وبقية اليمن، يدافع الحوثيون عن "شرعية معركتهم" هناك، ويعتبرونها "معركة مقدسة ضد طواغيت العالم".

وفي تغريدة له على "تويتر"، في مارس الماضي، قال القيادي المعين محافظاً لذمار في الحكومة التابعة للجماعة محمد البخيتي، إن "الشعب اليمني يخوض معركة مقدسة ضد كل طواغيت العالم، الذين تكالبوا عليه، وسيترتب عليها مصير الأمة".

مأرب "لن تسقط"

بدوره استبعد وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، أحمد عوض بن مبارك سقوط المدينة الاستراتيجية، وقال إن مأرب "لن تسقط"، ذلك لاحتوائها على معظم القوات العسكرية الموالية للحكومة الشرعية التي تضم مقر وزارة الدفاع ومركز القيادة والسيطرة وعدداً من المناطق العسكرية التي تتفرع منها ألوية قتالية مختلفة، منها المنطقة العسكرية الثالثة، التي تجمع مأرب وشبوة، إضافة إلى المنطقة العسكرية السابعة، كما يتمركز في مأرب فرع قيادة تحالف دعم الشرعية داخل اليمن، ومراكز تدريب قوات الجيش ومخازن الإمداد والتموين ومطار صافر الترابي الذي يستخدمه التحالف لإمداد الجيش بحاجاته من المؤن والعتاد.

وفي حديث صحافي يقول مبارك، إن المحافظة الصحراوية "أسقطت رهانات الحوثي عندما سقطت كل الدولة في فترة لم يكن هناك جيش وطني ولا حشد وتنظيم، ولا تحالف، وأوقفت التمدد الحوثي في فترة صعبة"، وأردف متسائلاً "فما بالك اليوم ومأرب فيها سلطة محلية مشهود لها بالكفاءة، إضافة إلى جيش وطني وقبائل أبية، وتحالف يدرك أهمية مأرب الجيوستراتيجية ودورها في تغيير الصراع؟".

تأتي هذه التطورات عقب فشل التحركات الدبلوماسية الدولية التي شهدها عدد من العواصم العربية في مسعى لوقف العمليات القتالية في مأرب ما ينبئ، وفقاً لمراقبين، إلى استمرار التصعيد في العمليات القتالية الأمر الذي سيضاعف التكلفة الإنسانية ويفاقم معاناة غالبية السكان.

وعلى الرغم من احتفاظ كل طرف بموقعه من دون إحداث تقدّم ميداني جوهري، إلا أن المعارك تشهد اشتعالاً مستمراً في ما يشبه الرهان المحتدم بينهما على عاملي الوقت واستنزاف الآخر، لتخلف هذه الحال سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.

وخلّف النزاع الدائر منذ عام 2014 عشرات آلاف القتلى ودفع حوالى 80 في المئة من السكان للاعتماد على الإغاثة.

المزيد من تقارير