Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بصفتي مُدرسة من قلب المدينة، أعاين الواقع الصادم لعوز الأطفال بعد عشر سنوات من التقشف

إذا ما فشلت الحكومة في معالجة الأزمة ذات الحدين لفقر الأطفال وتمويل المدارس، سيكون الحرمان مآل جيل برمّته

  ( رويترز) تهدف غوغل إلى جلب الواقع الافتراضي إلى مليون من أطفال المدارس في المملكة المتحدة

لكوني مدرّسةً  تعمل في قلب المدينة، أمارات عوز الأطفال الصريحة أكثر من مألوفة لدي. أشد تلاميذنا فقراً جائعون لأنهم لم يتناولوا وجبة الفطور. أو هم مرهقون لتعذر النوم في شقة مكتظة صاخبة. وقد تكون سراويلهم قصيرة جداً، أو أحذيتهم تتناثر. الرطوبة تسكن شقتهم، والمال غير متوفر لتأمين الغاز.

العدد المروّع لـ4.1 ملايين طفل يعيش تحت الحد الأدنى  في بريطانيا. لكن عملي مدرسةً، جعلني للأسف لا أتفاجأ بحقيقة أن تسعة أطفال من أصل 30 يعانون العوز. بل على العكس، إنها تؤكد ما نراه نحن المدرسين للتو: بعد عشر سنوات من التقشف، ترانا نخذل الصغار  المعوزين.

خلال مؤتمر ’الاتحاد الوطني لمدراء المدارس’ الذي انعقد بداية شهر مايو (آيار)، تطارح المدراء أمثلة مقلقة لما يبدو عليه الفقر لتلاميذهم. تكون العواقب واضحة في بعض الأحيان - مثل إحضار قطعة خبز متسنهة وجبةَ غداء في المدرسة. وفي حالات أخرى، يكبد الأثر النفسي أشد العنت – من تحرج لعدم القدرة على تحمل تكاليف الرحلة المدرسية أو القلق الناجم عن معرفة العناء الذي يتكبده أولياء الأمور لتأمين متطلبات العيش. وتُظهر الأبحاث أن عوز الأطفال يأتي مصحوباً بدرجات ملموسة من الخزي والحزن والتوتر.

في الوقت نفسه، تُطالب المدارس بفعل المزيد و تُمنح أموالاً أقل لإنجازه. ويعني تخفيض النفقات في مجال الخدمات المقدمة للأطفال والضمان الاجتماعي أن على المدرسين حل هذه المُعادلة المستعصية. يتعين على المدراس تحمل المسؤوليات المتعاظمة فيما تجتز ميزانياتها. أما بالنسبة إلى الأطفال الذين يعانون العوز، فالتقشف ينهش من كل النواحي: آباء منهكون في سعيهم لتأمين الضروريات، مساكن ردئية بسبب أزمة الإسكان، الانتظار الطويل على لوائح هيئة الخدمات الصحية الوطنية التي تعاني نقص التمويل، قاعات درس تفتقر إلى الموارد.

 

بالنسبة للمدارس التي تحاول دعم هؤلاء الأطفال، فإن الوضع بدأ يخرج عن السيطرة. أظهر استطلاع للرأي أجراه ’الاتحاد الوطني لمدراء المدارس’ أن 85 في المئة من المدراء يشعرون أنهم وفي غضون خمس سنوات لن يكونوا قادرين على الحفاظ على المستويات الحالية للدعم المقدم للعائلات التي تواجه صعوبات مالية. وأنا بصفتي مدرسة، أعي تماماً أنني في حاجة إلى الوقت والموارد كي أقدم أفضل دعم للأطفال الذين يعانون من الآثار الضارة للفقر، وأن الميزانيات المُقلّصة تهدد كلاهما. أعرف تماماً أهمية توفر العدد الكافي من العاملين في مدرستي: بما في ذلك الحاجة إلى مساعدي المعلمين للتأكد من حصول الطفل على وجبة الإفطار، أو المرشدين القادرين على التحدث مع الطفل عن الأوضاع في منزله. ومع ذلك فإن هذه الخدمات هي بالضبط التي يُرغَم المدراء على إلغائها.

ومما يثير الإحباط على نحو خاص، عدم التوافق بين خطاب الحكومة عن دعم التلاميذ المحرومين والواقع الذي أراه أنا ومعلمون آخرون كثر في فصولنا الدراسية.  عندما يتعلق الأمر بتسويغ امتحانات أصعب أو مناهج تقليدية أكثر، فإن حكومة المحافظين تغالي في حديثها الظاهري عن أهمية "الحراك الاجتماعي" والتأكد من نجاح التلاميذ المحرومين في مدراسهم. ولكن هناك إخفاق مستمر في الاعتراف بالضرر الحقيقي الناجم عن الفقر المادي، وهناك نقص في الإرادة السياسية لفعل أي شيء حيال ذلك.

نحن خامس أغنى دولة في العالم. في أكتوبر/ تشرين الأول، وعدت تيريزا ماي بوضع حد للتقشف، لكن المدارس لم تر أي مؤشر على ذلك حتى الآن. وبينما تنشغل الحكومة بمناوراتها لسحب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تُتناسي أزمة عوز الأطفال وتمويل المدارس في أغلب الأحيان. الفشل في معالجة الأزمة في القريب العاجل يعني أن جيلاً كاملاً من الأطفال سيكون محروماً.

© The Independent

المزيد من آراء