Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أنغر ومغشا"... هل بدأت إثيوبيا مسيرة الـ100 سد؟

رفض مصري - سوداني للمشاريع الإثيوبية ودعوة للعودة إلى "التفاوض المفيد"

أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اكتمال 70 في المئة من بناء "سد مغشا" في إقليم أمهرة (رويترز)

تعتبر إثيوبيا مخططات المياه مشاريع حيوية بالنسبة إليها، ولم تقيّد عزمها على المضي قدماً في استكمال مشروع بناء سد النهضة، وذلك ضمن حيثيات تصفها بالملحّة، تقع ضمن حاجات أقاليمها لمياه الشرب والري، إلى جانب التنمية في ظل الزيادة السكانية المطّردة.
وظلت التصريحات الحكومية الإثيوبية تشير إلى حاجة عدد من الأقاليم لمياه الشرب والكهرباء التي تعاني البلاد من نقص في تأمينها. فهل تفسر "الحاجة والعزم" مسيرة الـ100 سد التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد؟           

سد ديديسا

وبدأت إثيوبيا ببناء سد على نهر ديديسا الذي يغذي النيل الأزرق، في منطقة غيدا أيانا بمقاطعة شرق وليغا، الواقعة في إقليم أوروميا. ويُعتبر المشروع أحد أهم مشاريع الري بالمنطقة. وتعني ديديسا بلغة عرقية الأرومو "الغضب"، ما يشير إلى طبيعة النهر في حركته وعنفوانه في بعض المواسم، ولا دلالة سياسية للاسم.
ويأتي المشروع ضمن جملة مشاريع تنموية بدأت إثيوبيا بالتخطيط لها منذ عام 2003، واهتمت من خلالها بقضية الري الدائم وعملية التنمية في ظل التحولات الحياتية لسكان الأقاليم الإثيوبية الذين ظلوا يعانون تقلبات الظروف البيئية من جفاف وقلة أمطار في بعض المواسم، إضافة إلى الحاجة لمياه الشرب.

إطلاق المشروع

وتم إطلاق المشروع رسمياً في 13 يونيو (حزيران) الحالي، من قبل رئيس إقليم أوروميا شمليس عبديسا. وكان وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سليشي بقلي أوضح أن 50 في المئة من الأراضي الصالحة للزراعة في البلاد مؤاتية لأنشطة الزراعة المعتمدة على الري الدائم. وأشار إلى أنه "مع ذلك، فمن أصل 7.5 مليون هكتار من الأراضي المتاحة، تم تطوير 20 في المئة فقط منها لاستخدام الري". ويمتد سد ديديسا (أنغر) بطول 1.3 كيلومتر وبارتفاع 80 متراً وتبلغ طاقته الاستيعابية 1.3 مليار متر مكعّب من المياه. وتنفّذ مؤسسة أوروميا لأعمال المياه بناء السد، ضمن موازنة قدرها 10 مليارات برّ (العملة الإثيوبية) من قبل الحكومة الفيدرالية (الدولار الأميركي يساوي 43.57 برّ إثيوبي)، فيما يستغرق إنجازه ثلاثة أعوام.

استفادة 58000 أسرة زراعية

وقال بقلي إنه "من المتوقع أن يطور سد نهر ديديسا للري، عند اكتماله ما يُقدر بـ 14500 هكتار من الأراضي الزراعية التي ستتوافر لها المياه الدائمة، وتنعكس تلك الاستفادة على  حوالى 58000 أسرة زراعية".
من جهته، ذكر رئيس إقليم أوروميا عبديسا أن "الإقليم يبذل أقصى الجهود لتوسيع سدود الري بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا يُعتبر مشروع سد ديديسا (أنغر) مشروعاً حديثاً ضمن مخططات المشاريع المائية الإثيوبية، لكن ما تبعه من اهتمام، يأتي على خلفية أن بناءه يتم في أحد الروافد المغذية للنيل الأزرق.
وعلى الرغم مما تتسبّب به مسألة المياه بين إثيوبيا ودولتَي المصبّ، مصر والسودان، من خلافات وحساسيات في قضية "سد النهضة" ومسألة المياه بصفة عامة، إلا أن خبراء يشيرون إلى أن مشروع سد "أنغر" ليس ذا أثر منظور في كميات المياه المتدفقة للنيل الأزرق، إلى جانب المصادر الطبيعية الأخرى المغذية للنيل.

سد مغشا في إقليم أمهرة

في سياق متصل، وضمن مشاريع المياه والري الإقليمية، كان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أعلن في 6 يونيو، اكتمال 70 في المئة من بناء "سد مغشا" لمياه الشرب والري في إقليم أمهرة.
وقال في تغريدة على "تويتر" إن "أعمال البناء في السد تسير بصورة جيدة وسريعة منذ العام الماضي حتى وصلت إلى نسبة 70 في المئة"، مؤكداً على أنه "في غضون الأشهر الخمسة المقبلة، سيُنجز مشروع سد مغشا وسيصبح متاحاً لمياه الشرب وتطوير الري في المنطقة". وأشار أحمد إلى أن ثمانية أعوام مرّت منذ بدء بنائه، "لكن بسبب وجود بعض الخلافات بين أبناء المنطقة وإهدار بعض الموارد، تأخر العمل".

وكان العمل في مشروع (سد مغشا) لمياه الشرب والري بإقليم أمهرة شمال البلاد، بدأ أواخر عام 2013، على نهر مغشا قرب مدينة غوندر، على مساحة تُقدَّر بنحو 1.8 مليار متر مكعب، وخُصصت له موازنة تبلغ 2.4 مليار برّ إثيوبي.

 توفير مياه شرب لـ 100 عام

 ووفق تصريحات سابقة لمدير المشروع أغونافر زودي، فإن السد سيسمح بتنمية 17 ألف هكتار من الأراضي باستخدام الري الدائم، إضافة إلى تأمين إمدادات مياه الشرب لمدينة غوندر لمدة 100 عام. وتُعدّ غوندر ثاني أكبر مدن إقليم أمهرة بعد عاصمته بحر دار. وظلت تعاني لأعوام عدة نقصاً مستمراً في مياه الشرب. وأشار زودي إلى أن "تنفيذ بناء السد الذي يبلغ ارتفاعه 76 متراً وطوله 890 متراً، يتم بواسطة شركة البناء لأعمال المياه".
 

  موقف دولتي المصب   

 في المقابل، يرى مراقبون أن التعمد الإثيوبي في المضي قدماً في إنشاء المزيد من السدود المائية لأغراض الري، على الرغم من رفض دولتَي المصب للتصرفات الفردية، يصب إيغالاً في سياسة "القسمة الجديدة للمياه" التي تعمل إثيوبيا على بلوغها. وكانت دولتا المصب مصر والسودان أدانتا التوجه الاثيوبي بعد إعلان أديس أبابا شروعها في بناء مزيد من السدود.  

وأعلنت مصر رفضها لتصريحات رئيس وزراء إثيوبيا حول بناء 100 سد، معتبرةً أنها تضرب قواعد القانون الدولي عرض الحائط.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، في بيان صدر في مايو (أيار) الماضي، إن "مصر ترفض ما جاء في تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مؤكداً على أن "التصريح الإثيوبي يكشف مجدداً عن سوء نية إثيوبيا وتعاملها مع نهر النيل وغيره من الأنهار الدولية التي تتشاركها مع دول الجوار، وكأنها أنهار داخلية تخضع لسيادتها ومُسّخرة لخدمة مصالحها".
كما اتهم وزير الري السوداني ياسر عباس إثيوبيا بتغيير موقفها في مسار المفاوضات، وأنها بدأت تتحدث عن تقاسم حصص للمياه، بدل ملء وتشغيل السد، مؤكداً أن السودان يرفض ذلك بشكل قاطع.
ولفت عباس إلى أن السودان منذ البداية يدعم "سد النهضة" وحق إثيوبيا في استخدام مياهها، ومن واجب إثيوبيا أيضاً مراعاة شعوب دول المصب. وأشار الوزير إلى أن "للسودان فوائد كثيرة من السد"، لكنه شدد على أن "تلك الفوائد ستتحول إلى مخاطر فادحة إذا لم يتم توقيع اتفاق قانوني ملزم".
كما دعا الوزير السوداني على هامش الاجتماع الـ33 لوزراء المياه والري بدول حوض النيل الشرقي، الذي عُقد في أديس أبابا في 15 يونيو الحالي، إلى العودة إلى التفاوض حول سد النهضة بين الدول الثلاثة. وقال "نتمنى العودة إلى التفاوض المفيد وليس التفاوض الذي شاهدناه في المرحلة السابقة".

المزيد من تقارير